حكم رد الاحاديث الصحيحة التي تلقاها علماء الامة بالقبول ((للشيخ ابن باز)) - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حكم رد الاحاديث الصحيحة التي تلقاها علماء الامة بالقبول ((للشيخ ابن باز))

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-09-26, 14:53   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
علي الجزائري
عضو محترف
 
الصورة الرمزية علي الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز لسنة 2013 وسام التميز 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك و لمزيد فائدة هذا كلام للشيخ الألباني رحمه الله تعالى ..

الشيخ محمد ناصر الالباني / سلسلة الهدى والنور
سلسلة الهدى والنور-الشريط 739 ( الفهرسة رقم-6 )
____________________
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحيه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين فضيلة الشيخ جزاكم الله خيرا لدي بعض المسائل قد أشكلت عليّ وعلى غيري من أهل المدينة لو تفضلتم مشكورين وجزاكم الله خيرا بالإجابة عليها بتفصيل مظنون بكم منها الصحيحان نقل حكاية الإجماع على قبولهما من نفر من الأئمة وجاء بعد هذا النقل من يعترض على إسناد أو على متن فيهما وبعضهم من جمع ذلك كالدراقطني وكأبي مسعود الدمشقي و الغساني وغيرهما فهل هذا الجمع فهل هذا الانتقاد للمتون والأسانيد التي في الصحيحين بعد أن نقل هؤلاء الأئمة إجماع الأئمة من قبلهم على قبولهما فيه طعن على الأئمة الذين انتقدوا الصحيحين أو لا ؟
الشيخ : ليس هناك طعن لا في هؤلاء ولا في هؤلاء , لا في الذين نقلوا الاتفاق على صحة كل ما في الصحيحين ولا على الذين انتقدوا قليلا أو كثيرا مما في الصحيحين ولو كان الانتقاد بقسميه أي سندا ومتنا لا انتقاد على هؤلاء ولا على هؤلاء , لا فرق عندي بين انتقاد البخاري في كتابه أو مسلم في كتابه وبين انتقاد إمام من الأئمة الأربعة الفقهاء المشهود لهم بالعلم والفقه لأن كل هؤلاء وهؤلاء كل من أهل الحديث وعلى رأسهم البخاري ومسلم ومن أهل الفقه وعلى رأسهم الأئمة الأربعة بإجماع الأمة إجماعا يقينيا وليس كإجماعهم على أن ما في الصحيحين كله صحيح لإجماع الأمة كلها على أنه لا عصمة لأحد في الشرع وفي الدين وفي العلم لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
إذ الأمر كذلك فلا انتقاد لا على هؤلاء ولا على هؤلاء , وإنما الانتقاد يكون على من يتهجم على الانتقاد سواء لأئمة الحديث أو لأئمة الفقه بجهل أو بهوى أو قارنا بينهما هذا هو الذي ينتقد فإذا عرفت هذه القاعد اطمئننا إلى أنّ السؤال هل ينتقد الجواب لا انتقاد إذا كان الانتقاد لما في الصحيحين مقرونا بالعلم وبقصد بيان الحق هذا الجواب الإجمالي أما الجواب التفصيلي فالحقيقة أن من قرأ الصحيحين وكان من أهل العلم وكونه من أهل العلم يقتضيه أن لا يستغني عن أهل العلم القدامى الذين درسوا هذين الكتابين بل والكتب الأخرى دراسة علمية متجردة عن الهوى والجهل معا . فمن قرأ مثلا فتح الباري للحافظ أحمد بن حجر العسقلاني الذي قال فيه بعضهم بحق إنه أمير المؤمنين بالحديث فسيجد هناك في الصحيحين روايات لا مناص من يعتقد أن فيها أوهاما وأخطاء كثيرة ومعلوم أن أحمد بن حجر العسقلاني هو من أئمة الحديث المتأخرين الذي سلم له علمه وتخصصه في هذا المجال ولا يدور في ذهن أحد بأنه حينما ينتقد رواية جاءت في الصحيحين أو في أحدهما بأنه ينتقد بجهل أو بهوى حاشاه كذلك يقال عن ابن قيم الجوزية وابن تيمية وعمن قبله كالمنذري والدارقطني وأمثالهم ثم الواقع يشهد ما ذكرته آنفا لا يمكن أن يقال كل ما في صحيح البخاري صحيح هذا مستحيل وقديما كنت قرأت مقالا في مجلة العرب التي كانت وأظنها لا تزال تصدر في الكويت نشر فيها كاتب مصري أنسيت اسمه عبد هو نسيت عبد إيش كتب بعنوان ضخم جدا وخطر ... .
السائل : ... .
الشيخ : لا هذا غير هذا حديث عهد ذاك قديم العنوان " ليس كل ما في صحيح البخاري صحيح " ، عنوان خطير وخاصة في مجلة ليست مجلة شرعية علمية فجاء في هذا المقال بعجائب من الجهل الذي يدل على أن الكاتب لا يعرف علم الحديث إطلاقا بل ولا يعرف اللغة ، أذكر مما جاء في هذا المقال وعهدي به بعيد جدا أنكر حديث السيدة عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يباشر زوجته وهو صائم فضرب الحديث بقوله تعالى (( ولا تباشروهن )) وأنه فهم المباشرة المذكورة في الحديث بمعنى المباشرة المذكورة في الآية وهو الجماع يقول هذا حديث مخالف لإجماع الأمة وتعلمون جميعا إن شاء الله أن المقصود في الحديث هو المخالطة دون الجماع هذا مثال مما يحضرني مما أنكره بجهل بالغ , مثال آخر زوّره على البخاري وليس هو في صحيح البخاري والحديث ليس في نفسه صحيحا وهو حديث أبي طلحة الأنصاري الذي رواه أبو يعلي في مسنده أنه رؤي في رمضان وقد نزل البرد من السماء وهو يلتهمه يأكله فأنكروا عليه قالوا كيف هذا وأنت صائم قال إنه بركة من السماء وليس بطعام الحديث جاء مرفوعا وجاء موقوفا المرفوع وأنا من أعرف الناس به كنت خرجته في أول سلسلة الأحاديث الضعيفة فعزا هذا الرجل الجاهل هذا الحديث للبخاري والبخاري ما عنده خبر به ثم نقده وهو منتقد سندا ومتنا هذه مقدمة وتوطئة لما يأتي فرد عليه أحد الكتاب المسلمين الكويتيين برسالة و هي مطبوعة " كل ما في صحيح البخاري صحيح " كأنه المقصود المغالبة والمصارعة هذا الذي كتب العنوان الثاني هو كالأول تماما كلاهما يتكلم بغير علم أما الأول فشأنه واضح جدا ليته جاء ببعض الأمثلة التي يعترف بأنها لا تصح مما ذكره العلماء مثلا , رجعت إلى الأول مثلا حديث ابن عباس في الصحيحين قال " تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم " هذا الحديث أنكره كثير من العلماء المتقدمين والمتأخرين ابن عبد البر مثلا ابن تيمية , ابن القيم الجوزية , وأمثالهم وقالوا هذا حديث أخطأ فيه بعض رواته لأنه صح عن ميمونة نفسها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تزوجها وهما حلال ، لو جاء بمثل هذا المثال كان معذورا لكن سبحان الله لجهله لم يحسن التمثيل بما يصح وجاء بحديث عائشة أنه كان يباشر زوجه أو أهله وهو صائم كذلك نحو هذا الحديث أيضا في صحيح البخاري يقول الرسول عليه السلام ( إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) ، قال " فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل " قال هؤلاء الأئمة الذين ذكرتهم آنفا مثل ابن قيم الجوزية وابن تيمية وأذكر الآن معهم المنذري في كتابه الترغيب والترهيب وغيرهم كثير بأن هذه الزيادة " فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل " هي ليست من الحديث وإنما هي مدرجة في الحديث وهذا في صحيح البخاري لذلك لا مجال للقول بأن كل ما في صحيح البخاري صحيح أعود إلى صاحب الرسالة الذي جعل عنوانها " كل ما في صحيح البخاري صحيح " الذين درسوا صحيح البخاري يعلمون أن أحاديثه تنقسم إلى قسمين مسندة ومعلقة وأنت على ذكر بهذا , و اتفق عنوان الحديث قاطبة أن ما كان من الأحاديث المعلقة ففيها أشياء ضعيفة كثيرة فكيف يقال كل ما صحيح البخاري صحيح هذا أمر الواضح جدا أن الذي يقول هذا الكلام بجهل وبعاطفة إسلامية لا ينبغي أن يقع في مثلها المسلم إلا مع العلم الصحيح لكن المهم القسم الأول الأحاديث المسندة هذه الأحاديث المسندة قد مثلت لك ببعض الأمثلة هذا لا يستوي مع هذا الآن وأنا في الحقيقة انتقدت غير ما حديث واحد من أحاديث الصحيحين وكنت موضعا للنقد من بعض الجهلة المتعصبين لتلك المقالة أنه اتفق العلماء على تلقي ما في الصحيحين بالقبول هذا كلام مسلّم إجمالا وليس تفصيلا لأن التفصيل لا يمكن لعالم أن يقول به إطلاقا فيه أشياء أخطاء كثيرة جدا لو تفرد أو تخصص عالم لجمع كتابا في بيان ما فيه من أوهام وأخطاء في كل من الصحيحين لكن الذي يدرس فتح الباري يكفيه عن التوجه لمثل هذا العمل لاسيما وهناك ما هو أهم أن يقوم به طالب العلم , و ابن تيمية رحمه الله له لفتات نظر مهمة عرضا يتعرض لبعض الأشياء ينتقدها مما في الصحيحين .
وبالمناسبة أذكر أنني لما كنت أدرس مادة الحديث في الجامعة الإسلامية جاء دور الحديث الشاذ كنا ندرس للطلاب من كتاب الباعث الحثيث وكنت أقدم لهم نماذج من الأحاديث على اللوح ليكون متركزا المعنى في أذهان الطلبة فقدمت لهم مثالا للحديث الشاذ أرمي به كما يقال عصفورين بحجر واحد .








 


رد مع اقتباس
قديم 2015-09-26, 15:34   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
همسات ايمانية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية همسات ايمانية
 

 

 
الأوسمة
أفضل موضوع في القسم العام 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي الجزائري مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك و لمزيد فائدة هذا كلام للشيخ الألباني رحمه الله تعالى ..

الشيخ محمد ناصر الالباني / سلسلة الهدى والنور
سلسلة الهدى والنور-الشريط 739 ( الفهرسة رقم-6 )
____________________
/color]
وفيك بارك الله

شكرا على الفائدة
لو تمعنا في كلام الشيخ ابن باز بالنسبة لاحاديث البخاري ومسلم لوجدنا انه يركز على امرين ظاهيرن في هذه الفقرة
1- ينكر على من يرد الاحاديث دون حجة شرعية

2- على من يحكم عقله في الاحاديث دون بينة فتحكيم العقول هو مذهب المتكلمين وهو امر مخالف فليست العقول محكمة في احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم
كلام الشيخ
وليست العقول محكمة في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، بل الأحاديث تُتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسانيد الصحيحة التي بيَّنها أهل العلم فإذا جاء الحديث من طريق الثقات في الصحيحين أو غيرهما سليماً من العلل وجب أن يقبل ولا يجوز أن يُحكَّم الرأي في رده من دون حجةٍ شرعية، بل يجب على أهل العلم والإيمان قبول الأحاديث الصحيحة والاحتجاج بها والاعتماد عليها سواء كانت متواترة أو كانت من طريقة الآحاد، ولا يجوز أبداً أن يقال هذا من طريق الآحاد فلا يقبل، كل هذا باطل وخلاف ما أجمع عليه أهل العلم، بل ما صحت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب قبوله والأخذ به حسب ما بينه أهل العلم، ولا يجوز الاعتراض على ذلك فيما رآه المتكلمون من تحكيم العقول وما سلكه بعض المتأخرين في هذا الباب تقليداً لأهل الكلام وسيراً على منهاجهم في تحكيم عقولهم الفاسدة في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم


وشيخنا الاباني رحمة الله عليه من اهل الحديث وعلمائه ،، فالفرق شاسع بين من بنهج منهج اهل العلم في التعامل مع الاحاديث ومن ينهج منهج اخر عن هوى في نفسه أو رد لان عقله لم يقبله









آخر تعديل همسات ايمانية 2015-09-26 في 15:40.
رد مع اقتباس
قديم 2015-09-26, 19:31   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
همسات ايمانية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية همسات ايمانية
 

 

 
الأوسمة
أفضل موضوع في القسم العام 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال: هل صحيح أن الشيخ الألباني ضعف بعض الأحاديث الموجودة في صحيح البخاري ؟

الجواب: الحمد لله…

أولا: الباحث المنصف في الانتقادات الموجهة إلى الصحيحين لا بد أن يفرق فيها بين نوعين من النقد:

النوع الأول:

النقد الذي لم يُبْنَ على منهجية علمية منضبطة، ولم يسلك مسالك النقد العلمية المقبولة لدى المحدثين، وإنما راح يتخبط خبط عشواء، حتى تتجارى به الأهواء، فيستنكر ما يخالف عقله ورأيه، ولا يرعى حرمةً للقواعد المنهجية التي بني عليها البخاري ومسلم كتابيهما، فمثل هذا النوع من النقد يرفض ولا يقبل، ويواجه بالبحث العلمي والأدلة المنهجية القوية التي تَرُدُّ الناقد إلى صوابه، وتبين له بطلان مسالكه، وأن القضية ليست عصمةً تُدَّعى للبخاري ومسلم، فأهل السنة لا يعتقدون العصمة لغير الأنبياء، ولكنها مسألة فساد في مناهج البحث، واضطراب في عقلية النقد، كالذي يرفض كل حديث لا تثبته التجربة العملية، ويرد كل حديث يتعلق بالغيبيات، أو يخالف في ذهنه ما اعتاد عليه من المشاهدات، أو يضعف كل حديث يرويه أبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، ونحو ذلك من المسالك الفاسدة.

وهذا النوع دائمًا ما يرافقه الحط من قدر الصحيحين، والتشنيع عليهما، ومحاولة إسقاطهما من تراث الأمة المقبول، بل وعدهما ” جناية ” على التاريخ الإسلامي، ووسمهما بالتعدي والفساد، وهذه الأوصاف كلها امتلأت بها كتب معاصرة لطوائف من الرافضة وأتباعهم وكثير من المتعالمين الذين ينتسبون إلى الحداثة والتنوير والعقلانية، ومن أمثلة الكتب المصنفة في هذا النوع : ” أضواء على السنة المحمدية ” لأبي رية، وكتب المهندس جواد عفانة، وكتاب ” نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث ” لإسماعيل الكردي، وكتاب “الأضواء القرآنية في اكتساح الأحاديث الإسرائيلية وتطهير البخاري منها ” صالح أبو بكر، ورسالة ” جناية البخاري إنقاذ الدين من إمام المحدثين ” لزكريا أوزون، ودراسة بعنوان ” أضواء على الصحيحين ” لمحمد صادق النجمي وغيرها كثير.

وأما علماء الإسلام الأوائل والأواخر، السابقون واللاحقون من المحدثين والأصوليين والفقهاء والمفسرين، فكلهم بريء من هذه المسالك، بعيد عنها، محارب لمن حمل رايتها وتولى كبرها.

النوع الثاني:

النقد المنهجي المبني على أدلة وبراهين معتبرة لدى علماء الإسلام، ومناسبة لدراسة السنة النبوية كأحد فروع علم التاريخ، لتجمع بين النظرين الإسنادي والمتني، ولا تصادر قواعد المحدثين لحساب تخبطات الأهواء، كما لا تستعمل لغة التشكيك والتهويل في منزلة الصحيحين في الأمة، بل تعرف لهما قدرهما، وتحفظ لهما ذكرهما، وتحني لهما الهامات اعترافا بالجهد المبذول فيهما.

وهذا المسلك سلكه كثير من العلماء المتقدمين والمتأخرين، كأبي زرعة (ت264هـ)، وأبي داود (275هـ)، وأبي حاتم (ت277هـ)، والترمذي (279هـ)، والنسائي (303هـ)، والدارقطني (385هـ)، والبيهقي (458هـ)، وابن تيمية (ت728هـ)، وابن حجر (ت852هـ)، كلهم تجد في نقداتهم ما ينال نزرا من أحاديث الصحيحين، قبل تخريجها فيهما أو بعد ذلك، في مباحثة علمية منصفة ومنهجية، بل إن بعض أحاديث ” صحيح مسلم ” لا يقبلها البخاري نفسه، وبعض أحاديث ” صحيح البخاري ” لا يسلم بها الإمام مسلم نفسه.

ونحن لسنا في صدد المحاكمة بين الشيخين البخاري ومسلم وبين كل من انتقد بعض ما فيهما من المحدثين والعلماء، فذلك ميدان فسيح خاض فيه الكثير من العلماء، وصنفت فيه المؤلفات الكبيرة والعظيمة، من أوسعها ” هدي الساري ” للحافظ ابن حجر رحمه الله، ولكن المقصود هنا التفريق بين منهج هؤلاء الذي لا ينبغي أن ينكر ولا أن يصادر بدعوى تحقق الإجماع على صحة كل ما في الصحيحين، ومنهج أولئك الذين يسعون إلى هدم منزلة الكتابين والوضع من شأنهما لدى الناس.

وقد تميزت مدرسة المحدثين المنضبطة عن غيرها من المدارس التي وجهت بعض الانتقادات إلى الصحيحين بالسمات الآتية:

” السمة الأولى: سلامة الدافع وعدم الانحياز: أعني بذلك سلامة الدافع نحو النقد، وأنه ليس محل شك وريبة.

السمة الثانية: اتباع القواعد الحديثية.

السمة الثالثة: المحافظة على مضمون النص لاعتبارات أخرى، إما لأن النقد موجه أصلا لبعض الأسانيد دون المتون، وإما لجريان العمل على مضمون الحديث، تحت أبواب: قبول المرسل، ومنح حكم الرفع للموقوف، وقبول حديث مجهول الحال، ونحو ذلك، في حين أنك تجد أبرز سمات النقد المعاصر لأحاديث الصحيحين التنكر لمتن الحديث، والاستهزاء بمضمونه، والطعن في كل من يصدقه، وتصنيفه في دائرة الخرافة التي يجب السعي في تطهير الدين منها.

السمة الرابعة: تقدير الخلاف، وقبول الاحتمال، من خلال تلطيف العبارة، واستعمال الكلمات المناسبة، كقول: وهذا أشبه، وهذا أصح.. ونحو ذلك.

السمة الخامسة: قلة الانتقاد، لأن انضباط العملية النقدية يضيق الباب أمام الناقد، فلا يجرؤ على النقد إلا بما ظهر برهانه، وثبتت أدلته، ولذلك كانت الأحاديث المنتقدة – التي تصفو بعد استبعاد الأنواع المذكورة في بداية البحث – قليلة جدًا، وقد وصفها الحافظ ابن الصلاح بأنها “أحرف يسيرة “، في حين أنها عند المدرسة المعاصرة المضطربة بالمئات، حتى اضطرت بعضهم إلى فصلها في كتاب خاص بعنوان : ” ضعيف صحيح البخاري ” “. انتهى باختصار نقلاً عن بحث بعنوان: ” المنهجية المنضبطة لدى النقاد المتقدمين في تعليل بعض أحاديث الصحيحين ” (ص/17-20)، بحث مقدم لمؤتمر “الانتصار للصحيحين ” في الجامعة الأردنية.

ثانيًا:

من تأمل في هذه السمات الخمسة، وتأمل الفرق بين المدرستين، ثم قرأ بإنصاف مباحث الشيخ الألباني رحمه الله في انتقاده لبعض أحاديث الصحيحين أدرك أن الشيخ رحمه الله سار وفق المنهجية المنضبطة، متابعًا مَن سبقه مِن المحدثين في نقد بعض روايات الصحيحين، وأن ذلك النوع من النقد ليس طعنا في السنة، وليس مخالفًا لإجماع العلماء، بل هو امتداد لجهود سابقة معروفة في مناقشة الصحيحين، ولكن ضمن أصول الحوار والنقد المتبعة، وملتزما بجميع السمات السابقة التي من أهمها، اتباع القواعد الحديثية، والمحافظة على هيبة الصحيحين في قلوب الناس، وذلك لا يعني عدم وقوع الخطأ في بعض أحكام الشيخ رحمه الله على أحاديث الصحيحين، ولكنه خطأ في الجزئيات وليس في الكليات، فمثله يغتفر كما اغتفر لكثير من النقاد والمحدثين.

وننقل هنا من كلام الشيخ رحمه الله ما يدل على التزامه بالمنهجية المنضبطة، حيث يقول:

” لا بد لي من كلمة حق أبديها أداء للأمانة العلمية، وتبرئة للذمة، وهي أن الباحث الفقيه لا يسعه إلا أن يعترف بحقيقة علمية، عبر عنها الإمام الشافعي رحمه الله فيما روي عنه من قوله: أبى الله أن يتم إلا كتابه، لذلك أنكر العلماء بعض الكلمات وقعت خطأ من أحد الرواة في بعض الأحاديث الصحيحة، فلا بأس من التذكير ببعضها على سبيل المثال:

قوله في حديث الأبرص والأقرع والأعمى الآتي برقم (1471): (بدا لله) مكان الرواية الصحيحة (أراد الله)، فإن نسبة البداء لله تعالى لا يجوز، كيف لا وهي من عقائد اليهود عليهم لعائن الله.

قوله: (المدهن)، مكان (القائم) في قوله صلى الله عليه وسلم: (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها) الحديث (1143)، كما سيأتي بيانه هناك.

قوله في حديث الطاعون (1475): (فلا تخرجوا إلا فرارا منه) فقول الراوي (إلا) خطأ واضح.

زيادة أحدهم في الحديث (984): (البيعان بالخيار… يختار ثلاث مرار) فقد نفى الحافظ (4/327، 334) ثبوتها.

قوله (ص176) في حديث (1160) للعبد المملوك الصالح: ( والذي نفسي بيده، لولا الجهاد… الخ) فإنه مدرج في الحديث، ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من كلام أبي هريرة، فهو كحديثه المتقدم في المجلد الأول برقم (90)، حيث زاد الراوي في آخره: (فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل)، فإنه مدرج أيضًا.

ونحو ذلك ما تقدم في المجلد الأول (28-جزاء الصيد/21- باب): (أن رجلا قال: إن أختي نذرت أن تحج)، وأنها رواية شاذة عند الحافظ ابن حجر، والمحفوظ: (أن امرأة قالت: إن أمي نذرت…الحديث) فراجعه هناك.

ونحو ذلك الحديث الآتي برقم (1209)، فقد أعله الإسماعيلي بالانقطاع، وأقره الحافظ مع بعض الإشكالات على المتن ذكرها في ” فتحه “، فليراجعه من شاء.

ومثله الحديث المتقدم (28- جزاء الصيد/11-باب) عن ابن عباس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم)، فإن الأصح أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال.

ومن هذا القبيل الحديث الآتي برقم (1050): (قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة)، فإن في سنده راويا مختلفا فيها، والمتقرر أنه سيء الحفظ، والبخاري نفسه أشار إلى أن رواية من روى عنه هذا الحديث لا تصح، فراجع كلامه هناك فيما يأتي، لتكون على بصيرة من دينك وحديث نبيك.

ذكرت هذه النماذج من الأمثلة، ليكون القراء على بصيرة من دينهم، وبينة من أحاديث نبيهم، متأكدين من صحة الأثر السابق ” أبى الله أن يتم إلا كتابه “، ولكي لا يغتروا أيضا بما يكتبه بعض المشاغبين علينا من جهلة المقلدين والمذهبيين، الذين يهرفون بما لا يعرفون، ويقولون ما لا يعلمون، ويتجاهلون ما يعرفون … وفي مقابل هؤلاء بعض الناس ممن لهم مشاركة في بعض العلوم، أو في الدعوة إلى الإسلام – ولو بمفهومهم الخاص – يتجرؤون على رد ما لا يعجبهم من الأحاديث الصحيحة وتضعيفها ولو كانت مما تلقته الأمة بالقبول، لا اعتمادا منهم على أصول هذا العلم الشريف، وقواعده المعروفة عند المحدثين، أو لشبهة عرضت لهم في بعض رواتها، فإنهم لا علم لهم بذلك، ولا يقيمون لأهل المعرفة به والاختصاص وزنا، وإنما ينطلقون في ذلك من أهوائهم، أو من ثقافاتهم البعيدة عن الإيمان الصحيح، القائم على الكتاب والسنة الصحيحة، تقليدًا منهم للمستشرقين أعداء الدين، ومن تشبه بهم في ذلك من المستغربين أمثال أبي رية المصري، وعز الدين بليق اللبناني …. وغيرهم ممن ابتليت بهم الأمة في العصر الحاضر بإنكار الأحاديث الصحيحة بأهوائهم، وبلبلوا أفكار بعض المسلمين بشبهاتهم.

والله تعالى هو المستعان والمسؤول أن يحفظ السنة من أيدي الجاهلين والعابثين بها، والجاعلين تبعا للأهواء، وأن يعرفنا بقدر جهود سلف أئمتنا في خدمتها، الذين وضعوا لنا أصولا وقواعد لمعرفة صحيحها من سقيمها، من التزمها كان على المحجبة البيضاء، ومن حاد عنها، ضل ضلالا بعيدا”. انتهى باختصار من “مقدمة مختصر صحيح البخاري ” (2/5-9).

ويقول أيضا رحمه الله: ”,,,,, ! ويقابل هؤلاء بعض الكتاب الذين لا يقيمون لـ ” الصحيحين ” وزنا، فيردون من أحاديثهما ما لا يوافق عقولهم وأهواءهم، مثل (السقاف) … وغيرهم. وقد رددت على هؤلاء وهؤلاء في غير ما موضع ” انتهى من ” سلسلة الأحاديث الصحيحة ” (رقم/2540).

ويقول أيضا رحمه الله: “الإمام البخاري والإمام مسلم قد قاما بواجب تنقية هذه الأحاديث التي أودعوها في الصحيحين من مئات الألوف من الأحاديث، هذا جهد عظيم جداً جداً . . ولذلك فليس من العلم، وليس من الحكمة في شيء أن أتوجه أنا إلى نقد الصحيحين وأدع الأحاديث الموجودة في السنن الأربعة وغيرها، غير معروف صحيحها من ضعيفها. لكن في أثناء البحث العلمي تمر معي بعض الأحاديث في الصحيحين أو في أحدهما، فينكشف لي أن هناك بعض الأحاديث الضعيفة! لكن من كان في ريب مما أحكم أنا على بعض الأحاديث فليعد إلى ” فتح الباري” فسيجد هناك أشياء كثيرة وكثيرة جداً ينتقدها الحافظ أحمد ابن حجر العسقلاني ” انتهى من ” فتاوى الشيخ الألباني ” (ص/526) جمع عكاشة الطيبي.

والحاصل أن الشيخ الألباني رحمه الله قد ضعف بعض الأحاديث الثابتة في الصحيحين، ونحن لا نوافقه على بعض أحكامه فيها، ولكن منطلقه النقدي العام كان سليمًا متسقًا مع مناهج المحدثين السابقين الذين سجلوا بعض الملاحظات على أحاديث الصحيحين، ولم يكن يومًا ساعيًا في كسر هيبة الصحيحين من قلوب الناس، ولا مبالغًا في دعاوى الرد والتضعيف.

موقع الإسلام سؤال وجواب. فتوى رقم: (178907)










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
احاديث


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:06

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc