السلام عليكم وبعد :
قوله صلى الله عليه وسلم : ألا يمس القرآن إلا طاهر - فكلمة - الطاهر - تحتمل عدة معاني !! - فقد يكون المقصود بها المؤمن كمثل قوله عليه السلام : المؤمن لا ينجس - فهو طاهر على عكس الكافر !! - وقد يكون المقصود بها الطاهر من الحدث الأكبر!! - أو الطاهر من الحدث الأصغر !! - وتخصيص الطاهر بشيء مما ذكرنا يحتاج الى قرينة توجب التخصيص !! - ولا سبيل اليها في هذا الحديث - فيبقى المراد بالطاهر المؤمن والممنوع من مسه الكافر النجس - غير المؤمن - كما دل عليه قوله عليه السلام : المؤمن لا ينجس - وكمثل حديث النهي عن السفر بالمصحف لبلاد االكفر - حتى لا يتسنى للكافر النجس مسه - أما حمل كلمة الطاهر على الطاهر من الحدث الاكبر - او الاصغر فبعيد !! - لامور منها :- عدم وجود قرينة كما قلنا - ومنها احاديث أخرى دلتنا على جواز مس المصحف وتلاوته على غير طهر من المؤمن !! - كحديث عائشة التي قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه - فهذا يدل على عدم اشتراط الطهارة للذكر - وفي القرأن ذكر لله تعالى - عن مهاجر بن قنفد أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ ثم اعتذر فقال: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر أو قال: على طهارة
- فكراهية النبي عليه السلام للذكر على غير طهر دلت على جواز الذكر !! - ولكن الأفضل والأكمل في الذكر - الطهارة - وقد تقدم معنا قول عائشة انه عليه السلام - كان يذكر الله على كل أحيانه - وعن حماد بن أبي سليمان قال: سألت سعيد بن جبير عن الجنب يقرأ؟ فلم ير به بأسا وقال: أليس في جوفه القرآن؟
- فخلاصة القول أن المراد بالطاهر هنا إنما المؤمن والمنع انما للكافر النجس !! - مع التنبيه على افضلية ان يكون المؤمن طاهرا عند ذكره لله تعالى !! - كما دل عليه الحديث السابق عن مهاجر بن قنفذ - فمهاجر سلم على النبي فلم يرد عليه !! - مع أن النبي برده السلام لم يكن ليقرأ القرأن !! - إنما كان سيذكر الله تعالى في رده السلام !! - فأحب ان يرد السلام الذي فيه ذكر لله تعالى - وهو طاهر !! - فهل حالة المؤمن في سائر يومه الطهارة !!؟ - فلو كان الأمر بالوجوب للذاكر لله تعالى - ولا يخلو يوم احدنا من ذكر ورد للسلام واستغفار!! - لكان يجب علينا ان نبقى على وضوء سائر يومنا - لإحتمال ذكرنا لله تعالى او ردنا السلام على من سلم علينا !! - وهذا أمر غير موجود !! - فالحاصل ان المراد بالطاهر إنما المؤمن والنهي الذي جاء في الحديث انما عن الكافر النجس - كما ان الافضل للمؤمن ان يكون طاهرا الطهارة الصغرى !! - فضلا عن الكبرى في جميع أحواله لما في ذلك من فضل !! - كما دلنا عليه حديث بلال حيث قال له عليه السلام إني سمعت خشخشتك في الجنة !! - فبم سبقتني اليها ؟ - قال يا رسول الله ما احدثت الا توضأت !!.
- والله تعالى أعلم -