أما حرب العثمانيون للتوحيد فمشهور جداً، فقد حاربوا دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله كما معروف (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم).
وأرسلوا الحملات تلو الحملات لمحاربة أهل التوحيد حتى توَّجوا حربهم هذه بهدم الدرعية عاصمة الدعوة السلفية عام 1233 هـ [17] وقد كان العثمانيون في حربهم للتوحيد يطلبون المعونة من إخوانهم النصارى، فقد عثر بعض الدارسين في (أوربا) على وثائق كانت متبادلة بين (نابليون بونابرت) زعيم (فرنسا) و (الباب العالي) - كبير العثمانيين - بخصوص دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ووجوب عمل اللازم تجاهها كخطر على مصالحهم في الشرق [18].
وقد حدث في حروب العثمانيين لأهل التوحيد من الفظائع ما يهون ما ارتكبه الصليبيون، وإليك بعض الأمثلة:
1) أرادت الدولة العثمانية حث جنودها على قتل أهل التوحيد فأصدرت قراراً أن للجندي بكل قتيل مكافأة، ولابد أن يُثبت الجندي القتل وذلك بقطعه لآذان المقتول وإرسالها لـ (الأستانه) العاصمة،ففعلوا ذلك في (المدينة) و (القنفذة) و(القصيم) و(ضرمى) وغيرها [19].
2) أما هدمهم للقرى والمدن بل وإحراقهم للمساجد فحدث ولا حرج [20].
3) ومن جرائمهم أنهم قاموا بسبي النساء والغلمان - من أهل التوحيد - وبيعهم.
قال (الجبرتي) في تاريخه: "واستهل شهر صفر بيوم الجمعة سنة 1235 هـ.... وفيه وصل جماعة من عسكر المغاربة والعرب الذين كانوا ببلاد الحجاز وصحبتهم أسرى من (الوهابية) نساءً وبنات وغلماناً، نزلوا عند (الهمايل) وطفقوا يبيعونهم على من يشتريهم، مع أنهم مسلمون وأحرار" أ. هـ [21].
4) وأختم ذلك بهذه الحادثة التي يرويها مؤرخ روسي، قال: "في عام 1818م - أي عام 1234 هـ - نُقل عبد الله [22] عن طريق القاهرة إلى الاستانة بصحبة اثنين من المقربين إليه في مطلع كانون الأول - ديسمبر - وأفادت السفارة الروسية من (الأستانة): في الأسبوع الماضي قُطعت رؤوس زعيم الوهابيين ووزيره وإمامه [23] الذين أسروا في (الدرعية) ونقلوا إلى العاصمة مؤخراً، وبغية إضفاء المزيد من الفخفخة على الانتصار على ألد أعداء المدينتين اللتين تعتبران مهد الإسلام، أمر السلطان في هذا اليوم بعقد المجلس في القصر القديم في العاصمة وأحضروا إلى القصر الأسرى الثلاثة مقيدين بسلال ثقيلة ومحاطين بجمهور من المتفرجين وبعد المراسم أمر السلطان بإعدامهم، فقطعت رقبة الزعيم أمام البوابة الرئيسة للقديسة (صوفيا)، وقطعت رقبة الوزير أمام مدخل السراي، وقطعت رقبة الثالث في أحد الأسواق الرئيسة في العاصمة، وعرضت جثثهم ورؤوسها تحت آباطهم، وبعد ثلاثة أيام ألقوا بها في البحر وأمر صاحب الجلالة بأداء صلاة عمومية شكراً لله على انتصار سلاح السلطان وعلى إبادة الطائفة التي خربت مكة والمدينة ونشرت الذعر في قلوب المسلمين وعرضتهم للخطر" أ. هـ [24].
---------------------------------
[17] انظر لمعرفة جرائمهم (عنوان المجد) 1/ 157.
[18] مقدمة (عطيه سالم) لكتاب (الإمام محمد بن عبدالوهاب) لابن باز، والدارس هو أحمد الطويل أثناء تحضيره للدكتوراه.
[19] أنظر ذلك بالتفصيل في (تاريخ العربية السعودية) للمؤرخ الروسي فاسيلييف ص 173، 176،183،184.
[20] انظر ذلك في (عنوان المجد) 1/157 - - 219، وفي المصدر السابق أيضاً.
[21] (تاريخ عجائب الآثار) 3/606 مع الحذر من هذا الكتاب فإن الجبرتي كما يظهر من تاريخه صوفي خلوتي يقدس القبور والأولياء بل والملاحدة مثل (ابن عربي) الزنديق.
[22] الإمام عبدالله بن سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود آخر إمام في الدولة السعودية الأولى.
[23] ذكر (ستودارد) في (حاضر العالم الإسلامي) 4/166: أنهما كاتب سره وأمين خزانته، مع الحذر من تعليقات (شكيب أرسلان) على هذا الكتاب فإنه زائغ ضال كما يتضح من آرائه وخصوصاً عند كلامه على السنوسية.
[24] (تاريخ الدولة السعودية) لفاسيلييف ص 186.
===========