تابع
سبحانك يا خالق السماوات والأرض! تخبرنا عن الحقائق العلمية في كتابك العظيم، وتسخّر علماء غير مؤمنين ليكتشفوا هذه الحقائق، أليس هذا منتهى الإعجاز؟ فلو تم اكتشاف هذه الحقائق على يد مسلمين لارتاب المشككون بكتاب الله تعالى وشككوا بهذه الاكتشافات. ولكن الله تعالى جعل هؤلاء العلمانيين هم من يكتشف الحقيقة العلمية، ثم خاطبهم بهذه الحقائق: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)!!
معجزة ثانية للآية
ولكن هذا ليس كل شيء فهنالك المزيد من إعجاز هذه الآية حيث سمى الله تعالى الشمس (سراجاً). وقد وجدتُ بأن هذه التسمية دقيقة جداً من الناحية العلمية. فقد رجعت لقواميس اللغة العربية ووجدت أن السراج هو الوعاء الذي يوضع فيه الوقود ليحترق ويعطي الحرارة والضوء. ورجعت إلى أحدث ما كشفته الأبحاث العلمية حول آلية عمل الشمس والتفاعلات النووية الحاصلة في داخلها. فوجدت تركيب الشمس ونظام عملها هو عبارة عن وعاء مليء بالهيدروجين الذي يحترق باستمرار بطريقة الاندماج ويبث الحرارة والضوء.
إذن الشمس هي عبارة عن فرن نووي ضخم وقوده الهيدروجين الذي يتفاعل باستمرار تفاعلاً اندماجياً وينتج عنصر الهيليوم الأثقل منه مما يؤدي لإطلاق كميات كبيرة من الحرارة والنور. والسؤال الذي أطرحه على كل من يدعي أن كتّاب الإعجاز العلمي إنما يحمّلون نصوص القرآن ما لا تحتمله ويفسرون آيات القرآن كما يريدون وأن القرآن ليس كتاب علوم: عندما وصف القرآن الشمس بأنها سراج ووصف القمر بأنه منير، أليس هذا الوصف يوافق العلم والمكتشفات العلمية؟ إذن القرآن حدد الآلية الهندسية لعمل الشمس، قبل أن يكتشفها علماء الفلك بألف وأربع مئة سنة!
معجزة ثالثة للآية
ويستمر إعجاز هذه الآية لنجد كلمة ثالثة جاءت فيها وهي (بروجاً)، ففي هذه الكلمة أيضاً تتراءى لنا معجزة حقيقية في حديث القرآن عن حقيقة علمية يتباهى الغرب اليوم بانه أول من اكتشفها، وهي البنى الكونية.
فقد قرأت كثيراً لعلماء مسلمين كلاماً حول هذه البروج وأنها هي مجموعات النجوم التي صنفها الأقدمون ضمن مجموعات ليهتدوا بها في سفرهم في البر والبحر، مثل برج الثور وبرج الجدي مما تصوره بعض الناس قديماً على أن هذه النجوم تمثل أشكالاً لحيوانات (2).
ولكن عندما رجعت إلى اللغة التي نزل بها القرآن وهي العربية، وبحثت عن كلمة (بروج) فوجدت أن البرج هو البناء الضخم المحكم. وبدأتُ رحلة جديدة من البحث في مواقع وكالات الفضاء العالمية فذهلت عندما رأيت بأن علماء الغرب
اليوم بدأوا بإطلاق مصطلحات جديدة مثل الجزر الكونية والبنى الكونية والنسيج الكوني، لأنهم اكتشفوا أن المجرات الغزيرة التي تعدّ بآلاف الملايين وتملأ الكون ليست متوزعة بشكل عشوائي، إنما هنالك أبنية محكمة وضخمة من المجرات يبلغ طولها مئات الملايين من السنوات الضوئية!
وقلت من جديد: سبحان الله! وتذكرت قول الشيخ الشعراوي رحمه الله عندما قال ذات مرة: "إن كل كلمة من كلمات القرآن الكريم فيها معجزة" (3). وهذا ما تأكدت منه فعلاً، فكلما وقفت أمام أية كلمة من كلمات هذا القرآن وجدت نفسي أمام معجزة حقيقية.
وأدركت أن هذه الأبنية الضخمة والمحكمة هي البروج التي تحدث عنها القرآن، يقول تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً)[الفرقان: 61] ، ووجدت أن هذه التسمية في منتهى الدقة من الناحية العلمية، بل إنها أدق من كلمة أبنية كونية، لأن كلمة (بروجاً) فيها إشارة لبناء عظيم ومُحكم وكبير الحجم، وهذا ما نراه فعلاً في الأبراج الكونية حيث يتألف كل برج من ملايين المجرات وكل مجرة من هذه المجرات تتألف من بلايين النجوم!! فتأمل عظمة الخالق سبحانه وتعالى.
ملخص القول
رأينا في هذا البحث ثلاث معجزات في آية واحدة! فقبل 14 قرناً جاء القرآن بعلوم لم يكن أحد يتصورها في ذلك الزمن، ومع ذلك فهمها الأعرابي في الصحراء، ويفهمها اليوم العالم في مختبره.
فهذه الآية تحدثت عن حقيقة علمية لم يتم البرهان عليها إلا منذ أيام قليلة في إحدى الأبحاث العلمية في كبرى جامعات الغرب. وهذه الحقيقة تتعلق بتركيب تراب القمر ووجود خاصية الإنارة وإمكانية تحويل النور إلى كهرباء باستخدام هذا التراب القمري.
لقد حددت الآية أيضاً آلية العمل الهندسية للشمس، وهذه الآلية لم يتم التأكد منها إلا في أواخر القرن العشرين. كما تحدثت الآية عن الأبنية الكونية الضخمة وأطلقت عليها تسمية البروج، وهذه أيضاً لم يتأكد العلماء من وجودها يقيناً إلا في أواخر القرن العشرين.
والآن نعيد كتابة الآية بمعجزاتها الثلاث:
إشارة إلى الأبنية الكونية الضخمة (4). تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً :
إشارة إلى الآلية الهندسية لعمل الشمس.
وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً :
إشارة إلى التركيب الكيميائي لتربة سطح القمر.
وقفة للمناقشة
وهنا ينبغي أن نقف قليلاً لمناقشة كل من يدعي أن القرآن ليس معجزاً من الناحية العلمية، ونوجه سؤالاً لهؤلاء: إذا لم تكن هذه الحقائق العلمية الواضحة التي تحدث عنها القرآن إعجازاً فما هو الإعجاز إذن؟!
ببساطة نقول إن المعجزة هي أمر صادر من الله تحدى به البشر أن يأتوا بمثله، فإذا فتشنا في كل ما أنتجته البشرية في تاريخها وحتى يومنا هذا، هل نجد كتاباً فيه مثل هذه الآية مثلاً؟ بل هل يستطيع كل علماء العالم اليوم أن يتحدثوا وبدقة تامة عن أشياء ستكتشف عام 3400 م، أي بعد ألف وأربع مئة سنة من اليوم؟
لذلك يجب أن ندرك أن القرآن وإن كان كتاب هداية وتشريع وأحكام، إلا أنه يحوي كل علوم الدنيا والآخرة. كيف لا يحوي القرآن كل العلوم والله تعالى يقول: (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) [الأنعام: 38]. ويقول أيضاً: (لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً) [النساء: 166].
ويجب أن نؤكد بأن المعجزات التي نكتشفها في هذه الآية الكريمة ليست كل شيء، بل هو جزء ضئيل من إعجازها ودلالاتها، والباب مفتوح أمام كل إنسان ليتأمل ويتدبر ويتفكر ويكتشف المزيد من عجائب القرآن الذي لا تنقضي عجائبه.
فعلى سبيل المثال لو أن القمر كان له غلاف جوي لحجب قسماً كبيراً من إنارته للأرض ولم يعد (قَمَراً مُنِيراً) ، ولو أن القمر كان يبعد عنا أكثر مما هو عليه الآن لتضاءلت شدة الإنارة القادمة إلينا منه ولم يعد (منيراً) ، ولو أن تراب القمر لم يحتو على خصائص لعكس الأشعة الشمسية لخفت ضوؤه كثيراً ولم يعد (منيراً) كما أخبرنا الله تعالى..... وقد تكشف لنا أبحاث علمية أخرى معاني جديدة لكلمة (منيراً) وهذا يؤكد أن معجزات القرآن مستمرة إلى يوم القيامة.
وأخيراً
أخي القارئ إذا كان لديك أية فكرة أو تساؤل حول كتاب الله تعالى، وأحببت أن تناقش هذه الفكرة أو تعلق على هذا البحث فهذا من دواعي سرورنا وسوف نتواصل إن شاء الله تعالى من خلال العناوين التي تجدها في سيرتي الذاتية على هذا الموقع المبارك والنافع.
المراجع
1- القرآن الكريم.
2- كتب التفسير الشهيرة: الطبري، ابن كثير، الجلالين.
3- معاجم اللغة العربية: مختارالصحاح، تاج العروس، المحيط، لسان العرب.
4- أبحاث علمية حديثة جداً مأخوذة من المواقع:
موقع الفضاء www.space.com
مقع التكنولوجيا www.technovelgy.com
موقع وكالة الفضاء الأمريكية www.nasa.gov
موقع وكالة الفضاء الأوربية www.esa.int
مقالة بعنوان: تربة القمر والألواح الشمسية Moon Dust and Solar Panels
للكاتب Bill Christensen ، المقالة منشورة بتاريخ 25 آذار (مارس) 2005.