الشبهة الثالثة
قالوا : نعلم أن الشيخ رسلان أثبت صفة النزول والدنو في أكثر من موضع ولكن قد وقع منه كلام لا يفهم منه إلا أنه يقول بقول الأشاعرة في تفسيرهم لصفة الدنو والنزول !!! وقالوا لقد قال الشيخ في إحدى خطبه :
(( عن عائشة رضوان الله عليها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو عشية يوم عرفة يباهي بهم الملائكة يقول ما أراد هؤلاء ؟ )) فعلّق الشيخ رسلان وقال : فهذا الحديث قاضٍ بأن الله تجلت قدرته يتجلى برحمته في يوم عرفة فيعتق من النار جمّا غفيراً لا يحصي عدّهم إلا الذي خلقهم كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم )) انتهى كلام الشيخ رسلان حفظه الله
فقالوا : قال الشيخ (( يتجلى برحمته )) وهذا هو عين قول الأشاعرة !!!!
أقول ردّاً على هذه الشبهة المتهافتة :
الشيخ رسلان حفظه الله يثبت صفة الدنو على حقيقتها ( كما تعلمون ذلك ) وهذا موجود في شروحاته على كتب التوحيد والعقيدة المختلفة وعدد المرات التي أثبت فيها الصفة يكاد يبلغ المئات إن لم نقل الألوف ! .....وما تنكرونه علي الشيخ ووصفَكُم إيّاه بأنه يقول بقول الأشاعرة في هذه المسألة فهذا إن دل فإنما يدل على مبلغ علمكم بهذا العلم الشريف !! ودونكم البيان :
قال شيخ الإسلام بن تيمية في الفتاوى المجلد الخامس فصــل (في تمام الكلام في القرب )
"وقد تكون الرحمة التي تنزل على الحُجَّاج عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وعلى من شهد الجمعة، تنتشر بركاتها إلى غيرهم من أهل الأعذار، فيكون لهم نصيب من إجابة الدعاء وحظ مع من شهد ذلك،كما في شهر رمضان، فهذا موجود لمن يحبهم ويحب ما هم فيه من العبادة، فيحصل لقلبه تقرب إلى اللّه، ويود لو كان معهم.
وأما الكافر والمنافق الذي لا يرى الحج برًا، ولا الجمعة فرضًا وبرًا، بل هو معرض عن محبة ذلك وإرادته، فهذا قلبه بعيد عن رحمة اللّه؛ فإن رحمة اللّه قريب من المحسنين، وهذا ليس منهم. " انتهى كلامه رحمه الله
ومثله ما قاله الشيخ العلامة المحقق ابن باز رحمه الله تعالى في ( الفتاوى) فصل (المنافع التي تحصل للحاج) (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 162)
"وتسويق البضائع والأنعام إلى غير ذلك مما يلمسه كل مسلم يشارك في الحج ، ومن المشاهد أن الله سبحانه يسهل النفقة والبذل فيه على الإنسان حتى تجود يده بما لم يجد به من قبل في حياته العادية ، علاوة على ما في الحج من التعارف فيما بين المسلمين والتعاون على مصالحهم .
أما المنافع الدينية التي تعود على الحجيج بالخير الجزيل من أعمال الآخرة فمنها: التفقه في الدين، والاهتمام بشئون المسلمين عموما، والتعاون على البر والتقوى، والدعوة إلى الله سبحانه، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والاستكثار من الصلاة والطواف وذكر الله عز وجل والصلاة والسلام على نبيه صلى الله عليه وسلم والفوز بما وعد الله به الحجاج والعمار من تكفير السيئات، والفوز بالجنة، وتنزل الرحمة على عباد الله في هذه المشاعر العظيمة. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: صحيح مسلم الحج (1348 ، 1348) ، سنن النسائي مناسك الحج (3003 ، 3003) ، سنن ابن ماجه المناسك (3014 ، 3014). ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو فيباهي بهم ملائكته فيقول: ما أراد هؤلاء؟ رواه مسلم في ( الحج ) باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم (1348) . رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها. " انتهى كلامه رحمه الله تعالى
فما تقولون في قول هؤلاء الأئمة ؟! هل تقولون أنهم قالوا بقول الأشاعرة في صفة النزول والدنو ؟!!!!
اللهم لا .....طيب ماذا فعل هؤلاء الأئمة؟؟ :
لقد دانوا بالصفة على حقيقتها وقالوا بها بلا تكييف أو تعطيل أو تفويض ..إلخ في أكثر من موضع آخر ولكن في هذا الكلام احتاجوا من الصفة اللازم منها وهو الرحمة لاستدعاء الوقت والحال والموضوع كأنهم يقولون نحن مُقرّين بالصفة كما تعلمون ولكن لا يلزمنا في كل مرة أن نقولها ونوضّحها وهنا في هذا الموضع احتجنا أثر هذه الصفة أو اللازم منها وهو الرحمة فذكرناه ولكنا بطبيعة الحال لسنا من المؤولة !!
وقد لا ينشط العالم في كل وقت ويأتي بكل شئ ويوضّح فقد تجده يأتي باللازم فقط لحاجته له ولا شك أن الأولى والأفضل أن يوضح العالم في كل مرة ( خاصة في عصر كثُر فيه المتربصين الحاقدين ! ) ولكن لا يلزمه ذلك ولا سبيل للطعن فيه بسبب هذا الأمر ما دام الرجل قد دان بالصفة على حقيقتها في شروحاته ودروسه العقدية المفصلة .
وهذا هو عين ما فعله الشيخ محمد رسلان حفظه الله لقد ذكر الأثر أو اللازم من الدنو وهو أن الله يرحم عباده ولم ينشط لذكر التفاصيل كأن يقول دنواً يليق بجلاله سبحانه بلا تكييف أو تعطيل كما هي عادته حفظه الله ولكن ليس معنى هذا أنه لا يقول بها ولا يثبت الصفة !!
وقد فعل هذا أئمة أعلام مثل شيخ الإسلام بن تيمية والعلامة بن باز رحمهم الله ومثل الحافظ بن كثير أيضاً في تفسيره فكثيرا ما يذكر لازم الصفة وفي موضع آخر يذكر الصفة ويثبتها بمعناها على حقيقتها
ومن هنا قال بعض من لا يفهم أن ابن كثير رحمه الله يتأول !! وهو برئ من التأويل براءة الذئب من دم ابن يعقوب وكذلك الشيخ رسلان حفظه الله وشروحات الشيخ رسلان على كتب العقيدة منشورة على موقعه ومن أراد أن يسمعها ليرى أن الشيخ يثبت صفة النزول والدنو على الحقيقة وهو يثبت المعنى العربي المعلوم ويفوّض الكيفية لله دائماً وأبداً ...( وهذا التفصيل إستفدته من أحد طلبة العلم فجزاه الله خيرا )
وأزيدكم من الشعر بيتا ... هذا هو تفصيل الشيخ رسلان حفظه الله في هذا الحديث الذي قلتم أنه يقول بقول الأشاعرة فيه !!!
تبصير العقول بحديث: (وإنه ليدنو..) وحديث النزول
فماذا ستقولون الآن يا ترى ؟؟
شدّ ما أرثي لكم !