تطورت البرامج الموجهة للطفل بالموازاة مع تطور الإعلام ووسائله ومفهوم الحريات والحقوق… خصوصا مع ظهور القنوات غير الرسمية المتخصصة في مجال الطفولة.
من فوائد هذه القنوات، التي تشتغل أغلبها على مدار اليوم والليلة، أنها أتاحت للطفل فرصة مشاهدة الرسوم المتحركة وغيرها من البرامج التي يهواها في أوقات لم يكن بإمكان طفل الأمس ذلك، أهمها وقت الفطور والاستعداد للذهاب إلى المدرسة(1)، لأن تلك المدة القصيرة كافية لشحن الطفل بطاقة إيجابية هائلة، يستغلها خلال الفترة التي يقضيها في المدرسة.
لكن، مادام المحتوى معدا من طرف راشدين، وإن قدم أحيانا من طرف أطفال، كان لزاما على المربين، وعلى رأسهم الآباء والأمهات وأولياء الأمور، اختيار ما يلائم الأعراف والآداب العامة، ويهذب النفس ولا يربي فيها العنف والعدوانية… (لأن ليس هم كل من أنشأ قناة للأطفال تربية الطفولة، فهناك من يرمي إلى تمرير خطابات إيديولوجية أو سياسية أو ثقافية لا تتناسب مع كل الشرائح عن قصد، وهناك من يعتقد أنه على صواب والآخرون مخطؤون، أو يكون موجها لمجموعة محدودة، فيجتهد ليوصل فكرته لكن ما يقدمه لا يكون دائما ملائما للمتلقي). هذا الاختيار لن يتم إلا إذا تابعوا ما يبث على هذه القنوات، إما لوحدهم أو بمشاركة الأطفال جلسات المشاهدة. الأولى من أجل التأكد من أن المحتوى لائق ومناسب، والثانية لملاحظة انفعالات الصغار وما يثيرهم وما لا يعجبهم فيها. وحتى لا يعتبر البعض أن في كلامي دعوة لتوجيه الطفل وبخسه حقه في اختيار ما يشاهد، أوضح أنه تأطير لهذه الحرية، إذ يمكنني بعد تقييم عدد من الأعمال التي تبث في فترة معينة على قنوات معينة، أن أختار المفيدة منها وأخيره فيما بينها. أما إن كانت الحرية أن نترك الطفل يصول ويجول بين القنوات، خصوصا الغربية منها، والتي لم تسلم الرسوم المتحركة فيها من مشاهد خليعة ولقطات إباحية، فلا أهلا بالحرية ولا سهلا.
كما يمكن الاستعانة ببرامج الأطفال عموما وبالرسوم المتحركة على وجه الخصوص في تربية الطفل، إذ يمكن لوالديه أو مدرسيه… أن يستعملوا الأصوات والعبارات الخاصة التي تستعملها الشخصيات المحبوبة عنده في الحوار، فيسهل التواصل، لأن الطفل يشكل رابطا ذهنيا بين الصوت والشخصية المقلدة، ما يخلق انطباعا إيجابيا عنده ويسهل استقبال المعلومات والنصائح لأن الطفل مستعد لتقبل أية فكرة من بطله الكرتوني. دون أن ننسى دور مشاركة الأطفال فقراتهم التلفزية في تقوية الروابط الأسرية لأن الطفل إلى جانب المتعة، يحس باهتمام المربي به، ما يسمح ببناء علاقة صحيحة بين الطرفين تسمح فيما بعد بالحوار البناء والنقاش المعقلن…
تبقى هذه بعض فوائد الرسوم المتحركة للكبار الذين أتمنى أن يغير أغلبهم نظرته إليها، ويسعدوا بمشاهدتها.