لمسات بيانية من سورة المؤمنون
*مقارنة بين صفات المؤمنين فى سورتى المؤمنون والمعارج: (د.فاضل السامرائى)
إن آيات سورة (المؤمنون) في ذكر فلاح المؤمنين وآيات سورة المعارج في ذكر المعافين من الهلع وقد جعل كل صفة في مواطنها.
سورة المؤمنون ... سورة المعارج
قال تعالى فى سورة (المؤمنون): ... وقال تعالى فى سورة (المعارج):
(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {2} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ {3} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ {4} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ {5} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ {6} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {7} وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ {8} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ {9} أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ {10} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ). ... (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا {19} إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا {20} وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا {21} إِلَّا الْمُصَلِّينَ {22} الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ {23} وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ {24} لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ {25} وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ {26} وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ {27} إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ {28} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ {29} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ {30} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {31} وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ {32} وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ {33} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{34} أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ).
(قد أفلح المؤمنون) فذكر صفة الإيمان على وجه العموم. المؤمنين بيوم الدين وغيره فما ذكره في سورة (المؤمنون) أكمل. ... (والذين يصدقون بيوم الدين) فذكر ركناً من أركان الإيمان، وهو التصديق بيوم الدين وثمة فرق بين الحالين.
(الذين هم في صلاتهم خاشعون). والخشوع أعم من الدوام ذلك أنه يشمل الدوام على الصلاة، وزيادة فهو روح الصلاة، وهو من أفعال القلوب والجوارح من تدبر وخضوع وتذلل وسكون وإلباد بصر وعدم التفات. والخاشع دائم على صلاته منهمك فيها حتى ينتهي. ... (والذين هم على صلاتهم دائمون)
(والذين هم عن اللغو معرضون) وهو كل باطل من كلام وفعل وما توجب المروءة إطراحه كما ذكرنا. فهذه صفة فضل لم ترد في المعارج ... لم يذكر مثل ذلك
(والذين هم للزكاة فاعلون) أعم وأشمل فالزكاة تشمل العبادة المالية كما تشكل طهارة النفس فهي أعلى مما في المعارج وأكمل فإنه ذكر في المعارج أنهم يجعلون في أموالهم حقاُ للسائل والمحروم. أما الزكاة فإنها تشمل أصنافاً ثمانية وليس للسائل والمحروم فقط، هذا علاوة على ما فيها من طهارة النفس وتزكيتها كما سبق تقريره. ... (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)
(والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فغنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هو العادون واذلين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) ... (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فغنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هو العادون واذلين هم لأماناتهم وعهدهم راعون)
لم يذكر ذلك ... (والذين هم بشهادتهم قائمون) ذلك أنه في سياق المعاناة من الهلع وقد ذكرنا مناسبة ذلك وعلاقته بالنجاة منه. فاقتضى ذلك ذكره وتخصيصه من بين الأمانات.
(والذين هم على صلواتهم يحافظون) بالجمع. والصلوات أعم من الصلاة واشمل والمحافظة على الصلوات أعلى من المحافظة على الصلاة لما فيها من التعدد والفرائض والسنن. ... (والذين هم على صلاتهم يحافظون) بإفراد الصلاة.
فلما كانت الصفات في آيات سورة (المؤمنون) أكمل وأعلى كان جزاؤهم كذلك، فجعل لهم الفردوس ثم ذكر أنهم خالدون فيها، (أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ). والفردوس أعلى الجنة وربوتها، وأفضلها، ومنه تتفجر أنهار الجنة. وثم ذكر أنهم فيها خالدون ... (أولئك في جنات مكرمون) ولم يذكر أنهم في الفردوس، ولم يذكر الخلود، فانظر كيف ناسب كل تعبير موطنه. } أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ}
(المؤمنون) المؤمنين وهم المصدقون بيوم الدين وزيادة، وذكر الخشوع في الصلاة، وهو الدوام عليها وزيادة، وذكر فعلهم للزكاة وهي العبادة المالية وزيادة ومستحقوها هم السائل والمحروم وزيادة، وذكر الإعراض عن اللغو وهو زيادة وذكر الصلوات وهي الصلاة وزيادة، ثم ذكر الفردوس وهي الجنة وزيادة في الفضل والمرتبة، وذكر الخلود فيها وهو والإكرام وزيادة.
فانظر ما أجمل هذا التناسب والتناسق، فسبحان الله رب العالمين.