قال شيخ الإسلام في الحموية: وقال الأشعري أيضا في اختلاف أهل القبلة في العرش: قال أهل السنة وأصحاب الحديث إن الله ليس بجسم ولا يشبه الأشياء.
فعلق عليه الشيخ صالح آل الشيخ –حفظه الله تعالى- قائلا:
قوله في أول الكلام (قال أهل السنة وأصحاب الحديث إن الله ليس بجسم) هذه النسبة لأهل السنة ولأهل الحديث ليست بصحيحة بل أهل السنة وأهل الحديث لا يجاوزون في الإثبات والنفي ما جاء به القرآن والحديث على القاعدة المقررة عندهم؛ أنه لا يتجاوز في صفات الله تعالى القرآن والحديث، فلا نثبت ما لم يثبت في القرآن والحديث بالأقيسة ولا ننفي ما لم يُنف في القرآن والحديث بالأقيسة؛ لأن المنفي له جهات كثيرة، ولفظ هنا الجسم المنفي وأنه ليس بجسم هذا لا يستعمل هذه العبارة أهل السنة ولا يقولون إن الله تعالى جسم لا كالأجسام ولا يقولون أيضا ليس بجسم؛ لأن هذا لم يَرِد وهذا لم يُرَد.
ولفظ الجسم هذا يحتمل المراد منه إلى أن الجسم هنا ما له صفات مختلفة ذاتية ومعنوية متشكلة على هيئة صورة، أو الجسم المراد به الأجسام المعهودة المخلوقة.
إذن نريد بالجسم ما له صفات ذاتية معنوية صفات ذاتية وصفات أفعال على هيئة صورة اجتماعها يشكل صورة، فإن الله جل وعلا له صورة سبحانه وتعالى كما ثبت في ذلك في الأحاديث الصحيحة، وصفاته جل وعلا باجتماعها بها يكون صورة الرب جل وعلا، لهذا في الحديث المعروف بعرصات القيامة «قال: هل تعرفون ربكم؟ قالوا: نعم. قال: فيأتيهم في صورة غير التي عرفوها أو رأوه عليها، فيقول: أنا ربكم فاسجدوا لي، فيقولون: لا نسجد إلا لربنا، حتى يأتينا ربنا، قال: هل بينكم وبينه آية؟ قالوا: نعم الساق، فيكشف ربنا عن ساقه، فيخر من كان يسجد له في الدنيا، ويبقى من كان لا يسجد له -يعني من المنافقين-، فيريد أن يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا» الحديث المعروف الصحيح المقصود من هذا أن لفظ الجسم هذا لم يرد، فلا يصح أن ينسب لأهل السنة والحديث نفيا للجسمية ولا إثبات الجسمية فهذا ليس بمثبت ولا بمنفي.
مقصود شيخ الإسلام بهذه النقول مقصود جملة الكلام، ما يقصد منها تحقيقها هو حققها في التدمرية هذه المباحث.
هذا التعليق من شيخ الإسلام، هذا التعليق من كلامه، هو الذي علمنا هذا رحمه الله.
.. نقول الألفاظ المجملة إن فسرت بمعنى صحيح قُبلت، فالنافي من يقول ليس بجسم نقول ماذا تريد بالجسم؟ إن قال أريد بالجسم الأجسام المخلوقة المعهودة فنقول نعم جل وعلا ليس بجسم من الأجسام المعهودة المخلوقة.
وإذا أراد بالجسم صفات الله جل وعلا من أن له جل وعلا وجها وله عينين سبحانه وله سبحانه وتعالى يدان وله عينان وله قدم إلى آخر ذلك، وله صورة سبحانه وتعالى، وله صفات سمع وقوة إلى آخره، قال أنا أريد بنفي الجسم هذا نفي الصورة، وأن الصفات هذه مجتمعة على هيئة صورة فنقول هذا باطل إلى آخره.
مثل ما تفضلت الألفاظ المجملة التي تحتمل معنيين يعني تحتمل هذا وتحتمل هذا هذه لا يطلق إثباتها؛ لأنها أصل لم ترد ولا في القرآن كلها سواء ولله الحمد؛ لأن المقام مقام إيضاح لصفات الرب سبحانه.