لا أستطيع مناقشة الموضوع من وجهة نظر العلم المتخصص، فمعلوماتي و العدم سواء بهذا الشأن، و لكنني سأدلي بدلوي مستحضرا ثقافتي العامة لا غير.
أعتقد بداية أن إختلاف الرجل عن المرأة راجع إلى ما أودعه الخالق سبحانه و تعالى في كل واحد منهما ليجعله أهلا لآداء دوره في حياة الأخر و في حياة المجتمع، و حيث أن دور المرأة في المجتمع يتطلب عاطفة أكبر و صبرا أكبر فقد هيأ الله لها لها من هذا ما يجب، فالمرأة عماد المجتمع و أساس الأسرة و هي من تلد المجتمع كله و تنفق ربيع عمرها و خريفه و شتاءه في خدمته، و هي وظيفة لا يمكن آداؤها إلا إذا كان منسوب العاطفة أكبر ... و ذلك لا يعني أن منسوب العاطفة عند المرأة أكبر من منسوب العقل، فذلك قول يناقض حقيقة الخلق و لا يزكيه الواقع و لا تثبته التجربة.
أما الرجل فدوره في المجتمع مختلف ليس من حيث الأهمية بل من حيث ما يمليه عليه هذا الدور و ما يتطلبه منه، فهو الأكثر حضورا في الحياة العامة حتى في الدول التي تدعي المساواة المطلقة بين الجنسين
و مع ذلك فالرجل في حياته الخاصة ليس أقل عاطفة من المرأة، فهما في نهاية الأمر بشر، غير أن الرجل أقل تعبيرا عن هذه العاطفة، ليس لكون التعبير عنها عيبا بل لإعتقاد خاطيء في مجتمعنا يفسر ذلك على أنه ضعف يعيب الرجل و يسيء إلى مقامه.
غير أن ما نراه سلوكا عدائيا من المرأة قد يكون في حقيقته سلوكا دفاعيا أو ردة فعل عن وضع خاطيء بالأساس، فنحن في مجتمعنا كثيرا ما ننظر إلى المرأة كما ننظر إلى كائن أقل شأنا، و كثير منا يعتقد أن الله لم يخلق المرأة إلا لخدمة الرجل و أنه بإنتفاء هذا الدور لا يعود للمرأة مبرر للوجود أصلا.
المرأة في البيت هي آلة للإنجاب و الطهو و الغسل و التنظيف، و في الشارع هي وسيلة تسلية و في مجال العمل إما سكرتيرة جميلة أو موظفة غبية أو طريدة يترصد لها أصحاب النفوس الضعيفة ... ثم نتساءل عن سر عدائيتها و كأننا لا نريد أن نطرح بالمقابل سؤالا أكثر أهمية عن سر عدائية الرجل في تعامله مه المرأة ؟
لقد تطور المجتمع كثيرا و لم يعد ممكنا موضوعيا أن نقارن المرأة اليوم بالمرأة قبل عقود، إلا فيما يتعلق بالأخلاق، فهذه قيمة ثابتة و الآخلاق لا تتغير حتى و إن تغيرت نظرة المجتمع للأخلاق ... و لكن علينا أن ندرك اليوم بأن المرأة غير ما كانت عليه سابقا .. و لا يجب أن ننسى أننا كرجال لسنا الوحيدين الذين تسلقوا بعض درجات سلم التطور و أن المرأة لم تقبع في حضيض هذا السلم ... فكما تأثر الرجل بالمستجدات حدث ذلك للمرأة أيضا.
لو حاولنا في مجتمعنا أن نتحدث عن الإنسان كإنسان بدل تجزئة المسألة حسب الجنس لكنا قد وفرنا على انفسنا كثيرا من الجهد و اللغط.
يبقى أن أشير ختاما إلى أن الرومانسية المطلوبة من المرأة لا تكون مطلبا مشروعا إلا مع زوجها .. أما مع أبنائها و إخوانها و والديها فهي مطالبة بالحب و البر و الإحسان .. ومع غير هؤلاء فهي ليست مطالبة بشيء إلا بالحزم و الأخلاق و السلوك السوي ....
" يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا (.. وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .. واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا"