تعتبر مسألة الذكاء في الأعمار الصغيرة مسألة حساسة بالغة الأهمية لكل أبوين، فهما يريدان من طفلهما دائما أن يكون المتفوق الأول والذكي الذي يفخر به أمام الناس في صغره وفي كبره، فيهتمان اهتماما كبيرا ويوليان بالغ الاهتمام بذلك الطفل؛ ليكون ذكيا نابغا من نوابغ المجتمع فيما بعد، وهذا ما نلحظه في المجتمع من تحفيزه بأن ابني هذا طبيب وهذا مهندس، وهذا سيكون رئيسا، وإلى غير تلك التشجيعات والتطمينات التي يعطيها الوالدين لنفسيهما أنها يسيران في إعطاءه كل ما يريد للحصول على ذكاء عالي المستوى منه، ولعلنا نسمع كثيرا عن السيدات التي تشغل نفسها بسماع الوصفات الطبية التي ستعمل على زيادة عقل طفلها وتنمية ذكاءه أو القراءة في مجلات الطفل ومشاهدة البرامج التلفزيونية لذلك.
كل ما يقوم به الوالدان للحصول على طفل ذكي نابغ هو حق شرعي لهما، ولكنهما نوعا ما يخلطون دائما بين الذكاء وباقي الحياة، فهما يعتبران كباقي المجتمع أن الذكاء نوع واحد وهو: الذكاء المعرفي الناجم عن تعزيز قدرة الدماغ على الحفظ والفهم، وهذا يضطر المقالة أولا إلى شرح أنواع الذكاء الذي يحتاج الوالدان إلى الاهتمام بكل نوع منها اهتماما واضحا؛ حتى تصبح شخصية طفلهم وعقله نابغة حقا متوازنة من جميع النواحي.
أنواع الذكاء ستة وهي: الذكاء العاطفي وتشكل 95% من الذكاء العام، والذكاء المعرفي وتشكل 3% من الذكاء العام، والذكاء الموسيقي والطبيعي والمنطقي والجسدي ويشكل الباقي بمجموعة 2% فقط من الذكاء العام، ولهذا تفصيل كالتالي: يتمثل الذكاء العاطفي في القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ من الطفل بنفسه والحكم على الأشياء بمقاديرها وتقدير الأمور بميزانها الصحيح، كما أنه يوجه عاطفته ومشاعره بشكل متزن فلا يبالغ في طلب أشياء ولا يقوم برفض أشياء ولا الاستيلاء على أغراض غيره بحجة البكاء، وهذا أمر واجب التعزيز لدى الطفل عن طريق إعطاءه الأشياء بثمن حتى من صغره فعليه أن يتعلم أمرا وخلقا حتى يحصل على الهدية أو اللعبة ولن يأخذ شيئا بالصراخ والأعمال العنيفة والبكاء أبدا، وهذا ينمي في الطفل أحقيته بالحصول على كل شيء ولكن في نفس الوقت في مساره الصحيح وليس عن طريق استخدام التصرفات السطحية للازعاج ومن ثم الحصول على الأشياء، ويجب الابتعاد عن الضرب والإهانة في هذه المرحلة بشكل كامل؛ لأنها تعمل على تدمير ذلك الاحساس والذكاء العاطفي، أما الذكاء المعرفي الذي يبحث الجميع عن تطويره فإن تطويره بسيط يشمل التغذية السليمة والتعليم بألعاب التركيب والرسومات وبعض الكتيبات والقصص قبل النوم المفيدة، أما الذكاء الموسيقى فإنه يجب أن يتم اسماع الطفل موسيقى هادئة يوميا ليتناغم عقله مع حاسة السمع لديه والتوقف عن اسماعه موسيقى مزعجة أو مستفزة نوعا ما، أما الذكاء الطبيعي فهو ذكاء التأمل وتكون بالرحلات والسفر وتعريفه على الحيوانات وأسماءها والطبيعة وأشكالها وترك الفرصة له للتأمل لوحده في الكون وطرح الأسئلة الكبيرة، أما الذكاء المنطقي فهو ذكاء الرياضيات ويتمثل في تعليمه قواعد الحساب والجمع والطرح عن طريق العداد أو النقود، أما الأخير وهو الذكاء الجسدي فيجب على الطفل أن يحرك جميع أطراف جسده يوميا في حركات ثابتة لا يغيرها حتى يعطي الطاقة والحيوية في كل ضلع من أضلاعه وتزيد قدرته على التحكم بها.