بسم الله الرحمن الرحيم
ردا على مداخلات (تهجم) بعض الإخوة و الأخوات الذين على ما يبدوا قد أساؤا فهم نصائحي التي وجهتها في مداخلتي الأولى و الذنب ذنبي إذ أنني تركتها عامة دون تقييد، الأمر الذي جعلني أقوم بحذفها حتى لا يحملون كلامي ما لا يحتمله...
و بالرغم من ضيق وقتي إلا أنني أجد نفسي مضطرا لتوضيح بعض النقاط المبهمة بخصوص ما قدمته كنصائح أثارت حفيظة بعض الزملاء...
بادئ ذي أنا أشكر زملائي على النقد البناء الذي قدموه لنصائحي و هذا إن دل عن شيء إنما يدل على صفاء سرائرهم و حسن نياتهم...
أما بخصوص الموضوع قيد النقاش فأنا أتحدث عن تأطير الطلبة في العلوم التجريبية لا الأدبية/الإنسانية/الإجتماعية ... فنحن نعتمد في بحوثنا على التجارب المخبرية التي ننجزها بأنفسنا و في كثير من الأحيان بتمويل خاص من المؤطر أو مخبر البحث الذي ينتمي إليه الباحث ... كما أنني أتحدث عن الحالة التي يكون فيها المشرف هو الذي يقترح الموضوع (و ليس الطالب) لأن غير ذلك أعتبره شخصيا مضيعة للوقت... ببساطة لأن البحث هو سلسلة مترابطة الحلقات ... فمن النادر أن نبدع أفكار جديدة انطلاقا من العدم... كما أن الخبرات الإنجازية و التجارب السابقة تساعد على تجسيد البحث في أقل وقت ممكن، بأقل التكاليف المتاحة و بأفضل النتائج (= الفعالية)...
إذا أنا أتحدث عن النتائج الخام المتحصل عليها و ليس عن مذكرة الطالب... فالطالب سيناقش تلك النتائج (أو جزء منها) حسب معارفه و خبراته لينتج عمله الخاص (مذكرة)... و للمشرف أو طاقم المخبر أن يناقشوا نفس النتائج الخام بطريقتهم الخاصة لكتابة مقالة علمية أو مداخلة و هذا أمر لا يمت بأي حال من الأحوال إلى السرقة العلمية (plagiarism) بصلة... و هو معمول به في الجامعات الغربية و أنا أتكلم عن تجربة... فالمشرف الذي يقترح موضوع معين و يوفر الوسائل اللازمة لإنجاز التجارب و يسهر شخصيا على إنجازها بل و ينجزها بنفسه إن كان الطلبة لا يملكون من الخبرات ما يؤهلهم لذلك ... يملك حق التصرف في تلك النتائج لأنها من بنات أفكاره و قد أنفق عليها من ماله... في حين يستفيد الطلبة من تلك التجارب الخبرة اللازمة لإنجاز أبحاثهم بطريقة مستقلة في المستقبل و هذا هو الهدف الأساسي من إنجاز مذكرات التخرج (الليسانس و الماستر) ... فليس المطلوب من طالب الليسانس (كلاسيك أو ل م د) أو الماستر أن يأتي بشيء جديد لأن ذلك كما سبق و أشرت إليه هو ليس في متناول ألاف الدكاترة و أصحاب الأستاذية في بلادنا فما بالك بالطالب و هو معذور في ذلك... (بإستثناء النزر القليل)....
من جهة أخرى ... كيف يحق لطالب لمجرد أنه شارك في تجارب بحث ما -لتعليمه طرق البحث ليس إلا- بمعنى أن الباحث كان بإمكانه إنجاز تلك التجارب بمفرده... لكن ضرورة تأطير الطلبة من جهة و إنجاز الأبحاث من جهة أخرى تجعل منه أحد الخيارات المتاحة (علما أننا نتحدث عن أساتذة مساعدين يفترض أنهم لا يقومون بتأطير الطلبة و لا حتى بتقديم المحاضرات)، كيف لهذا الطالب أن يطالب بملكية نتائج هذا البحث و أن الأستاذ المشرف يجب أن يأخذ موافقته حتى ينشر مقالا علميا أو مداخلة .... علما أن إنجاز مقال علمي ليس بالأمر المتاح حتى لألاف الدكاترة و أصحاب الأستاذية فما بالك بالطالب... للتذكير فقط هناك عشرات المجلات العلمية المحترمة ترفض نشر أي عمل يقدمه الطلبة حتى طلبة الدكتوراه دون موافقة المشرف على نشر ذلك العمل ... و السؤال المطروح ... لماذا؟ هل هم يجهلون قواعد البحث و أبجدياته أم ترانا نحن من وضع تلك القواعد ؟؟؟؟.
في الختام أقول، كيف نطالب الأخرين أن يحترموا القواعد و الأبجديات الخاصة بالبحث العلمي و نحن وضعناهم أصلا في وضعيات تتناقض مع قواعده و أبجدياته ؟؟؟؟
و ربما هذا أهم سبب يفسر تراجع المستوى و كذا التأخر الذي يميز إنجاز مشاريع الدكتوراه في العلوم التجربية على وجه الخصوص... (لا يكفي أن يقرأ الباحث مجموعة من الكتب و يشر مقال حتى في مجلة بوزن جريدة يومية ليتحصل على الدكتوراه... و هذا للأسف حال معظم دكاترة العلوم الإنسانية)) ... أتحدث عن العموم ... و الشاذ في كلا الحالتين يحفظ و لا يقاس عليه
و كما قال أنشتاين (في المعنى) " لا يمكن حل المشكلات التي تعترضنا بنفس الأفكار التي كانت أصلا السبب في تلك المشكلات "
الحديث ذو شجون...
إلى ذلكم الحين ... سلام.