واو الأصداغ
سأل المأمون يحيى اليزيدي عن شيء فقال : لا ، وجعلني الله فداك يا أمير المؤمنين .
فقال : لله درّك ! ما وضعت الواو قطُّ في موضوع أحسن من موضعها في لفظك هذا .
ووصله وحمّله .
---
يحيى اليزيدي : هو يحيى بن المبارك العدوي . عالم بالعربية والأدب ، من أهل البصرة .
الشَّعر المفتول في الصدغ يزيّن الوجه جمالا .
وسموا هذه الواو ، واو الأصداغ : لأنها جمّلت الكلام ، ولولاها لفسد .
هذه الواو هي واو الفصل فعندما قال يحيى : لا وأيد الله أمير المؤمنين .
بينت هذه الواو أن ما قبلها جملة وما بعدها جملة أخرى .
ففي قصة أخرى أن أبا بكر الصديق رأى عند أعرابي ثوب جميل فقال الصديق هل تبيعه ؟ فقال : الأعرابي لا يرحمك الله .
فقال : الصديق قل لا ويرحمك الله .
ففائدة الواو / حتى لا يتوهم المستمع أن القائل يدعي عليه أو على غيره
فعندما قال الأعرابي لا يرحمك الله فقد يظن البعض أنها دعوة على الصديق
ولقد حصل مثل هذا الموقف مع عمر بن الخطاب
عندما سأل عن شيء فقال له الرجل لا أطال الله بقائك
فقال له عمر : ويحك ألا تقول : لا و أطال الله بقائك
أما عن سبب تسمية ( واو الأصداغ):
كانت الجواري في ذلك الزمن، يَتَزّيّن لسادتهن، ولأنفسهن في محافلهن، فإنهن يُضفرن شعورهن... بحيث تنزل منه على خدودهن خصل معقوفة مدببة بشكل واوات، فيكون للمرأة منظر بهي، تَسُرُّ به مالكها أو بعلها.. ويكون محل تلك الواوات العجيبة في الأصداغ والخدد. فيقول الصاحب بن عباد ـ رحمه الله ـ إن واو عمر تلك... في إحكامها، وتمكن محلها، واستغناء واضعها بها عن كلام، وحُسْن رونقها.. لأجمل ـ والله، من واوات النساء الجميلات المزينات بشعورهن...