الرواية الثانية:
أما الرواية الثانية وعلى تهالك سندها- إلا أنها كانت المطية لأرباب الفرقة الناجية لشهرها سيفا فى وجه المسلمين، لأنها هى الرواية التى وقعت فيها الزيادة التى تخص الجنة والنار, «كُلُّهَا فِى النَّارِ إِلا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ».
وهذا المتن بهذه الزيادة وبدونها هو متن باطل مخالف لما قد بيناه من آيات القرآن الصريحة, أما بطلان هذه الزيادة وحدها ففيه الكثير فهذه الزيادة-الموضوعة-إنما ظاهر جدا للعيان أنها وضعت مضافة للنص الأصلى الضعيف خدمة لأغراض سياسية معروفة ومعلومة للكافة, فما كان رسول الله الذى وصفه ربه القرآن بقوله: «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ» التوبة 128, ما كان بحنوه وإلفه على أمته أن يترك لهم حديثا يحمل معنى كذات المعنى, أن أغلب أمته داخلين النار لا محالة، وأن فرقة واحدة هى الناجية, ولما من المفترض- أنه سئل عن نعت هذه الفرقة, فقال «الجماعة», وهذا القول فقط يبين ضعف الحديث، ووضع هذه الزيادة وضعا, فالنبى يقر لأمته بأن تُهلك بعضها لمـّا لم تعلم كُنه فرقة «الجماعة» وما أوصافها, فلو كان المقصود بالجماعة العدد فذلك مفهوم باطل لأنه قد تكون جماعة من المسلمين أكثر عددا ونسلا من غيرها من الفرق الأخرى، فيكون بهذا معهم الحق وهم الجماعة، ثم لا يلبث أن يأتى عليهم زمان تنقلب فيه الآية وتصبح جماعة أخرى هى الأكثر عددا ونسلا فهل ينتقل الحق بذلك معها, فهذا مفهوم باطل عقلا وشرعا, ولو كانت كلمة «الجماعة» تحمل مفهوم الفرقة التى يكون أتباعها الغالبين دائما فهذا أيضا مفهوم لا يصح، لأن الغلبة عبر التاريخ الإسلامى فى كثير من عصوره كانت للظالم القوى ولم تكن للعادل الضعيف, فبذلك يكون مفهوم الجماعة مصاحبا دوما للمتغلب بالمنعة والقوة.
.........يتبع