نختم هذا العرض الذي حاولنا من خلاله استكشاف تميم في بلاد المغرب و وجودها, و قد توصلنا الى الخلاصة التالية
1- ان تميم من ارحاء قبائل العرب و منها احدى جمرات العرب, و حازت من الميزة و الكثرة ما جعلها من اكبر القبائل العربية, فرأيناها في جزيرة العرب و في بوادي العراق و في انحاء خراسان و بلاد ما وراء النهر و في مصر و افريقية و المغرب العربي, و زاد من حجمها انضمام اخواتها من طابخة معها تحت ذات الاسم, و سموا بكاهل مضر و العرب. و قيل ان فرع بني سعد بن زيد مناة لوحدهم ناهزوا باقي مضر!
2- تنتمي المجموعات التميمية التاريخية في المغرب العربي الى فروع متعددة منها بنو سعد بن زيد مناة و بني حنظلة بن مالك بن زيد مناة و امرئ القيس بن زيد مناة, و بني عمرو بن تميم, و الرباب و ضبة.
3- دخلت عناصر تميمية صاحبت عرب الفتح منذ أن بلغت جيوشهم بلاد المغرب العربي و الاندلس, و تلك كانت اول الموجات التميمية الداخلة الى بلاد المغرب, و راينا بعض من وردت ترجمته و كان اجداده من الفاتحين الاوئل
4- كانت الموجة الثانية من خلال جيوش الامويين لتاديب البربر و كانت تميم عنصرا مشاركا في تلك الحملات التاديبية و راينا شاهد ذلك من خلال مقولة الخليفة هشام بن عبد الملك الاموي في حقهم
5- اما اكبر الموجات المشهودة للهجرات التميمية الى بلاد المغرب فكانت بعيد قيام الدولة العباسية في القرن الثاني الهجري و استحضارها انصارها الخراسانية و غالبهم من عرب خراسان الذين ناصروا دعوة بني العباس, و كما راينا فان لتميم قسط عظيم من تلك النصرة و شاركوا بفعالية فيها, و اعتمد عليهم العباسيون في ارساء سلطتهم ببلاد المغرب فقامت على اثر موجة الهجرة التميمية تلك ان قامت دولتهم الاولى و هي دولة الاغالبة و راينا اماكن تركز العصبة التميمية ببلاد الزاب و افريقية و هم الذين كانوا سند الدولة. فلم تقم دولة الاغالبة الا بسند منهم, و بمباركة الخليفة العباسي الذي نالوا رضاه.
6- اما الموجة الرابعة الملحوظة و هي بعد حركة الاخيضر الحسني في القرن الثالث الهجري في اليمامة و وسط الجزيرة العربية و ما ادى اليه ذلك من هجرة القبائل المناوئة له و من منها تميم و ربيعة, فارتحلت جموع من تلك القبائل نحو مصر و الصعيد الاعلى حيث عملتا في التعدين في مناجم الذهب و ذكرنا بعض الاحداث التي ظهر فيها اسم تميم
7- اما الموجة الخامسة و لعلها اخر الموجات الكبيرة و هي على اثر التغريبة الهلالية في القرن الخامس الهجري و قلنا انه لا نستبعد ان تميما سواء بقاياها في الجزيرة العربية او تلك التي قطنت مصر بمجاورة بني هلال بحذاء النيل قد شاركتها في تغريبتها الشهيرة
8- صحيح ان اغلب قبائل العرب في بلاد المغرب العربي ترجع في اصولها لبني هلال و سليم و الادارسة, لكن الظاهر ان تميما كانت من كبريات القبائل التي استوطنت تلك الجهات ان لم نقل انها اكبر قبائل الفرع الالياسي من العرب العدنانية, فوجودها القوي و الظاهر بدا هناك كقبيلة في العام 144 هـ مع هجرة زعاماتها هناك و دخولهم للقيروان عاصمة افريقية و منهم الاغلب بن سالم و بنو عمه و رهطه من تميم, أي قبل هجرة ادريس بن عبد الله الحسني جد الادارسة الى المغرب في العام 172هـ و من ثم ولادة ادريس بن ادريس عام 177 هـ الذي يلتقي عنده جميع الادارسة، و قبل الوجود الهلالي و السلمي الذي بدا عام 440هـ.
9- من خلال التراجم التي استحضرناها في موضوعنا الراهن نجد دوام ذكر التميميين منذ القرن الاول الهجري في بلاد المغرب و بصورة متصلة حتى القرن التاسع الهجري, و بصورة متقطعة الى القرن الثاني عشر الهجري. مع العلم بوجود البعض منهم لا يزال يحمل لقب التميمي الى يومنا هذا. فهذا شاهد اخر على انهم ليسوا بالعدد القليل.
10- نجد من خلال ما استعرضناه ان تميما لم تمكث في مكان واحد بل تحرك ابناؤها جيئة و ذهابا بين ارجاء المغرب و غيره اما لنيل العلم او لكسب الرزق او لجوءا من غضب حاكم, فكما راينا من خلال وصف اليعقوبي لديار تميم في المغرب فقد كانت فئة منهم على خلاف مع ابن الاغلب و ربما شجعهم ذلك على الهجرة غربا نحو الاندلس و المغرب الاقصى و فاس التي سمت احدى احيائها باسم اهل القيروان الوافدين عليها فسميت بعدوة القرويين.
11- الظاهر انه و كما قلنا ان تميم لم تنقرض و لم ترجع للجزيرة العربية, بل ظلت في اماكنها بالمغرب العربي و ان تعددت ارجاء اقامتها, و قد ذابت داخل القبائل الوافدة, و تمدن ابناؤها في حواضر تلك البلاد, و بدات عصبيتها بالخفوت رويدا رويدا حتى لم تعد هناك قبيلة تنتسب انتسابا صريحا و موثقا الى بني تميم, و استشهد بما قاله احد الاخوة : وكان بنو تميم بمدينة طُبْنة يشكلون جزءا هاما من العرب والجند… هذا قبل قدوم القبائل الهلالية التي استقرت هي أيضا في مدينة باريكة معقل العرب بالزاب لعل أهم سكانها اليوم قبيلة أولاد سحنون الهلالية .
و استشهد بفقرة اخرى وردت معنا سابقا: اندمجت قبائل الفتح فى المدن الجزائريه و اصبحت غير معروفه انسابهم وهم بالجمله فى العرب معروفين.
فاغلب الظن ان تميما دخلت في هلال و سليم و الادارسة و مجموعات المرابطين, و راينا امثلة دخول فيهم و من بينهم ال المهلب بن ابي صفرة, و لعل اولاد حمان الذين مر ذكرهم في قبائل اليوم تعود باصلها الى بني حمان من تميم.
و الله من وراء القصد