عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ”بينما رجل يمشي بطريق، وجد غصن شوك فأخذه، فشكر اللّه له فغفر له” رواه البخاري ومسلم.
يحكي لنا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قصّة أحد النّاس الّذين تملّكهم الحرص على الآخرين، رجلٌ لم نقف على تفاصيل حياته، ولعلّه يكون من عامّة النّاس، إلاّ أنّه كان حريصًا على عدم أذيّتهم أو إلحاق الضرر بهم.
فبينما هو يمشي في بعض حاجته، أبصر وسط الطّريق غصن شجر مليء بالأشواك، فاستوقفه ذلك، ثمّ فكّر في الأذى الّذي قد يُسَبّبه وجود مثل هذا الغصن على النّاس ودوابّهم، فقال في نفسه: ”واللّه لأنحّين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم”، وبكلّ رجاءٍ أردف قائلاً: ”لعلّ اللّه عزّ وجلّ يغفر لي به”.
عملٌ قليلٌ في نظر النّاس، قد لا يُكلّف من الجُهد أو الوقت شيئًا، لكنّ اللّه تعالى بواسع رحمته وعظيم كرمه جعل ما فعله سببًا في مغفرة ذنوبه ودخول الجنّة، استحقه بنيّته الحسنة، ولولا فضل اللّه ما أُثيب.
ومن القضايا الّتي جاء بها الحديث إعطاء الطريق نوعًا من الحقوق والدعوة إلى العمل بها، فإنّ طرق النّاس ملك للجميع ومسؤوليّتها مشتركة بين جميع أفراد المجتمع، وهذه سابقةٌ حضاريّة تعكس اهتمام الإسلام بحماية الممتلكات العامّة ونظافتها ورعايتها، على أساسٍ من الوازع الديني، فقد جاءت البشارة بالمغفرة والجنّة في سياق القصّة، إضافةً إلى أحاديث أخرى تجعل هذا الفعل من جملة الأعمال الصّالحة الّتي تدلّ على إيمان صاحبها، فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ”الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلاّ اللّه، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق”، رواه مسلم.