![]() |
|
القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
[جمع] كلام أهل العلم حول الولاء والبراء وحب الكافر
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() السؤال:
ما هو الولاء والبراء؟ الإجابة: البراء والولاء لله سبحانه: أن يتبرأ الإنسان من كل ما تبرأ الله منه كما قال سبحانه وتعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً}، وهذا مع القوم المشركين كما قال سبحانه: {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله}. فيجب على كل مؤمن أن يتبرأ من كل مشرك وكافر. فهذا في الأشخاص. وكذلك يجب على المسلم أن يتبرأ من كل عملٍ لا يرضي الله ورسوله وإن لم يكن كفراً، كالفسوق والعصيان كما قال سبحانه: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون}. وإذا كان مؤمن عنده إيمان وعنده معصية، فنواليه على إيمانه، ونكرهه على معاصيه، وهذا يجري في حياتنا، فقد تأخذ الدواء الكريه الطعم وأنت كاره لطعمه، وأنت مع ذلك راغب فيه لأن فيه شفاء من المرض. وبعض الناس يكره المؤمن العاصي أكثر مما يكره الكافر، وهذا من العجب وهو قلب للحقائق، فالكافر عدو لله ولرسوله وللمؤمنين ويجب علينا أن نكرهه من كل قلوبنا {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة}، {يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين. فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده}، فيصل المطيع وإن عظمت معصيته قوله تعالى فيمن قتل مؤمناً عمداً: {فمن عُفِيَ له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان}، فجعل الله القاتل عمداً أخاً للمقتول مع أن القتل -قتل المؤمن عمداً- من أعظم الكبائر، وقوله تعالى في الطائفتين المقتتلتين من المؤمنين: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}، إلى قوله: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم}، فلم يخرج الله الطائفتين المقتتلتين من الإيمان ولا من الأخوة الإيمانية. فإن كان في الهجر مصلحة أو زوال مفسدة بحيث يكون رادعاً لغير العاصي عن المعصية أو موجباً لإقلاع العاصي عن معصيته كان الهجر حينئذٍ جائزاً بل مطلوباً طلباً لازماً أو مرغباً فيه حسب عظم المعصية التي هجر من أجلها. ودليل ذلك قصة كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم وهم الثلاثة الذين خلِّفوا، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرهم ونهى عن تكليمهم فاجتنبهم الناس، حتى إن كعباً رضي الله عنه دخل على ابن عمه أبي قتادة رضي الله عنه وهو أحب الناس إليه فسلم عليه فلم يرد عليه السلام. فصار بهذا الهجر من المصلحة العظيمة لهؤلاء الثلاثة من الرجوع إلى الله عز وجل والتوبة النصوح والابتلاء العظيم ولغيرهم من المسلمين ما ترجحت به مصلحة الهجر على مصلحة الوصل. أما اليوم فإن كثيراً من أهل المعاصي لا يزيدهم الهجر إلاّ مكابرة وتمادياً في معصيتهم ونفوراً وتنفيراً عن أهل العلم والإيمان فلا يكون في هجرهم فائدة لهم ولا لغيرهم. وعلى هذا فنقول: إن الهجر دواء يستعمل حيث كان فيه الشفاء، وأما إذا لم يكن فيه شفاء أو كان فيه إشفاء وهو الهلاك فلا يستعمل. فأحوال الهجر ثلاث: إما أن تترجح مصلحته فيكون مطلوباً. وإما أن تترجح مفسدته فينهى عنه بلا شك. وإما أن لا يترجح هذا ولا هذا فالأقرب النهي عنه لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة". أما الكفار المرتدون فيجب هجرهم والبعد عنهم وأن لا يجالسوا ولا يواكلوا، وذلك إذا قام الإنسان بنصحهم ودعوتهم إلى الرجوع إلى الإسلام فأبوا، وذلك لأن المرتد لا يقر على ردته بل يدعى إلى الرجوع إلى ما خرج منه فإن أبى وجب قتله، وإذا قتل على ردته فإنه لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين، وإنما يرمى بثيابه ورجس دمه في حفرة بعيداً عن المقابر الإسلامية في مكان غير مملوك. وأما الكفار غير المرتدين فلهم حق القرابة إن كانوا من ذوي القربى كما قال تعالى: {وآت ذا القربى حقه}، وقال في الأبوين الكافرين المشركين: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي}. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلدالاول - باب الولاء والبراء
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() مسائل متعلّقة بالولاء والبراء، للعلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله.
يقول الشيخ: فهذه المسألة تتعلق بعداوة الكفار وعدم، وهي لا تقتضي أننا نقاطع الكفّار في الأمور والمنافع الدنيوية، بل نستثني من ذلك أمور: الأوّل: أنه مع بغضنا لهم وعداوتنا لهم يجب أن ندعوهم إلى الله سبحانه وتعالى، يجب أن ندعوهم إلى الله ولا نتركهم ونقول: هؤلاء أعداء الله وأعداؤنا. يجب علينا أن ندعوهم إلى الله لعل الله أن يهديهم، فإن لم يستجيبوا فإنا نقاتلهم مع القدرة، فإما أن يدخلوا في الإسلام، وإما أن يبذلوا الجزية إن كانوا من اليهود والنصارى أو المجوس، وهم صاغرون ويخضعون لحكم الإسلام، ويتركون على ما هم عليه. لكن بشرط: 1. دفع الجزية 2. خضوعهم لحكم الإسلام أما إن كانوا غير كتابيين وغير مجوس ففي أخذ الجزية منهم خلاف بين العلماء. الثانية: لا ما نع من مهدانة الكفّار عند الحاجة، إذا احتاج المسلمون لمهادنتهم لكون المسلمين لا يقدرون على قتالهم، ويخشى على المسلمين من شرهم، لا بأس بالمهادنة إلى أن يقوى المسلمين على قتالهم أو إذا طلبوا هم المهادنة ![]() ![]() فيهادنون لكن ليس هدنة دائمة إنما هدنة مؤقتة مؤجلة إلى أجل حسب رأي إمام المسلمين لما فيه من المصلحة. الثالثة: لا مانع من مكافئتهم على الإحسان إذا أحسنوا للمسلمين، لا مانع أن يكافؤوا على إحسانهم،قال الله تعالى: ![]() ![]() الرابعة: الوالد الكافر يجب على ولده المسلم أن يبرّه، لكنه لا يطيعه في الكفر لقوله تعالى: ![]() ![]() ![]() الوالد له حق وإن كان كافراً، لكن لا تحبه المحبة القلبيّة، بل تكافئة على تربيته لك، وأنه والد، وله حق تكافئه على ذلك. الخامسة: تبادل التجارة معهم والشراء مهنم، شراء الحاجات منهم واستيراد البضائع والأسلحة منهم بالثمن لا بأس بذلك، [وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم يتعامل مع الكفّار، وكذلك عامل أهل خيبر وهم يهود على أن يزرعوا الأرض بجزء مما يخرج منها] ليس هذا من الموالاة والمحبّة، وإنما هو تبادل مصالح. يجب أن نعرف هذه الأمور، وأنها لا تدخل في الموالاة وليس منهياً عنها. كذلك الاستدانة منهم، النبي صلى الله عليه وآله وسلم استدان من اليهودي طعاماً، ورهن درعه عنده ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بطعام اشتراه لأهله. لا مانع من هذا، لأن هذه أمور دنيوية ومصالح ولا تدل على المحبّة والمودة في القلوب. فلا بد أن نفرق بين هذا وهذا، لأن بعض الناس إذا سمع نصوص العداوة للكفار وعدم محبتهم، قد يفهم أنه لا يتعامل معهم، ولا يتصل بهم نهائياً، وأن تكون مقاطعة نهائيّة. لا!!! هذا محدد بأحكام وبحدود وبشروط معروفة عند أهل العلم مأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله ![]() السادسة: أباح الله التزوج من نساء أهل الكتاب بشرط: [أن يكنّ عفيفات في أعراضهن، وأباح الله لنا أكل ذبائحهم] السابعة: لا بأس بإجابة دعوتهم، وأكل طعامهم المباح كما فعل النبي ![]() الثامنة: الإحسان إلى الجيران من الكفّار، لأنهم لهم حق الجوار. التاسعة: لا يجوز ظلمهم قال تعالى ![]() ![]() من كتاب الأصول الثلاثة ص66-67-68-69 |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() السؤال:
متى تكون موالاة المشركين كفراً أكبر مخرج من الملة ؟ ومتى تكون ذنباً وكبيرة من كبائر الذنوب ؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فالموالاة أقسام وأنواع منها المكفر ومنا المفسق، وثمة أمور يتوهم البعض أنها من الموالاة وليس الأمر كذلك. معنى الموالاة والتولي الموالاة مأخوذة من الفعل: والى يوالي موالاة، وهي بمعنى النصرة والتأييد. قال تعالى: {وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}[البقرة:257]، وقال تعالى في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {51}، وقال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ {55} وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ {56} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {57} والآيات في الموالاة كثيرة. وكلها بمعنى النصرة والتأييد، فأمر تعالى بمحبة المؤمنين ونصرتهم، ونهى عن محبة الكفار ونصرتهم. قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب -رحمهُ اللهُ-: عن الموالاة «هي لازم الحب، وهي النُّصرة، والإكرام والاحترام، والكون مع المحبوبين باطناً وظاهراً»(). وما ذكره الشيخ سليمان -رحمهُ اللهُ- هو الموالاة التامة التي من صرفها لله ورسوله والمؤمنين كان مؤمناً تام الإيمان، ومن صرفها للمشركين كان مشركاً مثلهم. وأما التولي: فهو مأخوذ من الفعل «تولَّى»، وقد ورد في القرآن على أحوال عديدة أذكرها إجمالاً: 1- أن تتعدى كلمة «تولى» بنفسها: تولى فلانٌ فلاناً أي ناصره وأيده. وتأتي بمعنى: اتبعه وأطاعه، قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ}[الحج:4]، وقال: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ}[النحل:100]. وتأتي بمعنى: قام بالأمر، ومنه قوله تعالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور:11]. 2- أن تتعدى بحرف الجر «إلى» كقوله تعالى: {ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ}[القصص:24] أي: انصرف إليه. 3-أن تتعدى بحرف الجر «عن» قال تعالى {ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ}[النمل:28] أي: ابتعد واستأخر. 4- أن تكون لازمة فتأتي بمعنى: «عصى»، وبمعنى «أعرض»، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا}[الفتح:17]، وقال: {وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ}[هود:52]. فمما سبق يتبين أن الموالاة والتولي بينهما اشتراك في اللفظ وفي المعنى لذلك اختلف العلماء هل هما بمعنى واحد ولها نفس الحكم ؟ أم بينهما اختلاف؟ هل هناك فرق بين الموالاة والتولي؟ الذي عليه أكثر العلماء أن الموالاة مثل التولي تشمل المحبة والنصرة والتأييد، وقد تكون الموالاة بدون محبة، وقد يكون التولي بدون محبة. فجعلوا الموالاة والتولي بمعنى واحد وأقسامهما واحدة: منها المكفرة ومنها المفسقة. ومن العلماء من خصَّ التولي بأحد أنواع الموالاة وهي الموالاة التامة، فكل تولٍ فهو موالاة، ولي كل موالاة تولياً. أقسام الموالاة تنقسم الموالاة إلى قسمين: موالاة مكفِّرة، وموالاة محرَّمة لا تخرج من الملة. فالموالاة المكفرة هي التامة التي تكون مشتملة على حب دين الكفار، وحب ظهور على المسلمين أو العمل على ذلك. ولها صور: الصورة الأولى: محبة الكفار لدينهم في الباطن مع إظهار العداوة لهم في الظاهر، فهذه موالاة مكفرة، وهي ما كان عليه المنافقون وهذه من صور التولي المخرج من الملة عند من يفرق بين الموالاة والتولي. وإن كان المنافقون قد أظهروا موالاة الكفار بعذر واهٍ وهو مخافة أن تدور عليهم الدوائر، متغافلين عن التوكل على الله والاعتماد عليه بسبب ما في قلوبهم من مرض النفاق. قال تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}[المائدة:52] قال ابن جرير الطبري -رحمهُ اللهُ-: «لا شك أن الآية نزلت في منافق كان يوالي يهود أو نصارى خوفا على نفسه من دوائر الدهر لأن الآية التي بعد هذه تدل على ذلك وذلك قوله: {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة}»(). وسئل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن -رحمهُم اللهُ- عن الفرق بين الموالاة والتولي، فأجاب: «التولي كفر يخرج من الملة، وهو كالذب عنهم وإعانتهم بالمال والبدن والرأي، والموالاة كبيرة من كبائر الذنوب، كبل الدواة أو بري القلم أو التبشش لهم، أو رفع الصوت لهم»(). فالذي يذب عن الكفار، ويساعدهم بماله وبدنه ورأيه فلا شك في كفره لأنه مظاهر للمشركين على المسلمين، ولأنه -أيضاً- لا يقوم بذلك إلا وهو يحب دينهم أو يبغض دين المسلمين فتكون الموالاة هنا تامة. قال شيخ الإسلام -رحمهُ اللهُ-: « فبين سبحانه وتعالى أن الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه مستلزم لعدم ولايتهم، فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم». وقال -رحمهُ اللهُ-: « فإنَّ الموالاة موجبها التعاون والتناصر». ولأن إعانة الكفار بالرأي دون مظاهرة أو محبة دينهم من الموالاة المحرمة وليست من الموالاة المكفرة بإجماع أهل السنة كما تضمنه كلام الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن -رحمهُم اللهُ-. وبين الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف -رحمهُ اللهُ- أن مساعدتهم ببري القلم أو بَلِّ الدواة -وهي مساعدة إما بالبدن، وإما بالمال-: من الموالاة المحرمة وليست المكفرة لأن هذه الأمور لا تستلزم محبة دينهم، وليست من المظاهرة بل قد تكون بسبب محبتهم المحبة الدنيوية. الصورة الثانية: محبة الكفار، والرغبة فيهم وفي دينهم، باطناً وظاهراً فهذا كفر صريح، وهذه هي الموالاة التامة، وهي التولي عند من يفرق بين الموالاة والتولي. قال ابن القيم -رحمهُ اللهُ-: «أنه سبحانه قد حكم ولا أحسن من حكمه أنه من تولى اليهود والنصارى فهو منهم {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة:51] فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم، وهذا عام خص منه من يتولاهم ودخل في دينهم بعد التزام الإسلام، فإنه لا يقر ولا تقبل منه الجزية بل إما الإسلام أو السيف فإنه مرتد بالنص والإجماع، ولا يصح إلحاق من دخل في دينهم من الكفار قبل التزام الإسلام بمن دخل فيه من المسلمين»(). فجعل ابن القيم -رحمهُ اللهُ- توليهم هو الدخول في دينهم سواء كان يهودياً أو نصرانياً، ولكن ليس له حكم أهل الكتاب الأصليين، بل هو مرتد، وقد وضحه الإمام ابن القيم -رحمهُ اللهُ- بعده مباشرة، حيث قال -رحمهُ اللهُ-: « يوضحه الوجه السادس: أن من دان بدينهم من الكفار بعد نزول الفرقان فقد انتقل من دينه إلى دين خير منه وإن كانا جميعاً باطلين، وأما المسلم فإنه قد انتقل من دين الحق إلى الدين الباطل بعد إقراره بصحة ما كان عليه وبطلان ما انتقل إليه فلا يُقَرُّ». فابن القيم -رحمهُ اللهُ- يجعل التولي هنا هو الموالاة التامة المشتملة على محبة دين الكفار. فتنبه. قال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ -رحمهُ اللهُ-: « وأما قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[ المائدة: 51]، وقوله: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المجادلة:22]، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[المائدة:57] فقد فسرته السنة، وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة. وأصل: الموالاة، هو: الحب والنصرة، والصداقة ودون ذلك: مراتب متعددة؛ ولكل ذنب: حظه وقسطه، من الوعيد والذم؛ وهذا عند السلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معروف في هذا الباب وفى غيره وإنما أشكال الأمر، وخفيت المعاني، والتبست الأحكام على خلوف من العجم والمولدين الذين لا دراية لهم بهذا الشأن ولا مممارسة لهم بمعاني السنة والقرآن». وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن-رحمهُ اللهُ-: «وأما إيواؤهم ونقض العهد لهم، ومظاهرتهم ومعاونتهم، والاستبشار بنصرهم، وموالاة وليهم، ومعاداة عدوهم من أهل الإسلام: فكل هذه الأمور زائدة على الإقامة بين أظهرهم، وكل عمل من هذه الأعمال قد توعد الله عليه بالعذاب والخلود فيه وسلب الإيمان، وحلول السخط به وغير ذلك ما هو مضمون الآيات المحكمات التي قد تقدمت». وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: «السؤال الثامن من الفتوى رقم (4246): س8: ما معنى قوله -تعالى-: {لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ الله عَلَيْهِمْ} [الممتحنة:13] وما معنى الولاية معهم؟ وهل تكون الولاية أن تذهب إليهم وتحدثهم وتكلمهم وتضحك معهم؟ ج8: نهى الله تعالى المؤمنين أن يوالوا اليهود وغيرهم من الكفار ولاء ود ومحبة وإخاء ونصرة، وأن يتخذوهم بطانة ولو كانوا غير محاربين للمسلمين؛ قال -تعالى-: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بالله وَاليَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} الآية [المجادلة:22]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ البَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ} إلى أن قال -سبحانه-: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}[آل عمران:118-120] وما في معناها من نصوص الكتاب والسنة، ولم ينه الله تعالى المؤمنين عن مقابلة معروف غير الحربيين بالمعروف أو تبادل المنافع المباحة معهم من بيع وشراء وقبول الهدايا والهبات، قال -تعالى-: {لا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ الله يُحِبُّ المُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الممتحنة:8-9]. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي عضو عبد الله بن غديان عضو عبد الله بن قعود »(). وجاء فيها أيضاً: «س5: ما هي حدود الموالاة التي يكفر صاحبها وتخرجه من الملة، حيث نسمع أن من أكل مع المشرك أو جلس معه أو استضاء بنوره ولو برى لهم قلمًا أو قدم لهم محبرة فهو مشرك، وكثيرًا ما نتعامل مع اليهود والنصارى نتيجة التواجد والمواطنة في مكان واحد، فما هي حدود الموالاة المخرجة من الملة؟ وما هي الكتب الموضحة ذلك بالتفصيل؟ وهل الموالاة من شروط لا إله إلا الله؟. ج5: موالاة الكفار التي يكفر بها من والاهم هي: محبتهم، ونصرتهم على المسلمين، لا مجرد التعامل معهم بالعدل، ولا مخالطتهم لدعوتهم للإسلام، ولا غشيان مجالسهم والسفر إليهم للبلاغ ونشر الإسلام. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي عضو عبد الله بن غديان عضو عبد الله بن قعود »(). وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي -رحمهُ اللهُ-: «ويفهم من ظواهر هذه الآيات أن من تولى الكفار عمداً اختياراً رغبة فيهم أنه كافر مثلهم»(). الصورة الثالثة: ومحبتهم لدنياهم وتقديمهم ورفعهم، ومودتهم، والتشبه بهم في اللباس والعادات ونحوه مما لا يكون شركاً أو كفراً، ومشاركتهم في أعيادهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ اللهُ-: «وهذا الحديث –يعني حديث: ((ومن تشبه بقوم فهو منهم))()- أقل أحواله أنَّهُ يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[ المائدة: 51]، وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال: «من بَنَى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة»، فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفراً أو معصيةً أو شعاراً للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك. وبكل حال فهو يقتضي التشبه بهم بعلة كونه تشبهاً، والتشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه -وهو نادر-، ومن تَبِعَ غيره في فعلٍ لغرض له في ذلك إذا كان أصل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير. فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضاً ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه ففي كون هذا تشبهاً نظر، لكن قد يُنْهَى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه، ولما فيه من المخالفة، كما أمر بصبغ اللحى وإعفائها، وإحفاء الشوارب مع أن قوله صلى الله عليه وسلم: ((غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود)) دليل على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منا ولا فعل، بل بمجرد ترك تغيير ما خلق فينا، وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية الاتفاقية». وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ -رحمهُ اللهُ-: «وأما إلحاق الوعيد المترتب على بعض الذنوب والكبائر فقد يمنع منه مانع في حق المعين كحب الله ورسوله... إلى قوله: وتأمل قصة حاطب بن أبي بلتعة وما فيها من الفوائد، ففعل حاطب نوع من الموالاة بدليل سبب نزول الآية في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} الآية[الممتحنة:1]، فدخل حاطب في المخاطبة باسم الإيمان ووصفه به ولم يكفر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خلوا سبيله))»(). فبين -رحمهُ اللهُ- أن فعل حاطب رضي الله عنه نوع من الموالاة المحرمة، وهي غير مكفرة. هذه أهم صور الموالاة وكلها محرمة، وبعضها كفر وردة كما سبق بيانه. وهناك صور عديدة يظن الجهال والخوارج أنها من الموالاة وليس الأمر كذلك، كالتعامل معهم بالبر والإحسان، ورد السلام إذا سلَّموا، والزواج من النساء الكتابيات، والمشاركة معهم في البيع والشراء والتجارة والإجارة ونحو ذلك مما أباحه الله. وكذلك اتقاء شرهم ودفع بلائهم ببعض المصانعة ليس هذا من الموالاة التي نهى الله عنها. قال الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله تعالى -: «عندنا في الشرع، وعند أئمة التوحيد، لفظان لهما معنيان يلتبس أحدهما بالآخر عند كثيرين: الأول: التولي. الثاني: الموالاة. التولي: مكفر. الموالاة غير جائزة والثالث: الاستعانة بالكافر واستئجاره : جائزة بشروطها. فهذه ثلاث مسائل: أما التولي: فهو الذي نزل فيه قول الله جل وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة:51]. وضابط التولي: هو نصرة الكافر على المسلم وقت حرب المسلم والكافر، قاصداً ظهور الكفار على المسلمين. فأصل التولي: المحبة التامة، أو النصرة للكافر على المسلم، فمن أحب الكافر لدينه، فهذا قد تولاه تولياً، وهذا كفر. وأما موالاة الكفار: فهي مودتهم، ومحبتهم لدنياهم وتقديمهم ورفعهم وهي فسق وليست كفراً. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} إلى قوله: {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}[الممتحنة:1]. قال أهل العلم: ناداهم باسم الإيمان، وقد دخل في النداء من ألقى المودة للكفار، فدل على أن فعله ليس كفراً، بل ضلال عن سواء السبيل؛ وذلك لأنه ألقى المودة وأسر لهم؛ لأجل الدنيا، لا شكاً في الدين. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن صنع ذلك: «ما حملك على ما صنعت» ؟ قال: والله ما بي إلا أن أكون مؤمناً بالله ورسوله، أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي». فمن هذا يتبين: أن مودة الكافر والميل له لأجل دنياه ليس كفراً إذا كان أصل الإيمان والاطمئنان به حاصلاً لمن كان منه نوع موالاة. وأما الاستعانة بالكافر أو استئجاره: فهذا قال أهل العلم بجوازه في أحوال مختلفة، يفتي أهل العلم في كل حال، وفي كل واقعة بما يرونه يصح أن يفتى به»(). وقال أيضاً - حفظه الله تعالى -: «عقد الإيمان يقتضي موالاة الإيمان والبراءة من الكفر لقوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ.وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة:55-56]، وعقد الإيمان يقتضي البراءة من المعبودات والآلهة المختلفة ومن عبادتهم لقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ. إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ. وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الزخرف:26-28]. فأساس الإيمان هو الولاء للإيمان والبراءة من الكفر وعبادة غير الله جل وعلا، ويتضمن ذلك موالاة أهل الإيمان والبراءة من أهل الكفر على اختلافهم مللهم. هذه الموالاة منها ما يكون للدنيا، ومنها ما يكون للدين، فإذا كانت للدنيا فليست بمخرجة من الدين، ومما قد يكون في بعض الأنواع من الموالاة في الدنيا: من الإكرام أو البشاشة أو الدعوة أو المخالطة ما قد يكون مأذوناً به ما لم يكن في القلب مودة لهذا الأمر، من مثل ما يفعله الرجل مع زوجته النصرانية، ومن مثل ما يفعله الابن مع أبيه غير المسلم، ونحو ذلك مما فيه إكرام وعمل في الظاهر، ولكن مع عدم المودة الدينية في الباطن، فإذا كانت الموالاة للدنيا فإنها غير جائزة إلا في ما استثني كما ذكرنا في حال الزوج مع الزوجة أو الابن مع أبيه مما يقتضي معاملة وبراً وسكوناً ونحو ذلك. أما القسم الثاني: فأن تكون الموالاة للدنيا ولكن ليس لجهة قرابة وإنما لجهة مصلحة بحتة في أمر الدنيا وإن فرط في أمر دينه، فهذه موالاة غير مكفرة؛ لأنها في أمر الدنيا، وهذه التي نزل فيها قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} ()، وهنا أثبت أنهم ألقوا بالمودة وناداهم باسم الإيمان، قال جمع من أهل العلم: مناداة من ألقى المودة باسم الإيمان دل على أن فعله لم يخرجه من اسم الإيمان. هذا مقتضى استفصال النبي صلى الله عليه وسلم من حاطب رضي الله عنه حيث قال له في القصة المعروفة: ((يا حاطب ما حملك على هذا؟)) - يعني: أن أفشى سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبين أن حمله عليه الدنيا وليس الدين. القسم الثالث: موالاة الكافر لدينه، يواليه ويحبه ويوده وينصره؛ لأجل ما عليه من الشرك ومن الوثنية ونحو ذلك، يعني محبة لدينه، فهذا مثله، هذا موالاة مكفرة؛ لأجل ذلك، والإيمان الكامل ينتفي مع مطلق موالاة غير المؤمن؛ لأن موالاة غير المؤمن بمودته ومحبته ونحو ذلك منافية للإيمان الواجب لقول الله جل وعلا: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}(). أما مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين هذا من نواقض الإسلام، كما هو مقرر في كتب فقه الحنابلة، وذكره العلماء - ومنهم: شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – : في النواقض العشر الناقض الثاني. وهذا الناقض مبني على أمرين: الأول: المظاهرة. والثاني: الإعانة. قال: (مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين). والمظاهرة: أن يتخذ أو أن يجعل طائفة من المسلمين أنفسهم ظهراً للكافرين، يحملونهم فيما لو أراد طائفة من المؤمنين أن يقعوا فيهم، يحمونهم، وينصرونهم، ويحمون ظهورهم وبيضتهم. هذا مظاهرة بمعنى أنه صار ظهراً لهم. قول الشيخ - رحمه الله -: (مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين) مركبة من أمرين: المظاهرة، بأن يكون ظهراً لهم، بأي عمل، أي يكون ظهراً يدفع عنهم ويقف معهم ويضرب المسلمين؛ لأجل حماية هؤلاء. وأما الثاني: فإعانة المشرك على المسلم، فضابطها أن يعني قاصداً ظهور الكفر على الإسلام؛ لأن مطلق الإعانة غير مكفرة؛ لأن حاطب رضي الله عنه حصل منه إعانة لهم، إعانة المشركين على الرسول صلى الله عليه وسلم بنوع من العمل، والإعانة بكتابة سر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسير إليهم لكن النبي صلى الله عليه وسلم استفصل منه، فدل على أن الإعانة تحتاج إلى استفصال، والله جل وعلا قال في مطلق العمل هذا {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}() لكن ليس بمكفر إلا بقصد، فلما أجاب حاطب بأنه لم يكن قصده ظهور الكفر على الإسلام قال: يا رسول الله، ما فعلت هذا رغبة في الكفر بعد الإسلام، ولكن ما من أحد من أصحابك إلا له يد يدفع بها عن أهله وماله، وليس لي يد في مكة، فأردت أن يكون لي بذلك يد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم))(). وحاطب τ فعل أمرين: الأمر الأول: ما استفصل فيه وهي مسألة: هل فعله قاصداً ظهور الكفر على الإسلام، ومحبة للكفر على الإسلام ؟ لو فعل ذلك لكان مكفراً ولم يكن حضوره لأهل بدر غافراً لذنبه؛ لأنه يكون خارجاً عن أمر الدين. الأمر الثاني: أنه حصل منه نوع إعانة لهم، وهذا الفعل فيه ضلال وذنب والله جل وعلا قال: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} إلى قوله: {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} إلى قوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} () أي في إبراهيم ومن معه. وهذا يدل على أن الاستفصال في هذه المسألة ظاهر، فالإعانة فيها استفصال، وأما المظاهرة بأن يكون ظهراً لهم ويدفع عنهم ويدرأ عنهم ما يأتيهم ويدخل معهم ضد المسلمين في حال حربهم لهم هذا من نواقض الإسلام التي بينها أهل العلم(). والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد أسامة بن عطايا العتيبي -حفظه الله- |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() السؤال:
علمنا بأن من أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، فما معنى الحب في الله، وما معنى البغض في الله؟ الجواب: الحب في الله أن تحب من أجل الله-تبارك وتعالى-؛ لأنك رأيته ذا تقوى وإيمان فتحبه في الله، وتبغض في الله لأنك رأيته كافراً عاصياً لله فتبغضه في الله، أو عاصياً وإن مسلماً فتبغضه بقدر ما عنده من المعاصي، هكذا المؤمن يتسع قلبه لهذا أو هذا يحب في الله أهل الإيمان والتقوى، ويبغض في الله أهل الكفر والشرور والمعاصي، ويكون قلبه متسعاً لهذا وهذا, وإذا كان الرجل في خير وشر كالمسلم العاصي أحبه من أجل إسلامه وأبغضه من أجل ما عنده من المعاصي, فيكون فيه الأمران الشعبتان شعبة الحب والبغض, فأهل الإيمان وأهل الاستقامة يحبهم حباً كاملاً, وأهل الكفر يبغضهم بغضاً كاملاً، وصاحب الشائبتين صاحب المعاصي يحبه على قدر ما عنده من الإيمان والإسلام, ويبغضه على قدر ما عنده من المعاصي والمخالفات. الشيخ بن باز -رحمه الله- |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() السؤال :
ما حكم حب الكفار ؟ وتقليدهم وكيف يكون الولاء والبراء ؟ الجواب : هذا السؤال ينبغي أن يفهم ينبغي أن نفرق بين حب الكفار وبين التعامل مع الكفار. حب الكفار وولائهم حرام وقد يؤدي إلى الكفر لكن التعامل مع الكفار شيء واقع في تاريخنا وقد كان في المدينة النبوية يوجد منافقون ويهود وهل النبي – عليه الصلاة والسلام – والصحابة يتعاملون معهم أم لا ؟ أكثر أولئك منهم الصاغة ومنهم الحدادون المسلون يتعاملون معهم في البيع والشراء وفي أن يصنعوا لهم ما يحتاجون من الحلي وغير ذلك قد يقرضون ويستقرضون منهم حتى النبي – عليه الصلاة والسلام – والتعامل معهم والاستعانة بأسلحتهم والاستعانة بخبرتهم والاستعانة بذواتهم عند الحاجة والاضطرار أمر مشروع قديما وحديثا ولا ينكر ذلك إلا الجاهل . تفريغ محاضرة المستقبل لهذا الدين ، لمحمد أمان الجامي رحمه الله |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() السؤال:
ما حكم مودة الكفار وتفضيلهم على المسلمين؟ الإجابة: لا شك أن الذي يوادّ الكفار أكثر من المسلمين قد فعل محرماً عظيماً، فإنه يجب أن يحب المسلمين وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، أما أن يود أعداء الله أكثر من المسلمين فهذا خطر عظيم وحرام عليه، بل لا يجوز أن يودهم ولو أقل من المسلمين لقوله تعالى: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون}. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلدالاول - باب الولاء والبراء. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() السؤال:
ما حكم موالاة الكفار؟ الإجابة: موالاة الكفار بالموادة والمناصرة واتخاذهم بطانة: حرام منهي عنها بنص القرآن الكريم، قال الله تعالى: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً}. وأخبر أنه إذا لم يكن المؤمنون بعضهم أولياء بعض، والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ويتميز هؤلاء عن هؤلاء، فإنها تكون فتنة في الأرض وفساد كبير. ولا ينبغي أبداً أن يثق المؤمن بغير المؤمن مهما أظهر من المودة وأبدى من النصح فإن الله تعالى يقول عنهم: {ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء}، ويقول سبحانه لنبيه: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}، والواجب على المؤمن أن يعتمد على الله في تنفيذ شرعه، وألا تأخذه فيه لومة لائم، وألا يخاف من أعدائه فقد قال الله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}، وقال تعالى: {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين}، وقال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم}، والله الموفق. ـــــــــــــــــ مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلدالاول - باب الولاء والبراء . |
|||
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
ولاء، براء |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc