(العقل مصدر المعلرفة
طرح الاشكالية : تحتل نظرية المعرفة مكانة كبيرة في اشكليات الفكر الانساني حيث شغلت اذهان المفكرين و الفلاسفة و شكلت ابحاثهم المركزية و كانت مثار جدل بين مختلف المذاهب و الانساق الفلسفية الكبرى فتعددت المواقف و انقسمت بين من اعتبر العقل مصدرا للمعرفة و من اعتبر التجربة اساسا لذلك فاذا افترضنا ان العقل مصدر كل المعارف فما هي الحجج التي يمكن اعتمادها للدفاع عن صحة هذا الطرح ؟
عرض منطق الاطروحة (العقل مصدر المعلرفة ): العقلانية مذهب فكري يقول باولية العقل و ان كل المعارف متولدة منه و ليست متولدة من الحس او التجربة مسلماتهم :
* ترتد المعرفة الحقيقية الى ما يميز الانسان عن غيره و ما يميزه هو العقل لا الحواس يقول ديكارت
العقل اعدل قسمة بين الناس) بفضل العقل يهتدي الانسان الى اكتشاف خداع الحواس يقول ديكارت كل ما تلقيته حتى الان على انه اصدق الاشياء و اوتقها قد تعلمته عن طريق الحواس : غير انني اختبرت احيانا هذه الحواس فوجدتها خداعة و انه من الحذر الا نظمئن ابدا الى من يخدعنا و لو مرة واحدة – جميع المعارف تنشا عن المبادىء العقلية القلية و الضرورية الموجودة في العقل – الأفكار عالمية يقينية بديهية صادقة صدقا ضروريا و سابقة لكل تجربة كما أن في العقل مبادئ قبلية كمبدأ السببية و المفاهيم الرياضية .
تدعيم الأطروحة بحجج شخصية : - الأحكام العقلية توافق الأحكام الشرعية و الدين جاء مخبرا عما في العقل ( رأي المعتزلة ) – المجنون يفتقد للكثير من المعارف و الفرق الوحيد بين الإنسان و الحيوان هو تشريفه بالعقل – الكثير من الآيات القرآنية يأمر الله سبحانه و تعالى فيها الإنسان باستعمال العقل - جميع الناس يملكون بالفطرة المبادئ العقلية – الله سبحانه و تعالى رفع القلم عن الصبي و النائم و المجنون لافتقادهم العقل .
الرد على خصوم الأطروحة :
عرض منطق التجريبيين (التجربة أصل المعرفة لا العقل ) – عرض مسلمات النسق التجريبي :أنها في الحقيقة مسلمة واحدة ذات مظهرين : أن المصدر الجوهري الأوحد للمعرفة هو التجربة و هذه المسلمة تتفرع إلى جزأين : الأول نقدي يتم فيه استبعاد المذهب العقلاني و الثاني تأسيسي يتم فيه بناء المذهب التجريبي و قوامها : - العقل لا يستطيع أن ينشا بالفطرة المعاني و التصورات و العلم في كل صوره يرتد إلى التجربة – المرء يكون قبل التجربة عبارة عن صفحة بيضاء و يبدأ في اكتشاف العالم الخارجي عن طريق الحواس – دافيد هيوم "كل ما اعرف قد استمدته من التجربة" – الأحكام العقلية تتغير بتغير الزمان و المكان.
نقد الأطروحة التجريبية : لا يمكننا أن نثق في الحواس لأنها كثيرا ما تخدعنا فنحن نرى النجوم صغيرة و الحقائق العلمية تؤكد أنها اكبر بملايين المرات مما نراها – حواس الإنسان قاصرة و محدودة –أو كانت المعرفة تقتصر على الحواس لاشترك فيها الإنسان مع غيره من الحيوان.
الخاتمة : على ضوء التحليل السابق يتبين لنا أن العقل هو المصدر الأوثق للمعرفة و منه فان الأطروحة القائلة العقل مصدر المعرفة أطروحة صحيحة في سياقها و يمكن الاستناد عليها لصلابة منطقها المقنع.
--------------------------------------------------------------------
المشكلة والإشكالية إذا كانت الإشكالية يحركها الإحراج والمشكلة تبعثها الدهشة فبم تتميّز كلاهما عن الأخرى ؟
المقدّمة: لقد أحاطت بالإنسان ظواهر مختلفة أثارت دهشته واستغرابه، فدفعه فضوله للبحث والتقصّي للكشف عن خفاياها وتجاوز الإبهام والغموض فطرح بذلك جملة من التساؤلات إلاّ أنه خاض في مسائل أكثر صعوبة وغموض فتحول السؤال إلى مشكلة، وقد تتناول المشكلة معضلات فلسفية تثير انفعالا أشدّ وإحراجا أكبر فتتحول إلى إشكالية، فإذا كان كل من المشكلة والإشكالية يسعيان لنفس الهدف وهو الإجابة عن الأسئلة المبهمة ويختلفان من حيث الشكل والمضمون. فما طبيعة العلاقة بينهما ؟ وما هي أوجه التشابه والاختلاف بينهما ؟
التحليل: تحديد أوجه التشابه: إن كل من المشكلة والإشكالية هما حصيلة أمر صعب ومستعصي يحتاج إلى تحليل وبحث وتقصّي كما أن كلاهما ناتجان عن تأمّل فكري عميق ونابعان عن القلق والإثارة تجاه الغموض كما أن كلاهما يصاغان صياغة استفهامية ويصبوان إلى إدراك الحقيقة والتماس ماهية الأشياء وتجاوز الإبهام والغموض أي كلاهما خاصية إنسانية بحيث يقول جون ديوي "إنّ التفكير لا ينشأ إلا في وجود مشكلة وأن الحاجة إلى حل أي مشكلة هي العامل المرشد دائما في عملية التفكير".
تحديد أوجه الاختلاف: تتميز المشكلة عن الإشكالية كونها تساؤل مؤقت تستدعي جوابا نهائيا مقنعا كأن يعالج عالم قضية فيزيائية مثل نيوتن الذي تساءل عن سبب سقود الأجسام نحو الأرض فبقي الجواب معلّقا لمدة 20 سنة لكنه بمجرد سقوط التفاحة أوجد الحل وضبطه في القانون التالي: ث = ك × ج ، أما الإشكالية فهي عبارة عن تساؤل مستمر تعالج معضلات فلسفية مستعصية وكثيرا ما تنتهي بتعدّد الآراء وتناقضها فيصعب الإقرار فيها بالإثبات أو النفي فتتداخل فيها الجوانب النفسية والاجتماعية والدينية بحيث لا مخرج لها أي تعبّر عن الأمر المنفتح مثل مسألة الحرية التي لم يستطيعوا الإقرار فيها بحل نهائي، عكس المشكلة التي تعبّر عن الأمر المنغلق الذي يمكن حله، كما يمكن صيغتها في سؤال يثير القلق والدهشة، يقول كارل ياسبرس "يدفعني الاندهاش إلى المعرفة فيشعرني بجهلي" أما الإشكالية فهي تثير إحراجا أكبر وانفعالا أقوى ةتعبر عنها في سؤال كلي قد يخص مجال الحياة أو الكون أو الوجود ككل وهي أكثر اتساعا من المشكلة التي يحدّها مجال معين فيحصر الموضوع في جانب محدد مثل قضية العدالة هل تحقق بالمساواة المطلقة أم بمراعاة التفاوت ؟ فهي قضية تعالج من جانب اجتماعي.
مواطن التداخل: قد ينطلق الموضوع الفلسفي من مشكلة وإذا عالجت المشكلة قضايا أكثر صعوبة ومعضلات مبهمة قد تتحول إلى إشكالية، وإذا كانت الإشكالية مترامية الأطراف فتتسع حدودها وقضاياها فتحتوي هنا على مشكلات جزئية وعليه فالمشكلة جزء من الإشكالية.
الخاتمة: إن العلاقة بين المشكلة والإشكالية هي علاقة الجزء بالكل والمجموعة بعناصرها فنحن نستخدم مصطلح إشكالية لما تحتاج المسألة إلى أكثر من علاج وأكثر من رأي ونستعمل لفظ مشكلة على مسألة جزئية يمكن حلها وكِلاهما عاملان ضروريان للكشف عن الحقيقة والإجابة عن
الكثير من الأسئلة.