بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام النووي في المجموع: يستحب رفع الصوت بالتكبير بلا خلاف
وقال ابن قدامة في المغني ج: 2 ص: 114
مسألة قال ثم غدوا إلى المصلى مظهرين للتكبير
وقال صاحب الإنصاف من الحنابلة
الثانية : يجهر بالتكبير في الخروج إلى المصلى في عيد الفطر خاصة وقدمه ابن تميم , وابن حمدان , وعنه يظهره في الأضحى أيضا . جزم به في النظم وقدمه في مجمع البحرين ونصره
قلت الدلالة التي أذكرها هنا هو أن الجهر أمر لا خلاف عليه بالنسبة للرجال
فلو ثبت ذلك وقلنا لواحد: كبر داخل المسجد حيث يوجد آخرون يجهرون بالتكبير فلا يعقل أن يكبر الإنسان وحده إلا إن تعمد المخالفة (نعم تعمد المخالفة ولا حول ولا قوة إلا بالله) أما لو ترك نفسه على سجيته لكبر مع الآخرين تلقائيا, يعرف ذلك كل منصف لا يتشنج لرأيه الخاص أو رأي تبناه بدون بصيرة ولا تفكر
الدليل الثاني
في صحيح البخاري ج: 1 ص: 330
باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة
وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا
وهذا دليل واضح على صحة التكبير الجماعي
ولا أدري لماذا العناد في رفضه والإصرار على إنكار الاستدلال به على التكبير الجماعي
وقل لي بربك كيف يرتج المسجد بدون أن يكون هناك اجتماع للصوت
أما لو كبر كل واحد وحده لصار كالحراج ولا ارتجاج البتة
ويؤيد هذا الفهم ما جاء في سنن البيهقي الكبرى ج: 2 ص: 59 وذكره الحافظ في فتح الباري ج: 2 ص: 267
عن عطاء قال أدركت مئتين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين سمعت لهم رجة بآمين
قال ورواه إسحاق الحنظلي عن علي بن الحسن وقال رفعوا أصواتهم بآمين
فبالله عليك كيف يقول المأمومون آمين خلف الإمام هل كل واحد وحده أم كلهم بصوت واحد ومنه يرتج المسجد
وما أقوله هنا ليس بدعا من القول أو فهما حديثا بل سبقنا إليه علماء أفاضل ذوو فهم ثاقب
فها هو إمام المحدثين وخاتمة الحفاظ ابن حجر العسقلاني يقول في فتح الباري ج: 2 ص: 461
قوله وكان عمر يكبر في قبته بمنى الخ وصله سعيد بن منصور من رواية عبيد بن عمير قال كان عمر يكبر في قبته بمنى ويكبر أهل المسجد ويكبر أهل السوق حتى ترتج منى تكبيرا ووصله أبو عبيد من وجه آخر بلفظ التعليق ومن طريقه البيهقي وقوله ترتج بتثقيل الجيم أي تضطرب وتتحرك وهي مبالغة في اجتماع رفع الأصوات
وهذا أيضا الشوكاني يكرر نفس المقالة في نيل الأوطار ج: 3 ص: 388
وقوله ترتج بتثقيل الجيم أي تضطرب وتتحرك وهي مبالغة في اجتماع رفع الأصوات
قلت وهذا الخبر المروي في البخاري تعليقا بصيغة الجزم قد وصوله أيضا في أخبار مكة الفاكهي ج: 4 ص:258
وحدثنا محمد بن أبي عمر قال ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء عن عبيد بن عمير قال إن عمر بن الخطاب بن رضي الله عنه كان يكبر في قبته بمنى فيكبر أهل السوق بتكبيرة حتى ترتج منى تكبيرا
ويقطع الشك في فهم هذا الأثر على أنه تكبير جماعي بلا ريب رواية البيهقي في سننه الكبرى ج: 3 ص: 312
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر بن إسحاق قال قال أبو عبيد فحدثني يحيى بن سعيد عن بن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر رضي الله عنه كان يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون فيسمعه أهل السوق فيكبرون حتى ترتج منى تكبيرا واحدا
فهل بعد ذلك من شك ؟
كيف يكبر يوم عرفة
حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة عن مسكين أبي هريرة قال : سمعت مجاهدا وكبر رجل أيام العشر فقال مجاهد : أفلا رفع صوته فلقد أدركتهم وإن الرجل ليكبر في المسجد فيرتج بها أهل المسجد , ثم يخرج الصوت إلى أهل الوادي حتى يبلغ الأبطح فيرتج بها أهل الأبطح وإنما أصلها من رجل واحد
الدليل الثالث
روى مالك في الموطأ ج: 1 ص: 404
باب تكبير أيام التشريق
عن يحيى بن سعيد انه بلغه ان عمر بن الخطاب خرج الغد من يوم النحر حين ارتفع النهار شيئا فكبر فكبر الناس بتكبيره ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع النهار فكبر فكبر الناس بتكبيره ثم خرج الثالثة حين زاغت الشمس فكبر فكبر الناس بتكبيره حتى يتصل التكبير …
فما رأيك بهذا الآن ؟؟
ثم قال مالك الأمر عندنا ان التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات وأول ذلك تكبير الامام والناس معه دبر صلاة الظهر من يوم النحر وآخر ذلك تكبير الامام والناس معه
والناس معه…؟
هذا هو فهم الإمام مالك
الدليل الرابع
صحيح البخاري ج: 1 ص: 329
باب فضل العمل في أيام التشريق وقال بن عباس واذكروا الله في أيام معلومات أيام العشر والأيام المعدودات أيام التشريق
وكان بن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما
هذا الأثر رواه معلقا مصححا له الإمام البخاري بصيغة الجزم
وهنا البحث عن معنى كبروا بتكبيرهما
قلت وهو واضح جلي في التكبير الجماعي لمن أنصف وتدبر فلا يكون تكبير الناس بتكبيرهما إلا جماعيا
فلماذا تحريف الكلم عن مواضعه ممن يسعون جاهدين لمنع التكبير الجماعي
وقل ماذا تفهم من قوله في الحديث
وقام ابو بكر عن يمينه فكبر النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم وكبر ابو بكر وكبر الناس بتكبير ابي بكر ؟؟؟
كما في كتاب الآثار ج: 1 ص: 57 وأصله في الصحيح
هل هذا إلا تكبير جماعي وبانتظام منسجم وموحد,؟؟
لكنه سري هنا للمأمومين
وزيادة في البحث لهذا الأثر لنزيل اللبس ونرفع الإشكال
قال الإمام ابن حجر في فتح الباري ج: 2 ص: 458
قوله وكان بن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر الخ لم أره موصولا عنهما وقد ذكره البيهقي أيضا معلقا عنهما وكذا البغوي
ثم نقل ذلك الشوكاني في نيل الأوطار ج: 3 ص: 388 ولم يزد عليه
قلت وقد أكرمني الله بالوقوف على وصل إسناد هذا الأثر الذي علقه البخاري جازما بصحته ففي أخبار مكة ج: 3 ص: 9 للفاكهي
حدثني إبراهيم بن يعقوب عن عفان بن مسلم قال ثنا سلام محمد إبن سليمان أبو المنذر القارىء قال ثنا حميد الأعرج عن مجاهد قال كان أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما يخرجان أيام العشر إلى السوق فيكبران فيكبر الناس معهما لا يأتيان السوق إلا لذلك
قلت وهذا اللفظ (((فيكبر الناس معهما))) لا شك فيه ولا مجال لمتأول أنه تكبير جماعي مبارك
وهو إسناده حسن فلله در البخاري ما أوسع علمه
وسبحان من لا يسهو فابن حجر ممن نقل عن أخبار مكة للفاكهي ووصل منه أثرا آخر للبخاري بل وفي نفس الباب لكن لم تقع عينه على هذا الأثر
والفقير إنما تعرف على منزلة هذا الكتاب الجليل من ابن حجر وكنت شغفا لاستخراج مثل هذا النص من أول يوم وقعت عيني على الكتاب حين طبع منذ عشرة سنوات أو أكثر
فالحمد لله
الدليل الخامس
وفي صحيح البخاري ج: 1 ص: 330
باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة
وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد
تأمل قوله يكبرن خلف أبان وعمر
هل هذا إلا ترديدا جماعيا مع اعتبار خفض الصوت للنساء كما نص على ذلك الفقهاء
قال الإمام الرملي في نهاية المحتاج
قوله: (رفع الصوت ) إظهارا لشعار العيد , واستثنى الرافعي من طلب رفع الصوت المرأة ومحله كما بحثه الشيخ إذا حضرت مع الجماعة ولم يكونوا محارم ومثلها الخنثى
وفي المغني لابن قدامة ج: 2 ص: 127
فصل والمسافرون كالمقيمين فيما ذكرنا وكذلك النساء يكبرن في الجماعة وفي تكبيرهن في الانفراد روايتان كالرجال قال ابن منصور قلت لأحمد قال سفيان [COLOR="Red"]لا يكبر النساء أيام التشريق إلا في جماعة[/COLOR] قال أحسن
وقال البخاري كان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد وينبغي لهن أن يخفضن أصواتهن حتى لا يسمعهن الرجال وعن أحمد رواية أخرى
وكذا في مطالب أولي النهى من كتب الحنابلة قال عند شرح
( ومسافر ومميز وأنثى كمقيم وبالغ ورجل ) في التكبير عقب المكتوبات جماعة , للعمومات , لقول ابن مسعود : " إنما التكبير على من صلى جماعة " وتكبر المرأة إن صلت جماعة مع رجال أو نساء وتخفض صوتها
وقال الشيخ محمد الطوري في البحر الرائق شرح كنز الدقائق في الفقه الحنفي
( قوله وبالاقتداء يجب على المرأة والمسافر ) أي باقتدائهما بمن يجب عليه يجب عليهما بطريق التبعية والمرأة تخافت بالتكبير …
قلت: أما الاجتماع في التكبير فهو واضح بدون أدنى شك
الدليل السادس
روى البخاري ومسلم
عن أم عطية قالت كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها حتى نخرج الحيض فيكن خلف الناس فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته
ولفظ مسلم ج: 2 ص: 606
فيكن خلف الناس يكبرن مع الناس
وفي المستخرج لأبي نعيم على صحيح الإمام مسلم ج: 2 ص: 474
فيكن خلف الناس يكبرن مع الناس
وكذا في سنن البيهقي الكبرى ج: 3 ص: 306 والمعجم الأوسط ج: 6 ص: 273 والكبير ج: 25 ص: 57 كلهم بنفس اللفظ
وقد سبق بحث تكبير النساء وهنا تصريح بأنهن يقتدين بتكبير الرجال الجماعي ولا مجال أن يقتدين بالتكبير لو كان كل واحد من الرجال يكبر عاليا وحده بل هن يقتدين بمجموع تكبير الرجال
هيهات هيهات لمعنى غير هذا
آثار أخرى
روى البخاري في التاريخ الكبير ج: 2 ص: 147
عن باب بن عمير قال النبي صلى الله عليه وسلم كبروا بتكبير أمرائكم
قلت وهذا معضل لكن يشهد له فعل الصحابة أعلاه
سنن البيهقي الكبرى ج: 3 ص: 313
وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه قال إن الأئمة كانوا يكبرون صلاة الظهر يوم النحر يبتدؤون بالتكبير كذلك إلى آخر أيام التشريق
الدليل السابع
تصريح بعض العلماء به ففي حاشية الصاوي قوله:
وأما التكبير جماعة وهم جالسون في المصلى فهذا هو الذي استحسن . قال ابن ناجي افترق الناس بالقيروان فرقتين بمحضر أبي عمرو الفارسي وأبي بكر بن عبد الرحمن , فإذا فرغت إحداهما من التكبير كبرت الأخرى فسئلا عن ذلك ؟ فقالا : إنه لحسن .
وعليه فقهاء المالكية
الدليل الثامن
تصريح عالم قريش الذي ملأ علمه الأرض وقد بشر به النبي صلى الله عليه وسلم مجدد القرن الثاني كما قرر ذلك الإمام أحمد
قال سيدنا الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في الأم ج: 1 ص: 241
باب التكبير في العيدين:
قال: يكبر الناس في الفطر حين تغيب الشمس ليلة الفطر فرادى وجماعة في كل حال حتى يخرج الإمام لصلاة العيد ثم يقطعون التكبير
ثم قال ويكبر إمامهم خلف الصلوات فيكبرون معا ومتفرقين, ليلا ونهارا وفي كل هذه الأحوال
ثم قال ويكبر الناس في الآفاق والحضر والسفر كذلك ومن يحضر منهم الجماعة ولم يحضرها
قال ويكبر الإمام ومن خلفه خلف الصلوات ثلاث تكبيرات وأكثر وإن ترك ذلك الإمام كبر من خلفه
قال ويكبر أهل الآفاق كما يكبر أهل منى ولا يخالفونهم في ذلك إلا …
قال ولا يدع من خلفه التكبير بتكبيره ولا يدعونه إن ترك التكبير …
قال ويكبر خلف النوافل وخلف الفرائض وعلى كل حال
هذه ادلة من الاسياد الفقهاء الذين حفظ الله بهم هذا الدين
وفقنا الله للتمسك بسنة الاولين وحفظنا من زيغ المبتدعين