السلام عليكم
الكتاب: أنتعل الغبار وأمشي
نوعه: رواية
مؤلفه: مي منسى
عدد الصفحات: 255
رقم الطبعة: الأولى ديسمبر 2006
مؤسسة الطبع: رياض الريس
تغلغلت في مسامات هذه الرواية .. عشت في تفاصيلها.. وتذوقت الألم والفرح والحزن مع بطلة الرواية..
رواية تحملك من آلام الحروب برفقة الطفولة المعذبة.. إلى الميتم حيث تجد الطفولة من بحتضنها.. إلى العالم الحقيقي.. إلى رحلة البحث عن الذات وعن الوطن..
كتبت هذه الرواية بقلم يريد أن ينقل لنا صورة عن مآسي الحياة.. بلغة شفافة.. وعميقة في ذات الوقت..
هي نوع من الأدب.. قلما قرأت مثله..
رواية تحملك إلى البعيد.. أبدعت فيها الكاتبة.. أبدعت لأقصى الحدود..
نبذة النيل والفرات:
“وجدت أخي كجسد الذاكرة المحطب. لا كلام في عينيه ولا شهية للحياة على شفتيه المقشبتين فقط بقايا دم سارية في عروقه تبث في أصابعه سخونة عجيبة أتلقاها في أصابعي كنداء مفجع لأشاركه ألمه الصامت البليغ الكاشف حقيقة السجون ووجه السادية الظالم. عدت في هذا اللقاء غير المنتظر أرى وجه قدرنا العابس الذي ما انفك يحوك عنكبوتياته حولنا بأساليب الموت والتشتت والأحزان التي لا دواء لها ولا علاج. كان مكتوباً لنا ألا نتكالم، ألا نستذكر سوية، واليد باليد، أمّنا والبيت والحنبلاسة والدب الأبرش، كان الصمت له بعد أن استعدت الكلام. أو بعدما أعطاني إياه ليدخل هو في جحيم البكم وعلى اللسان طعم المرارة القاسية. التقرير الطبي كشف عن ورم عند مركز القيادة في دماغه، سببه رضوض قوية ولكمات بأدوات حديدية باتت آثارها في الأثلام المندملة في جمجمته. الصفحة الثانية من التقرير تقول أن قلبه، رغم أمراض متفشية في أعضائه، يقاوم التهابات في الكلى وقروحاً في المعدة، وحمى في الأمعاء… لم يقل إن كان من أمل باسترجاع صحوته. لو تكلم لانكمشت الغمامة المحيط بسني حياته، ولكنا معاً زودنا هذه الرواية التي لم تنته بما كان غائباً عن فصولها طوال ثلاثين سنة، رجوت من السماء أن تهف إلى مساعدتي”.
مأساة الحروب التي تشهدها بقاع عديدة من العالم تستحضرها الكاتبة من خلال طفلة نكبت في أهلها في حرب الصومال لتسير بعدها كنعجة في قطيع قاطرة بسرعة في تسليمهم إلى منفاهم وكانت محطتهم الجديدة فرنسا، والبداية لحياة جديدة. وبمتاعها الزهيد وإعاقتها دخلت، ماريا الشخصية المحورية في هذه القصة، ميتم الإنسانية، ترعاه راهبات علمانيات نذرن نفوسهن لاحتضان الأيتام وتربيتهن بالعلم والاخلاق وعقدة لسان ماريا لم تكن عائقها الوحيد للتعبير عما يخالجها من خوف وضياع، عقد كثيرة حبست أعضاءها وأفقدتها التلقائية، وكانت في حاجة إلى كل فتى وفتاة يرويان لها حكاية الطفولة البائسة، في مشاهد حرب الصومال وغيرها ومن دون عناء وجدت في الكتابة ما كان ضائعاً منها. وقبلها كانت منافذ وجعها ملجومة خوفاً من أن تشي بها وهي مكومة خلف الستارة، تشاهد مصرع أمها، وتتلقى صراخ أخيها، فما ذنب الطفولة البريئة وتغييبها من خلال مشاهد تستحضر مصرع الأهل والأحبة والوطن، لتعيش بعدها هاجس الخوف من جيش غريب يَغِير ويقتل ويدمر الحجر والبشر.
تمضي الكاتبة ومن خلال أسلوبها الشفاف في متابعة مأساة ماريا وكأنها تضع القارئ أمام مشاهد حية يتابعها بذهنه وبناظريه. تتغلغل “مي منسي” في قلب المواجع وتطلق لبطلتها العنان في التعبير الذي يتوج هذا العمل الروائي الرائع بتوغلاته واستشفافاته وفلسفاته وبواقعيته وخيالاته.
نبذة الناشر:
“كنت في قرارة نفسي بحاجة ماسة إلى الانفراد بدفتري السري كلما سنحت الظروف. بيني وبين ورقتي كنت أستعيد حقيقتي ولو مغبّشة، مستقيلة من طبيعتي الأخرى، المواربة، المتحايلة على الواقع للفوز برضى الآخرين وعطفهم. هذا الدفتر المخوّل دون سواه كتم اعترافاتي، كنت أخبئه نهاراً تحت فراشي وأعود إليه ليلاً حين الكل نيام، أصبّ فيه عصارة مكبوتاتي.
كنت أتحوّل ليلاً إلى شيطان رغبات مقموعة أحررها كتابة بشعور من يقترب الخطيئة بلذّة. كنت، وقلمي منساب برفق من وحيي الخصب، على اقتناع بأن الوقوع في الحب ينبغي أن يكون على مثال الحكايات، لا تحيا فيه المرأة العاشقة إلا إذا ذاقت عذاب الجحيم واحترقت في نعمة اللذة حتى الهلاك”.