بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيكم على الطرح القيم و جزاكم خيرا
الموضوع فعلا حساس و يحتاج إلى فهم صحيح إنطلاقا من القرآن الكريم و السنة النبوية
كلنا نعلم أن حقوق الوالدين عظيمة و عقوقهما من كبائر الذنوب و العياذ بالله
قال تعالى : { وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً }[النساء36] ،
وقال (صلى الله عليه وسلم) : (( رغم أنف ، ثم رغم أنف ، ثم رغم أنف ، من أدرك أبويه عند الكبر ، أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة ))[مسلم]
قال(صلى الله عليه وسلم): (( لا يجزي ولد والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه )) [مسلم] .
وعن أبي عبد الرحمن عبدالله بن مسعود(رضى الله عنه) قال : سألت النبي(صلى الله عليه وسلم) : أي العمل أحب إلى الله تعالى ؟ قال : (( الصلاة على وقتها ))قلت ثم أي ؟ قال : (( بر الوالدين ))قلت ثم أي ؟ قال : (( الجهاد في سبيل الله))[ متفق عليه]
و لكن ينبغي أن نعطي كل ذي حق حقه فنعطي الوالدين حقوقهما و كذلك الزوجة
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كانت تحتي امرأة ، وكنت أحبها ، وكان عمر يكرهها فقال لي : طلقها ، فأبيت ، فأتى عمر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( طلقها )) رواه أبو داود ، والترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح (156) .
وقد ذكر الشيخ العثيمين شرحا لهذا الحديث في شرحه لرياض الصالحين قائلا :
ثم ذكر حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان له امرأة يحبها ، فأمره أبوه أن يطلقها ، لكنه أبى ذلك ؛ لأنه يحبها ، فذكر عمر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأمر ابن عمر بطلاقها .
وكذلك الحديث الآخر في امرأة كانت تأمر ابنها بطلاق زوجته فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن صلة الرحم أو بر الوالدين سبب لدخول الجنة ، وهو إشارة إلى أنه إذا بر والدته بطلاق زوجته كان ذلك سبباً لدخول الجنة .
ولكن ليس كل والد يأمر ابنه بطلاق زوجته تجب طاعته ؛ فإن رجلاً سأل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، قال إن أبي يقول : طلق امرأتك ، وأنا أحبها ، قال : لا تطلقها ، قال : أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته لما أمره عمر ، فقال له الإمام أحمد : وهل أبوك عمر ؟ لأن عمر نعلم علم اليقين أنه لن يأمر عبد الله بطلاق زوجته إلا لسبب شرعي ، وقد يكون ابن عمر لم يعلمه ؛ لأنه من المستحيل أن عمر بأمر ابنه بطلاق زوجته ليفرق بينه وبين زوجته بدون سبب شرعي . فهذا بعيد .
وعلى هذا فإذا أمرك أبوك أو أمك بأن تطلق امرأتك ، وأنت تحبها ولم تجد عليها مأخذاً شرعياَ، فلا تطلقها ؛ لأن هذه من الحاجات الخاصة التي لا يتدخل أحد فيها بين الإنسان وبين زوجته .
----------------------
ربما أطلت الكلام قليلا و ربما خرجت قليلا عن الموضوع و لكنني أردت أن أوصل الفكرة التي تدور ببالي و هي أن تدخل الوالدين في حياة أبنائهم يعد أمرا نسبيا بالنسبة لي
فمثلا لو رأى الوالدان أن الإبن يقدم على أمر خاطئ فهنا أنا أرى أنه ينبغي لهما التدخل
و لكن الأفضل أن يكون هناك إحترام متبادل فيكون التدخل عبارة عن نصح و يكون الرد عبارة عن قبول للنصح دون إعتبار ذلك تدخلا في الحياة الشخصية دونما إفراط و لا تفريط
أما عن المشاكل التي تقع غالبا فالأفضل أن تحل في نطاق ضيق و الأفضل أن لا يطلع عليها حتى الأولاد إن أمكن مراعاة لنفسياتهم و حتى لا ينشؤوا في جو مشحون و مضغوط
و أذكر نفسي و أخواتي بقوله عز و جل : ( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه )
ربما أفكاري مشوشة نوعا ما ومتناثرة هنا و هناك المهم أرجو أن تكون فكرتي قد وصلت
و صل اللهم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم