ارجوكم اجيبوني الله يخليكم - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ارجوكم اجيبوني الله يخليكم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-09-06, 15:18   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
Ilhem daystar
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية Ilhem daystar
 

 

 
إحصائية العضو










M001 جامع البيان للطبري

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يَعْنِي جَلَّ ثناؤُهُ بِقَوْلِهِ : لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِلَّهِ مُلْكُ كُلِّ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ ، وَإِلَيْهِ تَدْبِيرُ جَمِيعِهِ ، وَبِيَدِهِ صَرْفُهُ وَتَقْلِيبُهُ ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ مُدَبِّرُهُ وَمَالِكُهُ وَمُصَرِّفُهُ ، وَإِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ كِتْمَانَ الشُّهُودِ الشَّهَادَةَ ، يَقُولُ : لَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ أَيُّهَا الشُّهُودُ ، وَمَنْ يَكْتُمْهَا يَفْجُرْ قَلْبُهُ ، وَلَنْ يَخْفَى عَلَيَّ كِتْمَانُهُ ، وَذَلِكَ لِأَنِّي بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ، وَبِيَدِي صَرْفُ كُلِّ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمُلْكُهُ ، أَعْلَمُهُ خَفِيَّ ذَلِكَ وَجَلِيَّهُ ، فَاتَّقُوا عِقَابِي إِيَّاكُمْ عَلَى كِتْمَانِكُمُ الشَّهَادَةَ . وَعِيدًا مِنَ اللَّهِ بِذَلِكَ مَنْ كَتَمَهَا وَتَخْوِيفًا مِنْهُ لَهُ بِهِ ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ عَمَّا هُوَ فَاعِلٌ بِهِمْ فِي آخِرَتِهِمْ وَبِمَنْ كَانَ مِنْ نُظَرَائِهِمْ مِمَّنِ انْطَوَى كُشْحًا عَلَى مَعْصِيَةٍ فَأَضْمَرَهَا ، أَوْ أَظْهَرَ مُوبِقَةً فَأَبْدَاهَا مِنْ نَفْسِهِ مِنَ الْمُحَاسَبَةِ عَلَيْهَا ، فَقَالَ : وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يَقُولُ : وَإِنْ تُظْهِرُوا فِيمَا عِنْدَكُمْ مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَى حَقِّ رَبِّ الْمَالِ الْجُحُودَ وَالْإِنْكَارَ ، أَوْ تُخْفُوا ذَلِكَ فَتُضْمِرُوهُ فِي أَنْفُسِكُمْ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ سَيِّئِ أَعْمَالِكُمْ ، يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ : يَحْتَسِبُ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ أَعْمَالِهِ ، فَيُجَازِي مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ مِنَ الْمُسِيئِينَ بِسُوءِ عَمَلِهِ ، وَغَافِرٌ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ مِنَ الْمُسِيئِينَ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَا عَنَى بِقَوْلِهِ : وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ عَنَى بِهِ الشُّهُودَ فِي كِتْمَانِهِمُ الشَّهَادَةَ ، وَأَنَّهُ لَاحِقٌ بِهِمْ كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ نُظَرَائِهِمْ مِمَّنْ أَضْمَرَ مَعْصِيَةً أَوْ أَبْدَاهَا

5884 ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثَنِي أَبُو زَائِدَةَ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو نُفَيْلٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ : وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ يَقُولُ : " يَعْنِي فِي الشَّهَادَةِ "
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيدُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ : وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ " يَعْنِي كِتْمَانَ الشَّهَادَةِ وَإِقَامَتَهَا عَلَى وَجْهِهَا " وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِعْلَامًا مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِبَادَهُ أَنَّهُ مُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسِبَتْهُ أَيْدِيهِمْ وَحَدَّثَتْهُمْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ مِمَّا لَمْ يَعْمَلُوهُ ، ثُمَّ اخْتَلَفَ مُتَأَوِّلُو ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ
حَدَّثَنِي أَبُو الرَّدَّادٍ الْمِصْرِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، قَالَ : ثنا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، يَقُولُ : قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مَرْجَانَةَ ، قَالَ : جِئْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُمَرَ : لَئِنْ أُخِذْنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ لَنُهْلَكَنَّ ثُمَّ بَكَى ابْنُ عُمَرَ حَتَّى سَالَتْ دُمُوعُهُ ، قَالَ : ثُمَّ جِئْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا عَبَّاسٍ ، إِنِّي جِئْتُ ابْنَ عُمَرَ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ الْآيَةَ ، ثُمَّ قَالَ : لَئِنْ أُخِذْنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ لَنُهْلَكَنَّ ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعُهُ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : " يَغْفِرُ اللَّهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لَقَدْ فَرِقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا كَمَا فَرِقَ ابْنُ عُمَرَ مِنْهَا " فَأَنْزَلَ اللَّهُ : لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ فَنَسَخَ اللَّهُ الْوَسْوَسَةَ ، وَأَثْبَتَ الْقَوْلَ وَالْفِعْلَ



الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلَّ شَيْءٍ قَدِيرٍ
يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ
إِلَى غَيْرِهِ ، فَنُبَدِّلُهُ وَنُغَيِّرُهُ . وَذَلِكَ أَنْ يُحَوِّلَ الْحَلَالَ حَرَامًا وَالْحَرَامَ حَلَالًا ، وَالْمُبَاحَ مَحْظُورًا وَالْمَحْظُورَ مُبَاحًا ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْحَظْرِ وَالِإْطَلَاقِ وَالْمَنْعِ وَالْإِبَاحَةِ ، فَأَمَّا الْأَخْبَارُ فَلَا يَكُونُ فِيهَا نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ . وَأَصْلُ النَّسْخِ مِنْ " نَسَخَ الْكِتَابَ " وَهُوَ نَقَلَهُ مِنْ نُسْخَةٍ إِلَى أُخْرَى غَيْرَهَا ، فَكَذَلِكَ مَعْنَى نَسَخَ الْحُكْمَ إِلَى غَيْرِهِ إِنَّمَا هُوَ تَحْوِيلُهُ وَنَقْلُ عِبَارَتِهِ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى نَسْخِ الْآيَةِ فَسَوَاءٌ - إِذَا نُسِخَ حُكْمُهَا فَغُيِّرَ وَبُدِّلَ فَرْضُهَا وَنُقِلَ فَرْضُ الْعِبَادِ عَنِ اللَّازِمِ كَانَ لَهُمْ بِهَا - أَأُقِرَّ خَطُّهَا فَتُرِكَ ، أَوْ مُحِيَ أَثَرُهَا ، فَعُفِيَ وَنُسِيَ ، إِذْ هِيَ حِينَئِذٍ فِي كِلْتَا حَالَتَيْهَا مَنْسُوخَةٌ . وَالْحُكْمُ الْحَادِثُ الْمُبْدَلُ بِهِ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَالْمَنْقُولُ إِلَيْهِ فَرْضُ الْعِبَادِ هُوَ النَّاسِخُ ، يُقَالُ مِنْهُ : نَسَخَ اللَّهُ آيَةَ كَذَا وَكَذَا يَنْسَخُهُ نَسْخًا ، وَالنُّسْخَةُ الِاسْمُ . وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ

1588 حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ ، قَالَ : ثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، قَالَ : ثَنَا عَوْفٌ ، عَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّهُ قَالَ : " فِي قَوْلِهِ : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا قَالَ : إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُقْرِئَ قُرْآنًا ثُمَّ نَسِيَهُ فَلَا يَكُنْ شَيْئًا ، وَمِنَ الْقُرْآنِ مَا قَدْ نُسِخَ وَأَنْتُمْ تَقْرَءُونَهُ " اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ : مَا نَنْسَخْ

1589 فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَا حَدَّثَنِي بِهِ ، مُوسَى بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَمَّارٍ ، قَالَ : ثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ : " مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَمَّا نَسْخُهَا فَقَبْضُهَا "

1590 وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا حَدَّثَنِي بِهِ الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : " قَوْلُهُ : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ يَقُولُ : مَا نُبَدِّلُ مِنْ آيَةٍ "

1591 وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا عِيسَى ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُمْ قَالُوا : " مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ نُثْبِتُ خَطَّهَا وَنُبَدِّلُ حُكْمَهَا "

1592 وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : ثَنَا شِبْلٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ : " مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ نُثْبِتُ خَطَّهَا ، وَنُبَدِّلُ حُكْمَهَا ، حُدِّثْتُ بِهِ عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ "

1593 حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا إِسْحَاقُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ شَوْذَبٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ : " مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ نُثْبِتُ خَطَّهَا "

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : أَوْ نُنْسِهَا
اخْتَلَفَتِ الْقِرَاءَةُ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ ، فَقَرَأَهَا قُرَّاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ : أَوْ نُنْسِهَا وَلِقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ وَجْهَانِ مِنَ التَّأْوِيلِ ، أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُهُ : مَا نَنْسَخْ يَا مُحَمَّدُ مِنْ آيَةٍ فَنُغَيِّرُ حُكْمَهَا أَوْ نُنْسِهَا . وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهَا فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ : " مَا نُنْسِكَ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَخُهَا نَجِيءُ بِمِثْلِهَا " فَذَلِكَ تَأْوِيلُ النِّسْيَانِ . وَبِهَذَا التَّأْوِيلِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ

1594 ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ ، قَالَ : ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، قَالَ : ثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ : " قَوْلُهُ : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا كَانَ يُنْسَخُ الْآيَةُ بِالْآيَةِ بَعْدَهَا ، وَيَقْرَأُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآيَةَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ تُنْسَى وَتُرْفَعُ "

1595 حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ : " فِي قَوْلِهِ : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا قَالَ : كَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ يُنْسِي نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ وَيَنْسَخُ مَا شَاءَ "

1596 حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : ثَنَا شِبْلٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : كَانَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقُولُ : " نُنْسِهَا نَرْفَعُهَا مِنْ عِنْدِكُمْ "

1597 حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : ثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، قَالَ : ثَنَا عَوْفٌ ، عَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّهُ قَالَ : " فِي قَوْلِهِ : أَوْ نُنْسِهَا قَالَ : إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُقْرِئَ قُرْآنًا ، ثُمَّ نَسِيَهُ " وَكَذَلِكَ كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَتَأَوَّلُ الْآيَةَ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا : أَوْ تُنْسَهَا بِمَعْنَى الْخِطَابِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَأَنَّهُ عَنَى أَوْ تَنْسَهَا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ

1598 ذِكْرُ الْأَخْبَارِ بِذَلِكَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : ثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ، يَقُولُ : " ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ تَنْسَهَا ) قُلْتُ لَهُ : فَإِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقْرَؤُهَا : " أَوْ تُنْسَهَا " قَالَ : فَقَالَ سَعْدٌ : إِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى الْمُسَيِّبِ وَلَا عَلَى آلِ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ اللَّهُ : سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ " حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : ثَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ ، قَالَ : ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ قَانِفٍ الثَّقَفِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ، يَذْكُرُ نَحْوَهُ

1599 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَآدَمَ الْعَسْقَلَانِيُّ قَالَا جَمِيعًا ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ رَبِيعَةَ الثَّقَفِيَّ ، يَقُولُ : " قُلْتُ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ : إِنِّي سَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ ، يَقْرَأُ : " مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ تُنْسَهَا " فَقَالَ سَعْدٌ : إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلِ الْقُرْآنَ عَلَى الْمُسَيِّبِ وَلَا عَلَى ابْنِهِ ، إِنَّمَا هِيَ : ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ تَنْسَهَا ) يَا مُحَمَّدُ . ثُمَّ قَرَأَ : سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ "

1600 حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا إِسْحَاقُ ، قَالَ : ثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الرَّبِيعِ : " فِي قَوْلِهِ : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا يَقُولُ : نُنْسِهَا : نَرْفَعُهَا ؛ وَكَانَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْزَلَ أُمُورًا مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ رَفَعَهَا " وَالْوَجْهُ الْآخَرُ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى التَّرْكِ ، مِنْ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ يَعْنِي بِهِ تَرَكُوا اللَّهَ فَتَرَكَهُمْ . فَيَكُونُ تَأْوِيلُ الْآيَةِ حِينَئِذٍ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ فَنُغَيِّرُ حُكْمَهَا وَنُبَدِّلُ فَرْضَهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنَ الَّتِي نَسَخْنَاهَا أَوْ مِثْلَهَا . وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ تَأَوَّلَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ

1601 ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : " فِي قَوْلِهِ : أَوْ نُنْسِهَا يَقُولُ : أَوْ نَتْرُكُهَا لَا نُبَدِّلُهَا "

1602 حَدَّثَنِي مُوسَى ، قَالَ : ثَنَا عَمْرٌو ، قَالَ : ثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ : " قَوْلُهُ : أَوْ نُنْسِهَا نَتْرُكُهَا لَا نَنْسَخُهَا "

1603 حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : ثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ ، عَنِ الضَّحَّاكِ : " فِي قَوْلِهِ : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا قَالَ : النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ "

1604 قَالَ : وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ ، يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ : " فِي قَوْلِهِ : نُنْسِهَا نَمْحُهَا " وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ : ( أَوْ نَنْسَأْهَا ) بِفَتْحِ النُّونِ وَهَمْزَةٍ بَعْدَ السِّينِ بِمَعْنَى نُؤَخِّرُهَا ، مِنْ قَوْلِكَ : نَسَأْتُ هَذَا الْأَمْرَ أَنْسَؤُهُ نَسْأً وَنَسَاءً إِذَا أَخَّرْتُهُ ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ : بِعْتُهُ بِنَسَاءٍ ، يَعْنِي بِتَأْخِيرٍ . وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ : لَعَمْرُكَ إِنَّ الْمَوْتَ مَا أَنْسَأَ الْفَتَى لَكَالطِّوَلِ الْمُرْخَى وَثِنْيَاهُ بِالْيَدِ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ أَنْسَأَ : أَخَّرَ . وَمِمَّنْ قَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، وَقَرَأَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ ، وَتَأَوَّلَهُ كَذَلِكَ جِمَاعٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ

1605 ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَا : ثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ : " فِي قَوْلِهِ : ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا ) قَالَ : نُؤَخِّرُهَا "

1606 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا عِيسَى ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ : " يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ : ( أَوْ نَنْسَأْهَا ) قَالَ : نُرْجِئُهَا "

1607 حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : ثَنَا شِبْلٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ : " ( أَوْ نَنْسَأْهَا ) نُرْجِئُهَا وَنُؤَخِّرُهَا "

1608 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَهْوَازِيُّ ، قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، قَالَ : ثَنَا فُضَيْلٌ ، عَنْ عَطِيَّةَ : " ( أَوْ نَنْسَأْهَا ) قَالَ : نُؤَخِّرُهَا فَلَا نَنْسَخُهَا "

1609 حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْنُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ ، عَنْ عُبَيْدٍ الْأَزْدِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، " ( أَوْ نَنْسَأْهَا ) إِرْجَاؤُهَا وَتَأْخِيرُهَا "

1610 هَكَذَا حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ عُبَيْدٍ الْأَزْدِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، " أَنَّهُ قَرَأَهَا : ( نَنْسَأْهَا ) " قَالَ : فَتَأْوِيلُ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ : مَا نُبَدِّلُ مِنْ آيَةٍ أَنْزَلْنَاهَا إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ ، فَنُبْطِلُ حُكْمَهَا وَنُثْبِتُ خَطَّهَا ، أَوْ نُؤَخِّرُهَا فَنُرْجِئُهَا وَنُقِرُّهَا فَلَا نُغَيِّرُهَا وَلَا نُبْطِلُ حُكْمَهَا ؛ نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا . وَقَدْ قَرَأَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ : ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ تُنْسَهَا ) وَتَأْوِيلُ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ نَظِيرُ تَأْوِيلِ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ أَوْ نُنْسِهَا إِلَّا أَنَّ مَعْنَى " أَوْ تُنْسَهَا " أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ . وَقَدْ قَرَأَ بَعْضُهُمْ : ( مَا نُنْسِخْ مِنْ آيَةٍ ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ السِّينِ ، بِمَعْنَى : مَا نُنْسِخُكَ يَا مُحَمَّدُ نَحْنُ مِنْ آيَةٍ ، مِنْ أَنْسَخْتُكَ فَأَنَا أُنْسِخُكَ . وَذَلِكَ خَطَأٌ مِنَ الْقِرَاءَةِ عِنْدَنَا لِخُرُوجِهِ عَمَّا جَاءَتْ بِهِ الْحُجَّةُ مِنَ الْقِرَاءَةِ بِالنَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ . وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ " تُنْسَهَا " ( أَوْ تَنْسَهَا ) لِشُذُوذِهَا وَخُرُوجِهَا عَنِ الْقِرَاءَةِ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا الْحُجَّةُ مِنْ قُرَّاءِ الْأُمَّةِ . وَأَوْلَى الْقِرَاءَاتِ فِي قَوْلِهِ : أَوْ نُنْسِهَا بِالصَّوَابِ مَنْ قَرَأَ : أَوْ نُنْسِهَا بِمَعْنَى نَتْرُكُهَا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَهْمَا بَدَّلَ حُكْمًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ لَمْ يُبَدِّلْهُ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ ، فَهُوَ آتِيهِ بِخَيْرٍ مِنْهُ أَوْ بِمِثْلِهِ . فَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالْآيَةِ إِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهَا ، أَنْ يَكُونَ إِذْ قَدِمَ الْخَبَرُ عَمَّا هُوَ صَانِعٌ إِذَا هُوَ غَيَّرَ وَبَدَّلَ حُكْمَ آيَةٍ أَنْ يُعَقِّبَ ذَلِكَ بِالْخَبَرِ عَمَّا هُوَ صَانِعٌ ، إِذَا هُوَ لَمْ يُبَدِّلْ ذَلِكَ وَلَمْ يُغَيِّرْ . فَالْخَبَرُ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَقِيبَ قَوْلِهِ : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ قَوْلُهُ : أَوْ نَتْرُكُ نَسْخَهَا ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ الْمَعْرُوفُ الْجَارِي فِي كَلَامِ النَّاسِ . مَعَ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ بِالْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْتُ ، فَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى مَعْنَى الْإِنْسَاءِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى التَّرْكِ ، وَمَعْنَى النَّسَاءِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى التَّأْخِيرِ ، إِذْ كَانَ كُلُّ مَتْرُوكٍ فَمُؤَخَّرٌ عَلَى حَالِ مَا هُوَ مَتْرُوكٌ . وَقَدْ أَنْكَرَ قَوْمٌ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ : " أَوْ تُنْسَهَا " إِذَا عُنِيَ بِهِ النِّسْيَانُ ، وَقَالُوا : غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسِيَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا مِمَّا لَمْ يُنْسَخْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَسِيَ مِنْهُ شَيْئًا ثُمَّ ذَكَرَهُ . قَالُوا : وَبَعْدُ ، فَإِنَّهُ لَوْ نَسِيَ مِنْهُ شَيْئًا لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ قَرَءُوهُ وَحَفِظُوهُ مِنْ أَصْحَابِهِ بِجَائِزٍ عَلَى جَمِيعِهِمْ أَنْ يَنْسَوْهُ . قَالُوا : وَفِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مَا يُنْبِئُ عَنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَمْ يُنْسِ نَبِيَّهُ شَيْئًا مِمَّا آتَاهُ مِنَ الْعِلْمِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا قَوْلٌ يَشْهَدُ عَلَى بُطُولِهِ وَفَسَادِهِ الْأَخْبَارُ الْمُتَظَاهِرَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا

1611 حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : " أَنَّ أُولَئِكَ السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَرَأْنَا بِهِمْ وَفِيهِمْ كِتَابًا : " بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا " ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ " فَالَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْرَءُونَ : " لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى لَهُمَا ثَالِثًا ، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ " ثُمَّ رُفِعَ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي يَطُولُ بِإِحْصَائِهَا الْكِتَابُ . وَغَيْرُ مُسْتَحِيلٍ فِي فِطْرَةِ ذِي عَقْلٍ صَحِيحٍ وَلَا بِحُجَّةٍ خَبَرٍ أَنْ يُنْسِيَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ مَا قَدْ كَانَ أَنْزَلَهُ إِلَيْهِ . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ ، فَغَيْرُ جَائِزٍ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ فَإِنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يُخْبِرْ أَنَّهُ لَا يَذْهَبُ بِشَيْءٍ مِنْهُ ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَذَهَبَ بِجَمِيعِهِ ، فَلَمْ يَذْهَبْ بِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ؛ بَلْ إِنَّمَا ذَهَبَ بِمَا لَا حَاجَةَ بِهِمْ إِلَيْهِ مِنْهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ مَا نُسِخَ مِنْهُ فَلَا حَاجَةَ بِالْعِبَادِ إِلَيْهِ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُنْسِي نَبِيَّهُ مِنْهُ مَا شَاءَ ، فَالَّذِي ذَهَبَ مِنْهُ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ اللَّهُ . فَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّمَا اخْتَرْنَا مَا اخْتَرْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ طَلَبَ اتِّسَاقِ الْكَلَامِ عَلَى نِظَامٍ فِي الْمَعْنَى ، لَا إِنْكَارٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ كَانَ أَنْسَى نَبِيَّهُ بَعْضَ مَا نَسَخَ مِنْ وَحْيهِ إِلَيْهِ وَتَنْزِيلِهِ

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا
اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ : نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا

1612 فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَا حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : " نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا يَقُولُ : خَيْرٌ لَكُمْ فِي الْمَنْفَعَةِ وَأَرْفَقُ بِكُمْ "

1613 وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا حَدَّثَنِي بِهِ الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ : " فِي قَوْلِهِ : نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا يَقُولُ : آيَةٌ فِيهَا تَخْفِيفٌ ، فِيهَا رَحْمَةٌ ، فِيهَا أَمْرٌ ، فِيهَا نَهْيٌ " وَقَالَ آخَرُونَ : نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنَ الَّتِي نَسَخْنَاهَا ، أَوْ بِخَيْرٍ مِنَ الَّتِي تَرَكْنَاهَا فَلَمْ نَنْسَخْهَا

1614 ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرٌو ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ : " نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا يَقُولُ : نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنَ الَّتِي نَسَخْنَاهَا أَوْ مِثْلِهَا أَوْ مِثْلِ الَّتِي تَرَكْنَاهَا " فَالْهَاءُ وَالْأَلِفُ اللَّتَانِ فِي قَوْلِهِ : مِنْهَا عَائِدَتَانِ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ عَلَى الْآيَةِ فِي قَوْلِهِ : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ وَالْهَاءُ وَالْأَلِفُ اللَّتَانِ فِي قَوْلِهِ : أَوْ مِثْلِهَا عَائِدَتَانِ عَلَى الْهَاءِ وَالْأَلِفِ اللَّتَيْنِ فِي قَوْلِهِ : أَوْ نُنْسِهَا

1615 وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا حَدَّثَنِي بِهِ الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شِبْلٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : كَانَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقُولُ : " نُنْسِهَا نَرْفَعُهَا مِنْ عِنْدِكُمْ ، نَأْتِ بِمِثْلِهَا أَوْ خَيْرٍ مِنْهَا "

1616 حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الرَّبِيعِ : " أَوْ نُنْسِهَا نَرْفَعُهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ بِمِثْلِهَا " وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ شَوْذَبٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، مِثْلَهُ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا : مَا نُبَدِّلُ مِنْ حُكْمِ آيَةٍ فَنُغَيِّرُهُ أَوْ نَتْرُكُ تَبْدِيلَهُ فَنُقِرُّهُ بِحَالِهِ ، نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا لَكُمْ مِنْ حُكْمِ الْآيَةِ الَّتِي نَسَخْنَا فَغَيَّرْنَا حُكْمَهَا ، إِمَّا فِي الْعَاجِلِ لِخِفَّتِهِ عَلَيْكُمْ ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وَضْعُ فَرْضٍ كَانَ عَلَيْكُمْ فَأُسْقِطَ ثِقَلُهُ عَنْكُمْ ، وَذَلِكَ كَالَّذِي كَانَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ فَرْضِ قِيَامِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فَوُضِعَ عَنْهُمْ ، فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ فِي عَاجِلِهِمْ لِسُقُوطِ عِبْءِ ذَلِكَ وَثِقَلِ حِمْلِهِ عَنْهُمْ ؛ وَإِمَّا فِي الْآجِلِ لِعِظَمِ ثَوَابِهِ مِنْ أَجْلِ مَشَقَّةِ حَمْلِهِ وَثِقَلِ عِبْئِهِ عَلَى الْأَبْدَانِ ، كَالَّذِي كَانَ عَلَيْهِمْ مِنْ صِيَامِ أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فِي السَّنَةِ ، فَنُسِخَ وَفُرِضَ عَلَيْهِمْ مَكَانَهُ صَوْمُ شَهْرٍ كَامِلٍ فِي كُلِّ حَوْلٍ ، فَكَانَ فَرْضُ صَوْمِ شَهْرٍ كَامِلٍ كُلَّ سَنَةٍ أَثْقَلُ عَلَى الْأَبْدَانِ مِنْ صِيَامِ أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ . غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ ، فَالثَّوَابُ عَلَيْهِ أَجْزَلُ وَالْأَجْرُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ ، لِفَضْلِ مَشَقَّتِهِ عَلَى مُكَلِّفِيهِ مِنْ صَوْمِ أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ، فَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَبْدَانِ أَشَقُّ فَهُوَ خَيْرٌ مِنَ الْأَوَّلِ فِي الْآجِلِ لِفَضْلِ ثَوَابِهِ وَعِظَمِ أَجْرِهِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ لِصَوْمِ الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ . فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ : نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ إِمَّا بِخَيْرٍ مِنْهَا فِي الْعَاجِلِ لِخِفَّتِهِ عَلَى مَنْ كَلَّفَهُ ، أَوْ فِي الْآجِلِ لِعِظَمِ ثَوَابِهِ وَكَثْرَةِ أَجْرِهِ . أَوْ يَكُونُ مِثْلَهَا فِي الْمَشَقَّةِ عَلَى الْبَدَنِ وَاسْتِوَاءِ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ عَلَيْهِ ، نَظِيرَ نَسْخِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَرْضَ الصَّلَاةِ شَطْرَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى فَرْضِهَا شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ . فَالتَّوَجُّهُ شَطْرَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَإِنْ خَالَفَ التَّوَجُّهَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ ، فَكُلْفَةُ التَّوَجُّهِ شَطْرَ أَيِّهِمَا تَوَجَّهَ شَطْرَهُ وَاحِدَةٌ ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَى الْمُتَوَجِّهِ شَطْرَ الْبَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْ مُؤْنَةِ تَوَجُّهِهِ شَطْرَهُ ، نَظِيرُ الَّذِي عَلَى بَدَنِهِ مُؤْنَةُ تَوَجُّهِهِ شَطْرَ الْكَعْبَةِ سَوَاءٌ . فَذَلِكَ هُوَ مَعْنَى الْمِثْلِ الَّذِي قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَوْ مِثْلِهَا . وَإِنَّمَا عَنَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا مَا نَنْسَخْ مِنْ حُكْمِ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهِ . غَيْرَ أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِالْآيَةِ لَمَّا كَانَ مَفْهُومًا عِنْدَهُمْ مَعْنَاهَا اكْتُفِيَ بِدَلَالَةِ ذِكْرِ الْآيَةِ مِنْ ذِكْرِ حُكْمِهَا . وَذَلِكَ نَظِيرُ سَائِرِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ نَظَائِرِهِ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ، كَقَوْلِهِ : وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِمَعْنَى حُبِّ الْعِجْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ إِذًا : مَا نُغَيِّرُ مِنْ حُكْمِ آيَةٍ فَنُبَدِّلُهُ أَوْ نَتْرُكُهُ فَلَا نُبَدِّلُهُ ، نَأْتِ بِخَيْرٍ لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ حُكْمًا مِنْهَا ، أَوْ مِثْلِ حُكْمِهَا فِي الْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ وَالْأَجْرِ وَالثَّوَابِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْعِجْلَ لَا يُشْرَبُ فِي الْقُلُوبِ وَأَنَّهُ لَا يَلْتَبِسُ عَلَى مَنْ سَمِعَ قَوْلَهُ : وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ أَنَّ مَعْنَاهُ : وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ حُبَّ الْعِجْلِ ، فَمَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا لِذَلِكَ نَظِيرٌ ؟ قِيلَ : الَّذِي دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ : نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءُ خَيْرٌ مِنْ شَيْءٍ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهُ كَلَامُ اللَّهِ ، وَلَا يَجُوزُ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنْ يُقَالَ بَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَبَعْضُهَا خَيْرٌ مِنْ بَعْضٍ










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الله, اجيبوني, ارجوكم, يخليكم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:31

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc