[align=justify]والعجب اخي البليدي أنها لا تصح ولا رواية مما ذكرناها وبيّنت فيها التناقضات التي اشتهر بها الشيخ الألباني في تصحيح حديث الإستلقاء ففي مختصر العلو عدّه صحيحا وعلى شرط البخاري!! ومرة ذكره في ضعيفته!!؟
أخي أرجو أن لا يكون للتعصب فيك محلا لا كما طرح الأخ يوسف ولا عبد الودود واتصالتهما مع بعض البعض الذين أسأل الله لهما الهداية بأحسن ولقد قيل يفعل الجهل بصاحبه ما لا يفعله العدو بعدوه!!؟ صدق القائل....
وأنقل لك الآن مقالا من كتاب الشيخ الأزهري عنوانه المشبة والمجسمة
ذكر فيه ما نصه ..
((المقالة الثانية
فى شرح المفهوم من آيات الاستواء على العرش بما يطابق أصول اللغة والتوحيد وبلاغة القرآن العظيم
قد أوضحنا فى المقالة الأولى ما يجب فهمه من الاستواء على العرش المذكور فى جملة آيات مع خلق السموات والأرض بأن المقصود هو لازم معناه ، وهو تدبير المملكة الإلهية وتسخير ما فيها وهو وصف فعلى تأثيره حاصل فى السموات والأرض وما فيها لا وصف ذاتى كالعلم والحياة ، وأثبتنا أن هذا هو الذى يصح أن ينسب لرب العالمين دون الجلوس والاستقرار على العرش الذى ينبنى عليه جملة استحالات عقلية ولغوية فضلا عن استلزام التناقض بين آيات الاستواء وغيرها . وبينها وبين صفات الجلا والكمال الإلهية وأخصها الفناء المطلق عن كل ما سواه فمهما فرض فى الاستقرار من نفى الكيفية فهو استقرار حاصل بعد أن لم يكن ، وهذا وحده كاف لاستحالة اتصاف رب العزة والكبرياء والغنى المطلق به – فضلا عن الأدلة العقلية السابق ذكرها فى تلك المقالة .
ولزيادة تأكيد استحالته على الله تعالى نورد الآيات المناقضة لمعنى الاستقرار على العرش والأدلة الكونية فنقول الآيات المناقضة لمعنى الاستقرار ثلاث وهى :
أولا : قال الله تعالى فى سورة الحديد : ﴿ هو الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج فى الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ﴾ .
فإذا فهم من الاستواء والمعية ظاهرهما الذى هو الظرفية المكانية لزم التناقض لأن الاستقرار على العرش يمنع المعية المكانية مع أهل الأرض ، والتناقض فى كلامه تعالى محال ، ولزم اتصاف القديم جل وعلا بصفات الحوادث وهى المعية المكانية وما يتبعها وهو محال .
فإن قيل : المقصود من المعية لازمها وهو ( العلم ) بقصد التخلص من مماثلة الحواث .
فالجواب : كذلك المقصود من الاستواء لازمه وهو تدبير المملكة الإلهية لأن الموجب فى الاستواء والمعية لازمها وهو ( العلم ) بقصد التخلص من ممثلة الحوادث .
وفضلا عن ذلك فإن الموجبات لهم الاستواء بالتدبير أكثر من موجبات فهم المعية بلازمها كما سيأتى بيانه مناسب لمعنى التدبير للملكة ومرتبط به فى المعنى بخلاف الاستقرار الذى لا يتوقف عليه التدبير .
ب- كونه تعالى معنا بعلمه وصفاته كما يليق بتقديسه ، وكونه بصيرا بأعمالنا . كل هذا يدل على المراقبة والمراقية تقتضى الاجراءات والتصرفات التى أرادها تعالى بكل مخلوق وهذا كله يدخل ضمن التدبير بخلاف الاستقرار .
ثانيا : قال الله تعالى فى سورة ( ق ) ﴿ ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ﴾ ، وفى سورة الواقعة : ﴿ ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون﴾ .
فلو فهم الاستواء على العرش بمعنى الاستقرار المكانى لزم التناقض مه هذه الايات ، والتناقض فى كلام الله تعالى محال .
فإن قيل : إن الاستقرار هو بالأمر والحكم والتصرف رجع الأمر إلى معنى تدبير المملكة الذى أشرنا إليه .
رابعا : قال الله تعالى فى سورة الأنعام : ﴿ وهو الله فى السموات وفى الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون ﴾ فلو فهم الاستواء بمعنى الاستقرار للزم التناقض مه هذه الآية الشريفة والتناقض فى كلام الله تعالى محال .
خامسا : قال الله تعالى : ﴿ ويحمل رعش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ﴾ .
فلو كان تعالى مستقرا على العرش لكان محمولا بالملائكة المحمولين بقدرته ، ولكانوا أقوى وأولى بتدبير الملك ، ولكان مفتقرا لمن يحمله ، وكل هذا من صفات الحوادث الفقراء العجزة ، ولكنه تعالى قديم غنى عما سواه ، قادر لا نهاية لقدرته .
اما الأدلة الكونية فهى :
أولا : بما أن الأرض كروية والسموات محيطة بها والعرش فوق السموات ، فلو كان الاستواء على العرش بمعنى الاستقرار المكانى لزم اتصافه تعالى بما لا يليق بعلوه ورفعة شأنه على خلقه ولزم التغير فى صفاته تعالى وكل هذا محال للأدلة الآتية :
أ- أن أهل الأرض يفهمون أن الله تعالى فوقهم على فرض أنه تعالى مستقر على العرش ، ولكن إذا درات الأرض نصف يوم وجاء اليل انعكس الأمر ، فيفهمون أن رب العزة تعالى تحتهم وهو محال من وجهين : ارتفاع المخلوق على الخالق جل وعلا ، وتغير صفات الخالق سبحانه وما أدى إلى المحال فهو محال .
ب- إن أهل الأرض فى القسم المقابل يفهمون أن رب العزة تعالى ليس فوقهم بل تحتهم وهذا محال لأنه لا يصح أن الخالق تعالى فوق قوم وتحت آخرين .
فإذا درات الأرض نصف يوم انقلب حال هؤلاء فصاروا يفهمون أن رب العزة تعالى فوقهم بعد أن كان فى نظرهم تحتهم والتغير فى صفات القديم تعالى محال .
ثانيا : أن الاستقرار المكانى على العرش ضرورى لملوك الأرض لأنه يتوقف عليه الأعتراف بتقلدهم الملك والخضوع لأوامرهم وأحكامهم .
أما ملكل الملوك والممالك فلا يتوقف ملكه على هذا فإنمه تعالى ملك قبل أن يخلق العرش وما حواه من السموات والأرض ، كما انه تعالى قهر عباده على تنفيذ ما أراد ، فكلهم مسخرون بقدرته طوعا وكرها عرفوا أنه تعالى ملكهم أو لم يعرفوا ، فنسبة الجلوس والاستقرار على العرش إليه تعالى محال لأن فيه تشبيه بملوك الأرض وإبهام أن الخضوع إرادته يتوقف على هذا الاستقرار وكل هذا محال .
ثالثا : لو كان الله تعالى مستقرا على العرش لتخيل الفكر مكانا أعلى من العرش بآلاف الأميال ، لجاز عقلا أن يرتفع الإله تعالى إلى ذلك المكان الأعلى ، فعدم ارتفاعه إليه يحتاج إلى مرجح لأنه لا ترجيح بلا مرجح ، والاحتياج إلى المرجح من صفات الحوادث ولكنه تعالى قديم .
رابعا : لو كان تعالى مستقرا على العرش لاقتضى الحال أحد ثلاثة أمور : إما أن يكون تعالى مساويا للعرش أو زائدا عليه ، أو ناقصا عنه ، وكل هذا تحديد وتقييد وهما من صفات الحوادث ولكنه تعالى قديم ، وحيث أن فهم الاستواء على العرش بمعنى الاستقرار قد أدى إلى هذه المحالات فهو محال .
فإن قيل : فما حكمة وجود العرش وما حكمة الإخبار بأنه تعالى استوى عليه ، وما سبب توجه الضمائر إلى العرش ؟
فالجواب : أن حكمة وجوده يعلمها الله تعالى ولسنا مكلفين بالحبث عنها ، ولكن يمكن فهم بعض الحكم وهى :
1- إنه تصدر منه الأوامر والأحكام إلى الملائكة لتنفذها فى العوالم .
2- أنه تعالى أخبر بأنه خلق السموات والأرض ثم استوى على العرش يدبر المر . وهذا هو سبب اتجاه السائلين بضمائرهم وأفكارهم للعرش انتظارا لتحقيق مسألتهم وإجابة ملتمسهم من ربهم سبحانه وتعالى لأنه تعالى فوق العرش – كما أن المصلى يتجه بوجهه للقبلة فى الصلاة ، وليس الله تعالى فى القبلة ونؤيد ذلك بمثال من أنفسنا .
فإذا ذكر الملك فإن الفكر يتجه لقصره الذى هو محل حكمه مه أن الملك قد يكون فى أوروبا ، ولكن هذه عادة الخيال لا العقل ، ولا يتير للعبد ترك هذه العادة حتى يترقى عقله فى المعرفة بالله تعالى وتتمكن العقائد من قلبه فتصير كأنها مشهودة له على الدوام ، فعند ذلك يتجه لربه تعالى بقلبه مع كمال التقديس والتعظيم وهذا هو التوجه الحقيقى لله تعالى بالقلب .
أما التوجه بالخيال فليس حقيقيا لأن الخيال لا يدرك الحقائق لأن إدراكه معلول بالقياس على ما تدركه الحواس ، والحواس لا قدم لها فى غدراك الصفات الآلهيه ، فالخيال أعجز منها فى ذلك والمخطئ فى فهم الاستواء بمعنى الاستقرار جعل نفسه محكوما بحواسه وخياله كمن راىالسراب فظنه ماء طبقا لحال عينه وليس كذلك ، أو من ركب القطار فظن أن الأرض تجرى من تحته وليس كذلك .
فالعاقل لا يقبل أن يكون عقله تحت حكم حواسه بل يجب عليه أن ينتفع بعقله ويتصرف بذوقه فى معانى القرآن العظيم ويفهمها بما يتفق مع بلاغته ، ومع التقديس الإلهى ولا يكون كمن جاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه خيط أبيض وخيط أسود ويسأله عن الوقت الذى يمكن فيه الامتناع عن الأكل ليلا مع أنهما يمكن تمييزهما من بعضهما طول مدة اليل فأجابه صلى الله عليه وسلم بما معناه : ( ليس هذا يا عريض القفا إنما المقصود هو تبين النور من الظلام فى مطلع الفجر ) .
فنسأل الله تعالى أن يلهم عقولنا وقلوبنا وبصائرنا معرفة الحق والتمسك به على الدوام بحق فضله وإحسانه ورحمته وإكرامه لرسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأهل بيته ومشايخنا أجمعين .))أهـ فتأمّل رحمك الله ...!![/align]