.
وكان جمهور أهل الرأي من الكوفة ، إذ هو غالب على أهلها مع ما كان فيهم من التشيع الفاحش وكثرة الكذب في الرواية مع أن في خيار أهلها من العلم والصدق والسنة والفقه والعبادة أمرا عـظيما .
لـكن الغرض أن فيها نشأ كثرة الكذب في الرواية فقد روي عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري أنه قال: جاء عبد الله بن شداد فدخل على عائشة رضي الله عنها ونحن عندها جلوس ، مرجعه من العراق ليالي قتل علي ،
فقالت له يا عبد الله بن شداد : هل أنت صادق عمـا أسـألك عنـه ، تحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي ؟ قال: وما لي لا أصدقك؟ قالت فحدثني عن قصتهم إلى أن قالت: فما قول علي حين قام عليه ، كما يزعم أهل العراق ؟ قال سمعته يقول: صدق الله ورسوله . قـالت: هل سمعت منه أنه قال غير ذلك ؟ قال اللهم لا ، قالت: أجل ، صدق الله ورسوله ، يرحم الله عليًّا إنه كان من كلامه لا يرى شيئا يعجبه إلا قال: صدق الله ورسوله فيذهب أهل العراق يكذبون عليه ويزيدون في الحديث .
وقد روى ابن سعد عن سليمان بن الربيع أنه دخل هو ونفر مـن أصحابه من أهل البصرة على عبد الله بن عمرو بن العاص ، فطلبوا منه أن يحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم: ممن أنتم ؟ قـالوا: مـن أهـل
العراق . قال : إن من أهل العراق قوما يكذبون ويكذبون ويسخرون وقد قال عبد الرحمن بن مهدي لمالك : يا أبا عبد الله ، سمعنا في بلدكم المدينة أربع مائة حديث في أربعين يوما ونحن في العراق في يوم واحـد نسمع هذا كله . فقال له: يا عبد الرحمن ومن أين لنا دار الضرب التي عندكم .
وعن النعمان بن راشد قال: سمعت الزهري يحدث بحديث زيد بن أنيسة فقلت: يا أبا بكر ، من حدثك بهذا؟ قال: أنت حدثتنيه ، ممن سمعته؟ فقلت رجل من أهل الكوفة قال: أفسدته ، إن في حديث أهل الكوفة دغلا كثيرا .
وقال الحسن بن الربيع : سمعت ابن المبارك يقول: ما دخلت الشام إلا لأستغني عن حديث أهل الكوفة .
وقال إسحاق بن إبراهيم الحنظلي : سـمعت عبد الله بـن إدريس الكوفي يقول: قلت لأهل الكوفة : يا أهل الكوفة ، إنما حديثكم الـذي تحدثونه في الرخصة في النبيذ ، عن العميان والعوران والعمشان ، أين أنتم عن أبناء المهاجرين والأنصار .
ولم يكن الزنادقة أقل نصيبا في الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم فعبد الكريم ابن أبي العوجاء وضع أحاديث كثيرة بأسانيد يغتر بها من لا معرفة له
( الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 197)
بالجرح والتعديل ، وفي بعضها تغيير أحكام الشريعة وهو الذي أفسد على الرافضة صوم رمضان بالهلال . وردهم عن اعتبار الأهلة بحساب وضعه لهم ونسب ذلك الحساب إلى جعفر الصادق .