السّلامُ عليكم؛
شكراً لك أخي صالح بوغرارة؛ قد ذكرتَ الفرق فأصبت وفصّلت؛ سأضيف مُتواضعاً ما أراهُ؛ بعد قولك وقول الإخوة؛
في رأيى؛ للعِلمِ من حيثُ المَأخذِ مصدران؛ علمٌ وراثي وعِلمٌ إكتسابي وللعِلمِ من حيثُ علاقتِهِ بالحكمةِ صورتان؛ علمٌ ظاهر و عِلمٌ باطنٌ.
فأمّا من المنبعِ؛ فالعلمُ الوراثِيُّ ينتقلُ من الأجدادِ إلى الأبناء عبر الكروموسومات؛ اللّتي تنقُل الصِّفات الجسديّة وغيرُ الجسدِيّةِ؛ كالإستعداد لإكتساب العلم؛ الخير...
لكن هذا العِلم الوراثِيِّ لا يُغني عن الإكتساب؛ فهو كالقواعِدِ يُبنى عليها البناءُ؛ فبالتفكُّرفي خلق للهِ ؛ وأخْذ العلمِ من أفواه العُلماء وممّن رزقَهُ للهُ علماً أوسع منّا؛ يزدادُ علمُنا بإذن للهِ؛ فالعِلمُ رزقٌ؛ ورزقُ للهِ مُقسّمٌ على الخلائق؛ فمن تواضع لمن دونهُ وسأل من فوقهُ، فأخذَ مِنهما العلمَ؛ يزدادُ عِلمُهُ؛ ومن تكبّر على من دونهُ واستحيى سُؤالَ من فوقهُ؛ بقي على ماهو عليهِ فازداد جهلُهُ. فهذا إختصاراً العلاقة بين العِلمينِ.
أمّا من الصّورة؛ فالعِلمُ الظاهرُ؛ هو للّذي يعلمُ ما أملتْهُ الكُتُبُ؛ فعلمُهُ سطحيٌّ؛ لا يستطيعُ أن يُكيِّفَهُ مع مُتغيِّرات الحياةِ؛ إذ هناك إختلافٌ بين النّظريِّة والتجرِبةِ كما يُقالُ؛ فالحِمارُ كان فيما مضى وسيلة نقلِ العُلماءِ؛ فلم يكُن يدري المكنونَ في الكُتب، أمّا العُلماء فكان العلمُ في عقولِهم؛ فشتّان بين من بقي على سطحِ البحرِ؛ ومن غاص ليبحث عن الجواهِر؛ فلو فعلنا ذالك فيوشِك أن نُدِرك العلمَ الباطِنيِّ؛ ذالك العِلمُ للّذي لا تُمليهِ الكُتُبُ وتستحسِنُهُ الأنفُسُ؛ فمن أراد أن يُدرِكَهُ فعليهِ بتحصينِ نفسِهِ من الشَّهواتِ؛كاللّذي يغوصُ البحرَ مُتحصّناً بأجهزةٍ؛ فهو كالرّوح و العِلمُ الظاهرُ كالبدن؛ ولا نرتفِعُ إلى الرّوحِ إلاّ بمُجاهدةِ النّفسِ؛ فمن جمع بينهما فقد اقترب من باب الحكمةِ؛ إذ هي العِلمُ و العملُ بهِ.
قال تعالى : " وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ "
فمن أحسن إلى خلق للهِ رأى العجائبَ.
السّلامُ عليكم.