في الوقت الذي أبطلت الشرطة التركية مفعول قنبلة كانت موضوعة بأحد فروع سلسلة مطاعم ماكدونالد في اسطنبول، بعد تكرار التفجيرات التي ضربت هذه المدينة في الآونة الأخيرة. أثار رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مجدداً، عاصفة من الاحتجاجات والانتقادات، في شأن مسائل بعيدة من السياسة، كما فاقم العداء بينه وبين وسائل الإعلام، إذ وصف الصحفيين المعارضين والمنتقدين لسياسته، بأنهم "كلاب كانت سلاسلها في يدي العسكر سابقاً، وانتقلت الآن إلى أسيادها في أوروبا"!.
وردّ أردوغان بذلك على صحفيين انتقدوا تستّره على جنرال أمر في 28 كانون الأول الماضي، بقصف 34 كردياً، أثناء تسلّلهم من شمال العراق إلى تركيا، ما أدى إلى مقتلهم، إذ اعتقد بأنهم من متمردي حزب العمال الكردستاني.
ورغم إقرار الحكومة بأن ذلك حدث خطأً وفي شكل غير متعمّد، وعرضها تعويضات مالية ضخمة على عائلات الضحايا، إلا أن التحقيقات لم تكشف المسؤول عن الخطأ، ولم يُحاسَب عليه، فيما يصرّ أردوغان على التستّر على ما يملك من معلومات في هذا الشأن، أو الضغط لتسريع التحقيقات التي تبدو شبه مجمّدة.
وفي حرب كلامية جديدة، رفع أردوغان حدة السجال بينه وبين نقابات الأطباء والجمعيات النسائية ومنظمات حقوق الإنسان، بتأكيده مجدداً أن من حقه، بوصفه رئيساً للوزراء، التدخل في شؤون الأسرة والحفاظ على تقاليدها. كما علّق على منتقدي وصفه الإجهاض وعمليات الولادة القيصرية، بأنها "جريمة"، معلناً أنه أمر حكومته بصوغ قانون لخفض الفترة التي يُسمح خلالها بالإجهاض، من 10 أسابيع إلى 4 فقط من بداية الحمل.
كما أشار إلى أنه طلب من وزير الصحة رجب اكداج، إجراء تفتيش للتحقق في المستشفيات التي تزداد فيها عمليات الولادة القيصرية، للضغط من أجل منعها، بحجة أن المرأة التي تُنجب قيصرياً، لا يمكنها الإنجاب سوى مرتين فقط، ما يتعارض مع سياسة "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، ورأي أردوغان القائل بضرورة أن تنجب كلّ عائلة في تركيا، 3 أطفال على الأقل.
وتظاهرت عشرات النساء من جمعية حقوق المرأة، أمام مكتب أردوغان في اسطنبول، احتجاجاً على اعتباره الولادة القيصرية والإجهاض، "جريمة" أو "مجزرة". ورفعت المتظاهرات لافتات، كُتِب على بعضها: "لا تتدخل في شؤون أرحامنا" و"الإجهاض حق للمرأة" و"القيصرية شكل من أشكال الولادة".
وانضم إلى هذه الحملة النسائية، "اتحاد أطباء اسطنبول" الذي وجّه رسالة خطية إلى أردوغان، تساءل فيها هل يفكّر رئيس الوزراء في "تأليف كتب طبية، أو تغيير مناهج كلية الطب أو سجن الأجنة داخل أرحام الأمهات، إن تعثرت الولادة"؟!!.
كما شنّ إعلاميون حملة على تصريحات أردوغان، إذ اعتبر روهشان شاكر من صحيفة "وطن"، أن حرية الإعلام والصحافة باتت شبه معدومة في تركيا، إلى درجة لا يجد فيها رئيس الوزراء حرجاً في أن يصف الصحفيين بالكلاب، وأن يؤلّب الرأي العام عليهم. وتساءل عمن يقف وراء الحريق في صحيفة "بينغوان" الساخرة التي تُعتبر من أشد منتقدي أردوغان وحكومته، إذ قُيّد الحريق ضد مجهول، بعد تسبّبه في إغلاق الصحيفة. أما بال شيشيك إلتر من صحيفة "خبر ترك"، فقالت: "في وقت تُعتبر تركيا من أكثر دول العالم التي تتعرّض فيها المرأة لعنف واغتصاب وقتل من الأزواج، نجد رئيس الوزراء غافلاً عن ذلك، ومرّكزاً على حق المرأة في الإجهاض طوعاً، قبل نفخ روح في جنين لم يُكمل 10 أسابيع"!!.
واعتبرت صحيفة "طرف" اليسارية أن أردوغان نجح في صرف الأنظار عن مقتل الأكراد، من خلال شغل الرأي العام بقضية الإجهاض. وتساءلت هل بقيت في تركيا فئة لم يعاديها أردوغان، مستنداً إلى الغالبية التي يحظى بها حزبه في البرلمان. ورأت أن رئيس الوزراء يتدرّب الآن على صلاحيات الرئاسة، تمهيداً لخوضه انتخاباتها بعد سنتين!!.