اليقين في الرياضيات
أصل الخلاف في الموضوع: اختلف الفلاسفة حول اليقين في الرياضيات وانقسموا بذلك إلى قسمين:
القسم الأول: يعتقد أنصار من الفلاسفة أن الرياضيات يقينية
القسم الثاني: يعتقد بعض الفلاسفة أن الرياضيات غير يقينية
حجج القسم الأول:
1) إن المعرفة الرياضية معرفة قطعية ويقينية في خطتها ونتائجها فهي معرفة بوجود تم تجريده فلا يحمل في جوهره أية إشارة إلى تحديد أو ماهية، إنه تجريد بوجود الأشياء ولا يتعداه إلى غيره من الصفات والكيفيات.
2) الرياضيات علم يقيني كونها قائمة على الاستدلال العقلي الذي يستند إلى منطلقات أولية تعرف بالمبادئ الكلاسيكية والتي تتمثل في البديهيات، وهي قضايا واضحة بذاتها مثل: الكل أكبر من الجزء .
3) إن تعدد الأنساق والهندسات لم يقض على اليقين في الرياضيات بل عمل على إثرائها وتوسيعها من خلال مد مجالها حيث يقول روبير بلاشي: " لما كانت هذه المبادئ صحيحة صحة مطلقة فإن هذه القضية أو تلك التي استنتجها منها صحيحة أيضا " .
4) إن اليقين الذي تتمتع به الرياضيات هو الذي جعلها منهاجا ولغة لكل العلوم فإن تكميم العلوم وترميزها كان له دور هام في تقدمها وتطورها.
5) إن التقدم والنجاح للتكنولوجيا في الوقت الحالي ليس إلا دليلا على صحة الرياضيات وصدقها حيث يقول برانسفيك:
" إن العمل الخصب للعلم بدأ من الزمن الذي جاءت فيه الرياضيات فزودت الإنسان بالمقياس الصحيح للحقيقة"، كما استعملها الانسان في جميع مجالات الحياة حيث يقول الفيتاغورثيون: " الأعداد تهيمن على العالم ".
6) إنه رغم اختلاف الهندسات وتباين أنساقها و منطلقاتها فهي صحيحة دائما ما دام أنها تحقق الانسجام بين المنطلقات والنتائج حيث يقول سوليفان: " لقد أصبح واضحا أنه بالإمكان البدء بأي مجموعة من البديهيات بشرط أن تكون متطابقة مع بعضها البعض ومن ثمة الانطلاق على أساسها لبناء هندسة فهي من الناحية المنطقية صحيحة صحة هندسة إقليدس".
7) إن تعدد الهندسات يعود إلى تعدد المنطلقات، فمثلا هندسة لوبا تشوفسكي تعتمد السطح المقعر الذي مجموع زوايا المثلث فيه أقل من 180° وأنه من نقطة خارج مستقيم يمكن أن نرسم عدة موازيات لهذا المستقيم، أما هندسة ريمان فتعتمد السطح المحدب الذي مجموع الزوايا فيه أكبر من 180° ومن نقطة خارج المستقيم لا يمكن رسم أي موازٍ.
نقد حجج القسم الأول :
1) إن الحقائق الرياضية المتصفة باليقين عندما تنزل إلى التطبيقات التجريبية تفقد دقتها وتقع في التقريبات ( فمثلا العدد π نعلم بأنه محدد تحديدا دقيقا حيث 3.14 أي 7/22 لكن عندما نضرب 3.14 في 7 لا نجد العدد 22.
2) إن التأكيد على أن المقدمات في علم الرياضيات ما هي إلا فرضيات يجعل من الرياضيات علما يكتسي صفة اليقين بدليل أنه لا يوجد مثلا أدلة على أن للمكان أبعاد ثلاثة.