أخي الفاضل الصديق عثمان كنت أتوقع أن أجد صوتك في صف الداعين إلى التعقل ونبذ الفرقة والخلافات التافهة من أجل أشياء تافهة لا تقدم لكنها للأسف تؤخر. لم أكن أتصور أن أقرأ لك موضوعا كهذا خصوصا بعدما قرأت لك موضوع (ببساطة ...أمة بسيطة) فما كتبته هنا يناقض في بعض أفكاره ما كتبته هناك.
نعم مصر وبحكم موقعها التاريخي والجغرافي في العالم الإسلامي والعربي كانت جميع الأنظار موجهة دوما إليها فهي الطرف الرئيسي في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي، لذلك فإن مواقفها في السنوات الأخيرة كانت مخيبة للآمال ووقعها أليم على نفوس وقلوب العرب والمسلمين. لكن هذا لا ينسينا أن جميع الأنظمة العربية من المحيط إلى الخليج هي أنظمة فاسدة فاشلة متخاذلة لا يوجد كبير فرق بينها وبين النظام المصري. وحتى لو كانت الجزائر في موقع مصر الجغرافي لا أظن أن مواقفها ستختلف عن مواقف مصر في ظل ضعف وتخاذل جميع الأنظمة العربية. فأنت يا أخي عندما تواجه عدوا قويا وجها لوجه ثم تنظر حولك فترى إخوانك واقفون معك يساندونك ومستعدون لبذل النفس والنفيس لدعمك ونصرتك فيحنها ستتشجع وتقف مواقف مشرفة تثلج صدور الإخوان وتغيض صدور الأعداء. أما عندما تنظر فتراهم متفرقين متشتتين حتى في اجتماعاتهم ولقاءاتهم فعندها تتيقن أن النصر لا يأتيك منهم فتضعف وتفشل ثم يحملونك وحدك مسؤولية هذا الضعف والفشل بحجة أنك الطرف الأهم في القضية. لست أدافع عن النظام المصري ولكنها حقيقة يجب أن تقال.
ثم يا أخي ما هو ذنب الشعب المصري المسلم هذا الشعب العظيم الأبي الذي ضرب أروع الأمثلة في نصرة إخوانه المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وهل نحمله أخطاء النظام الذي لا يمثله في شيء وهل ما قام به بعض المتهورين المتعصبين من رمي الحافلة بالحجارة يتحمله كل الشعب المصري الشقيق ؟
وفي الأخير يا أخي الكريم كرة القدم ما هي إلا (لعبة) لم ولن تصنع يوما مجدا لأية أمة لأنها وببساطة مجرد (لعبة) والمجد إنما يصنع بالجد لا باللعب. لا يصنع المجد ولا تبنى الحضارات بالمباريات والأفلام والمسلسلات. أفهم جيدا لماذا نحن متعلقون بالفريق الوطني ونريد أن نفرح بفوزه لأننا شعب أنهكته الأحزان والأزمات والكوارث السياسية والإقتصادية والإجتماعية وفوق هذا نحن نعاني من فراغ روحي رهيب أنسانا أنفسنا وأهدافنا في هذه الدنيا لذلك صرنا نبحث عن أي شيء يسعدنا ويفرحنا وينسينا همومنا ومشاكلنا ولو لبعض الوقت. لكن لا ينبغي مطلقا أن ننجرف وراء عواطفنا ونقع في فخاخ السياسيين والإعلاميين الذين لا هم لهم سوى تخدير الشعوب حتى يضمن الفريق الأول استمراهم في مناصبهم رغم فشلهم ويضمن الثاني استمرار تجارتهم وأرباحهم رغم بضاعتهم المزجاة، فالفوز في مباراة في كرة القدم لا يصنع مجدا ولا يبني حضارة والإنهزام فيها لا يهدم هذه الحضارة لو كانت موجودة.
لهذا فنحن والمصريين إخوة في الدين لا ينبغي أن تفرقنا كرة القدم ولا غيرها من اللعب والألاعيب.