هيا بنا نؤمن ساعة ((( متجدد ان شاء الله ))) - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

هيا بنا نؤمن ساعة ((( متجدد ان شاء الله )))

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-04-01, 17:19   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
همسات ايمانية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية همسات ايمانية
 

 

 
الأوسمة
أفضل موضوع في القسم العام 
إحصائية العضو










افتراضي

الأدب الخامس : فانصب !
يقول أحد العارفين : النفس .. إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية !!
وذلك سرّ من أسرار التوجيه الرباني : " فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8) "
إن إشغال النفس بعمل الصالحات ( صلاة .. صيام .. بر وإحسان .. صدقات .. زيارة مريض .. إجابة دعوة .. تحضير كلمة .. سماع شريط .. مباسطة الأهل والإخوان ...) من أهم الوقايات للعبد في هذا الباب .
وإن ترك العمل الدعوي أو ترك الإلتزام والاستقامة على طريق الحق بحجة المعاصي من غوائل الشيطان على العباد .
لاشك أن القول الذي لايصدّقه العمل أمر مذموم ، قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3) "
وجاء في الحديث عن أسامة بن زيد رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يُجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار ، فتندلق أقتابه في النار ، فيدور كما يدور الحمار برحاه ، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون : أي فلان ما شأنك ؟
أليس كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟
قال : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن المنكر وآتيه "
• هل هذا الندم الذي ورد في النصوص ، هو ذم للرجل على دعوته وإنكاره للمنكر ؟ أم ذم له على فعل المنكر مع أنه أولى الناس باجتنابه ؟!
قال ابن كثير رحمه الله : وليس المراد ذمهم على أمرهم بالبر مع تركهم له ، بل على تركهم له .
• البشر كلهم خطّاؤون ، مقترفون للذنوب ، فحين نعمم هذه النتيجة فهل يوجد أحد لايقع في المعصية ؟!
وعليه فيلزم أن نقول : أن لا يدعو أحد إلى الله وهو يعصي الله !!
ولو لم يعظ في الناس من هو مذنب فمن يعظ العاصين بعد محمـد ؟!
• أن الواجب على المرء تجاه المنكر أمران :
أ / تركه . : : : : ب / النهي عنه .
والواجب عليه تجاه المعروف أمران :
أ / فعله . : : : : ب / الأمر به .
قال ابن كثير : .. فكل من الأمر بالمعروف وفعله واجب لايسقط أحدهما بترك الآخر على أصح قولي العلماء من السلف والخلف .
أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة المعصية منكر بحد ذاته ! - سبيل النجاة من شؤم المعصية لمحمد الدويش بتصرف -

الأدب السادس : داوم على الاستغفار .
والاستغفار أدب من الآداب الواقية من جانبين :
الأول : أنه يحيي في النفس توقير الله وتعظيمه .
الثاني : أنه يمحو الخطايا والذنوب .
عن الأغرّ المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرّة "
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم : " رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله ، وما أنت أعلم به مني ، اللهم اغفر لي خطاياي ، وعمدي ، وجهلي ، وجِدّي ، ، وكل ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما قدمت ، وما أخرت ، وما أسررت ، وما أعلنتت ، أنت المقدم ، وأنت المؤخر ، وأنت على كل شيء قدير "
وكان من دعاء الأنبياء والمرسلين :
- دعاء نوح عليه السلام : " رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً "
- دعاء إبراهيم عليه السلام : " وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ "
- دعاء موسى عليه السلام : " قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي "
عند هذا ... يقف المسلم الحق يتسآءل : وأي خطيئة ارتكبها أنبياء الله حتى يستغفرون ؟
ماذا جنت هذه النفس الطاهرة ؟ وأي خطيئة أسرّها وأعلنها وقدّمها وأخّرها ؟؟؟
لئن كان صلى الله عليه وسلم وهو الذي غُفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرّة ، فكيف بنا نحن معشر المذنبين المخلّطين ؟؟‍!!
إنها النفوس الطاهرة العارفة بالله حقاً .
ولئن كان الاستغفار يطهر النفس ويزكيها فلا يجعلها تألف اقتراف المحرمات ، فكذلك هو يمحو الخطايا إن وقعت وحصلت ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه ، وإن عاد زِيد فيها حتى تعلو على قلبه وهو الران الذي ذكر الله : { كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } "
ثم إن الإستغفار أمر يعجب الرب جل وتعالى ، فعن علي رضي الله عنه : أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إن ربك يعجب من عبده إذا قال : رب اغفرلي ذنوبي ، وهو يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري "
وإن الإستغفار الذي يترك أثره في النفس ويؤدي المقصود هو الذي يواطىء القلب فيه اللسان .

الأدب السابع : لا تجاهر !
كما أن الطاعات تتفاوت مراتبها ودرجاتها بحسب الأعمال ذاتها ، وبحسب العامل والوقت والسر والجهر ؛ فكذلك المعاصي !
فقد دلّت النصوص على أن المعصية التي يستتر بها صاحبها أخف جرماً من التي يعلنها .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" كل أمتي معافى إلاّ المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه " .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأله كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النّجوى ؟ قال : " يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول : عملت كذا وكذا ؟ فيقول : نعم ، ويقول : عملت كذا وكذا ؟ فيقول : نعم ، فيقرره ثم يقول : إني سترت عليك في الدنيا ، فأنا أغفرها لك اليوم " إن المؤمن الذي يخاف من مولاه ويعظمه ويخشى عقابه ، تلومه نفسه على المعصية وتحرق فؤاده ، فكيف يحدّث الناس أنه يعمل ..ويعمل .
وقد أشار ابن عقيل رحمه الله إلى معنى لطيف في الاستسرار بالمعصية وأن هذا الاستسرارا طاعة لله ، وان معافاة الله تعالى للمستتر بذنبه إنما كان لاستتاره . ( الآداب الشرعية لابن مفلح 1 / 255 )

الأدب الثامن : أتبع السيئة الحسنة تمحها !
جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله ، إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها فأنا هذا فاقض فيّ ما شئت ، فقال له عمر : لقد سترك الله لو سترت نفسك . قال : فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً ، فقام الرجل فانطلق ، فاتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً دعاه وتلا عليه : { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين }
فقال رجل من القوم : يانبي الله هذه له خاصة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " بل للناس كافة " !
وإن من إتباع السيئة الحسنة أن تتبع المعصية بالتوبة منها بلا تسويف أو تأجيل أو قنوط .
قال الله تعالى : " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلاّ الله ولم يُصرّوا على ما فعلوا وهم يعلمون" وقال عزّ وتعالى : " .. فإنه كان للأوّابين غفوراً " ، قال ابن المسيب : هو الذي يذنب ثم يتوب ، ثم يذنب ثم يتوب ، ثم يذنب ثم يتوب .
وقال تعالى " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة .." ، قال البراء : هو الرجل يذنب الذنب فيقول : لا يغفره الله لي !!
وكل ما كانت الحسنة من جنس عمل السيئة كان ذلك أبلغ في المحو .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وينبغي أن تكون الحسنات من جنس السيئات فإنه أبلغ في المحو .
فتأمل عظيم منّة الله وفضله وسعة رحمته كيف أنه جعل لك من ضيق الذنب فرجاً واسعاً . .

الأدب التاسع : لا تعيّر غيرك بالذنب !!
المسلم يحب الله ، ويحب طاعة الله ، وهو كذلك يبغض معصية الله ومن يقارفها ؛ فالمؤمن يمتلك قلباً مرهفا ونفساً جيّاشة لاتملك الحياء مع من يجترىء على محارم الله ، فالحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان .
لكن من الناس من يشتط فبدلاً من بغضه للمعصية وصاحبها ،يعيّر المذنب ويتعالى عليه ، !!!
جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أن رجلاً قال : والله لايغفر الله لفلان .وإن الله تعالى قال : " ومن ذا الذي يتألّى عليّ ألاّ أغفر لفلان ، فإني غفرت له وأحبطت عملك .."
ومرّ أبو الدرداء رضي الله عنه على رجل قد أصاب ذنباً فكانوا يسبّونه فقال : أرأيتم لو وجدتموه في قليب ألم تكونوا مستخرجيه ؟
قالوا : بلى . قال : فلا تسبوا أخاكم واحمدوا الله الذي عافاكم ؛ قالوا : أفلا تبغضه ؟
قال : إنما أبغض عمله ، فإذا تركه فهو أخي ، وقال أبو الدرداء : أدع الله في يوم سرّائك لعله أن يستجيب لك في يوم ضرّائك .
إن الأولى بالمرء المسلم أن لا يعيّر أخاه بالذنب ، أو يهزأ به بالمعصية ، إن الواجب عليه تجاه أخطاء الآخرين أن يقف عند حدّ المناصحة والستر والدعاء لهم وسؤال الله العافية .
إن الذي يعيّر أخاه بالذنب برهان على إفراط صاحبه في ثقته بنفسه وتزكيته لها ، والغرور بوّابة الهلاك وأمارة من أمارات إحساس العبد باستغنائه عن معونة مولاه ، وأين هذا عن أعرف الخلق بالله حين قالوا .... :
- " وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ " !
" وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ " ( محمد الدويش بتصرف )

الأدب العاشر : تب إلى الله ولا تيأس أو تقنط !!.
قال الله تعالى :
- " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "
- " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "
فالتوبة التوبة - يا رعاك الله - وأجب نداء ربك الرحمن وهو يناديك :
يا ابن آدم . . إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ..
يا ابن آدم . . لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك . .
يا ابن آدم . . لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا أتيتك بقرابها مغفرة !!!
يا عبادي . . إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً ، فمن علم أني ذو قدرة على المغفرة غفرت له ولا أبالي !!
فهل تجيب نداء ربك . .
وهل تدخل في رحمته . .
" إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار .. ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل " !!
يا آدم . . ذنب تذل به إلينا أحب إلينا من طاعة تدلّ بها علينا !!
يا أدم . . أنين المذنبين أحب إلينا من تسبيح المدلّين !!

ثم أعلم - يا رعاك الله - أن التوبة النصوح ليست ألفاظا يلهج بها اللسان دون مواطئة القلب والجوارح . .
بل التوبة النصوح التي تنفع هي التي استكملت شرائطها :
ابتداء من :
- الإقلاع عن الذنب .
- الندم على ما فات !
- العزم الجازم على ترك معاودته .!!
وانتهاء بمعاودة التوبة كلّما وقع الذنب ..
جاء في المسند عند أحمد : " إن الله يحب العبد المفتّن التوّاب " !
وإن من موجبات التوبة الصحيحة . . .
كسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء و لا تكون لغير المذنب ، ولا تحصل بجوع و لارياضة ، ولا حب مجرد ، إنما هي أمر وراء هذا كله تكسر القلب بين يدي الرب كسرة تامة ، قد أحاطت به من جميع جهاته ، وألقته بين يدي ربه طريحاً ذليلاًّ خاشعاً ، كحال عبد آبق من سيده ، فأُخذ وأُحضر بين يديه ، ولم يجد من ينجيه من سطوته ، ولم يجد منه بداً ، ولا عنه غناءً ولا منه مهرباً ، وعلم أن حياته وسعادته وفلاحه ونجاحه في رضاه عنه ، وقد علم إحاطة سيده بتفاصيل جنا ياته ، هذا مع حبه لسيده وشدة حاجته إليه ، وعلمه بضعفه وعجزه وقوة سيده ، وذله وعز سيده . فيجتمع من هذه الأحوال كسرة وذل وخضوع ما أنفعها للعبد ، وما أجدى عائدها عليه ، وما أعظم جبره بها وما أقربه بها من سيده !
فليس شيء أحب إلى سيده من هذه الكسرة والخضوع والتذلل والإخبات والإنطراح بين يديه ، والإستسلام له فلله ما أحلى قوله في هذه الحال " أسألك بعزّك وذلّي إلا رحمتني ، أسألك بقوتك وضعفي ، وبغناك عني وفقري إليك ، هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك ، عبيدك سواي كثير ، وليس لي سيد سواك ، ولا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، أسألك مسألة المسكين ، وابتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل ، وأدعوك دعاء الخائف الضرير ، سؤال من خضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه ، وفاضت لك عيناه ، وذل لك قلبه ،
يامن ألوذ به فيما أؤمــــله : : : ومن أعوذ به فيما أحـــاذره
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره : : ولا يهيضون عظما أنت جابـره
فهذا وأمثاله من آثار التوبةالمقبولة ، فمن لم يجد ذلك في قلبه فليتهم توبته ، وليرجع إلى تصحيحها ، فما أصعب التوبة الصحيحة با لحقيقة ، وما أسهلها باللسان والدعوى ، وما عالج الصادق شيئاً أشق عليه من التوبة الخالصة الصادقة ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله . أ.هـ ( المدارج ) .
تلك عشرة كاملة ، على الخطيئات صائله . .
فاستقلّ منها إن شئت أو استكثر . .
فاز التائب بأبوته وعودته . .
وهلك الهالك بكبره ونزوته . .
من موقع صيد الفوائد









 


رد مع اقتباس
قديم 2015-04-01, 19:42   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
samira02
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم ثبت قلوبنا على دينك










رد مع اقتباس
قديم 2015-04-02, 13:48   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
تاييد
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية تاييد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم اجعلنا من التوابين الأوابين المحاسبين لأنفسهم

جزاك الله خيرا أختي الكريمة همسات ايمانية










رد مع اقتباس
قديم 2015-04-02, 14:49   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
همسات ايمانية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية همسات ايمانية
 

 

 
الأوسمة
أفضل موضوع في القسم العام 
إحصائية العضو










M001

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة samira02 مشاهدة المشاركة
اللهم ثبت قلوبنا على دينك
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تاييد مشاهدة المشاركة
اللهم اجعلنا من التوابين الأوابين المحاسبين لأنفسهم

جزاك الله خيرا أختي الكريمة همسات ايمانية

بارك الله فيكما وجزاكما عني كل الخير

شكرا









رد مع اقتباس
قديم 2015-04-02, 15:20   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
زينب2000
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا

تأخذنا مشاغل الدنيا كثيرا و لا نعطي الأولوية لديننا لهذا يضعف إيماننا و الحمد لله نحن في زمان مهما كانت الفتن فيه ومهما كان الفساد، هناك صحوة دينية نحمد الله عليها ، ومجالسة العلماء بالإستماع إلى البرامج الدينية والقنوات ‘الطيبة متوفرة -لمن يريد- وكذلك الكتب المختلفة السهلة والأقراص المضغوطة في متناول االكثير و الحمد لله، فقط علينا ان نداوم عليها و لا يمر يوما إلا و كان لنا حظا في سماع برنامج ديني
تقبلي مني أختي هذه الإضافة،
ومرة أخرى جعل الله هذا الموضوع في ميزان حسناتك










رد مع اقتباس
قديم 2015-04-02, 21:10   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
همسات ايمانية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية همسات ايمانية
 

 

 
الأوسمة
أفضل موضوع في القسم العام 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زينب2000 مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا

تأخذنا مشاغل الدنيا كثيرا و لا نعطي الأولوية لديننا لهذا يضعف إيماننا و الحمد لله نحن في زمان مهما كانت الفتن فيه ومهما كان الفساد، هناك صحوة دينية نحمد الله عليها ، ومجالسة العلماء بالإستماع إلى البرامج الدينية والقنوات ‘الطيبة متوفرة -لمن يريد- وكذلك الكتب المختلفة السهلة والأقراص المضغوطة في متناول االكثير و الحمد لله، فقط علينا ان نداوم عليها و لا يمر يوما إلا و كان لنا حظا في سماع برنامج ديني
تقبلي مني أختي هذه الإضافة،
ومرة أخرى جعل الله هذا الموضوع في ميزان حسناتك
وجزاك الله خير الجزاء

مشكورة على الاضافة القيمة اختي









رد مع اقتباس
قديم 2015-04-03, 19:47   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
همسات ايمانية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية همسات ايمانية
 

 

 
الأوسمة
أفضل موضوع في القسم العام 
إحصائية العضو










افتراضي

سبل الوصول وعلامات القبول


لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2009-02-28

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار العلم والمعرفة، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الخشوع :
أيها الأخوة الكرام، مع موضوعٍ جديد من موضوعات: "سبل الوصول وعلامات القبول" إنه موضوع "الخشوع"، فقد ورد الخشوع، أو وردت كلمة الخشوع في القرآن الكريم في قوله تعالى:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾
[ سورة المؤمنون]
الفلاح و النجاح :
بادئ ذي بدء: ما الفلاح؟ قد يقول أحدكم: إنه النجاح، لا، فرقٌ كبير بين الفلاح وبين النجاح، الفلاح هو الفوز بالآخرة، الفلاح هو الفوز برضا الله عز وجل، الفلاح هو أن يحقق الإنسان في الدنيا سرّ وجوده، الفلاح أن يكون قريباً من الله، الفلاح أي يحمل نفسه على طاعة الله، الفلاح أن يتقرب إلى الله بالعمل الصالح، فالفلاح نجاح مع الله، والفلاح نجاحٌ في الفوز في الآخرة، هذا هو الفلاح.
أما قد ينجح إنسان بكتابة سيناريو فيلم فهذا ليس فلاحاً هذا نجاح، قد ينجح الإنسان في عمل لا يرضي الله، قد ينجح الإنسان في عمل يسبب دماراً للبشرية، ربح حرباً لكن دمر أمماً، فلذلك الفرق كبير بين الفلاح والنجاح، النجاح في الدنيا، وفي موضوعات شتى، وقد تكون هذه الموضوعات ليست خيرة.
الهدف الأول لكل مؤمن أن يزكي نفسه لأن تزكية النفس ثمن دخول الجنة :
على كلٍ كلمة الفلاح أو:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ ﴾
وردت مراتٍ ثلاثة في القرآن الكريم حصراً، الآية الأولى دقق:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾
[ سورة الأعلى ]
النجاح بالمعنى الواسع الفلاح، الفوز، التفوق، العقل، الذكاء، الذي يتزكى كلام خالق الكون، لأن تزكية نفسك ثمن دخول الجنة، لأنك خلقت لجنة عرضها السماوات والأرض، ثمن هذه الجنة أن تزكي نفسك، أي أن تحملها على طاعة الله أولاً، وأن تقبل بنفسك على الله ثانياًً عندئذٍ تطهر النفس من كل أدرانها وتتحلى بالكمال الإلهي، هذه التزكية.
أي إنسان صادق، أمين، عفيف، منصف، متواضع، يحب الخير، قلبه ممتلئ رحمة، يجري الله على يديه أعمالاً بطولية، هذا هو الفلاح
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾
لذلك ينبغي أن يكون الهدف الأول لكل مؤمن أن يزكي نفسه، لأن تزكية النفس ثمن دخول الجنة، قد حرف تحقيق:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾
[ سورة الأعلى ]
هذه الآية الأولى، والآية الثانية:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾
[ سورة الشمس ]
الهاء تعود على النفس.
﴿ وَقَدْ خَابَ ﴾
[ سورة الشمس الآية : 10 ]
خاب على العكس من أفلح.
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
[ سورة الشمس ]
دساها أبعدها عن ربها، فلما أبعدها عن ربها تعلقت بشهوات الدنيا فمارستها معتديةً على حقوق الآخرين، أيها الأخوة،
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
أما الآية الثالثة فيبدو أن الصلاة كما تعلمون عماد الدين، الصلاة من أجل الاتصال بالله، والصيام من أجل الاتصال بالله، والحج من أجل الاتصال بالله، والعمل الصالح من أجل الاتصال بالله، وإنفاق المال من أجل الاتصال بالله، يكاد يجمع حالات لا تعد ولا تحصى مؤداها الاتصال بالله.
الخشوع في الصلاة ليس من فضائلها ولكن من فرائضها :
لذلك.
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾
[ سورة المؤمنون ]
من أروع ما قرأت عن هذه الآية في بعض التفاسير أن الخشوع في الصلاة ليس من فضائلها ولكن من فرائضها، لأن هذا الإله العظيم لا يعقل أن يأمرك أن تصلي في اليوم خمس مرات، تقف وأنت شارد الذهن، غافل، تركع، وتسجد، تقرأ الفاتحة وسورة، ولا تشعر بشيء، وكأنك أديت حركاتٍ وسكناتٍ وتمتماتٍ لا معنى لها، هذا الإله العظيم خالق السموات والأرض، هذا الذي يفعله المسلمون في الصلاة ليست هي الصلاة التي أرادها الله عز وجل، الصلاة اتصال بالله، والاتصال يحتاج إلى تمهيد، إلى استقامة، وإلى عمل صالح.
التجارة الرابحة هي التجارة مع الله وأكبر خسارة أن يخسر الإنسان الآخرة :
فلذلك كلمة أفلح وردت مراتٍ ثلاثة حصراً:
الأولى:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾
والثانية:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
والثالثة:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾
ولعل الفلاح هو الذي يشق الأرض، ويزرع بذرة، كمعلومات لطيفة بذار بعض الخضروات يعطي مليون ضعف، الآن البيت البلاستيكي الذي مساحته خمسمئة متر يحتاج إلى خمسة غرامات من البذور، هذا البيت يعطي خمسة طن أي مليون ضعف، في بلادنا يعطي خمسة طن، في هولندا يعطي خمسة وعشرين طناً، أي البذرة تقدم خمسة ملايين ضعف، هذا هو الفلاح، تزرع بذرة تعطيك خمسة ملايين ضعف من وزنها من هذه الثمرة اليانعة التي يحتاجها الناس دائماً، فكأن الفلاح هو الذي يقدم قليلاً ويأخذ كثيراً، وكأن الله سبحانه وتعالى يريد أن نربح عليه، يريد أن نتاجر معه.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾
[ سورة الصف الآية : 10-11 ]
أكبر تجارة مع الله، الإنسان أحياناً يضع لقمة في فم زوجته يراها يوم القيامة كجبل أُحد، والله لا أبالغ لو عرفنا ماذا ينتظر المؤمن من عطاء، من تكريم، من نعيم مقيم، لأنه في السنوات المعدودة استقام على أمر الله، وأدى العبادات، وعمل الصالحات، فاستحق جنة ربه إلى أبد الآبدين، لذلك.
﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾
[ سورة الزمر ]
أكبر خسارة أن تخسر الآخرة.
الله عز وجل إذا أعطى أدهش :
أيها الأخوة، إذاً الفلاح يشق الأرض، ويزرع البذار، وتأتيه الأضعاف المضاعفة من هذه البذار، وكأن الفلاح سمّي فلاحاً لأنه أفلح في أخذ الكثير من الشيء القليل، طبعاً يؤكد هذا المعنى ربنا جلّ جلاله حينما يقول:
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾
[ سورة البقرة ]
أنا مرة كنت في غوطة دمشق، رأيت في حقل قمح مجموعة سنابل كثيرة جداً، والله قلعتها فإذا هي خمس وثلاثون سنبلة، أخذت واحدة وعددت حبات القمح فيها فكان العدد خمسين، ضربت خمس وثلاثين بخمسين خرج من حبة واحدة ألف وسبعمئة حبة من حبة واحدة.
أخواننا الكرام، الله إذا أعطى أدهش، في بعض الأماكن في أمريكا نهر الأمازون، غزارته بالثانية الواحدة ثلاثمئة ألف متر مكعب، في البرازيل هناك شلالات كثافتها مليون وأربعمئة ألف متر مكعب بالثانية، كنت في كندا في مدينة اسمها مونتريال حولها مليون بحيرة، أكبر تجمع مائي في العالم، الله إذا أعطى أدهش.
مرة في البرازيل لي درس عقب المغرب، هناك أخوة كرام وعدوني أن يأتوا إلى المسجد فلم يحضروا، سألت عنهم؟ قال: الأمطار نزلت، مئة وخمسون ميلمتر بساعتين، أمطار دمشق على مدى العام بساعتين، فارتفع الماء في الطرقات متراً ونصف، تعطل السير وشقت المدينة نصفين، الله إذا أعطى أدهش.
تقنين الله تقنين تأديب لا تقنين عجز :
أولاً: لا يمكن أن يكون تقنين الله عز وجل إن صحّ التعبير تقنين عجز، تقنين الله تقنين تأديب فقط.
﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾
[ سورة الجن الآية : 16-17 ]
﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾
[ سورة الأعراف الآية : 96 ]
نحن في الجديدة هناك واد سحيق، في قعر الوادي يمشي نهر بردى، وهناك واد أعمق منه بكثير، وقد وضع عمود وفوقه لوحة مكتوب عليها مستوى الماء عام ستة وثلاثين، هذا الوادي السحيق ممتلئ ماء، وفوق هذا الوادي ارتفاع مستوى الماء يقدر بستة أمتار سابقاً، أنا أذكر قبل بضع عقود من الزمن إن كل سنة يغرق أشخاص كُثر في نهر بردى، الآن لا أحد يغرق فيه، لأن الماء قليل جداً،
﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾
﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾
[ سورة المائدة الآية : 66 ]
هذا التقنين تقنين تأديب.
الفلاح لا أن نستهلك الوقت بل أن نستثمره :
أيها الأخوة، الفلاح ألا تستهلك الوقت بل أن تستثمره، أنت وقت، أنت بضعة أيام كلما انقضى يومٌ انقضى بضعٌ منك، هذا الوقت إما أن ينفق استهلاكاً أو أن ينفق استثماراً، ينفق استهلاكاً كمعظم الناس يأكلون ويشربون ويتمتعون ثم يفاجؤون بالأجل، استهلكوا وقتهم استهلاكاً بلا عمل له أثر مستقبلي، للتقريب: إنسان جلس بحوض وملأه ماء فاتر، استمتع، هذا العمل هل له أثر مستقبلي؟ هل يمكن أن يكون بعد الاستمتاع تاجر كبير أو دكتور؟ هذا عمل آني، استمتاع ليس له أثر مستقبلي.
فلذلك الفلاح لا أن تستهلك الوقت بل أن تستثمره، لذلك المؤمن ينفق وقته استثماراً، بمعنى أنه يفعل في الوقت الذي سينقضي عملاً يرى نتائجه بعد انقضاء الوقت، بينما غير المؤمن يستهلك وقته استهلاكاً، تماماً كتاجر ينفق من رأسماله بعد حين يعلن إفلاسه، وتاجر آخر ينفق نفقاتٍ كبيرة من ريع ماله.
لذلك الإنسان وقت، وأثمن شيء يملكه هو الوقت، بل رأسماله الوحيد هو الوقت، هذا الوقت إما أن ينفق استهلاكاً أو أن ينفق استثماراً، لذلك قال تعالى:
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾
[ سورة العصر ]
الله أقسم بمطلق الزمن لهذا المخلوق الأول الذي هو في الحقيقة زمن، جاء جواب القسم:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
النقلة من بيت إلى قبر، من منصب رفيع إلى قبر، من صحة جيدة إلى قبر، من زوجة وأولاد إلى قبر، من دخل كبير إلى قبر، نقلة مخيفة، نقلة من كل شيء مبدئياً إلى لا شيء، فكيف إذا كان بعد هذا القبر عذابٌ لا ينتهي؟
فلذلك الفلاح ألا تستهلك الوقت بل أن تستثمره، وألا تستهلك المال بل أن تستثمره بالعمل الصالح، وألا تستهلك نعمة الأمن بل تستثمرها في معرفة الله، وألا تستهلك نعمة الصحة بل تستثمرها في طاعة الله ، الفرق الواضح الصارخ بين المؤمن وغير المؤمن غير المؤمن يستهلك بينما المؤمن يستثمر.
الآية التالية متعلقة بالخشوع :
أيها الأخوة، آيةٌ ثانية متعلقة بالخشوع قال تعالى:
﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾
[ سورة الحديد ]
إلــى متى وأنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
تــعصي الإله وأنت تظهر حبه ذاك لــعمري في المقال بديع
لـــو كان حبك صادقاً لأطعته إن الــمحب لمن يحبه مطيع
* * *
فيا خجلي منه إذا هـــو قال أيا عبدنــا ما قرأت كتابنـــا
أما تستحي منا ويكفيك ما جرى أما تختشي من عتبنا يوم جمعنـا
أما آن أن تقلع عن الذنب راجعاً وتنظر ما به جـاء وعدنــــا
وجدناك مضطراً يا فتى فقلنا لك ادعُنا نجـبكا فهل أنت حقاً دعوتنا؟
دعوناك للإحسان أعرضت نائياً فهل تلقى من يحسن لمثلك مثلنـا؟
* * *
فالإنسان إلى متى هو غافل؟ إلى متى هو غارق بهمومه وشهواته وميوله وطموحاته في الدنيا؟ أما آن له أن يصحو، والله الذي لا إله إلا هو الإنسان حينما يصحو ويصطلح مع الله عز وجل يشعر أن جبالاً على كاهله أُزيحت عنه.
لن يكون الإنسان مؤمناً صادق الإيمان إلا إذا ذاق في الدنيا طعم الجنة :
حياة المؤمن الذي اصطلح مع الله، والذي استقام على أمر الله من الصعب أن نعرف أبعادها، قال أحدهم: ماذا يفعل أعدائي بي؟ بستاني في صدري، إن أبعدوني فإبعادي سياحة، وإن حبسوني فحبسي خلوة، وإن قتلوني فقتلي شهادة، فماذا يفعل أعدائي بي؟ قال: في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، والدليل في قوله تعالى:
﴿ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾
[ سورة محمد ]
لن تكون مؤمناً صادق الإيمان إلا إذا ذقت في الدنيا طعم الجنة، هذه حنة القرب.
فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لما وليت عنا لـــغيرنا
ولـو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العُجب وجئتنـا
ولـو ذقت من طعم المحبة ذرةً عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنـا
ولـو نسمت من قربنا لك نسمةٌ لمت غريباً واشتياقا لقربنـــا
* * *
هذا كله من خلال الخشوع،
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾
الإنسان أحياناً يشعر أن قلبه ميت، أحياناً القلب يكبر ويكبر ويكبر ولا نرى كبَرَه فيتضاءل أمامه كل كبير، ويصغر ويصغر ويصغر ولا نرى صغره فيتعاظم عليه كل حقير، هذا القلب كما قال الله عز وجل:
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾
[ سورة الشعراء ]
العبادات في الإسلام ليست طقوساً هي عبادات معللة بمصالح الخلق :
أيها الأخوة: الآن هناك موضوع دقيق جداً، هناك مصطلح اسمه الطقوس، الطقوس هذه الكلمة تستخدم لأعمالٍ، وحركاتٍ، وسكناتٍ، وتمتماتٍ، يرددها أصحاب الديانات الأرضية، الديانات الأرضية التي من أصل أرضي بشري، من اختراع البشر، هذه الديانات لها طقوس، لكن يجب أن نؤمن إيماناً دقيقاً أن العبادات ليست طقوساً، ليس موضوع حركات، وسكنات، وتمتمات، مثلاً قال الإمام الشافعي: العبادات معللةٌ بمصالح الخلق، الدليل القرآني:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾
[ سورة التوبة الآية : 103 ]
تطهر الغني من الشح، والفقير من الحقد، تزكي الفقير فيشعر بقيمته في المجتمع، تزكي الغني فيشعر بإحسانه، تطهر المال من تعلق حق الغير به، تزكي المال فينمو، فالزكاة معللة بمصالح الخلق.
علة خلق السماوات والأرض أن نعرف الله عز وجل :
لذلك قال بعض العلماء: الشريعة مصلحةٌ كلها، عدلٌ كلها، رحمةٌ كلها، وأية قضيةٌ خرجت من العدل إلى الجور، من المصلحة إلى المفسدة، من الحكمة إلى خلافها، فليست من الشريعة ولو أُدخلت عليها بألف تأويلٍ وتأويل، فالزكاة معللة بمصلحة الخلق.
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾
[ سورة العنكبوت الآية : 45 ]
أي أكبر ما فيها ذكر الله، أو ذكر الله لك وأنت في الصلاة أكبر من ذكرك له، إنك إن ذكرته أديت واجب العبودية، لكنه إذا ذكرك منحك نعمة الأمن، منحك نعمة الحكمة، منحك نعمة الرضا، منحك نعمة السعادة، منحك عطايا لا تعد ولا تحصى من خلال الصلاة.
الصيام:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
[ سورة البقرة ]
فعلة الصيام أن تصل إلى مرتبة التقوى.
الحج الآية الدقيقة في موضوع الحج:
﴿ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ﴾
[ سورة المائدة الآية : 97 ]
أي:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ ﴾
[ سورة الطلاق الآية : 12 ]
دققوا الآن:
﴿ لِتَعْلَمُوا ﴾
[ سورة الطلاق الآية : 12 ]
هذه لام التعليل، علة خلق السماوات والأرض أن نعرف الله.
من أيقن أن علم الله يطوله و قدرته تطوله لا يمكن أن يعصيه :
﴿ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾
[ سورة الطلاق ]
اختار الله من أسمائه اسمين؛ العلم والقدرة، معنى العلم ومعنى القدرة، أي علم الله يطولك وقدرته تطولك، فإذا أيقنت أن علمه يطولك وأن قدرته تطولك لا يمكن أن تعصيه.
أنت كتاجر لا يمكن أن تغفل صفقة استوردتها في حسابات تقدمها للمالية، لماذا؟ لأن هناك نسخة من هذه الصفقة تذهب إلى المالية، فإن أغفلت هذه الصفقة أُهدرت حساباتك، لأنه توقن أن علم هذه الوزارة يطولك وأن قدرتها تطولك بإهدار حساباتك، أنت دقق مع أشخاص من بني البشر لأن علمهم يطولك ولأن قدرتهم تطولك لا يمكن أن تعصيهم فكيف بالواحد الديان؟.
الخشوع من أدق الموضوعات في الوصول إلى الله تعالى :
أيها الأخوة، الخشوع حينما تعرف حكمة العبادات، حكمة الصلاة، وحكمة الصيام، وحكمة الحج، وحكمة الزكاة، حينما تؤمن أن العبادات في الإسلام ليست طقوساً هي عبادات معللة بمصالح الخلق، وهذا من فضل الله علينا.
أيها الأخوة، موضوع الخشوع من أدق الموضوعات التي تعد ذات أهميةٍ بالغة في الوصول إلى الله، أنت حينما تصلي بخشوع وصلت إلى الله.
لذلك الصلاة هي كبيرة أي صعبة إلا على الخاشعين.
﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾
[ سورة البقرة الآية : 45 ]
الخاشع يسعد بالصلاة وغير الخاشع يراها عبئاً، النبي كان يقول:
(( أقم الصلاةَ يا بلالُ ، أرِحْنا بها ))
[أخرجه أبو داود عن رجل من خزاعة ]
ولسان حال المسلم المقصر أرحنا منها.










رد مع اقتباس
قديم 2015-04-05, 18:19   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
همسات ايمانية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية همسات ايمانية
 

 

 
الأوسمة
أفضل موضوع في القسم العام 
إحصائية العضو










افتراضي

التوكل على الله
والدين مبناه على التوكل:

قال سعيد بن جبير رحمه الله: "التوكل على الله نصف الإيمان".

والتوكل عمل قلبي ليس من أعمال الجوارح قال الإمام أحمد رحمه الله: "التوكل عمل القلب".

وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين بالتوكل فقال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ . الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ . وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء:217-219]، وقال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق من الآية:3].

وقد ورد في السنة الأمر بالتوكل وعظم منزلته، فقال صلى الله عليه وسلم: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكُّلِه لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خِماصاً وتروح بِطاناً» (رواه أحمد).

والتوكل على الله معناه في الأصل أن يفوض العبد أمره لله ويسلم حاله له وأن يعتمد على ربه في قضاءِ حاجته ويثق به. قال ابن عباس رضي الله عنهما: "التوكل هو الثقة بالله، وصدق التوكل أن تثق في الله وفيما عند الله، فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك".

وقال الإمام أحمد رحمه الله: "وجملة التوكل تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه والثقة به".

وقال ابن رجب رحمه الله: "هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها".

ومن مقتضى التوكل وشرط صحته العمل بالأسباب النافعة المأذون بها شرعاً؛ لأن الشارع الحكيم ربط بين التوكل والعمل بالأسباب، فلا يُجزئ التوكل، ولا ينفع العبد إلا بالأخذ بالأسباب، ولا تنافي مطلقاً بين التوكل والعمل بالأسباب.

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك:15]، وقال تعالى: {يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْركُمْ} [النساء من الآية:71].

فحقيقة التوكل في المفهوم الشرعي إذن؛ اعتماد القلب على الله مع تعاطي الأسباب بالجوارح فهذان هما رُكنا التوكل لا يصح التوكل إلا بهما.

أما الاعتماد على الله والإعراض عن الأسباب فقدح في الشرع ونقص في العقل وأما الاقتصار فقط على العمل بالأسباب دون الاعتماد على الله فشرك في الأسباب.

قال ابن القيم رحمه الله: "فإن تركَها عجزاً ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصولِ ما ينفع العبد في دينه ودنياه ودفع ما يضرّه في دينه ودنياه ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ولا توكله عجزاً".

والناس في باب التوكل على ثلاثة أصناف:

1- صِنفٌ اعتمد بقلبه على الله، وأقبل عليه، وترك العمل بالأسباب، ولم يبذل جهداً في تحصيل المراد فهذا مسلك مذموم، وهو التواكل ليس بالتوكل، وهو طريقة الصوفية وقد ذمَّه السلف، وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقي ناساً من اليمن فقال: ما أنتم؟ فقالوا: متوكلون. فقال: "كذبتم أنتم متكلون إنما المتوكل رجل ألقى حَبَّه في الأرض وتوكل على الله عز وجل".


2- صِنفٌ تعاطي الأسباب وبالغ فيها، ولم يعتمد على الله، وفوَّض أمره إليه، فهذا مسلك مذموم مخالِف للشرع، لأنه جعل الأسباب الحقيقية مؤثرة ومستقلة من جلب الخير ودفع الشر وتناسى خالق الأسباب ومسببها وهذا مسلك أرباب الدنيا وأهل الغفلة والشهوات.

3- صِنفٌ جمع في هذا الباب الاعتماد على الله وتعاطي الأسباب التي أذِنَ الله بها وجعلها نافعة وهذا هو مسلك أهل التوحيد والسنة وهو الموافق للشرع وصريح العقل ومقتضى الفطرة السليمة لأن المؤثر حقيقة والمستقل بالنفع والضر هو الله ومن سنة الله أن جعل لكل شيء سبباً موصِّلاً إليه فكان تمام الدين وكمال العقل العمل بهما جميعاً.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفوِّض أمره لله ويُجرِّد اعتماده لمولاه ومع ذلك يتعاطى الأسباب ولا يتحرَّج من ذلك فقد كان يأكل ويشرب ويتزوج ويتكسب ويلبس البيضة والدرع وغيره من آلات الحرب يتقي بها بأس الكفار مع أنه سيد المتوكلين.

وهذا يدل على أن تعاطي الأسباب النافعة مع الاعتماد على الله من السنة.

ومن ظن أن العمل بالأسباب مخالف للشرع ونقصان للتوكل فقد خالف هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكذلك كان الأنبياء صلوات الله عليهم يباشرون الأسباب ويتكسبون ولا يتكلون، ففي صحيح البخاري: «كان داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يده»، وفي صحيح مسلم: «كان زكريا عليه السلام نجَّاراً».

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في جملة من الأحاديث باستعمال الأسباب وبذل الجهد في تحصيل الكسب والمنافع وعدم الركون إلى الكسل والعجز اعتماداً على رحمة الله ونفع الآخرين.


فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم على ناقةٍ له فقال يا رسول الله أدعها وأتوكل. فقال صلى الله عليه وسلم: «اعقلها وتوكل» (رواه الترمذي).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، فإن أصابك شيء، فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان» (رواه مسلم).

وقال صلى الله عليه وسلم: «لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمةٍ من حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجههُ خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه» (رواه البخاري).

إن حسن التوكل مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً بحياة المسلم، فلا جلب للنفع، ولا دفع للضر، ولا قضاء للحاجات إلا عن طريق حُسن التوكل.

وحُسن التوكل له أثرٌ عظيمٌ في سعادة المرء وتحقق مطالبه وحصول الرضا والاطمئنان في قلبه ووقايته من الشرور والفتن؛ قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر من الآية:36].

وفي سنن الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله، وتوكلتُ على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله»؛ قال: «يُقال حينئذٍ هُديتَ وكُفيتَ ووُقيتَ فتتنحى له الشياطين، فيقول له شيطان آخر كيف لك برجلٍ قد هُدي وكُفي ووُقي».

إن بعض المسلمين هداهم الله مُقصِّرٌ في حُسن توكله بالله غافل قلبه عن هذا الأصل العظيم، ذاهلٌ عقله عن خطره وعظيم فائدته.

فكثير من المسلمين اليوم تناسوا في سلوكهم العملي وحياتهم المعيشية التوكل على الله واعتمدوا على الوظائف الراتبة والأجور الثابتة.

أما المؤمن الحق فعظيم التوكل على الرزاق؛ لعظم يقينه بقدرة الله وعلمه ورحمته ولطفه وسعة رزقه، فالتوكل تابع لليقين كلما زاد اليقين في قلب المؤمن زاد توكله على الرحمن وإذا نقص اليقين نقص التوكل.

فالانحراف اليوم في باب التوكل من جهة غلو الناس في الأسباب، واعتمادهم عليها، وانصراف قلوبهم بالكلية إليها، والتفات القلب عن المسبب والخالق حتى صار الإنسان يعتقد الشفاء حتماً بالطبيب الحاذق، وحصول الرزق بالوظيفة، وحصول الأمن بإجراءات السلامة، وحماية الممتلكات بالتأمين، وهذا من تأثير الإنصباغ بالحياة المادية، ومظاهر المدنية، والله المستعان، أما مسلك ترك الأسباب بالكلية والتواكل فقد اندثر بالجملة ولم يبقَ إلا نزرٌ يسير في الأمة.

إن التوكل مشروع في سائر الأحوال ولكنه يتأكد في أحوال:


1- في طلب الرزق، قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق من الآية:2-3].

2- عند لقاء العدو، قال تعالى: {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران:160].

3- عند كيد الكفار، قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [ال عمران:173].

4- عند نزول البلاء، قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:156-157].

5- عند المرض، قال تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء:80].

6- عند طلب الزواج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة حق على الله عونهم: المكاتب يريد الأداء، والمتزوج يريد العفاف، والمجاهد في سبيل الله» (رواه أهل السنن إلا النسائي)

7- عند الدعوة إلى الله، قال تعالى: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة:129].

وثمة أمور تعين على التوكل وتقوية في قلب العبد:

1- العلم والتعرُّف على أسماء الله وصفاته وربوبيته وأفعاله.

2- التفكُّر والتأمُّل في كمال علم الله وكمال قدرته وإحاطته بكل شيء.

3- أن يُوقِن العبد ويتفكّر في أن الله وحده هو المتفرِّد بتدبير شؤون الخلق وتصريف أحوالهم.

4- أن يتأمَّل في فضل التوكل وعظيم أثره في تحقق المطالب.

5- أن يعتقد أن الأسباب مهما عظمت وكانت نافعة فإنها لا تنفع ولا تضرّ استقلالاً لأنها مخلوقة ليس بيدها شيء.

6- أن يُحسِن الظن بربه ويُعظِّم الرجاء به.

وثمة أمور تنافي التوكل أو تضعفه في قلب المؤمن:

1- الجهل بأسماء الله وصفاته وقدرته وعِلمه.

2- الاغترار بما أوتي العبد من مالٍ ومنصبٍ وجاهٍ وعلم؛ فيتكل قلبه على هذه الأمور ويُحرَم التوكل.

3- الفتنه بالدنيا والجري وراء الأسباب المادية والمبالغة فيها واعتقاد أنها تحقق المطلوب مطلقاً.

4- الركون إلى الخلق والاعتماد عليهم في قضاء الحاجات.

5- ضعف وازع الإيمان والإعراض عن طاعة الرحمن.

6- الإسراف على النفس بالذنوب والإغراق بالشهوات المحرَّمة.

وإذا اعتمد العبد بكُليَّتِه على الله وأحسن التوكل عليه وبذل وسعه في تعاطي السبب تحقق مطلبه بإذن الله، ولو كان مُقصِّراً في العمل، أو مُتعاطياً سبباً ضعيفاً لا يؤثر أثراً كبيراً في العادة، وكثيراً من فتوحات أهل الإيمان وأحوال الأولياء وقِصصهم العجيبة تشهد لهذا الأصل.


ومن ذلك أيضاً ما ورد في الصحيح في قصة المقترض من بني إسرائيل الذي جعل الله شهيداً في قرضِه فلما حضر الأجل لم يجد مركباً، فوضع المال في خشبة، وألقاه في البحر، وقال: "اللهم إنك تعلم أني كنتُ تسلفتُ من فلان ألف دينار، فسألني كفيلاً، فقلت: كفى بالله كفيلاً فرضي بك، وسألني شهيداً فقلت: كفى بالله شهيداً، فرضي بذلك، وإني جهدت أن أجد مركباً أبعث إليه الذي له فلم أقدر، وإني استودعكها"، فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم وصلت الخشبة إلى المقرِض بإذن الله، لعظم ثقته بالله وحسن توكله..

والمتأمِّل اليوم في حياتنا الاقتصادية، وإعلامنا ومؤسساتنا؛ يجد غياب مفهوم التوكل، أو ضعفه في بعض الأحوال عند خطابنا وتوجيهاتنا في حياتنا المعيشية، وهذا يؤذن بشر ويفوت علينا خيراً كثيراً، بينما كان التوكل شاهداً وحاضراً في حياة الصحابة رضوان الله عليهم.

وفي المسند لأحمد: "أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يسقط السوط من يده فلا يقول لأحد: ناولني إياه، ويقول: إن خليلي أمرني ألا أسأل الناس شيئاً".

إن حُسن توكل العبد على المولى يُورِثه كمال الإيمان، ويجعله غنياً بالله مُتعفِفاً عن كسب الحرام وسؤال الخلق لا ينظر إلى ما في أيدي الناس، ولا تتطلّع نفسه إلى المكاسب الدنيئة والشبهات، كما جاء في الخبر: «وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ...» (متفق عليه).

ولما تصدَّق أبو بكر رضي الله عنه بكل ماله قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «ماذا تركتَ لهم؟» قال: "تركتُ لهم الله ورسوله".

إن المتوكل على الله حق التوكل مطمأنُ البال، ومنشرح الصدر، واثقاً بالله لا يحزن من واقع حاله، ولا يخشى من المستقبل، مُفوِّضاً أمره لله، إن دُعِيَ لطاعة أجاب يتصدَّق من ماله ولو باليسير ويشارك بالخير ويوقن بأن الله سيَخلف عليه خيراً، ويُحسِن له العاقبة. خِلافاً لأهل الدنيا الذين جمعوا الأموال تتناوشهم المخاوف ويخوفهم الشيطان الفقر ويقذف في قلوبهم الوهن والخوف من المستقبل فيبخلون بمال الله ويَحرِمون أنفسهم من الخير: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} [محمد من الآية:38].

والمتوكل على الله شجاع قوي بالله إن سُئِلَ عن علم صدع بالحق، ولم يخشَ إلا الله، وفوض أمره لله، وأيقن أنه لن يصيبه ضر إلا بأمر كتبه الله عليه، فلا يخاف الشيطان وأوليائه متأسِّياً بتوكل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كاده الكفار، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين أُلقِيَ في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران من الآية:173]" (رواه البخارى).

والمتوكلون حقاً في الدنيا هم من السبعين ألفاً في الآخرة الذين يدخلون الجنة بغير حساب وعذاب كما ورد في الصحيحين قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يدخل الجنة من أُمَّتِي سبعون ألفاً بغير حساب هم الذين لا يَسترقون ولا يَكتوون ولا يَتطيَّرون وعلى ربِّهم يَتوكلون».

فينبغي على المؤمن أن يُحسِنَ التوكل بالله في حِلِّه وترحاله، في خوفه وأمنه، في فقرهِ وغناه، في صحتهِ وسقمه، في خلوتهِ وجلوته، في طاعتهِ وعبادته ونُسكهِ وجهاده، وأن يكون حَسَنَ الظن بالله، مستوثقاً بالله، يائساً بما في أيدي الخلق، بل ثقته بالله أعظم بما في يده من الأسباب مُوقِناً تمام اليقين أن ما كُتِبَ له من أَجَلٍ ورزقٍ وسعادةٍ وشقاوةٍ وسرورٍ وغمٍ ويُسرٍ وضُر؛ واقعٌ عليه لا محالة.


خالد بن سعود البليهد











رد مع اقتباس
قديم 2015-06-09, 22:20   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
همسات ايمانية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية همسات ايمانية
 

 

 
الأوسمة
أفضل موضوع في القسم العام 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله

يتبع باذن الله










رد مع اقتباس
قديم 2015-07-31, 10:10   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
همسات ايمانية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية همسات ايمانية
 

 

 
الأوسمة
أفضل موضوع في القسم العام 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
متجدد, الله, ساعة, نؤمن


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:20

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc