قصص وعبر - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > قسم الإبداع > قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية

قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية قسمٌ مُخصّصٌ لإبداعات الأعضاء في كتابة القصص والرّوايات والمقامات الأدبية.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

قصص وعبر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-09-05, 18:34   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي دموع الرجال

في ذاك المستشفى الذي تتحرك إليه خطواتي سريعة متثاقلة ترقد على سريرأبيض نظيف بهي ولكنه جدا مزعج لنفسي وراحة بالي ترقد صغيرتي ذات السبع سنوات.

صغيرتي ذات الشعر الأسود المنسدل كالحرير على كتفيها الصغيرين والعيون ذات اللون العسلي الصافي وتلك البشرة النضرة بياضا تخللها خدين حمراوين وأنف ٌ كالسيف في حده والإصبع في حجمه.

دخلت عليها حزيناً أُظهِر لها الفرحة في كل ما أملك من حواس إلا العينين فلما رأت محيا أبيها صرخت صغيرتي ذات اللسان اللدغ: أبتي حبيبي.

فانكببت أقبل تلك الوجنات والعينين واليدين كالعاشق الولهان على صغيرتي فأخذت بالضحك، ضحك طفولي ينعش القلوب قائلة : أبتي متى تكف عن تقبيلي.

أبتي! قلت: صغيرتي والله وددت أن أقضي بقية عمري أقبلُ حبيبتي الصغيرة. قالت: أبتي إني أخجلُ من تقبيلك لي وخاصة إن كان أحدٌ من " الناث " حولي.

فضحكت وكم كنت أضحك من تلك اللدغة في لسانها لما تضفي عليها من طفولة وبراءة وجمال نظرت إليَّ صغيرتي قائلة: أبتي تواترت لديَّ كثير من " أثــئلة " عندما غبت عني فأحبُ أن أطرحها عليك.

تفضلي صغيرتي فكلي لك أذانٌ صاغية.

قالت: متى " الإنــثان " يكون في " ثــعادة " ؟ قلت: عندما يكون قلبه خاليا ً من هم الدنيا ومشاغلها.

قالت: وكيف يكون ذلك؟ قلت: لا يكونُ أبدا ً، فالدنيا همها أكبر من سعادتها. قالت: وما الحل ُ يا أعز َّ حبيب لي؟.

ترقرقت الدموع في عيني من قولها فقلت: الصبر على البلوى ، وسؤال ربنا المولى. فقالت بكل لهفة وعفوية: أبتي! أبتي! هل يبكي الرجال يا أبتاه؟.

استغربت ُ سؤالها، وصمت مني اللسان لحظات، وكأن نفسي أوجست شيئا فقلت: صغيرتي ما دعاك لهذا السؤال؟ قالت: لا شئ أبتي، ولكنه " ثــؤال " ورد في ذهني فجأة وأريد الإجابة عليه إذا " ثـمحت " .

قلت: لكِ هذا يا صغيرتي، نعم يبكي الرجال أحياناً قالت: كبكاء النــثاء أبتاه ؟ قلت: لا، " فالنـــثاء " أقصد النساء.. ضحكت صغيرتي بقوة حتى كاد قلبي أن يقف خوفاً عليها، ضحكت صغيرتي على أبيها عندما أخطأ فأخذت تقول وهي تقهقه: أبتي لقد " أثــبحتَ " مثلي ، تأكلُ حروف الكلام فضحكت من قولها.

فبادرت تقول: أكمل أبتي قلت: أها، حاضر، نعم يبكي الرجال ولكن ليس كالنساء فالنسوة في طبعهن الحنوُ والحنان، يثير قلبها الحاني أي موقف مؤثر وإن لم يكن هذا فيها أو في أحد تعرفه.

قالت: إذن متى يبكي الرجال؟ قلت: يا حبيبتي ، يبكي الرجال في مواقف شديدة وخاصة عندما يعجزون عن التصرف فيها أو لا تكون لديهم حيلة في هذا الأمر أو ذاك.

قالت: متى أرى دمعة الرجل أبتاه؟ قلت: ترينها يا صغيرتي في صرخة مقهور، ونار الغيور، وعند فقد العزيز، وفي جبنٍ لبعض الرجال عندما يكون للرصاص أزيز.

قالت: أبتي، ما " تـقـثد " بالعزيز؟ قلت: عندما يفقد الرجل أحب ما في الكون لفؤاده قالت: هل بكيتَ أمي يا أبتاه؟ .

بنيتي يتيمه فقد فقدت أمها وهي في السنة الأولى من عمرها ولم أتزوج خوفاً على بنيتي الصغيرة من الضيم والظلم لامرأة الأب وسؤال تلك الصغيرة فاجأني وبعد صمت طويل وترنح فؤادي للذكريات وعيون صغيرتي ترقبُ الإجابةَ مني.

قلت: نعم يا حبيبتي، بكيتُ كالطفل الرضيع على ماما ، بكيتُ كثيراً حتى أحسست أني سأموت من الحزنْ.

قالت: أبتي! قلت: قولي يا أعظم ما في حياتي وأمنيتي. قالت: أبتي! أرجوك يا أبتي. قلت: ما الأمر يا غاليتي؟ قالت: أبتي، إن فقدتني في يوم من الأيام فلا تبكي يا أبتي. صدمت ، بل صعقت وبسرعة البرق حملتها من سريرها إلى حضني صارخاً لما تقولين ذلك بنيتي؟ هل تشعرين بشئ؟ هل يؤلمك أمرٌ ما؟ .

قالت: وإبتسامة ترتسم على وجهها المزخرف بجواهر الحب والحنان والبراءة كم أحبك يا أبتي عندما تهتم فيني بجنون وأخذت الإبتسامة في الاتساع ورددت قائلة: لا تخف يا أبي ، فوالله ما فيني شيء غير حبٌ أملكه ويتملكني لك يا أبتاه.

قلت: إذن لما قلتي ما قلتي ؟ قالت * أبتي إني " أثــمعُ " ممن حولي من أعمام وأخوال " وأثــحاب " يقولون إن أبيك لذو هيبة ورجولة في شكله وفعله فأحببت أن يكون أبتي كما هو مهيبا ً كما تعود " الــناث " منه ذلك ، فلا تهتز " ثــورته " الرائعة عند " الناث.

قلت: صغيرتي، لقد والله قتلتني بكلمتك وقد خفت كثيرا. قالت: أبتي عدْني ألا تبكي يا أبتي. صمت لحظات فقالت: أبتاه يا أبتاه عدني أرجوك ، قل لي أنك لن تبكي إن فقدتني أرجوك قلها. فقلت: لا عليك سأفعل ما تحبين صغيرتي. قالت: عدني أبتي. قلت: إن شاء الله حبيبتي. قالت: أبتاه عدْني أبتاه! قلت: أعدك يا بنيتي ولكن لا تعودي لهذا الكلام مرة أخرى. قالت: أعدك ألا أتكلم مرة ً أخرى إلا شيئاً أريد قوله فهل تـثمح لمن دللتها ودلعتها أن تقوله؟.

قلت: قولي ما تشائين. قالت: أبتي ، إني أرى أمي أمامي، تنادي قائلة " تعالي يا صغيرتي " أبتي، ما أجمل أمي وما أحلاها ، أبتي أمي تدعوني يا أبتي، أبتي أريد ماما أبتي أريد ماما، تلك ماما ، ماما صرختُ: لا، لا، لن أتركك تذهبين، لا يا صغيرتي، لا تتركي أبيك، لا بنيتي لا لا يا حبيبتي لا ، أرجوك ، يا رب يا الله بنيتي ، يا رب ليس لي غيرها يا رب!

قالت: أبتي وعدتني ألا تبكي أبتاه كم أحبك يا أبي، أبتاه كم أحبك يا أبي، صمتت بنيتي عن الحديث فجأة، ولكنها مبتسمة فهززتها أصرخ: صغيرتي، صغيرتي، أرجوك يا صغيرتي، يا ويلي، ماتت بنيتي، ماتت صغيرتي، ماتت حبيبتي ماتت اليتيمة ماتت اليتيمة ويتمتني، أعلم من مرضك الخبيث أنك سوف تموتين ولكن ليس الآن يا صغيرتي.

فانهمرت الدموع من عيني وأنا وعيني نتسابق على انهمارها ومسحها لأني وعدت ُ صغيرتي فوقعت دمعة على خدها الأبيض الشفاف البرئ فمسحتُ الدمعة وقلتُ لبنيتي الصغيرة: سامحيني صغيرتي، لا أستطيع وقفَ دموعي.

سامحيني حبيبتي فأخذت تلك الجوهرة الثمينة الى حضني ودموعي تنهمر بغزارة ولكن بلا صوت أقول في نفسي " هنا يبكي الرجال " هنا يا صغيرتي هنا يا حبيبتي يبكي الرجال العتاة القاسية قلوبهم أشباه الجبال.

هنا يبكي الرجال وداعا ً يا صغيرتي ، وداعا ً يا صغيرتي وداعا ً الى الأبد وداعا ً يا صغيرة َ أبيها وداعا ً يا مهجة حانيها وداعا ً يا ثمرة ْ لم أجنيها وداعا ً وداعا ً يا براءة الطفولة وداعا ً يا سؤالي وحلوله، وداعا ً يا نسبي وأصوله وداعا .ً

سأفتقد تلك البسمات والجدائل الصغيرة الناعمات وحروفٌ تحولت لثائات وداعا وداعاً وداعُ مودع يودع وداعا ً يامن للموت تجرع وداعا ً صرخة فيها أُسمِع وداعاً وداعا ً يا أجمل يتيمة يا إغنى وأغلى قيمة يا نظر العين وديمه وداعاً كتبتها من سنين وكنت أظنها تدمع العين ليست قصة حدثت معي بل مع صديق لي وأنا رويتها بتصرف.









 


رد مع اقتباس
قديم 2013-09-05, 18:35   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي ماتت الاعضاءوبقي قلب ينبض بالعطاء

فتاة تصاب بحادث يسبب إصابتها بالشلل الرباعي؛ انعدام الحركة في جميع أجزاء الجسم ما عدى الكتف والذراعين فقط ورغم ذلك استغلت تلك الفتاة وقتها فيما يعود عليها بالنفع الأخروي.

تقول هذه الصابرة المحتسبة: كان عمري عندما أصبت بالحادث ستة عشر عاماً، والآن أرقد على هذا السرير قرابة اثنتي عشرة عاماً.

أحفظ من القرآن خمسة عشر جزءاً ولله الحمد، أقوم بإعداد المحاضرات بالتعاون مع بعض الأخوات التي يقمن بنشرها وإلقائها في بعض المساجد ومدارس التحفيظ، وأقوم بإرسال بعض الكتب والأشرطة الدينية لمن يستفيد منها.

ومن بعض ما تعاني منه تقول: أجد صعوبة في التنقل من جنب إلى جنب وأعاني من بعض القروح المزمنة بسبب ملازمة الفراش، ولا أقول ذلك للشكوى وإنما ليعتبر من أنعم الله عليه بالصحة والعافية ليستغل هذه الصحة في طاعة الله جلا وعلا.

وتقول أيضاً: لا أستطيع الصيام لما أجد من متاعب في المسالك البولية.

أما عن كيفية أدائها للصلاة تقول: أصلى وأنا مستلقية على السرير وطبعاً أتيمم؛ لأني لا أستطيع الوضوء.

وتختم حديثها بكلمات مؤثرة توقظ الغافل والغافلة: يحضرني حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) وكان ابن عمر يقول: " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك ".

وهذه الصحة غالية لا يعرفها إلا من عانى فقدها ، فأنصح إخواني وأخواتي باستغلال هذه الجوارح في طاعة الله والذهاب إلى مجالس الذكر وألا يعصوا الله بنعم الله , بل عليهم استغلالها قبل فوات الأوان فالدنيا ساعة فاجعلها طاعة.

فلا يدري الإنسان متى يفاجأ بالأجل، يقول الله تعالى: ((وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ))[لقمان:34] .

فأنا كنت في حالة من الصحة والعافية وفي بضع دقائق تحولت إلى كتلة لحم جامدة.. فهل من معتبر؟.

ومضة: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: يقول رسول صلى الله عليه وسلم: ( نعمتان مغبوناً فيهما كثيراً من الناس الصحة والفراغ ) رواه البخاري.

فهل نتذكر نعمة الصحة والعافية التي نرفل فيها؟ هل تذكرنا نعمة الحركة والمشي على الأقدام والذهاب والقيام بشؤوننا الخاصة .

هل تذكرنا نعماً أعطانا الله إياها ونحن نعصيه بها , واعجباً أين شكر هذه النعم ! قال ابن الجوزي رحمه الله : " النعم إذا شغلتك عن المنعم كانت من المصائب ".

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يمتعنا بأسماعنا وأبصارنا وجميع جوارحنا، وأن يجعلها معينة لنا على طاعته وأن يشفي مرضى المسلمين إنه على كل شيء قدير .

المصدر: " كتاب تجارب دعوية ناجحة " بتصرف .











رد مع اقتباس
قديم 2013-09-05, 18:36   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي عجز الطب ولكن اتاه الشفاء

في غرفة ذات ثلاثة أسرة بيضاء كان يرقد على السرير الأوسط رجل في غيبوبة تامة لا يعي ما حوله من أجهزة مراقبة التنفس والنبض وأنابيب المحاليل الطبية.

وفي كل يوم منذ أكثر من عام ودون انقطاع كانت تزور ذلك الرجل امرأة ومعها صبي في الرابعة عشرة من عمره ينظران إليه بحنان وشفقة ويغيران ملابسه ويتفقدان أحواله ويسألان الجهاز الطبي عنه ولا جديد في الأمر الحالة كما هي غيبوبة تامة وأمل مفقود من شفائه..

وقبل أن تذهب المرأة والصبي يرفعان أكف الضراعة إلى الله أن يشفيه ثم يغادران المستشفى ويعودان مرة أخرى للزيارة الثانية في نفس اليوم.

المرضى وهيئة التمريض والأطباء في استغراب تام من زيارة المرأة والصبي رغم أنه لا جديد في حياة المريض فما هذا الإصرار العجيب علي تكرار الزيارة مرتين في اليوم.

رغم أنه لا يعي أي شئ حوله وفي غيبوبة تامة.. كلموها بعدم جدوى زيارتها له ودعوها للزيارة مرة في الأسبوع وكانت المرأة لا ترد إلا بكلمة الله المستعان.

وذات يوم وقبل موعد الزيارة بوقت قصيرة تحرك الرجل في سريره وتقلب من جنب إلى جنب آخر ثم فتح عينيه وأبعد جهاز الأوكسجين واعتدل في جلسته ثم نادى الممرضة وسط ذهول الحضور وطلب منها إبعاد الأجهزة المساعدة.

فرفضت واستدعت الطبيب الذي كان أيضاَ في حالة ذهول فأجرى فحوصات سريعة له فوجد الرجل في منتهى الصحة والعافية وطلب إبعاد الأجهزة وتنظيف مكانها في جسده.

وكان موعد الزيارة قد بدأ.. ودخلت المرأة والصبي وما أن رأياه حتى اختلطت الدموع بالابتسامات والبكاء بالدعاء والحمد بالثناء لله الذي أتم نعمة العافية على زوجها.

وهنا قال الطبيب للمرأة: هل توقعت أن تجديه يوماً ما بهذه الحالة ؟ فقالت: نعم والله كنت أتوقع أن أدخل عليه يوماً وأجده جالساً بانتظارنا.

فقال لها: إن هناك شيئاً ما حصل ليس للمستشفى أو الأطباء دور فيه.. فبالله عليك أخبريني لماذا تأتين يومياً مرتين وماذا تفعلين ؟.

قالت: بما أنك سألتني بالله فأقول لك كنت أزور زوجي الزيارة الأولى للاطمئنان عليه والدعاء له.. ثم أذهب أنا وابني للفقراء والمساكين في الأحياء الشعبية ونقدم لهم الصدقات بنية التقرب إلى الله لشفائه.

فلم يخيب الله رجائها ودعائها.. فخرجت في آخر زيارة وزوجها معها إلى البيت الذي طال انتظاره لعودة صاحبه إليه لتعود البسمة والنور والفرحة له ولأفراد أسرته..

من فوائد القصة:

- كمال التوكل علي الله مع الأخذ بالأسباب.

- الثقة وحسن الظن بالله جلا وعلا.

- من أعظم أسباب التداوي بذل الصدقة بنية الشفاء.

- الأطباء والدواء وغيرها من الأسباب وإن عظمت تبقي أسباباً للشفاء فيجب التوجه والتعلق الكامل بالشافي سبحانه.










رد مع اقتباس
قديم 2013-09-05, 18:37   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي لماذا بكى الشيخ البراك

قال والدي الدكتور إبراهيم الفارس حفظه الله : ثمة أمر دعاني لاستصحاب الشيخ عبد الرحمن البراك لزيارة سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله لمراجعته فيه.

أركبت الشيخ بجانبي في السيارة في الطريق لم يكد يعطني فرصة لمراجعته في بعض المسائل من شدة انهماكه في الذكر والقراءة.

إن سألته أجاب ثم رجع لذكره وقراءته سريعاً وكأنما خرج من بيته الذي يأوي إليه لأمر ثم عاد إليه.

توسطت مع الشيخ في أحد أشهر شوارع الرياض، وكعادة الرياض كان الشارع مزدحماً - اللبيب لا تقلقه الزحمات، إنما ينظر إليها كبوابة فراغ أجبر على الولوج فيها فأكرمها باستغلالها - طالت الزحمة حتى نادى المنادي للصلاة.

عمت في بحيرة من القلق فمخارج الطريق مغلقة والطريق يكاد يقف، وإنما أقلقني خشية فوات الصلاة في الجماعة على الشيخ مع أن عذرنا قائم ولم نلبس ثوب مفرط أقيمت الصلاة وأنا لا أزال أتوسط المعمعة.

صدحت المآذن بآيات الذكر الكريم لتشعر كل سامع بالأمان فيالله ما أجمل القرآن، وما أجمل المدينة وقت الصلاة في حي منائره كثيرة كعادة الكربات، صبر قليل وتفرج، دقائق وانفض الزحام فطرت لأقرب المخارج كسجين فك السجان قيده توجهت إلى أقرب مسجد.

نبهت الشيخ والشيخ كفيف البصر ثاقب البصيرة فنزل ويدي بيده " بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.. اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك " .

لم يقطع علينا ذكر دخول المسجد سوى الإمام " السلام عليكم ورحمة الله.. السلام عليكم ورحمة الله " . الحمد لله على ما قضى تأخرت أبتغي مكاناً مناسباً لإقامة جماعة ثانية.

والتفت إلى الشيخ لأرى ما لا يمكن أن أنساه؛ رأيت عينيه الكفيفتين وقد اغرورقتا بالدموع وهو يردد إنا لله وإنا إليه راجعون، إنا لله وإنا إليه راجعون! فاتتنا صلاة الجماعة.











رد مع اقتباس
قديم 2013-09-05, 18:38   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي مواقف وذكريات مع كبار العلماء

* الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
لقد كان سماحة الإمام ابن باز أنموذج فريداً في حرصه على نفع الأمة وقضاء حوائجهم والإجابة على إشكالاتهم ومسائلهم.

ففي إحدى الليالي المباركة يوم الجمعة وبينما كنا نستعد للتسجيل مع الشيخ داخل مكتبته إذا بباب المكتبة يقرع، وإذا بأحد المشايخ يدخل وهو فضيلة الشيخ محمد الموسى.. يهمس في أذن الشيخ قائلاً: إن هناك امرأة كبيرة في السن، جاءت من مكان بعيد في شمال المملكة، وتريد أن تسأل سماحتكم عن موضوع رضاع؛ لأنها ستسافر في هذه الليلة، فاستأذن سماحة الشيخ رحمه الله قائلاً: أرجو أن تأذنوا لنا دقائق.

ثم قام سماحة الشيخ وقضى حاجتهم، ثم رجع إلينا قائلاً: هذه امرأة جاءت من مكان بعيد فأفتيناها وأجبناها على أسئلتها.

رحمك الله يا عَلم الأمة على هذا التواضع الجم والخلق الرفيع.. إن هذه الأعمال تذكرنا بمواقف السلف الصالح.

وفي موعد آخر مع سماحته أصر ابني خالد على الذهاب معي للتسجيل وهو في الصف الثالث الابتدائي، وأثناء سلامنا على الشيخ وتقبيل رأسه قلت: هذا ابني خالد يريد السلام عليك، فسلم خالد على الشيخ وقبل رأسه. وسأله الشيخ: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فأجابه خالد على الأسئلة، فدعا له الشيخ بالتوفيق والهداية.
وهذه دروس في التعامل مع الصغار ومؤانستهم.

* الشيخ صالح بن غصون رحمه الله:
في أيام حرب الخليج وفي ذروتها كنا نسجل البرنامج مع فضيلته ليلاً، وكان لسانه قبل التسجيل وبعده لا يفتر عن ذكر الله، والدعاء لهذه البلاد المباركة بالنصر والتمكين والعزة والرفعة، وأن يحفظها الله من كيد الأشرار والأعداء، وقد سمعته يلح بالدعاء كثيراً بأن يحفظ الله هذه البلاد.. قبلة المسلمين ومأوى أفئدتهم ومنطلق رسالة التوحيد.

لا أذكر أن الشيخ رحمه الله اعتذر يوماً عن التسجيل، أو سوف، أو تراخى على مدى 14 سنة، إنما هي همة الرجال ( دعوة وعمل ) في بذل الخير ونفع المسلمين، رجال عاهدوا الله على المضي في الطريق الصعب، فاشتروا الآخرة وعملوا لها.

كان الشيخ رحمه الله محباً لإذاعة القرآن الكريم، فكان قبل كل تسجيل يسأل عن الجديد في إذاعة القرآن الكريم، وعن برامجها ومواعيدها، وكان فضيلته رحمه الله يخصص لي أسبوعين كاملين عدا يوم الجمعة في بعض الأحيان؛ لأنه يجتمع بأولاده وأسرته، فكان يسجل حلقات الدورة الإذاعية كاملة (24) حلقة دون كلل أو ملل.

وقد تعلمت من الشيخ رحمه الله كيف يكون المسلم حريصاً على الدعوة إلى الله وعلى أهمية الوقت في حياة المسلم واحترام المواعيد والدقة فيها.

* الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
كان سماحته رحمه الله مضرب في ضبط الوقت والاعتناء به، فقد كان صادق الوعد، حافظ العهد، دقيق الموعد.

وقد كانت حياته جداً وجهاداً، وعلماً وتعليماً، ودعوة وإفتاء، وفقهاً وتأليفاً، وما هذا العلم المبثوث في الأشرطة والإذاعات والكتب والرسائل إلا ثمرة استغلال الوقت والدقة في الانتفاع به، فرحم الله الشيخ كم كان حريصاً على نفع الأمة بوقته.

كنت أقرع الباب الساعة التاسعة تماماً فيفتح سماحته الباب فأسلم عليه ويرد بأحسن منه، وأقبل رأسه، ويأذن لي بالدخول، ثم يخرج ساعة من جيبه وينظر إليها ويقول: على الموعد يا أبا خالد.. جزاك الله خيراً.

كان حريصاً على هذا البرنامج وحلقاته وعدم انقطاعه، فكان لا يتوانى في نشر الخير وتبليغ العلم والدعوة إلى الله.

واستمر سماحته رحمه الله مواصلاً لتسجيلاته الإذاعية في منزله القديم.. في مجلس كبير جداً فرش بقطع من الزل المتواضع، حيث كان سماحته رحمه الله إماماً في الزهد والتواضع، فكان يجلس في ركن من أركان المجلس ويقرب هذا الركن موقد نار توضع حوله أواني الشاي والقهوة فأجلس قريباً منه.

ومن المواقف مع سماحته رحمه الله أنه كان حريصاً على تطبيق السنة ناصراً لها ذاباً عنها، محارباً للبدعة محذراً منها، فكان من تطبيقه للسنة: البشاشة والمصافحة والتبسم لمن قابله، آخذاً بالحديث: ( تبسمك في وجه أخيك صدقة ) فكان حريصاً على إدخال السرور على المسلمين.

وكنا إذا تناولنا طعام الغداء بعد التسجيل فكان الشيخ رحمه الله يلعق الصفحة آخذاً بالحديث الوارد ويشرب الماء ثلاثاً.

المصدر: مواقف وذكريات مع كبار العلماء.










رد مع اقتباس
قديم 2013-09-05, 18:39   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي اصابته دعوة امه

امرأة طالما تَعبت في تربية ولدها, سهرت معه الليالي والأيام حتى تعوِّضه عن أباه الذي فقده وهو صغير، وهي الآن تنتظره أنْ يعود من الجامعة؛ لأن هذا اليوم هو يوم تخرج سامي من الجامعة.

وما هيَ إلاَّ لحظات فإذا بها تسمع صوت سامي يقطع عليها الذكريات.. أمي! لقد نجحت بتقدير امتياز.

فلم تتمالك الأم نفسها فأخذتْ تبكي فقال لها سامي: لا تبكي يا أمي, سأعوضك إن شاء الله عن كل تعب ومشقة عانيتها.

فقال لأمه أنه يريد الزواج فعرضت أمه عليه ابنة جارهم، فهي فتاة مستقيمة وذات خُلُقْ ودين جمال، فقال سامي : أنا لا أريدها إنها فتاة لا تناسب مستواي، وعقليتها ليست عقلية عصرية متفتحة.

أنا أريد الزواج من شقيقة صديقي سمير، فهي فتاة جامعية عصرية مثقفة مُتحررة مُنفتحة غير مُنغلقة أو مُتحجرة.

فلقد تعرف عليها سامي عندما اتصل ذات يوم بصديقه سمير فأجابت هيَ على الهاتف فَسَحَرَهُ صوتها وأعجبه كلامها المتحضر فَهامَ فؤاده بها .

لم تنجح محاولات الأم في إقناعه بابنة جارهم، فوافقت الأم على الزواج وهيَ مكرهة.

تزوج سامي ومرَّت الأيام وأم سامي غير راضية عن تصرفات زوجة ابنها، فهيَ لا هَمَّ لها إلاَّ المكالمات والخروج بمفردها أو مع صديقاتها.

وكان أكثر ما يُغضب أم سامي هي الملابس التي كانت تلبسها زوجة ابنها، فتحدَّثت الأم إلى ابنها عن هذه الملابس التي تلبسها زوجته فردَّ عليها بكل برود: يا أماه.. إنَّ لكل عصرٍ طريقته الخاصة في الملابس والأزياء.

فكَتَمَتْ الأم غيضها ولاذتْ بالصمتْ.

ومع مرور الأيام ازدادت الحالة سوءًا فتحدَّثت الأم إلى ابنها فقال لها: يا أمي أرجوك لا تتدخلي في حياة زوجتي الخاصة، فلزِمتْ الأم الصمت والألم يعتصر قلبها .

مرَّتْ الأيام وبدأت الزوجة بالتذمُّر من أم سامي وتتهمها بالإهمال وعدم مراعاة مشاعرها وأنها امرأة مُتطفِّلة.

والمشكلة أن سامي كان يُصدِّقها في هذه الاتهامات الباطلة ، ومع مرور الأيام ازدادت المشاكل في البيت وكانت أم سامي صابرة مُحتسبة.

وبعد أيام وصل بسامي أن رفع صوته على أمه ولومها ولكن الأم كانت صابرة محتسبة حرصاً على سعادة ابنها وزوجته وحفاظاً على بيته من الانهيار.

ازداد حُب سامي لزوجته بعد أن وضعت طفلها الأول وقالت له: عليك أن تختارني أو تختار أمَّك فالبيت لا يتسع إلاَّ لواحدة مِنَّا.

لم يكن الاختيار صعباً على سامي فلقد اختار زوجته للبقاء في المنزل وأن تخرج أمه منه.

كان التخلص من أم سامي يوم الخميس بعد انتهت من صلاة الفجر أتاها سامي وهي على سجادتها فقبَّل رأسها على غير عادته.

فقال لها : نُريدك يا أمي أن تخرجي معنا اليوم للنزهة على البحر ، فلم توافق أمه إلاَّ بعد محاولات من سامي.

خرجوا للنزهة ثم تناولوا الغداء بعد ذلك قال سامي لأمه: سنذهب أنا وزوجتي للسلام على صديقي في الخيمة المجاورة.

وأعطاها ورقةً وقال لها : هذا رقم جوالي اتصلي علينا إذا تأخرنا عليك من الكابينة القريبة.

استسلمت الأم للنوم ولم تستيقظ إلاَّ بعد العصر، وسامي وزوجته لم يعودا حتى الآن فهي قلقة عليهم، بحثت عنهما فلم تجدهما فأخذت تبكي على فلذة كبدها.

وبينما هي كذلك تذكَّرت الورقة التي أعطاها سامي، أخذت تسأل عن كابينة قريبة فقيل لها: إن أقرب كابينة على بُعد كيلو ونصف.

فما كان منها إلاَّ ذهبت تـجُـرُّ خُطاها إلى الطريق الرئيسي لعلها تجد ابنها.

وبعد فترة طويلة بعد أن أصابها الخوف والجوع والتعب مرَّتْ بها سيارة يقودها أحد الأخيار، فرآها تبكي فوقف ونزل من سيارته وسألها عن حالها وما هيَ قصتها.

فأخبرته بالقصة ثم أخذ منها الورقة ويا ليته لم يأخذها فوجد مكتوباً فيها :

( يُرجى مِمَّن يعثر على هذه العجوز التائهة أن يُسلِّمها لأقرب دار للعجزة والمسنين ) ..

لم تُفلح محاولات ذلك الشاب في أن تبقى أم سامي عنده هو وزوجته في البيت ، فقام بإيصالها إلى دار العجزة والمسنين .

بدأت أم سامي حياتها الجديدة في دار العجزة وهي تقول لنفسها :

هل يُعقل أن هذا سامي؟ هل هذا جزاء الإحسان؟

كانت أم سامي شاردة الذهن فقالت لها المشرفة: لقد اتصل بنا سامي وأعطانا رقم هاتفه لنتصل عليه متى احتجنا إليه.

حاولت المشرفة وأم سامي الاتصال على سامي ولكن لم تُفلح جميع المحاولات.

وفي يوم من الأيام كانت حالة أم سامي خطيرة فاتصلت المشرفة على ابنها فقالت له: إنَّ حالة أمك خطيرة ولابدَّ عليك أن تزورها وتطمئنَّ عليها.

فما كان من الابن إلاَّ أن قال : أنا مُتأسِّف, اليوم سفري مع عائلتي لقضاء إجازة العيد في باريس وعندما أعود سآتي لزيارتها.

ازدادت حالة أم سامي سوءاً وكانت في غيبوبتها فكانت المشرفة تسمعها تقول:

" اللهم انتقم منه ومن زوجته ، اللهم انتقم منه ومن زوجته " .

ومع حلول المساء تحسنت حالة الأم فقالت للمشرفة: أنا أشعر بقرب موتي، إذا جاء ولدي لاستلام جثتي قولي له هذه الرسالة: أمك تقول لك لا سامحك الله، لا سامحك الله في الدنيا ولا في الآخرة.

فازدادت حالتها سوءاً فإذا بها سكرات الموت ثم فاضت روحها بعد أن نطقت الشهادتين.

اتصلت المشرفة على سامي فإذا برجل آخر غير سامي يرد على المشرفة فقالت المشرفة: أين سامي أنا مشرفة دار المسنين أُريده في أمرٍ هام جداً.

فقال الرجل: سامي ذهب ولن يعود.

فقالت المشرفة: إنَّ أمه قد توفيت ولابد أن يأتي لاستلام جثتها، فانفجر الرجل باكياً وقال: أنا شقيق زوجة سامي.

لقد كان سامي وزوجته متجهين إلى المطار ليلحقوا بالطائرة وكان سامي يقود بسرعة فانفجر أحد الإطارات ومع السرعة الزائدة تقلَّبت السيارة عدة مرات وفي غمضة عين تحوِّل سامي وزوجته وطفلها إلى أشلاء ممزَّقة وقِطَعْ متناثرة ، لقد كان مشهدًا فظيعاً.

لقد استجاب الله لدعوة هذه الأم المكلومة الضعيفة.. فهل من مُعتبر من قصة هذا الابن العاق بأمه؟!.

المصدر: شريط/ شكوى أم. للشيخ: علي آل ياسين .










رد مع اقتباس
قديم 2013-09-05, 18:40   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي عرض ابنتي جعلني امشي

خرجت والدتي مع أختي بالليل وكانت الساعة الثانية عشر ليلاً لتوصل أختي إلى منزلها، خرجت أختي وتركت الباب مفتوحاً.

ومن عادتي أبقى أنا بقرب والدي لأنه لا يستطيع المشي، أوكلني الرحمن عزو جل لخدمته.

كان والدي بغرفته وأنا بالصالة فسمعت صوتاً كأن أحداً يمشي بالخارج.

قلت لصديقتي وهي على الهاتف: أسمع صوت مشي أقدام.. أبي لا يمشي.

أنزلت سماعة الهاتف وفتحت الباب وإذ برجل " هندي الجنسية " أمامي ويبتسم وكأنه وجد غنيمة فصرخت من أنت..

سمع والدي صوتي وأنا أردد " من أنت " .

خرج والدي من الغرفة يمشي على رجله ويرعد بصوته قائلاً: من هنا؟.

سمع الرجل صوت والدي وإذ به يفر هارباً فركضت مسرعة واحتضنت والدي الذي سقط في أحضاني وهو يرتعش وأخذ يبكي بصوت عال.

بكيت على والدي وأنا أردد مشيت يا أبي، بكيت فرحاً لأنه مشى ونسيت أن رجلاً كاد أن يعتدي عليّ.. كيف مشى على قدمه حفاظاً على عرض ابنته .

سقوط والدي بين أحضاني وفرحتي بأن قدماه خطت ذكرني عندما يخطوا الطفل خطوات تفرح الأم فتنسى كل أحزانها وتحتضن طفلها وهي تبكي بكاء الفرح وهو يبكي لأنه خائف.

سبحان الله! لو أخذنا واعتبرنا أن كل محنة منحة من الله، فلنتأمل في أقدار الله العظيمة فهي خير ..











رد مع اقتباس
قديم 2013-09-05, 19:30   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
رشا48
عضو جديد
 
الصورة الرمزية رشا48
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة leprence30 مشاهدة المشاركة
في ذاك المستشفى الذي تتحرك إليه خطواتي سريعة متثاقلة ترقد على سريرأبيض نظيف بهي ولكنه جدا مزعج لنفسي وراحة بالي ترقد صغيرتي ذات السبع سنوات.

صغيرتي ذات الشعر الأسود المنسدل كالحرير على كتفيها الصغيرين والعيون ذات اللون العسلي الصافي وتلك البشرة النضرة بياضا تخللها خدين حمراوين وأنف ٌ كالسيف في حده والإصبع في حجمه.

دخلت عليها حزيناً أُظهِر لها الفرحة في كل ما أملك من حواس إلا العينين فلما رأت محيا أبيها صرخت صغيرتي ذات اللسان اللدغ: أبتي حبيبي.

فانكببت أقبل تلك الوجنات والعينين واليدين كالعاشق الولهان على صغيرتي فأخذت بالضحك، ضحك طفولي ينعش القلوب قائلة : أبتي متى تكف عن تقبيلي.

أبتي! قلت: صغيرتي والله وددت أن أقضي بقية عمري أقبلُ حبيبتي الصغيرة. قالت: أبتي إني أخجلُ من تقبيلك لي وخاصة إن كان أحدٌ من " الناث " حولي.

فضحكت وكم كنت أضحك من تلك اللدغة في لسانها لما تضفي عليها من طفولة وبراءة وجمال نظرت إليَّ صغيرتي قائلة: أبتي تواترت لديَّ كثير من " أثــئلة " عندما غبت عني فأحبُ أن أطرحها عليك.

تفضلي صغيرتي فكلي لك أذانٌ صاغية.

قالت: متى " الإنــثان " يكون في " ثــعادة " ؟ قلت: عندما يكون قلبه خاليا ً من هم الدنيا ومشاغلها.

قالت: وكيف يكون ذلك؟ قلت: لا يكونُ أبدا ً، فالدنيا همها أكبر من سعادتها. قالت: وما الحل ُ يا أعز َّ حبيب لي؟.

ترقرقت الدموع في عيني من قولها فقلت: الصبر على البلوى ، وسؤال ربنا المولى. فقالت بكل لهفة وعفوية: أبتي! أبتي! هل يبكي الرجال يا أبتاه؟.

استغربت ُ سؤالها، وصمت مني اللسان لحظات، وكأن نفسي أوجست شيئا فقلت: صغيرتي ما دعاك لهذا السؤال؟ قالت: لا شئ أبتي، ولكنه " ثــؤال " ورد في ذهني فجأة وأريد الإجابة عليه إذا " ثـمحت " .

قلت: لكِ هذا يا صغيرتي، نعم يبكي الرجال أحياناً قالت: كبكاء النــثاء أبتاه ؟ قلت: لا، " فالنـــثاء " أقصد النساء.. ضحكت صغيرتي بقوة حتى كاد قلبي أن يقف خوفاً عليها، ضحكت صغيرتي على أبيها عندما أخطأ فأخذت تقول وهي تقهقه: أبتي لقد " أثــبحتَ " مثلي ، تأكلُ حروف الكلام فضحكت من قولها.

فبادرت تقول: أكمل أبتي قلت: أها، حاضر، نعم يبكي الرجال ولكن ليس كالنساء فالنسوة في طبعهن الحنوُ والحنان، يثير قلبها الحاني أي موقف مؤثر وإن لم يكن هذا فيها أو في أحد تعرفه.

قالت: إذن متى يبكي الرجال؟ قلت: يا حبيبتي ، يبكي الرجال في مواقف شديدة وخاصة عندما يعجزون عن التصرف فيها أو لا تكون لديهم حيلة في هذا الأمر أو ذاك.

قالت: متى أرى دمعة الرجل أبتاه؟ قلت: ترينها يا صغيرتي في صرخة مقهور، ونار الغيور، وعند فقد العزيز، وفي جبنٍ لبعض الرجال عندما يكون للرصاص أزيز.

قالت: أبتي، ما " تـقـثد " بالعزيز؟ قلت: عندما يفقد الرجل أحب ما في الكون لفؤاده قالت: هل بكيتَ أمي يا أبتاه؟ .

بنيتي يتيمه فقد فقدت أمها وهي في السنة الأولى من عمرها ولم أتزوج خوفاً على بنيتي الصغيرة من الضيم والظلم لامرأة الأب وسؤال تلك الصغيرة فاجأني وبعد صمت طويل وترنح فؤادي للذكريات وعيون صغيرتي ترقبُ الإجابةَ مني.

قلت: نعم يا حبيبتي، بكيتُ كالطفل الرضيع على ماما ، بكيتُ كثيراً حتى أحسست أني سأموت من الحزنْ.

قالت: أبتي! قلت: قولي يا أعظم ما في حياتي وأمنيتي. قالت: أبتي! أرجوك يا أبتي. قلت: ما الأمر يا غاليتي؟ قالت: أبتي، إن فقدتني في يوم من الأيام فلا تبكي يا أبتي. صدمت ، بل صعقت وبسرعة البرق حملتها من سريرها إلى حضني صارخاً لما تقولين ذلك بنيتي؟ هل تشعرين بشئ؟ هل يؤلمك أمرٌ ما؟ .

قالت: وإبتسامة ترتسم على وجهها المزخرف بجواهر الحب والحنان والبراءة كم أحبك يا أبتي عندما تهتم فيني بجنون وأخذت الإبتسامة في الاتساع ورددت قائلة: لا تخف يا أبي ، فوالله ما فيني شيء غير حبٌ أملكه ويتملكني لك يا أبتاه.

قلت: إذن لما قلتي ما قلتي ؟ قالت * أبتي إني " أثــمعُ " ممن حولي من أعمام وأخوال " وأثــحاب " يقولون إن أبيك لذو هيبة ورجولة في شكله وفعله فأحببت أن يكون أبتي كما هو مهيبا ً كما تعود " الــناث " منه ذلك ، فلا تهتز " ثــورته " الرائعة عند " الناث.

قلت: صغيرتي، لقد والله قتلتني بكلمتك وقد خفت كثيرا. قالت: أبتي عدْني ألا تبكي يا أبتي. صمت لحظات فقالت: أبتاه يا أبتاه عدني أرجوك ، قل لي أنك لن تبكي إن فقدتني أرجوك قلها. فقلت: لا عليك سأفعل ما تحبين صغيرتي. قالت: عدني أبتي. قلت: إن شاء الله حبيبتي. قالت: أبتاه عدْني أبتاه! قلت: أعدك يا بنيتي ولكن لا تعودي لهذا الكلام مرة أخرى. قالت: أعدك ألا أتكلم مرة ً أخرى إلا شيئاً أريد قوله فهل تـثمح لمن دللتها ودلعتها أن تقوله؟.

قلت: قولي ما تشائين. قالت: أبتي ، إني أرى أمي أمامي، تنادي قائلة " تعالي يا صغيرتي " أبتي، ما أجمل أمي وما أحلاها ، أبتي أمي تدعوني يا أبتي، أبتي أريد ماما أبتي أريد ماما، تلك ماما ، ماما صرختُ: لا، لا، لن أتركك تذهبين، لا يا صغيرتي، لا تتركي أبيك، لا بنيتي لا لا يا حبيبتي لا ، أرجوك ، يا رب يا الله بنيتي ، يا رب ليس لي غيرها يا رب!

قالت: أبتي وعدتني ألا تبكي أبتاه كم أحبك يا أبي، أبتاه كم أحبك يا أبي، صمتت بنيتي عن الحديث فجأة، ولكنها مبتسمة فهززتها أصرخ: صغيرتي، صغيرتي، أرجوك يا صغيرتي، يا ويلي، ماتت بنيتي، ماتت صغيرتي، ماتت حبيبتي ماتت اليتيمة ماتت اليتيمة ويتمتني، أعلم من مرضك الخبيث أنك سوف تموتين ولكن ليس الآن يا صغيرتي.

فانهمرت الدموع من عيني وأنا وعيني نتسابق على انهمارها ومسحها لأني وعدت ُ صغيرتي فوقعت دمعة على خدها الأبيض الشفاف البرئ فمسحتُ الدمعة وقلتُ لبنيتي الصغيرة: سامحيني صغيرتي، لا أستطيع وقفَ دموعي.

سامحيني حبيبتي فأخذت تلك الجوهرة الثمينة الى حضني ودموعي تنهمر بغزارة ولكن بلا صوت أقول في نفسي " هنا يبكي الرجال " هنا يا صغيرتي هنا يا حبيبتي يبكي الرجال العتاة القاسية قلوبهم أشباه الجبال.

هنا يبكي الرجال وداعا ً يا صغيرتي ، وداعا ً يا صغيرتي وداعا ً الى الأبد وداعا ً يا صغيرة َ أبيها وداعا ً يا مهجة حانيها وداعا ً يا ثمرة ْ لم أجنيها وداعا ً وداعا ً يا براءة الطفولة وداعا ً يا سؤالي وحلوله، وداعا ً يا نسبي وأصوله وداعا .ً

سأفتقد تلك البسمات والجدائل الصغيرة الناعمات وحروفٌ تحولت لثائات وداعا وداعاً وداعُ مودع يودع وداعا ً يامن للموت تجرع وداعا ً صرخة فيها أُسمِع وداعاً وداعا ً يا أجمل يتيمة يا إغنى وأغلى قيمة يا نظر العين وديمه وداعاً كتبتها من سنين وكنت أظنها تدمع العين ليست قصة حدثت معي بل مع صديق لي وأنا رويتها بتصرف.
لم أستطع إكمال البقية لان دموعي منعتني
شكرا









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
وعبر


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:22

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc