![]() |
|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() مع حلقته الأولى: (مبنى الحكم على الرجال هل هو اجتهادي أو نصي؟)
في هذه الحلقة؛ بدأ الكاتب ـ وفقني الله تعالى وإياه إلى السداد ـ في بيان أنَّ مسألة الحكم على المعينين مبناها على الاجتهاد الذي يحتمل الرد والقبول حالها كحال المسائل الفقهية؛ وذكر في ذلك نقولاً عن أهل العلم، واستثنى من ذلك ما ورد به النص عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحكم على البعض أنهم من أهل الجنة والإيمان وفي الحكم على البعض الآخر أنهم من أهل النار والنفاق؛ فإنَّ هذا ملزم. ثم بنى على ذلك أحكام: مثل قوله: ((لا إلزام بمسائل الاجتهاد, ولا يسوغ إلزام طالب العلم، بل ولا العامي؛ إذا كان لهم نوع نظر وبحث واستدلال بخلاف ما ترجح عندهم)) قلتُ: وهذه مسألة "الإلزام في مسائل الاجتهاد" سيفرد لها الكاتب حلقة كاملة وهي الثالثة؛ فيؤجل الكلام فيها هناك. ولا أدري لِمَ أقحم الكاتب مرتبة "العامي" في مثل هذه المسألة؟! مع أنَّ الواجب على العامي التقليد وهو مُلزم بقول العالم كما تقدَّم في بعض النقول في مقدمة هذا التعليق، والكاتب نفسه في حلقته الثالثة قال: ((لاإلزام بالأحكام النقدية إلا للمقلِّدين))!. وأحب أن أنبِّه القرَّاء الكرام أنَّ الحشد الذي جمعه الكاتب من أقوال الأئمة إنما فيه: أنَّ الكلام على الرجال من مسائل الاجتهاد!، وهذا لا خلاف فيه!!، وإنما أصل النزاع: هل مسائل الاجتهاد فيها إلزام؟ أم ليس فيها إلزام مطلقاً؟! وقد قال الكاتب نفسه في مقاله [لا إلزام إلا بالشرع أو بالتزام العبد]: ((لا بد لنا من أن نبين أي القولين هو الحق: أهو الذي يتبناه شيخنا وقرره في كتابه في مواضع عدة, أم القول الذي تتبناه فرقة التبديع والإقصاء؛ من الإلزام بموارد الاجتهاد؟)) بينما قال في أخر حلقته الأولى هذه: ((وما هذا التفرق والتفريق المتقصَّد في إطلاق مثل هكذا أوصاف على طوائف من السلفيين إلا بسببعدم ضبط هذا الأصل: وهوأنَّ "الأحكام على الرجال مبنية على الاجتهاد"، وأنَّ للمسائل المبنية على الاجتهاد أحكام لا ينبغي إغفالها, فمن أغفلها أو تجاهلها أفضى به ذلك إلى الاختلاف ومن ثم التفرق... وبعد هذا العرض الموجز, علمنا حقيقة الفرق بين المنهجين؛ منهج السلفالذي قرره شيخنا وسار عليه, ومنهج بعض المعاصرين الممتهنين لتصنيفالمسلمين والسلفيين, وأي المنهجين هو الحادث)) فأقول له: ألم تقل في أحد مقالاتك: ((أما مسألة الإلزام بمسائل الاجتهاد؛ فقد اختصر الدكتور علينا كثيراً حيث صرح بحقيقة اختيار فرقة التبديع والإقصاء فيما ينقمونه على الشيخعلي الحلبي بقوله: "وأهل السنة لا يطلبون من الحلبيوأمثاله إلا القيام بواجب نصرة الحق وأهله، ورد الظلم والبغي على أهل السنة في أموراجتهادية"،وتنبَّه على قوله"في أمور اجتهادية"))، أليس هذا قولك؟! فمخالفك يقر أنَّ الكلام في الأعيان من الأمور الاجتهادية!؛ فلماذا هذا الحشد من أقوال أهل العلم في غير محل النزاع؟! والغريب أكثر؛ أنَّ الكاتب سيعزز هذا الحشد بحشد آخر في حلقته الثالثة!!. قلتُ: فأصل الخلاف هو: هل في مسائل الاجتهاد إلزام أم لا؟ وليس الخلاف: هل الكلام على الرجال من مسائل الاجتهاد أم لا؟! فلينتبه لذلك. فطرف من المختلفين يقول: ليس كل مسائل الاجتهاد لا إلزام فيها؛ بل إنْ ظهر فيها الحق وجب إتباعه، ولا يُحتج بخلاف الأئمة على عدم وجوب إتباع الحق الذي ظهر في المسألة أو الحكم على المعيَّن. والطرف الآخر يقول: لا إلزام في المسائل الفقهية والحكم على المعينين إلا بالنص أو الإجماع. هذا هو أصل الخلاف؛ وتفرَّع عليه الكلام في قاعدة: ((الجرح المفسَّر مقدَّم على التعديل المجمل)) هل هي ملزمة؟، وهل يُشترط في قبول الجرح أو التجريح الإجماع أم لا؟! وهل قاعدة: ((لا ينبغي أن يكون خلافنا في غيرنا سبباً للاختلاف بيننا)) صحيحة أم لا؟ وأما ما نقله الكاتب عن شيخه أنه نقل في كتابه [منهج السلف الصالح] كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى الذي يُشير فيه إلى عدم الإلزام في موارد الاجتهاد؛ حيث قال رحمه الله تعالى: ((وأما الأقوال والأفعال التي لم يُعلم قطعاً مخالفتها للكتاب والسنة؛ بل هي من موارد الاجتهادالتي تنازع فيها أهل العلم والإيمان: فهذه الأمور قد تكون قطعية عند بعضمن بيَّن الله له الحق فيها، لكنه لا يمكنه أن يلزم الناس بما بان له ولميبن لهم)) قلتُ: ما هو حد "البيان" الذي يكون فيه إلزام الآخر؟! لم تحدده أنت ولا شيخك من قبل، لأنَّ عبارة شيخ الإسلام: ((لا يمكنه أن يلزم الناس بما بان له ولم يبن لهم))، نفهم منها: إمكانية الإلزام إذا بان الأمر للآخر، فمتى يبن لكم وأشرطة المجروحين وكتاباتهم بين أيديكم صريحة ليس فيها لبس تدل على الانحراف والزيغ؟! قولوا لنا: متى؟! ثم في العبارة إشارة ترد على مَنْ لا يُلزم إلا بالإجماع، لأنَّ شيخ الإسلام قيد الإلزام بالبيان في مسائل الاجتهاد. وكذلك الكلام محله فيما لا يُعلم قطعاً أنه مخالف للشريعة؛ أما ما يُعلم قطعاً مخالفته للشريعة فيُلزم به؛ وهذا حال أكثر المجروحين اليوم، أنهم يأتون بما نعلم قطعاً مخالفته للشريعة، فلا يتنزَّل كلام شيخ الإسلام على مثل هؤلاء. ثم أقول: إنَّ كلام شيخ الإسلام المتقدِّم لو رجعنا إلى موضعه في المجموع [10/378-387] لوجدنا أنَّ شيخ الإسلام عقد فصلاً في حكم مَنْ يقع في المخالفات الشرعية من أهل التصوف، وما يظهر عليهم من شطحات وأحوال، والكلام الذي نقله الكاتب وشيخه في حال [مَنْ يسلم له حاله]؛ وله معنيان كما قال شيخ الإسلام: إما أنه لا يُذم ولا يُلام ولا يأثم لكن مع الإنكار والتخطئة، وإما أنه يُصوَّب ويُحمد ويؤجر؛ ومع هذا فشيخ الإسلام اشترط في هذا فقال: ((وتسليم الحال في مثل هذا: إذا عُرف أنه معذور، أو عُرف أنه صادق في طريقه، وإنَّ هذا الأمر قد يكون اجتهاداً منه؛ فهذه ثلاثة مواضع يسلم إليه فيها حاله، لعدم تمكنه من العلم وخفاء الحق عليه فيها على وجه يعذر به)) فليس الأمر على إطلاقه إذاً!!. ثم بعد الكلام الذي نقله الكاتب؛ ذكر شيخ الإسلام حكم الذي [لا يسلم إليه حاله] وهو الذي يُذم ويأثم وذكر له صور من حال الصوفية ومنها: ((أو يُعرف منه أنَّ الحق قد تبين له وأنه متبع لهواه)) ففي هذه الحالة يُلزم بالحق، وهذا يؤكِّد ما تقدَّم. ثم واصل في ذكر الصور التي يلام فيها أصحابها ويأثمون، وبعدها ختم الفصل بقوله: ((فهؤلاء ونحوهم ممن يخالف الشريعة ويبين له الحق فيعرض عنه: يجب الإنكار عليهم بحسب ما جاءت به الشريعة من اليد واللسان والقلب، وكذلك أيضا ينكر على من اتبع الأولين المعذورين في أقوالهم وأفعالهم المخالفة للشرع؛ فإنَّ العذر الذي قام بهم منتف في حقه فلا وجه لمتابعته فيه. ومن اشتبه أمره من أي القسمين هو؟ توقف فيه، فإنَّ الإمام إنْ يخطئ في العفو خير من أنْ يخطئ في العقوبة؛ لكن لا يتوقف في رد ما خالف الكتاب والسنة، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من عمل عملاً ليس عليه امرنا فهو رد"، فلا يسوغ الخروج عن موجب العموم والإطلاق في الكتاب والسنة بالشبهات، ولا يسوغ الذم والعقوبة بالشبهات، ولا يسوغ جعل الشيء حقاً أو باطلاً أو صواباً أو خطأ بالشبهات)) قلتُ: فمَنْ بان له الحق في موارد الاجتهاد وأعرض عنه يجب الإنكار عليه، ولا يعذره كونه متبعاً في قوله أحد المجتهدين المعذورين، ولا يُتوقف في رد كل ما خالف الكتاب والسنة من أي كائن كان. أما قول الكاتب: ((لا إنكار في مسائل الاجتهاد)) قلتُ: نعم، لا إنكار لمن قلَّد غيره في مسائل الاجتهاد؛ فقد سُئل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى [المجموع 20/207]: عمن يقلد بعض العلماء في مسائل الاجتهاد فهل ينكر عليه أم يجهر؟ وكذلك من يعمل بأحد القولين؟ فأجاب بقوله: ((الحمد لله؛ مسائل الاجتهاد مَنْ عمل فيها بقول بعض العلماء لم يُنكر عليه ولم يجهر، ومَنْ عمل بأحد القولين لم ينكر عليه، وإذا كان في المسألة قولان فإنَّ كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به، وإلا قلَّد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين، والله أعلم)) لكن هذا ليس على الإطلاق؛ فقد قال شيخ الإسلام [الفتاوى الكبرى 1/159]: ((ومسائل الاجتهاد لا يسوغ فيها الإنكار إلا ببيان الحجة وإيضاح المحجة؛ لا الإنكار المجرد المستند إلى محض التقليد فإنَّ هذا فعل أهل الجهل والأهواء)) وقال [منهاج السنة 1/44]: ((المسألة اجتهادية فلا تنكر إلا إذا صارت شعاراً لأمر لا يسوغ فتكون دليلاً على ما يجب إنكاره، وإنْ كانت نفسها يسوغ فيها الاجتهاد)) ولا يجوز إجماعاً لمن تمسَّك في مسائل الاجتهاد بأحد القولين أن ينكر على الآخر بغير حجة، ولكن مَنْ تبين له القول الراجح في مسائل الاجتهاد وجب عليه قبوله وإتباعه؛ قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في [الفتاوى الكبرى 1/164]: ((إنَّ مثل هذه المسألة أو نحوها من مسائل الاجتهاد؛ لا يجوز لمن تمسَّك فيها بأحد القولين أن ينكر على الآخر بغير حجة ودليل فهذا خلاف إجماع المسلمين؛ فقد تنازع المسلمون في جبن المجوس والمشركين وليس لمن رجَّح أحد القولين أن ينكر على صاحب القول الآخر إلا بحجة شرعية، وكذلك تنازعوا في متروك التسمية وفي ذبائح أهل الكتاب إذا سموا عليها غير الله وفي شحم الثرب والكليتين وذبحهم لذوات الظفر كالإبل والبط ونحو ذلك مما حرمه الله عليهم وتنازعوا في ذبح الكتابي للضحايا ونحو ذلك من المسائل، وقد قال بكل قول طائفة من أهل العلم المشهورين؛ فمن صار إلى قولٍ مقلِّدٍ لقائله لم يكن له أن ينكر على من صار إلى القول الآخر مقلد لقائله؛ لكن إنْ كان مع أحدهما حجة شرعية وجب الانقياد للحجج الشرعية إذا ظهرت!، ولا يجوز لأحد أن يرجِّح قولاً على قول بغير دليل، ولا يتعصب لقول على قول ولا لقائل على قائل بغير حجة؛ بل مَنْ كان مقلداً لزم حل التقليد فلم يرجح ولم يزيف ولم يصوِّب ولم يخطِّئ، ومن كان عنده من العلم والبيان ما يقوله سمع ذلك منه؛ فقبل ما تبين أنه حق ورد ما تبين أنه باطل ووقف ما لم يتبين فيه أحد الأمرين، والله تعالى قد فاوت بين الناس في قوى الأذهان كما فاوت بينهم في قوى الأبدان)) وأما مَنْ يقصد: أنَّ مسائل الخلاف لا إنكار فيها!!؛ فهذه المقولة قد كفانا مؤنة ردها شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في [الفتاوى الكبرى 6/92] فقال: ((وقولهم: "مسائل الخلاف لا إنكار فيها" ليس بصحيح؛ فإنَّ الإنكار إما أن يتوجَّه إلى القول بالحكم، أو العمل. أما الأول: فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً، وإنْ لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه عند مَنْ يقول "المصيب واحد" وهم عامة السلف والفقهاء. وأما العمل: فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضاً بحسب درجات الإنكار؛ كما ذكرناه من حديث شارب النبيذ "المختلف فيه"، وكما يُنقض حكم الحاكم إذا خالف سنة؛ وإنْ كان قد اتبع بعض العلماء!. وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ: فلا ينكر على مَنْ عمل بها مجتهداً أو مقلداً. وإنما دخل هذا اللبس من جهة أنَّ القائل يعتقد: أنَّ مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد!؛ كما اعتقد ذلك طوائف من الناس، والصواب الذي عليه الأئمة: أنَّ مسائل الاجتهاد لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل: حديث صحيح لا معارض من جنسه، فيسوغ له - إدا عُدم ذلك فيها – الاجتهاد لتعارض الأدلة المتقاربة أو لخفاء الأدلة فيها، وليس في ذكر كون المسألة قطعية طعنٌ على مَنْ خالفها من المجتهدين؛ كسائر المسائل التي اختلف فيها السلف وقد تيقنا صحة أحد القولين فيها، مثل: كون الحامل المتوفى عنها تعتد بوضع الحمل، وإنَّ الجِماع المجرد عن إنزال يوجب الغسل، وإنَّ ربا الفضل والمتعة حرام، وإنَّ النبيذ حرام، وإنَّ السنة في الركوع الأخذ بالركب، وإنَّ دية الأصابع سواء، وإنَّ يد السارق تقطع في ثلاثة دراهم ربع دينار، وإنَّ البائع أحق بسلعته إذا أفلس المشتري، وإنَّ المسلم لا يقتل بالكافر، وإنَّ الحاج يلبي حتى يرمي جمرة العقبة، وإنَّ التيمم يكفي فيه ضربة واحدة إلى الكوعين، وإنَّ المسح على الخفين جائز حضراً وسفراً؛ إلى غير ذلك مما لا يكاد يحصى. وبالجملة: مَنْ بلغه ما في هذا الباب من الأحاديث والآثار التي لا معارض لها فليس له عند الله عذر بتقليد مَنْ ينهاه عن تقليده ويقول: "لا يحل لك أن تقول ما قلتُ حتى تعلم من أين قلتُ" أو يقول: "إذا صح الحديث فلا تعبأ بقولي")). ثم تكلَّم رحمه الله تعالى عن حرمة الحيل ثم قال: ((لو فرضنا أنَّ الحيل من مسائل الاجتهاد -كما يختاره في بعضها طائفة من أصحابنا وغيرهم- فإنا إنما بينا الأدلة الدالة على تحريمها كما في سائر مسائل الاجتهاد، فأما جواز تقليد مَنْ يخالف فيها ويسوِّغ الخلاف فيها وغير ذلك فليس هذا من مواضع الكلام فيه، وليس الكلام في هذا مما يختص هذا الضرب من المسائل!؛ فلا يحتاج إلى هذا التقرير أن يجيب عن السؤال بالكلية، وحينئذ: فمن وضح له الحق وجب عليه إتباعه!، ومَنْ لم يتضح له الحق فحكمه حكم أمثاله في مثل هذه المسائل)) من هذا النقل؛ تتبين لنا أمور: الأول:قول القائل "مسائل الخلاف لا إنكار فيها" ليس بصحيح على إطلاقه؛ فإذا كان القول يُخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره بالاتفاق، وإنْ لم يكن كذلك فيُنكر بمعنى رده وبيان ضعفه. وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع ويسوغ فيها الاجتهاد فلا إنكار على مَنْ اجتهد فيها أو قلَّد إلا بالحجة والدليل. الثاني:مسائل الخلاف أعم من مسائل الاجتهاد؛ فالمسألة قد تكون خلافية ولا تكون اجتهادية، وذلك حين يظهر فيها القول الراجح ظهوراً بيناً حتى تصير من المسائل القطعية، فيغلط مَنْ يظن أنَّ كل مسألة خلافية هي اجتهادية!، وأغلط منه مَنْ يجعل مسألة خلافية من مسائل الاجتهاد حتى لا ينكر عليه أحد!!. الثالث:مسائل الاجتهاد هي المسائل التي ليس فيها دليل صحيح السند ظاهر الدلالة، أو يكون فيها دليل لكن له معارض من جنسه. الرابع: أنَّ هناك مسائل كثيرة اختلف فيها سلف الأمة إلى قولين، وقد تيقنا صحة أحد القولين فيها بالأدلة التي لا معارض لها؛ فليس لأحد بعد ذلك العذر في تقليد أصحاب القول المرجوح، وهو ملزم بقبول القول الراجح. الخامس: في مسائل الاجتهاد؛ مَنْ وضح له الحق وجب عليه إتباعه، ومَنْ لم يتضح له فحكمه حكم المخطئ في مسائل الاجتهاد. أما قول الكاتب: ((لا طعن على مَنْ خالف الراجح في مسائل الاجتهاد)) قلتُ: هذا في حق "مَنْ خفي عليه القول الراجح"، قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى [المجموع 33/134]: ((ومَنْ قال بالقول المرجوح وخفي عليه القول الراجح كان حسبه أن يكون قوله سائغاً))، وأما إن اتضح له الحق فيجب عليه إتباعه، فإن أصرَّ على مخالفة الحق صار متبعاً لهواه فيُنكر عليه، وإنْ كانت المخالفة بدعة أو منكرات فإنَّ صاحبها الذي يدعو لها أو الذي أعلنها أو أظهرها يعاقب عليها وإنْ كان مجتهداً لكف ضرره على الناس كما قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى [المجموع 10/375-376]: ((وكذلك يعاقب مَنْ دعا إلى "بدعة" تضر الناس في دينهم وإنْ كان قد يكون معذوراً فيها في نفس الأمر لاجتهاد أو تقليد، وكذلك يجوز قتال البغاة وهم "الخارجون على الإمام أو غير الإمام" بتأويل سائغ مع كونهم عدولاً... وكذلك نقيم الحد على مَنْ شرب "النبيذ المختلف فيه" وإنْ كانوا قوماً صالحين؛ فتدبر كيف عوقب أقوام في الدنيا على ترك واجب أو فعل محرم بيِّن في الدين أو الدنيا وإنْ كانوا معذورين فيه؛ لدفع ضرر فعلهم في الدنيا)) ثم كثرة المخالفات بدعوى الاجتهاد قد تؤول إلى وجود أصل فاسد كما قال الكاتب في أحد حلقاته القادمة تبعاً للإمام الشاطبي: ((مع التنبيه إلى: أنَّ كثرة الأخطاء في الجزئيات الفرعية في باب "الحكمعلى المعينين" بدعوى الاجتهاد السائغ قد تؤول أو تدل عل وجود انحراف في أصل هذاالموضوع الذي تكرر الخطأ منه في فروعه))، وفي هذا تقييد لما أطلقه الكاتب في حلقته الأولى هذه فقال: ((وعدم التبديع بالأمور الاجتهادية هو الحق الذي لا ينبغي المحيص عنه)). وأما قول الكاتب: ((لا ينسب لله تعالى حكم في مسائل الاجتهاد)) قلتُ: إن قصد حكم في الظاهر فنعم، أما حكم في الباطن فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وهو يبين حكم اختلاف قول العالم الواحد في المسألة الواحدة [المجموع 29/41]: ((وهذا الاختلاف في عين المسألة أو نوعها من العلم قد يسمى تناقضاً أيضاً؛ لأنَّ التناقض اختلاف مقالتين بالنفي والإثبات، فإذا كان في وقت قد قال: إنَّ هذا حرام، وقال في وقت آخر فيه أو في مثله: إنه ليس بحرام، أو قال ما يستلزم أنه ليس بحرام، فقد تناقض قولاه وهو مصيب في كليهما عند من يقول إنَّ كل مجتهد مصيب!، وأنه ليس لله في الباطن حكم على المجتهد غير ما اعتقده!!. وأما الجمهور الذين يقولون: إنَّ لله حكماً في الباطن علمه العالم في إحدى المقالتين ولم يعلمه في المقالة التي تناقضها، وعدم علمه به مع اجتهاده مغفور له، مع ما يثاب عليه من قصده للحق واجتهاده في طلبه، ولهذا يشبِّه بعضهم تعارض الاجتهادات من العلماء بالناسخ والمنسوخ في شرائع الأنبياء مع الفرق بينهما: بأنَّ كل واحد من الناسخ والمنسوخ ثابت بخطاب حكم الله باطناً وظاهراً؛ بخلاف أحد قولي العالم المتناقضين، هذا فيمن يتقي الله فيما يقوله مع علمه بتقواه وسلوكه الطريق الراشد. وأما أهل الأهواء والخصومات فهم مذمومون في مناقضاتهم لأنهم يتكلمون بغير علم ولا حسن قصد لما يجب قصده)) وقال في [المجموع 20/27]: ((والصحيح ما قاله أحمد وغيره: أنَّ عليه أن يجتهد، فالواجب عليه الاجتهاد ولا يجب عليه إصابته في الباطن إذا لم يكن قادراً عليه، وإنما عليه أن يجتهد فإنْ ترك الاجتهاد أثم، وإذا اجتهد ولم يكن في قدرته أن يعلم الباطن لم يكن مأموراً به مع العجز، ولكن هو مأمور به وهو حكم الله في حقه بشرط أن يتمكن منه، ومَنْ قال: إنه حكم الله في الباطن بهذا الاعتبار فقد صدق، وإذا اجتهد فبين الله له الحق في الباطن فله أجران كما قال تعالى: "ففهمناها سليمان")). وقبل أن أنهي التعليق على هذه الحلقة؛ أحب أن أبين مسألتين كان حقاً على الكاتب في حلقته هذه أن يبينهما لئلا يلتبس الأمر على القراء بين النظرية والتطبيق أو بين التأصيل والواقع؛ وهذه المسألتان هما: الأولى: ليس كل اجتهاد يكون سائغاً أو مقبولاً؛ قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى [المجموع 29/44]: ((فالمجتهد المحض مغفور له ومأجور، وصاحب الهوى المحض مستوجب العذاب، وأما المجتهد الاجتهاد المركب من شبهة وهوى فهو مسيء)). فالاجتهاد منه ما يسوغ ومنه ما لا يسوغ؛ قال شيخ الإسلام [المجموع 28/234]: ((وإنْ كان المخطئ المجتهد مغفوراً له خطؤه وهو مأجور على اجتهاده؛ فبيان القول والعمل الذي دل عليه الكتاب والسنة واجب؛ وإنْ كان في ذلك مخالفة لقوله وعمله. ومَنْ علم منه الاجتهاد السائغ فلا يجوز أن يذكر على وجه الذم والتاثيم له، فإنَّ الله غفر له خطأه، بل يجب لما فيه من الإيمان والتقوى موالاته ومحبته والقيام بما أوجب الله من حقوقه من ثناء ودعاء وغير ذلك))، وقال في قصة خالد بن الوليد رضي الله عنه مع امرأة مالك بن نويرة [المنهاج 5/520]: ((وبالجملة فنحن لم نعلم أنَّ القضية وقعت على وجه لا يسوغ فيها الاجتهاد؛ والطعن بمثل ذلك من قول مَْن يتكلم بلا علم، وهذا مما حرمه الله ورسوله)). الثانية: أنَّ الاجتهاد السائغ الذي لا تهدر مكانة صاحبه له شروط؛ وهي: أ- أن يكون الرجل جليلاً له مكانة عند المسلمين وله آثار حسنة، ومعروفاً بالانتصار لأهل السنة والرد على أهل البدع. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في [الفتاوى الكبرى 6/92 ]: ((إنَّ الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة، وهو من الإسلام وأهله بمكانة عليا، قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور؛ لا يجوز أن يتبع فيها مع بقاء مكانته ومنزلته في قلوب المؤمنين)) وقال في الهروي وأمثاله [درء التعارض 1/283]: ((ثم إنه ما من هؤلاء إلا مَنْ له في الإسلام مساع مشكورة وحسنات مبرورة، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ما لا يخفى على من عرف أحوالهم وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف؛ لكن لما التبس عليهم هذا لأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة -وهم فضلاء عقلاء- احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه، فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين، وصار الناس بسبب ذلك: منهم مَنْ يعظِّمهم لما لهم من المحاسن والفضائل، ومنهم مَنْ يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل، وخيار الأمور أوساطها؛ وهذا ليس مخصوصاً بهؤلاء بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين، والله تعالى يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات ويتجاوز لهم عن السيئات)) ب- أن يكون اجتهاد العالم أو زلته في دقيق العلم. قال شيخ الإسلام [المجموع 20/166]: ((ولا ريب أنَّ الخطأ في دقيق العلم مغفور للأمة وإنْ كان ذلك في المسائل العلمية؛ ولولا ذلك لهلك أكثر فضلاء الأمة، وإذا كان الله يغفر لمن جهل تحريم الخمر لكونه نشأ بأرض جهل مع كونه لم يطلب العلم، فالفاضل المجتهد في طلب العلم بحسب ما أدركه في زمانه ومكانه إذا كان مقصوده متابعة الرسول بحسب إمكانه هو أحق بأن يتقبل الله حسناته ويثيبه على اجتهاداته، ولا يؤاخذه بما أخطأ تحقيقاً لقوله: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا")) بينما قال في [المجموع 42/172]: ((مَنْ خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافاً لا يعذر فيه: فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع)). ج- أن يقصد الحق. د- أن يستفرغ وسعه في طلب الحق. ﻫ- أن يسلك سبيل الحق. قال شيخ الإسلام في [درء التعارض 1/283]: ((ولا ريب أنَّ من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم وأخطأ في بعض ذلك؛ فالله يغفر له خطأه تحقيقاً للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين حيث قالوا: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا")) وقال [المجموع 20/30]: ((والمجتهد المخطئ له أجر؛ لأنَّ قصده الحق، وطلبه بحسب وسعه)) وقال [المجموع 13/125]: ((ولم يقل أحد من السلف والصحابة والتابعين: إنَّ المجتهد الذي استفرغ وسعه في طلب الحق يأثم؛ لا في الأصول ولا في الفروع)). بينما قال في [المجموع 3/317]: ((فمن كان خطؤه لتفريطه فيما يجب عليه من إتباع القرآن والإيمان مثلاً، أو لتعديه حدود الله بسلوك السبل التي نهى عنها، أو لإتباع هواه بغير هدى من الله: فهو الظالم لنفسه؛ وهو من أهل الوعيد، بخلاف المجتهد في طاعة الله ورسوله باطناً وظاهراً الذي يطلب الحق باجتهاده كما أمره الله ورسوله فهذا مغفور له خطؤه)) أقول: وأكثر مَنْ يُدَّعى لهم أنهم اجتهدوا وأخطئوا وأنَّ اجتهادهم سائغ فلا ينكر عليهم ولا يذموا هم في الحقيقة لم يحققوا هذا الشروط بتمامها، أما مَنْ حقق هذه الشروط فلا ينبغي أن يُذكر على وجه الذم ولا أن تهدر مكانته في نفوس المسلمين، بل الواجب أن يُعتذر له وإلا لهلك أكثر فضلاء الأمة، لكن لا يمنع هذا من الإنكار عليه وبيان خطئه أو أخطائه بالحجة والدليل، بل والتحذير منها؛ فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يقول في الإمام الهروي رحمه الله تعالى [منهاج السنة 5/359]: ((وأما "الفناء" الذي يذكره صاحب المنازل؛ فهو الفناء في توحيد الربوبية لا في توحيد الإلهية!، وهو يثبت توحيد الربوبية مع نفي الأسباب والحِكَم كما هو قول القدرية المجبرة كالجهم بن صفوان ومن اتبعه والأشعري وغيره. وشيخ الإسلام وإنْ كان رحمه الله من أشد الناس مباينة للجهمية في الصفات، وقد صنَّف كتابه "الفاروق في الفرق بين المثبتة والمعطلة" وصنَّف كتاب "تكفير الجهمية" وصنَّف كتاب "ذم الكلام وأهله"، وزاد في هذا الباب حتى صار يوصف بالغلو في الإثبات للصفات؛ لكنه في القدر على رأي الجهمية نفاة الحِكَم والأسباب!،والكلام في الصفات نوع والكلام في القدر نوع))، ويقول فيه العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى [مدارج السالكين 1/148]: ((فرحمة الله على أبي إسماعيل فتح للزنادقة باب الكفر والإلحاد فدخلوا منه، وأقسموا بالله جهد أيمانهم إنه لمنهم وما هو منهم، وغرَّه سراب الفناء، فظن أنه لجة بحر المعرفة وغاية العارفين، وبالغ في تحقيقه وإثباته فقاده قسراً إلى ما ترى))، ويقول فيه في موضع آخر [المدارج 3/394]: ((شيخ الإسلام حبيبنا؛ ولكن الحق أحب إلينا منه، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: "عمله خير من علمه"!، وصدق رحمه الله فسيرته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد أهل البدع لا يشق له فيها غبار، وله المقامات المشهورة في نصرة الله ورسوله، وأبى الله أن يكسو ثوب العصمة لغير الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، وقد أخطأ في هذا الباب لفظا ومعنى؛ أما اللفظ فتسميته فعل الله الذي هو حق وصواب وحكمة ورحمة، وحكمه الذي هو عدل وإحسان، وأمره الذي هو دينه وشرعه: تلبيساً!!؛ فمعاذ الله ثم معاذ الله من هذه التسمية، ومعاذ الله من الرضى بها والإقرار عليها والذب عنها والانتصار لها، ونحن نشهد بالله أنَّ هذا تلبيس على شيخ الإسلام، فالتلبيس وقع عليه ولا نقول وقع منه، ولكنه صادق لُبِّس عليه، ولعلَّ متعصباً له يقول: أنتم لا تفهمون كلامه؛ فنحن نبين مراده على وجهه إن شاء الله، ثم نتبع ذلك بما له وعليه...))، والله تعالى أعلم. وقال الكاتب: ((ولهذا يعلم من له أدنى نظر في كتب الجرح والتعديل مقدار التفاوت الكبيربين أحكام أئمة هذا الفن في الرجال, حالهم في ذلك حال اختلاف أئمة الفقهفي مسائله)) قلتُ: وإذا كان الأمر كذلك؛ فقد تبين ما هو الواجب على المسلم في حال اختلاف الأئمة في مسائل الفقه؛ ويتنزَّل عليه حينئذ اختلافهم في مسائل الحكم على الرجال، وسيأتي مزيد من الإيضاح.
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() مع حلقته الثانية: منهج الموازنة في حال تقويم ونقد المخالف
ذكر الكاتب في هذا الحلقة؛ أنَّ مسألة الموازنة في كلام أهل العلم المعاصرين منحصرة في حالتين؛ فقال: ((وأكتفي بنقل أقوال المجتهدين من أئمة الدعوة السلفية المعاصرين في هذه المسألة, ففيها عصارة نظرهم واجتهادهم؛ونحن إنما لهم تبع في هذا النظر، فجمعت أقوالهم في هذه المسألة فوجدتها منحصرة في حالتين وعلى النحو التالي: الحالة الأولى: الموازنة في معرض ترجمة المخالف وتقويمه؛فهنا لا بد من ذكر ما له من حسنات, وما وقع فيه من زلات... الحالة الثانية: في معرض النقد والتحذير من الأخطاء؛ففي هذه الحالة الأصل: عدم ذكر حسنات وممادح المنقود، لأنَّ المقصود التحذيرمن الشخص؛ وذكر محاسنه مفضي إلى تقليل قيمة النقد...)) وفي كل حالة من الحالتين استدل الكاتب بأقوال أئمة الدعوة السلفية المعاصرة. ثم فرَّع على الحالة الثانية مسألتين؛ فقال: ((ويتفرع -عن هذه الحالة- مسألتان: المسألة الأولى: بدعية القول بوجوب ذكر حسنات المنقود... المسألة الثانية: جواز ذكر حسنات المنقود عند الحاجة والمصلحة؛ ولا يعني بدعية القول بوجوب ذكر حسنات المنقود, أنَّ ذكر الحسنات محرم, فنفي الوجوب لا يستلزممنه إثبات التحريم؛والأدلة على مشروعية ذكر حسنات المنقود كثيرة منها: قوله تعالى: ((ويسألونك عن الخمر والميسر, قلفيهما إثم كبير ومنافع للناس, وإثمهما أكبر من نفعهما)), ففي هذه الآيةإشارة إلى محاسن الخمر لبيان أنَّ مفسدتها أرجح من مصلحتها, فلا ينبغي أنيغتر بما فيها من مصالح. ومنها حديث عائشةأنها قالت: (واستأجر رسولالله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلاً من بني الديل: هادياً خريتاً؛ وهوعلى دين كفار قريش، فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال،فأتاهما براحلتيهما صبح ثلاث)، ففيه دلالة على أنَّ المشرك (وهو من أعظم ألفاظ الجرح), يجوز أن تذكر حسناته لبيان ما فيه من أمور يمكن لأهل الإسلام الاستفادة منها)). قلتُ: الكاتب ذكر هنا حالتين لمسألة (الموازنة بين الحسنات والسيئات عند ذكر أهل البدع)، بينما سيذكر في الحلقة الثامنة أنَّ للمسألة ستة حالات!!، وفرق هناك بين حالة الترجمة وحالة التقويم!!، وسيأتي الكلام عن ذلك في وقته؛ إنْ شاء الله تعالى. لكن الذي يحتاج أن نقف عنده هنا؛ أنَّ الكاتب جوَّز ذكر حسنات المنقود عند الحاجة والمصلحة!، وانتبهوا إلى لفظة (المنقود) أي في حالة النقد والتحذير!، ثم تأملوا معي سعة دلالة لفظتي (الحاجة والمصلحة). ومَنْ من الناس اليوم ممن يُثني على أهل البدع مَنْ لا يدَّعي هذا؟! لتعلموا أنَّ مآل هذا التأصيل في هذا التفريع الثاني هو نقض للتأصيل المذكور في الحالة الثانية!!. وأما الاستدلال؛ فهو على طريقة القائلين ببدعة الموازنة!، فالآية أولاً منسوخة بآية أخرى ذكرت أنَّ عواقب الخمر وخيمة ومفاسده عظيمة من غير الإشارة إلى شيء من منفعته!، فهل من العدل والإنصاف الأخذ ببعض الكتاب والإعراض عن البعض الآخر؟! ثم الإشارة إلى شيء من منفعة الخمر في الآية المنسوخة؛ هل سيق من باب العدل والموازنة في نقد الأشياء فضلاً عن الأعيان؟! أم سيق من باب الإخبار بواقع الحال عند بعض الناس؟! حيث كان في الخمر منفعة لهم من جهة ثمن بيعها ولذتها، ومنفعة الميسر كانت فيما يصاب به من أموال بالقمار، أتعتبر هذه منافع في الخمر والميسر من حيث ذاتهما، أم من حيث مستعملهما؟! على هذا القياس الباطل؛ يكون البغاء فيه منفعة ولم يذكرها الله عز وجل؟! لأنَّ الباغيات ينتفعن بالمال والبغاة ينتفون باللذة!!، وهكذا كل الفواحش والمنكرات، نعوذ بالله من الهوى والفواحش. وإنما كانت الآية الأولى تمهيداً وتقدمة لتحريم الخمر والميسر؛ فالخطاب موجَّه إلى المتعلِّقين بهما بشبهة أنَّ فيهما منفعة لهم، فخرج الجواب في دفع تلك الشبهة المقترنة بالهوى. وكذلك حديث الخريت؛ فقول عائشة لم يكن في موضع التحذير منه!، ولم تذكر حسناته من باب العدل والموازنة!، وإنما من باب الإخبار بواقع حاله!! وكذلك وصف شيخ الإسلام لبعض الكفار والمنافقين والمبتدعة بشدة الذكاء، إنما هو من باب الإخبار بواقع حالهم، ومن باب التأنيب حيث لم ينتفعوا من ذلك بما ينفعهم في الدنيا والآخرة، أو من باب المقارنة بمن هو دونهم في تلك الصفة؛ بمعنى أنَّ هؤلاء مع ذكائهم ضلوا فكيف بمن هو دونهم؟! والكاتب جعل ذلك كله من باب العدل في الموازنة بين الحسنات والسيئات في موضع التحذير والنقد!!! ثم قال الكاتب: ((وأما من استدل بما تقدم من النصوص الشرعية وغيرها علىوجوب ذكر حسنات المنقود فقد أبعد النجعة, وينظر في رد هذا الاستدلال علىالوجوب ونقضه كتاب الشيخ ربيع حفظه الله "منهج أهل السنة والجماعة فينقد الرجال والكتب والطوائف" ففيه الكفاية والغنية)) قلتُ: ومثله مَنْ أجاز ذكر الحسنات والسيئات في حال التحذير والنقد والرد، فقد كفانا الشيخ حفظه الله تعالى الرد عليه كذلك. وأما ما نقله عن أئمة الدعوة السلفية المعاصرة في بيان جواز ذكر حسنات المبتدع إذا اقتضت المصلحة لذلك بشرط الأمن من مضرتها على الناس؛ فسيأتي الكلام عنه في الحلقة الثامنة، بإذن الله تعالى، لأنَّ الكاتب سيعيده هناك!. وأما قول الكاتب: ((وهذا الشيخ ربيع حفظه الله فيما سبق النقل عنه قد أشار إلى أنَّ الشيخ ابنباز كان يثني على جماعة التبليغ ويعرج على أخطائها في نفس المقالة؛ فأئمة الدعوة السلفية الثلاثة الكبار المعاصرين يختارون تفصيل القول فيمسألة الموازنة في نقد المخالف، وهو نفس التفصيل الذي اختاره شيخنا حفظهالله)) أقول: وهذا عين تتبع الرخص!، فالشيخ ابن باز رحمه الله تعالى كان يُثني على جماعة الإخوان والتبليغ في أول الأمر، ثم تبين له أنهما من الفرق الثنتين والسبعين المتوعَّدة بالنار، فكيف يؤصِّل الكاتب هداه الله تعالى على فتوى عالم رجع عنها؟! ما تقول أيها الكاتب: في فتوى قديمة أيضاً صدرت من مكتب مفتي عام المملكة في عهد الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى بتاريخ 10/4/1414ﻫ أي بعد مذكرة توقيف سفر الحوالي وسلمان العودة بسبعة أيام، حيث سُئل فيها الشيخ ابن باز عن حكم الاستماع إلى أشرطة عائض القرني وسفر الحوالي وسلمان العودة وعبد الوهاب الطريري؟ وهل هم مبتدعة؟ وهل هم خوارج أم سلفيون؟ فقال الشيخ: ((أشرطتهم مفيدة، وليسوا مبتدعة، وليسوا خوارج، ولا تجوز غيبتهم، ويجب الذب عنهم كغيرهم من أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وليس واحد منهم معصوماً....))، هل نثني عليهم لأنَّ الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى كان يثني عليهم قديماً؟! |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() بارك الله فيك يا أبا عمار |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() ارجو ان يكون الرد منك انت يا ابا عمار |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 5 | ||||
|
![]() اقتباس:
أنا لم أقرأ تلك التدوينات الطويلة، ولكن توقفت على هذه العبارة فشدت إنتباهي
ما دمت تريده هو أن يرد، فلماذا جئتنا بكلام العباس هذا، لماذا لا يكون من كلامك أنت؟ |
||||
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||
|
![]() وهذا كلام للشيخ أسامة العتيبي في هذا المجهول منقول من إحدى ردوده على رأس المميعة الجدد مع بداية الفتنة . |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 9 | ||||
|
![]() اقتباس:
ويخطئ اللجنة الدائمة ووووو ارجو ان تراجع مناظرات العتيبي في منتديات الساحة وكيف كان يدافع وماذا كان يقول ؟ لتعرف من هو صاحب الهوى فعلا |
||||
![]() |
رقم المشاركة : 10 | |||
|
![]() مقالات الشيخ ابو العباس اثنى عليها الشيخ الحلبي حفظه الله وهو من رؤوس السلفيين كما وصفه الشيخ ربيع سابقا |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 11 | ||||
|
![]() اقتباس:
وكيف وصفه الشيخ ربيع لاحقا، تؤمن ببعض قوله وتكفر ببعض؟ أم تأخذ فقط ما يوافق منك هوىً؟
ثانيا: كلامنا هنا غير معتبر إلا إذا تأكد أحدنا من صحته بتفقد مصدره إن كان نقلا أو عرضه على أهل العلم، أو ضربه عرض الحائط، ولكن أغلب الكلام الذي في المنتديات من قبيل المعلوم لغالبية الناس والذي يخرج مخرج التذكير، فكيف تقيس كلام أشخاص إفتراضيين بكلام من تدعي أنه من أهل العلم السلفيين، بل من رؤوسهم؟؟؟؟؟؟ ولا يكاد يعرفه أحد؟؟؟؟؟؟؟ |
||||
![]() |
رقم المشاركة : 12 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 13 | |||
|
![]() { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا (54) }. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 14 | ||||||
|
![]()
وانا اظن عكس ظنك انه سيستفيد منه البعض
خاصة من لا يقلد ويقرا للطرفين فهل اترك ظني لظنك حفظك الله ؟ اقتباس:
انا لا امثل الا نفسي اقتباس:
وان كان واجب النصيحة يقتضي البيان لا الضحك واما الذبح فان كان بعلم قبلته ورضخت له رغم انفي وان كان غيرذلك فالله المستعان اقتباس:
شاء الله بوركت على النصيحة |
||||||
![]() |
رقم المشاركة : 15 | ||||
|
![]() اقتباس:
|
||||
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
منهجية, منهجين, سلسلة |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc