الجهة,المكان,الحد,الحيز ,وخزعبلات أخرى هنا تفنيدها - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد > أرشيف قسم العقيدة و التوحيد

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الجهة,المكان,الحد,الحيز ,وخزعبلات أخرى هنا تفنيدها

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-09-20, 22:32   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الخامسة ‏‎:‎‏ قولهم ‏‎:‎‏ لو كان الخالق فوق العرش لكان حامل ‏العرش حاملا لمن فوق العرش فيلزم احتياج الخالق للمخلوق.‏

والرد على هذه الشبهة السفسوطائية من أوجه ‏‎:‎

الأول ‏‎:‎‏ هؤلاء النفاة كثيرا ما يتكلمون بالأوهام والخيالات الفاسدة ويصفون الله بالنقائص ولآفات ‏ويمثلونه بالمخلوقات بل بالناقصات بل بالمعدومات بل بالممتنعات فكل ما يضيفونه إلى أهل الإثبات الذين ‏يصفونه بصفات الكمال وينزهونه عن النقائص والعيوب وأن يكون له في شيء من صفاته كفو أو سمي فما ‏يضيفونه إلى هؤلاء من زعمهم أنهم يحكمون بموجب الوهم والخيال الفاسد أو أنهم يصفون الله بالنقائص ‏والعيوب أو أنهم يشبهونه بالمخلوقات هو بهم أخلق وهو بهم أعلق وهم به أحق فإنك لا تجد أحدا سلب ‏الله ما وصف به نفسه من صفات الكمال إلا وقوله يتضمن لوصفه بما يستلزم ذلك من النقائص والعيوب ‏ولمثيله بالمخلوقات وتجده قد توهم وتخيل أوهاما وخيالات فاسدة غير مطابقة بنى عليها قوله من جنس هذا ‏الوهم والخيال وأنهم يتوهمون ويتخيلون أنه إذا كان فوق العرش محتاجا إلى العرش كما أن الملك إذا كان ‏فوق كرسيه كان محتاجا إلى كرسيه(1),وكما يحتاج الإنسان إلى السطح أوالسرير .وهذا(تشبيه له ‏بالمخلوق الضعيف العاجز الفقير))(2)وقياس فاسد لأن((قياس الله الخالق لكل شيء الغني عن كل شيء الصمد ‏الذي يفتقر إليه كل شيء بالمخلوقات الضعيفة المحتاجة عدل لها برب العالمين ومن عدلها برب العالمين فإنه في ضلال ‏مبين))(3)‏

وهؤلاء الجهمية دائما يشركون بالله ,ويعدلون به,ويضربون له الأمثال(4).فإنه كلامهم هذا وأمثاله عدل ‏بالله,وإشراك به,وجعل أنداد له ,وضرب أمثال له ‏‎:‎فكلامهم في علو الله يوجب لهم أنهم جعلوا مثل هذا ‏العلو ‏‎:‎‏ يجمع من التمثيل لله والعدل به ابتداءا,ومن جحد علوه المستلزم لجحود ذاته انتهاءا,ظانين أن هذا ‏تنزيه لله وتقديس.(5)‏
أولا يعلمون أن الله يحب أن نثبت له صفات الكمال وننفي عنه مماثلة المخلوقات وأنه { ليس كمثله شيء ‏‏} سورة الشورى 11 لا في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله فلا بد من تنزيهه عن النقائص والآفات ومماثلة ‏شيء من المخلوقات وذلك يستلزم إثبات صفات الكمال والتمام التي ليس فيها كفو لذي الجلال ‏والإكرام
وبيان ذلك هنا أن الله مستغن عن كل ما سواه وهو خالق كل مخلوق ولم يصر عاليا على الخلق بشيء من ‏المخلوقات بل هو سبحانه خلق المخلوقات وهو بنفسه عال عليها لا يفتقر في علوه عليها إلى شيء منها ‏كما يفتقر المخلوق إلى ما يعلو عليه من المخلوقات وهو سبحانه حامل بقدرته للعرش ولحملة العرش فإنما ‏أطاقوا حمل العرش بقوته تعالى والله إذا جعل في مخلوق قوة أطاق المخلوق حمل ما شاء أن يحمله من عظمته ‏وغيرها فهو بقوته وقدرته الحامل للحامل والمحمول فكيف يكون مفتقرا إلى شيء وأيضا فالمحمول من العباد ‏بشيء عال لو سقط ذلك العالي سقط هو والله أغنى وأجل وأعظم من أن يوصف بشيء من ذلك(6)‏
قال ابن القيم رحمه الله ‏‎:‎‏ ((واستواؤه وعلوه على عرشه سلام من أن يكون محتاجا إلى ما يحمله أو يستوي عليه بل ‏العرش محتاج إليه وحملته محتاجون إليه فهو الغنى عن العرش وعن حملته وعن كل ما سواه فهو استواء وعلو لا يشوبه حصر ‏ولا حاجة إلى عرش ولا غيره ولا إحاطة شيء به سبحانه وتعالى بل كان سبحانه ولا عرش ولم يكن به حاجة إليه وهو الغني ‏الحميد بل استواؤه على عرشه واستيلاؤه على خلقه من موجبات ملكه وقهره من غير حاجة إلى عرض ولا غيره بوجه ما))(7)‏

وهو السلام على الحقيقة سالم***من كل نقص وتمثيل (8)‏
الوجه الثاني ‏‎:‎لا نسلم أن من حمل العرش يجب أن يحمل ما فوقه إلا أن يكون ما فوقه معتمدا عليه,وإلا ‏فالهواء فوق الأرض وليس محتاجا إليها,وكذلك السحاب فوقها وليس محتاجا إليها, والسماء فوق الأرض ‏وليست محتاجة إليها وكذلك العرش فوق السموات وليس محتاجا إليها فإذا كان كثير من الأمور العالية فوق غيرها ليس محتاجا ‏إليها فكيف يجب أن يكون خالق الخلق الغني الصمد محتاجا إلى ما هو عال عليه وهو فوقه مع أنه هو خالقه وربه ومليكه وذلك ‏المخلوق بعض مخلوقاته مفتقر في كل أموره إليه فإذا كان المخلوق إذا علا على كل شيء غني عنه لم يجب أن يكون محتاجا ‏إليه فكيف يجب على الرب إذا علا على كل شيء من مخلوقاته وذلك الشيء مفتقر إليه أن يكون الله محتاجا إليه؟!))(9)‏.



---------
‏(1)دراء تعارض العقل والنقل(7/19).‏
‏(2) بيان تلبيس الجهمية(2/126).‏
‏(3) بيان تلبيس الجهمية(2/125).‏
‏(4)بيان تلبيس الجهمية-2/126).‏
‏(5)بيان تلبيس الجهمية(2/283) بتصرف يسير.‏
‏(6)درء التعارض(7/19-20).‏
‏(7) بدائع الفوائد(2/136).‏
‏(8)الكافية الشافية(ص247).‏
‏(9) بيان تلبيس الجهمية(2/144).‏








 


قديم 2010-09-20, 22:33   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي الشبهة السادسة

الشبهة السادسة ‏‎:‎‏ لو كان الله في السماء لكان محصورا.



هؤلاء النفاة يوهمون عامة المسلمين أن مقصودهم تنزيه الله عن أن يكون محصورا في بعض المخلوقات,‏‎]‎أو ‏مفتقرا إلى مخلوق‎[‎‏ ,ويفترون الكذب على أهل الإثبات أنهم يقولون ذلك ,كقول بعضهم أنهم يقولون إن ‏الله في جوف السموات,إلى أمثال هذه الأكاذيب التي يفترونها على أهل الإثبات,فيخدعون بذلك جهال ‏الناس,فإذا وقع الاستفصال والاستفسار ,انكشفت الأسرار,وتبين الليل من النهار,وتميز أهل الإيمان ‏واليقين من أهل النفاق المدلسين,الذين لبسوا الحق بالباطل,وكتموا الحق وهم يعلمون(1)‏.

والرد على الشبهة المذكورة أن يقال ‏‎:‎
من توهم أن كون الله في السماء بمعنى أن السماء تحيط به وتحويه فهو كاذب-إن نقله عن غيره-وضال –‏إن اعتقده في ربه-وما سمعنا أحد يفهم هذا من اللفظ,ولا رأينا أحد نقله عن واحد,ولو سئل سائر ‏المسلمين هل تفهمون من قول الله ورسوله(إن الله في السماء))أن السماء تحتويه لبادر كل واحد منهم إلى ‏أن يقول ‏‎:‎‏ هذا شيء لعله لم يخطر ببالنا.‏
وإذا كان الأمر هكذا ‏‎:‎فمن التكلف أن يُجْعَلْ ظاهر اللفظ شيء محال لا يفهمه الناس منه ,ثم يريد أن ‏يتأوله,بل عند الناس(إن الله في السماء) ((وهو على العرش))واحد,إذ السماء إنما يراد بها العلو,وكل ما ‏علا فهو سماء.يقال ‏‎:‎سما يسمو سموا ,أي ‏‎:‎علا يعلو علوا.‏
فإن قيل ‏‎:‎نزل المطر من السماء كان نزوله من السحاب.‏
وإذا قيل ‏‎:‎العرش والجنة في السماء,لا يلزم من ذلك أن يكون العرش داخل السموات,بل ولا الجنة.‏
والسلف والأئمة وسائر علماء السنة إذا قالوا((الله في السماء)),فالمراد بالسماء ما فوق المخلوقات كلها ‏‏,والمعنى ‏‎:‎أن الله في العلو لا في السفل ,وهو العلي الأعلى,فله أعلى العلو,وهو ما فوق العرش,وليس هناك ‏غيره-العلي الأعلى سبحانه وتعالى-((لا يقولون أن هناك شيء يحويه أو يحصره,أو يكون محلا له أو ظرفا ‏ووعاء سبحانه وتعالى عن ذلك بل هو فوق كل شيء,وهو مستغن عن كل شيء وكل شيء مفتقر ‏إليه,وهو عال على كل شيء, وهو الحامل للعرش ولحملة العرش بقوته وقدرته,وكل مخلوق مفتقر إليه ‏وهو غني عن العرش وعن كل مخلوق))(2).فأما أن يكون في جوف السموات فليس هذا قول أهل ‏الإثبات,أهل العلم والسنة,ومن قال بذلك فهو جاهل,كمن يقول ‏‎:‎‏ إن الله ينزل ويبقى العرش فوقه,أو ‏يقول ‏‎:‎إنه يحصره شيء من مخلوقاته,فهؤلاء ضلال,كما أن أهل النفي ضلال(3).‏
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ‏‎:‎‏ وليس معنى قوله‎ : ‎‏﴿‏‎ ‎وهو معكم‎ ‎‏﴾‏‎ ‎أنه مختلط بالخلق ، فإن هذا لا توجبه ‏اللغة ،‎ ‎بل القمر آية من آيات‎ ‎الله من أصغر مخلوقاته ، وهو موضوع في السماء ، وهو مع المسافر وغير المسافر ‏أينما‎ ‎كان‎ .

وهو سبحانه فوق عرشه رقيب على خلقه ، مهيمن عليهم إلى غير ذلك‎ ‎من معاني ربوبيته‎ .

وكل هذا الكلام الذي ذكره الله ــ‎ ‎من أنه فوق العرش وأنه معنا‎ ‎ــ حق على حقيقته ، لا يحتاج إلى‎ ‎تحريف ، ولكن يصان ‏عن الظنون الكاذبة ، مثل أن يُظنّ أن ظاهر قوله‏‎ : ‎‏﴿‏‎ ‎في السماء‎ ‎‏﴾‏‎ ‎أن السماء تظله أو تقله ، وهذا‎ ‎باطل بإجماع أهل ‏العلم والإيمان ، فإن الله قد وسع كرسيه السماوات والأرض ، وهو‎ ‎يمسك السماوات والأرض أن تزولا ، ويمسك ‏السماء أن تقع على الأرض ، إلاّ بإذنه ، ومن‎ ‎آياته أن تقوم السماء والأرض بإذنه,ومن آياته أن تقوم السماء والأرض ‏بأمره(4).‏

فمن يمسك السموات والأرض؟وبأمره تقوم السماء والأرض,وهو الذي يمسكهما أن تزولا ,أيكون محتاجا ‏إليهما مفتقرا إليهما؟.‏
وإذا كان المسلمون يكفرون من يقول ‏‎:‎‏ إن السموات تقله أو تظله,لما في ذلك إلى احتياجه إلى مخلوقاته, ‏فمن قال إنه في استوائه على العرش محتاج إلى العرش كاحتياج المحمول إلى حامله فانه‏‎ ‎كافر ‏لأن الله غنى عن العالمين حي قيوم هو الغنى المطلق وما سواه فقير إليه.فكيف بمن يقول إنه ‏مفتقر إلى السموات والأرض؟فأين حاجته في الحمل إلى العرش,من حاجة ذاته إلى ماهو دون ‏العرش(5)؟ ‏‎!‎
فكيف يُتَوَهَمْ بعد هذا أن خلقا يحصره ويحويه؟ ‏‎!‎‏ وقد قال سبحانه((وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ‏النَّخْلِ))‏‎]‎طه71‏‎[‎‏.,أي((على جذوع النخل)) (((فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ)))‏‎]‎آل عمران137‏‎[‎‏ ‏بمعنى((على الأرض)) ونحو ذلك,وهو كلام عربي حقيقة لا مجازا وهذا يعلمه من عرف حقائق ‏معاني الحروف,وأنها متواطئة في الغالب لا مشتركة(6).


يتبع......
--------------
‏(1)الفتاوى الكبرى(6/353)‏
‏(2)مجموع الفتاوى(16/100-101). ‏
‏(3)درء تعارض العقل والنقل(7/15-16).‏
‏(4)شرح العقيدة الواسطية(ص194-195).‏
‎(5) ‎‏ مجموع الفتاوى(2/187-188).‏
‏(6)الرسالة التدميرية(ص85-89) بتحقيق ‏‎:‎محمود عودة السعودي,وانظر مجموع الفتاوى(5/106).‏











قديم 2010-09-20, 22:35   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة السابعة ‏‎:‎كروية الأرض ‏
قال الرازي رحمه الله ‏‎:‎‏ ((العالم كرة...فلو كان الله في جهة فوق لكان أسفل بالنسبة إلى سكان الوجه ‏الآخر.)).‏انتهى .
وهذا الكلام ((إذا تدبره العاقل تبين له أن القوم يقولون على الله ما لا يعلمون ويقولون على الله غير ‏الحق))(1).‏
وهذه الشبه وأمثالها ((من الخيالات والأوهام الباطلة التي تعارض بها فطرة الله التي فطر الناس عليها ‏والعلوم الضرورية والقصود الضرورية والعلوم البرهانية القياسية والكتب الإلهية والسنن النبوية وإجماع ‏أهل العلم والإيمان من سائر البرية‏‎))(2)‎



((فيقال رداً على هذا الكلام‎ :


أولاً‎ : ‎جهة‎ ‎السماء ثابتة وهي فوق . وجهة الأرض ثابتة وهي تحت ... و لاأحد عاقل يقول أن ‏السماء‎ ‎الآن تحتي أو ستكون تحتي بعد زمن معين.. !! ولو قالها شخص لأتهم في عقله‎ .
ثانيا‎ : ‎أن الآرض تدور حول نفسها وليس حول السماء‎ ‎حتى تكون السماء مرة فوق ومرة تحت‎ .

ثالثا‎ : ‎قولنا ان الله تعالى في السماء لا يعني انه تعالى حال فيها بل له تعالى العلو‎ ‎المطلق و هذا معلوم ‏مشهور من كلام أهل السنة‎

رابعا‎ : ‎يلزم من هذا الكلام ان تكون الملائكة التي في السموات تحت الأرض تارة و‎ ‎بجانب الأرض ‏تارة أخرى ! و معلوم انه ما من عاقل يقول ذلك‎

خامسا‎ : ‎يلزم أيضا ان يكون العرش فوق بعض الناس و تحت البعض‎ ‎الاخر ! و الاشاعرة يقولون ‏بأن العرش هو اعلى الأفلاك‎


قال شيخ الإسلام‎ ‎رحمه الله‎ :
‎" ‎أحدها أن قوله أن الأرض إذا كانت كرة فالجهة التي هي فوق بالنسبة‎ ‎إلى سكان أهل المشرق هي ‏تحت بالنسبة إلى سكان المغرب فلو اختص الباري بشيء من‎ ‎الجهات لكان في جهة التحت بالنسبة ‏إلى بعض الناس يقال له كان الواجب إذا احتجت بما‎ ‎ذكرته من أمر الهيئة تتم ما يقولونه هم وما ‏يعلمه الناس كلهم فإنه لا نزاع بينهم‎ ‎ولا بين أحد من بني آدم أن الأرض هي تحت السماء حيث ‏كانت وأن السماء فوق الأرض حيث‎ ‎كانت وهذا وهم متفقون مع جملة الناس على أن الجهة ‏الشرقية سماؤها وأرضها ليست تحت‎ ‎الغربية ولا الجهة الغربية سماؤها وأرضها تحت الشرقية ومتفقون ‏على جهل من جعل إحدى‎ ‎الجهتين في نفسها فوق الأخرى أو تحتها وذلك يتضح بما قدمناه قبل ‏هذا من أن الجهات‎ ‎نوعان جهات ثابتة لازمة لا تتحول وجهات إضافية نسبية تتبدل وتتحول فأما ‏الأولى وهي‎ ‎الجهة الثابتة اللازمة الحقيقية فهي جهة العلو والسفل فالسماء أبدا في الجهة‎ ‎العالية التي ‏علوها ثابت لازم لايتبدل وكلما علت اتسعت وكلما والأرض أبدا في الجهة‎ ‎السافلة التي سفلوها ‏ثابت لازم لا يتبدل سفلت ضاقت فلهذا كان الأعلا هو الأوسع وكان‎ ‎السفل هو الأضيق ولهذا ‏قابل الله تعالى بين عليين وبين سجين في كتابه فقال (( كلا إن‎ ‎كتاب الأبرار لفي عليين )) وقال (( ‏كلا إن كتاب الفجار لفي سجين )) ولم يقل في سفلين‎ ‎كما لم يقل هناك في وسعين ليبين الضيق ‏والحرج الذي في المكان كما بين سفوله‎ ‎بمقابلته بعليين وبين أيضا سعة عليين بمقابلة سجين فيكون قد ‏دل على العلو والسعة‎ ‎التي للأبرار وعلى السفول والضيق الذي للفجار‎


وأما الجهات الست فقد‎ ‎ذكرنا أنها تقال بالنسبة والاضافة إلى الحيوان وحركته ولهذا تتبدل بتبدل ‏حركته‎ ‎وأعضائه فإذا تحرك إلى المشرق كان المشرق أمامه والمغرب خلفه والجنوب يمينه والشمال‎ ‎شامه وعلى هذا بنيت الكعبة لأن وجهها مستقبل مهب الصبا بين المشرق والشمال وأركانها‎ ‎على ‏الجهات الأربع فالحجر الأسود مستقبل المشرق واليماني مستقبل اليمن والغربي‎ ‎مستقبل الغرب ‏والشامي مستقبل الشام إلى القطب الشمالي وهو محاذ أرض الجزيرة كالرقة‎ ‎وحران ونحوهما ولهذا ‏قال من قال من المصنفين في دلائل القبلة كأبي العباس بن القاص‎ ‎وغيره إن قبلة هذه البلاد أعدل ‏القبل لأن سكانها يستدبرون القطب الشمالي لا يحتاجون‎ ‎أن ينحرفوا عنه إلى المشرق كما يفعل أهل ‏الشام ولا إلى المغرب كما يفعل أهل العراق‎ ‎فالانسان تتبدل جهاته بتبدل حركاتهم مع أن ‏الجهات نفسها لم تختلف أصلا ولم يصر‎ ‎الشرق منها غربيا ولا الغربي شرقيا وكذلك الجهة التي ‏تحاذي رأسه هي علوه والتي‎ ‎تحاذي رجليه هي سفله فإذا كان رجلان في أقصى المشرق منتهى ‏الأرض عند ساحل البحر‎ ‎هناك وفي أقصى المغرب منتهى الأرض عند ساحل البحر هناك فكل منهما ‏تكون السماء فوقه‎ ‎لأنها تحاذي رأسه وكذلك الأرض تحته لأنها تحاذي رجليه كما أن السماء فوق ‏الأرض في‎ ‎نفسها وليس أحد هذين تحت الآخر في نفس الأمر كما أن سجين الذي هو أسفل ‏السافلين‎ ‎تحتهما ولو هبط شيئان ثقيلان من عندهما لانتهى إلى أسفل السافلين وهو سجين لم يلتق‎ ‎ذلك الشيئان الثقيلان لكن لو قدر أن تخرق الأرض فيلتقيان هناك لكانت رجلا أحدهما‎ ‎إلى رجلي ‏الآخر ولو فرض أن أحدهما أخرقت له الأرض حتى يمر في جوفها ويصل إلى الآخر‎ ‎لكانت رجلاه ‏تلاقي رجلي الآخر فبهذا الاعتبار يتخيل كل واحد منهما أن الآخر تحته‎ ‎بمحاذاته ناحية رجليه لكن ‏الحركة السفلية هي إلى أسفل الأرض وقعرها ومن هناك تبقى‎ ‎الحركة صاعدة إلى فوق كحركة ‏الصاعد من الأرض إلى السماء فيكون المتحرك من أسفل‎ ‎الأرض وقعرها إلى ظهرها وعلوها على ‏هذا الوجه كهيئة المعلق برجليه إلى ناحية السماء‎ ‎وذراعيه إلى ناحية الأرض وكهيئة النملة المتحركة ‏تحت السقف والسقف يحاذي رجليها‎ ‎فتصير بهذا الاعتبار السماء تحاذي رجليه والأرض تحاذي رأسه ‏فمن هنا يقال إن السماء‎ ‎تحته والأرض فوقه إذا كان مقلوبا منكوسا فيجتمع من هذا أمران ‏أحدهما أن تكون‎ ‎حركته على خلاف الحركة التي جعلها الله في خلقه والثاني أن تبدل الجهة تبدلا ‏إضافيا‎ ‎لا حقيقيا كما تتبدل اليمين باليسار والأمام بالوراء ومن المعلوم أن المشرق والمغرب‎ ‎لا ‏يتبدلان قط باستقبالهما تارة واستدبارهما أخرى فكيف يتبدل العلو والسفل بتنكيس‎ ‎الانسان وقلبه ‏على رأسه والمحاذاة حينئذ للسماء برجليه والأرض برأسه بل هذا المنكوس‎ ‎يعلم أن السماء فوقه ‏والأرض تحته ونحن لا نمنع أن هذا قد يسمى علوا وسفلا بهذا‎ ‎الاعتبار التقديري الاضافي لكن هذا ‏لا يعتبر الجهة الحقيقية الثابتة وبهذا‎ ‎الاعتبار سمى في هذا الحديث المروي عن أبي هريرة وأبي ذر ‏عن النبي صلى الله عليه‎ ‎وسلم حيث قال فيه لو أدلى أحدكم بحبل لهبط على الله فإنه قدر ضعيف ‏الادلاء وهو‎ ‎ممتنع فسماه هبوطا على هذا التقدير كما لو قلبت رجلا الانسان ورمي إلى ناحية ‏السماء‎ ‎لكن قائما على السماء وإذا ظهر هذا علم أن الله سبحانه لا يكون في الحقيقة قط إلا‎ ‎عاليا‎ .
‎ وذلك يظهر‎ ‎بالوجه الثاني‎ ‎وهو أن يقال‎ ‎هذا الذي ذكرته وارد في جميع الأمور العالية من العرش ‏والكرسي والسموات السبع وما‎ ‎فيهن من الجنة والملائكة والكواكب والشمس والقمر ومن الرياح ‏وغير ذلك فإن هذه‎ ‎الأجسام مستديرة كما ذكرت ومعلوم أنها فوق الأرض حقيقة وإن كان على ‏مقتضى ما ذكرته‎ ‎تكون هذه الأمور دائما تحت قوم كما تكون فوق آخرين وتكون موصوفة ‏بالتحت بالنسبة إلى‎ ‎بعض الناس وهي التحتية التقديرية الاضافية وإن كانت موصوفة بالعلو الحقيقي ‏الثابت‎ ‎كما أنها أيضا عالية بالعلو الإضافي الوجودي دون الإضافي التقديري وإذا كان الأمر‎ ‎كذلك ‏ولم يكن في ذلك من الأحالة إلا ما هو مثلما في هذا ودونه لم يكن في ذلك محذورا‎ ‎فإن المقصود أن ‏الله فوق السموات وهذا ثابت على كل تقدير‎.
‎وهذا يظهر‎ ‎بالوجه الثالث‎ ‎وهو أن يقال هذا الذي ذكرته من هذا الوجه لا يدفع‎ ‎فإنه كما أنه معلوم ‏بالحساب والعقل فإنه ثابت بالكتاب والسنة قال الله تعالى (( هو‎ ‎الأول والآخر والظاهر والباطن )) ‏وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه‎ ‎عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ‏يقول'' أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس‎ ‎بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ‏وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين‎ ‎وأعننا من الفقر فأخبر أنه الظاهر الذي ليس فوقه ‏شيء وأنه الباطن الذي ليس دونه شيء‎ "‎فهذا خبر بأنه ليس فوقه شيء في ظهوره وعلوه على ‏الأشياء وإنه ليس دونه شيء فلا يكون‎ ‎أعظم بطونا منه حيث بطن من الجهة الأخرى من العباد جمع ‏فيها لفظ البطون ولفظ الدون‎ ‎وليس هو لفظ الدون بقوله وأنت الباطن فليس دونك شيء فعلم أن ‏بطونه أوجب أن لا يكون‎ ‎شيء دونه فلا شيء دونه باعتبار بطونه والبطون يكون باعتبار الجهة التي ‏ليست ظاهرة‎ , ‎ولهذا لم يقل أنت السافل ولهذا لم يجئ هذا الاسم الباطن كقوله وأنت الباطن ‏فليس‎ ‎دونك شيء إلا مقرونا بالاسم الظاهر الذي فيه ظهوره وعلوه فلا يكون شيء فوقه لأن‎ ‎مجموع الاسمين يدلان على الاحاطة والسعة وأنه الظاهر فلا شيء فوقه والباطن فلا شيء‎ ‎دونه , لم ‏يقل أنت السافل ولا وصف الله قط بالسفول لا حقيقة ولا مجازا بل قال ليس‎ ‎دونك شيء فأخبر أنه ‏لا يكون شيء دونه هناك كما جاء في الأثر الذي ذكره مالك في‎ ‎الموطأ أنه يقال حسبنا الله وكفى ‏سمع الله لمن دعا ليس وراء الله منتهى فالأمر‎ ‎متناه مداه ولا شيء دونه في معنى اسمه الباطن ليبين أنه ‏ليس يخرج عنه من الوجهين‎ ‎جميعا وذلك لأن ما في هذا المعنى من نفي الجهة شيء دونه هو بالنسبة ‏والاضافة‎ ‎التقديرية وإلا ففي الحقيقة هو عال أيضا من هناك والأشياء كلها تحته , وهذا كما أن‎ ‎الضار والمانع والخافض لا تذكر إلا مقرونة بالنافع المعطي الرافع لأن ما فعله من‎ ‎الضرر والمنع ‏والخفظ فيه حكمة بالغة أوجب أن تكون فيه رحمة واسعة ونعمة سابغة فليس‎ ‎في الحقيقة ضررا عاما ‏وإن كان فيه ضرر فالضرر الاضافي بالنسبه إلى بعض المخلوقات‎ ‎يشبه ما في البطون من كونه ليس ‏تحته شيء وأنه لو أدلى بحبل لهبط عليه فإن الهبوط‎ ‎والتحتية أمر اضافي بالنسبة إلى تقدير حال لبعض ‏المخلوقات هذا في قدره وهذا في فعله‎ ‎وضلال هؤلاء الجهمية في قدره كضلال القدرية في فعله ‏وكلاهما من وصفه ولهذا كانت‎ ‎المعتزلة ضالة في الوجهين جميعا وقد قابلهم بنوع من الضلال بعض ‏أهل الاثبات حتى‎ ‎نفوا ما أثبتته النصوص والله يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم ‏من‎ ‎النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا‎ (3)(( "‎


يتبع..........
-------------
‏(1)الفتاوى الكبرى(6/555).‏
‏(2) درء التعارض(7/21).‏
(3)(من جهل المبتدعة : كروية الأرض و دورانها ينفيان علو الله تعالى ! ) للشيخ المقدادي
https://majles.alukah.net/showthread.php?t=5405










قديم 2010-09-20, 22:39   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الثامنة ‏‎:‎قولهم ‏‎:‎‏ ((لو كان الله فوق العرش للزم أن يكون أكبر من العرش أو أصغر أو مساويا وكل ‏ذلك من المحال)).‏

والجواب على هذه الشبهة ‏‎:
أن هذا المعطل بنى كلامه على لوازم فاسدة تصورها في عقله وخياله فهو لا يرى من الصفات إلا التمثيل ‏والتجسيم أما أهل السنة فإنهم لا يقولون بذلك بل يقولون إن الله(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ‏فلا شك عندهم أن الله أكبر من كل مخلوقاته وهو(العلي الكبير) سبحانه تعالى واستواءه على عرشه قد ‏دلت عليه النصوص الصريحة الصحيحة وهو إستواء يليق بجلاله لا نعلم كيفيته بل نفوضها ,أما هذا المعطل ‏فإنه يخوض في الكيفية بهذه اللوازم الفاسدة ولسان حاله يقول((كيف استوى على العرش وهو أكبر منه)) ‏وهذا هو عين كلام المبتدع الذي زجره الإمام مالك رحمه الله .‏
‏((وحينئذ فإن نفاة العلو هم بين أمرين إن سلموا أنه على العرش مع أنه ليس بجسم ولا متحيز، بطل كل ‏دليل لهم على نفي علوه على عرشه؛ فإنهم إنما بنوا ذلك على أن علوه على العرش مستلزم لكونه جسمًا ‏متحيزًا، واللازم منتف، فينتفي الملزوم؛ فإذا لم تثبت الملازمة لم يكن لهم دليل على النفي، ولا يبقى للنصوص ‏الواردة في الكتاب والسنة بإثبات علوه على العالم ما يعارضها، وهذا هو المطلوب‏.‏

‏‏ وإن قالوا‏:‏ متى قلتم‏:‏ على العرش، لزم أن يكون متحيزًا أو جوهرًا منفردًا، وإثبات العلو على العرش مع نفي التحيز ‏معلوم الفساد بالضرورة‏.‏

‏‏ قيل لهم‏:‏ لا ريب أن هذا القول أقرب إلى المعقول من إثبات موجود لا داخل العالم ولا خارجه؛ فإنا إذا عرضنا على ‏عقول العقلاء قول قائلين‏:‏ أحدهما يقول بوجود موجود خارج لا داخل العالم ولا خارجه، وآخر يقول بوجود موجود ‏خارج العالم وليس بجسم، كان القول الأول أبعد عن المعقول، وكانت الفطرة والضرورة للأول أعظم إنكارًا، فإن كان ‏حكم هذه الفطرة والضرورة مقبولا لزم بطلان الأول، وإن لم يكن مقبولًا لم يجز إنكارهم للقول الثاني، وعلى ‏التقديرين لا يبقى لهم حجة على أنه ليس بخارج العالم، وهو المطلوب‏.‏

‏‏ وهذا تقرير لا حيلة لهم فيه، يبين به تناقض أصولهم، وأنهم يقبلون حكم الفطرة ويردونه بالتشهي والتحكم، بل ‏يردون من أحكام الفطرة والضرورة ما هو أقوى وأبين وأبده للعقول مما يقبلونه‏
.))(1)‏
وقد رد على هذه الشبهة شيخ الإسلام ابن تيمية فقال ‏‎:‎‏ ((أما المعطلون فإنهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاته ‏إلا ما هو اللائق بالمخلوق ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات؛ فقد جمعوا بين التعطيل والتمثيل مثلوا أولا وعطلوا آخرا ‏وهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم وتعطيل لما يستحقه هو سبحانه من ‏الأسماء والصفات اللائقة بالله سبحانه وتعالى‏.‏ فإنه إذا قال القائل‏:‏ لو كان الله فوق العرش للزم إما أن يكون أكبر من ‏العرش أو أصغر أو مساويا وكل ذلك من المحال ونحو ذلك من الكلام‏:‏ فإنه لم يفهم من كون الله على العرش إلا ما يثبت ‏لأي جسم كان على أي جسم كان وهذا اللازم تابع لهذا المفهوم‏.‏ إما استواء يليق بجلال الله تعالى ويختص به فلا يلزمه ‏شيء من اللوازم الباطلة التي يجب نفيها كما يلزم من سائر الأجسام وصار هذا مثل قول المثل‏:‏ إذا كان للعالم صانع فإما ‏أن يكون جوهرا أو عرضا‏.‏ وكلاهما محال؛ إذ لا يعقل موجود إلا هذان‏.‏ وقوله‏:‏ إذا كان مستويا على العرش فهو مماثل ‏لاستواء الإنسان على السرير أو الفلك؛ إذ لا يعلم الاستواء إلا هكذا فإن كليهما مثل وكليهما عطل حقيقة ما وصف الله به ‏نفسه وامتاز الأول بتعطيل كل اسم للاستواء الحقيقي وامتاز الثاني بإثبات استواء هو من خصائص المخلوقين‏.‏ والقول ‏الفاصل‏:‏ هو ما عليه الأمة الوسط؛ من أن الله مستو على عرشه استواء يليق بجلاله ويختص به فكما أنه موصوف بأنه ‏بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه سميع بصير ونحو ذلك‏.‏ ولا يجوز أن يثبت للعلم والقدرة خصائص الأعراض ‏التي لعلم المخلوقين وقدرتهم فكذلك هو سبحانه فوق العرش ولا يثبت لفوقيته خصائص فوقية المخلوق على المخلوق ‏ولوازمها‏.‏ واعلم أنه ليس في العقل الصريح ولا في شيء من النقل الصحيح ما يوجب مخالفة الطريق السلفية أصلا‏‎))‎‏2).‏



يتبع..........
-------------
‏(1)مجموع الفتاوى(5/285).‏
‏(2) مجموع الفتاوى(5/28).‏









قديم 2010-09-20, 22:41   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة التاسعة ‏‎:‎يستدل المشتغلون بعلم الكلام بقول النبي صلى الله عليه وسلم ‏‎:‎‏ ((إذا قام أحدكم إلى الصلاة ,فإن الله قبل ‏وجهه ,فلا يبصق قبل وجهه))(1) على نفي العلو.‏


الرد ‏‎:‎
لا تعارض بين هذا وبين علو الله تعالى على خلقه . ‏
لهذا قال ابن عبد البر تعليقا على الحديث((وقد نزع بهذا الحديث بعض من ذهب مذهب المعتزلة في أن الله عزوجل في ‏كل مكان ,وليس على العرش,وهذا جدل من قائله))(2).‏
وقد رد على الشبهة شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (5/101) : ‏
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : ( إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ فَلا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ ) حَقٌّ عَلَى ظَاهِرِهِ ، ‏وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَهُوَ قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي ; بَلْ هَذَا الْوَصْفُ يَثْبُتُ لِلْمَخْلُوقَاتِ . فَإِنَّ الإِنْسَانَ لَوْ أَنَّهُ يُنَاجِي السَّمَاءَ ‏أَوْ يُنَاجِي الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَكَانَتْ السَّمَاءُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَوْقَهُ وَكَانَتْ أَيْضًا قِبَلَ وَجْهِهِ اهـ . ‏
وقال أيضاً (5/672) : ‏
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَ إلَى الْقَمَرِ وَخَاطَبَهُ - إذَا قُدِّرَ أَنْ يُخَاطِبَهُ - لا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ إلا بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ ، فَهُوَ ‏مُسْتَقْبِلٌ لَهُ بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ . . . فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ وَهُوَ فَوْقَهُ ، فَيَدْعُوهُ مِنْ تِلْقَائِهِ لا ‏مِنْ يَمِينِهِ وَلا مِنْ شِمَالِهِ ، وَيَدْعُوهُ مِنْ الْعُلُوِّ لا مِنْ السُّفْلِ اهـ ‏
وقال الشيخ ابن عثيمين : ‏
الدليل على أن الله قبل وجه المصلي : ‏
قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه ) . ‏
وهذه المقابلة ثابتة لله حقيقة على الوجه اللائق به ولا تنافي علوه والجمع بينهما من وجهين : ‏
‏1- أن الاجتماع بينهما ممكن في حق المخلوق كما لو كانت الشمس عند طلوعها فإنها قبل وجه من استقبل المشرق ‏وهي في السماء فإذا جاز اجتماعهما في المخلوق فالخالق أولى . ‏
‏2- أنه لو لم يمكن اجتماعهما في حق المخلوق فلا يلزم أن يمتنع في حق الخالق لأن الله ليس كمثله شئ
. اهـ "فتاوى ‏ابن عثيمين" (4/287) .‏


يتبع.......
-----------------------
‏(1)رواه البخاري(406و753 و1213و6111) ومسلم(547).‏
‏(2)التمهيد(14/157).‏









قديم 2010-09-20, 22:45   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شبهة العاشرة ‏‎:‎‏ يستدل المشتغلون بعلم الكلام بقول النبي صلى الله عليه وسلم((أنت الظاهر فليس فوقك شيء,وأنت ‏الباطن فليس دونك شيء))(1) على نفي علو الله .‏

وهذا الإستدلال باطل من وجهين ‏‎:‎
الأول ‏‎:‎‏ قول النبي صلى الله عليه وسلم((أنت الظاهر فليس فوقك شيء,وأنت الباطن فليس دونك شيء))إثبات صريح ‏لفوقية الله على كل شيء,ونفيها عن كل شيء,فإن الظاهر معناه ‏‎:‎‏ هو العالي فوق كل شيء فلا شيء أعلى منه .وهذا غاية ‏الكمال في العلو أن لا يكون فوق العالي شيء موجود ,والله موصوف بذلك(2)‏



وكل شيء علا شيء فقد ظهر ,قال الله عزوجل((فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا))الكهف‎]97[‎
أي يعلو عليه(3).‏

ومنه قوله تعالى((وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ))‏‎]‎المعارج33‏‎[‎‏ أي يرتفعون ويصعدون ويعلون عليه(أي على ‏الدرج).‏
وقال تعالى ‏‎:‎‏ ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) ‏‎]‎التوبة33‏‎[‎‏ أي ليعليه ,ومه ظهر الدابة ,لأنه عالى عليها.‏
ويقال ‏‎:‎‏ ظهر الخطيب على المنبر ,وظاهر الثوب أعلاه,بخلاف بطانته.وكذلك ظاهر البيت أعلاه.وظاهر ‏القول ماظهر منه وبان .وظاهر الإنسان خلاف باطنه ,فكلما علا الشيء ظهر(4).‏


قال ابن القيم رحمه الله ‏‎:‎‏ ‏
والظاهر العالي الذي ما فوقه ***** شيء كما قد قال ذو البرهان
‏ حقا رسول الله ذا تفسيره ***** ولقد رواه مسلم بضمان
‏ فاقبله لا تقبل سواه من التفا ***** سير التي قيلت بلا برهان
‏ والشيء حين يتم منه علوه ***** فظهوره في غاية التبيان
‏أو ما ترى هذي السما وعلوها ***** وظهورها وكذلك القمران(
5)‏

الوجه الثاني ‏‎:‎‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏‎:‎‏ ((وأنت الباطن فليس دونك شيء)) ولم يقل ‏‎:‎‏ ((فليس تحتك ‏شيء)).‏
والمعنى ‏‎:‎‏ ليس دون الله شيء,لا أحد يدبر دون الله,لا أحد ينفرد بشيء دون الله,ولا أحد يخفى على الله,كل ‏شيء فالله محيط به,ولهذا قال ‏‎:‎‏ (ليس دونك شيء)) يعني ‏‎:‎‏ لا يحول دونك شيء ,ولا يمنع دونك شيء,ولا ينفع ‏ذا الجد منك الجد.....وهكذا(6)‏
قال ابن جرير : (( والباطن )) يقول : وهو الباطن لجميع الأشياء ، فلا شيء أقرب إلى‎ ‎شيء منه ‏، كما قال : (( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد‎ )) .

وقال الخطابي‎ : (( ‎الباطن )) هو المحتجب عن أبصار الخلق ، وهو الذي لايستولي عليه توهم ‏الكيفية ،‎ ‎وقد يكون معنى الظهور والبطون احتجابه عن أبصار الناظرين ، وتجليه لبصائر ‏المتفكرين‎ ‎، ويكون معناه : العالم بما ظهر من الأمور ، والمطلع على ما بطن من الغيوب‎ .

قال ابن القيم : وهو تبارك وتعالى كما أنه العالي على خلقه بذاته فليس‎ ‎فوقه شيء ، فهو (الباطن) ‏بذاته فليس دونه شيء ، بل ظهر على كل شيء فكان فوقه ، وبطن‎ ‎فكان أقرب إلى كل شيء من ‏نفسه .... وبطونه سبحانه إحاطته بكل شيء بحيث يكون أقر ب‎ ‎إليه من نفسه .. فما من ظاهر إلا ‏والله فوقه ، وما من باطن إلا والله دونه ... وعلا‎ ‎كل شيء بظهوره ، ودنا من كل شيء ببطونه ، ‏فلا توارى منه سماءٌ سماءً ولا أرضٌ أرضاً‎ ‎، ولا يحجب عنه ظاهر باطناً ، بل الباطن له ظاهر ‏، والغيب عنده شهادة ، والبعيد منه‎ ‎قريب والسر عنده علانية‎ .‎




يتبع.........


---------
‏(1)رواه مسلم(2713).‏
‏(2)درء التعارض(7/11).‏
‏(3)التمهيد(8/97).‏
‏(4)مجموع الفتاوى(5/244).‏
‏(5) الكافية الشافية(ص113-114).‏
‏(6) شرح العقيدة الواسطية للعلامة العثيمين رحمه الله .‏









 

الكلمات الدلالية (Tags)
الغلو, شبهات, عليها, والرد, واعتراضات


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:30

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc