اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روان علي شريف
قالت لي العاصفة وهي في أوج غضبها : المطر ينزل فيغسل كل ما يجده أمامه ، انه زينة الأرض تماما كوجه امرأة لا تستعمل ّ المساحيق ّ لأنها تدرك أن صفاء روحها ينعكس على وجهها.
قلت لها والرياح عاصفات والرعود قاصفات : تماما كدموع رجل حينما تسقط ، تسقط معها كلفته
وتختفي فحولته ويجتاحه الطوفان ، ويصبح كطفل يتيم في حاجة لمن يرعاه أو يتبناه..
واصلت حديثها ومن هذيانها أخذت أمواج البحر هيجانها وأردفت تقول : عندما تسقط الدموع كأنما
يسقط المطر ، أخرج مجبرة ولا أعلم ما يجبرني ، فأسير وأنا سعيدة حين أمشي وأنا وحيدة..
قاطعتها وقلت : أسيرك أنا ، لم أعد أفرق بين الأسماء يا عاصفتي أأنت سعيدة أم أنت وحيدة ؟
أسعيدة أنت بالتدمير ؟ أوحيدة أنت في التدبير ؟
قالت : الصورة بعيدة عن الحقيقة ، فما بالك بالنسخة ؟
لحظتها أشرقت الشمس في ابتسامتها العريضة كقوس قزح من بين الركام ، وردت على سؤالي
وقالت : لا بديل الا الحقيقة والحقيقة في موطنها غريبة ، ولما تعشق الحقيقة الغموض أبحث لها
عن صديق يرافقها رحلة إثبات الذات وتقبل ما هو آت.
قلت : ما دامت الحقيقة ارتمت في أحضان الغموض لا داعي لتقديم العروض ورحلة إثبات الذات لن
يقدم عليها من قلبه مات وطلق الملذات.
اقتربت من الشاطئ غاضبة ، عاصفة ، صانعة من الموج رذاذا به صفعت وجهي ثم التفتت صوبي مقهقهة ، وقالت مازحة : ..ميزان الحرارة الإنساني ، كنت أود الاستفسار عن هذا العلاج الجديد ، ولكن لا يمكن..لا يمكن..فات الأوان.
قلت : إن تكسر الميزان يبقي الانسان ، وان أتيت بالإعصار فلا ينفع معه الاستفسار إنما العلاج الجديد قد أثبت فعاليته في الصلب والحديد وان مر الزمان ستختفي الآلام ، هيا بنا للأمام لنوقع على السلام ، ألست بسعيد وأنا في مرتبة العبيد ؟
عانقتني ونظرت إلى عيني ، في سوادهم تراءى لها وجهها الغضوب وحلمها المرغوب وقالت : أقرر في لحظة ما أريد حتى ولو كنت لا أريد.. طلبك أزعجني ، قلت : كلامك لم يعجبني حتى حالك أفزعني ، اعصفي..اعصفي ، حتي وان اقتلعت الطين والحجر أو كنت عاصفة ثلج أو مطر..
انفجرت بالبكاء ، أبكت معها السماء ، سالت دموعها زخات ،ارتوت منها الأرض وعادت لها الحياة وقبل أن تنشف دموعها ، قالت : ستبقي في الذاكرة كأولئك الأقوياء انكسرت راياتهم ، لكنهم أبدا ما سقطوا ولن يسقطوا..
من جديد أشرقت شمس البادية ، وحلت الظروف العادية ونحن نبتعد عن الشاطئ الهائج ، متعانقين قلت : خذي هذه الوردة البيضاء لعلها ستحمر مع الأيام ، احتفظي بها ، أنا أعزك ، وما
أنت الا عاطفة حب وقدر ، لنبدأ مشوارنا من حيث بدأت أولى الكلمات إلى حيث تنتهي آخر الخطوات.
|
قرأت هذا المشهد الشاعري الجميل منذ أيام ولم أستطع الرّد عليه... واليوم أيضا أعدت قراءته ولا أجد ما أقول