-04-2004 بقلم/ احمد خليفة قدوري ـ الجزائر ـ
جديـة القذافي وسخرية العرب
ليبيا هذا البلد الذي يمثل همزة وصل بين الشرق العربي والمغرب العربي هذا البلد الذي يعد من أوائل الدول المصدرة للبترول مما يدر عليها مدخولا كبيرا ، رغم قلة سكانها بالنسبة للمساحة الشاسعة التي يتربع عليها هذا البلد .
عرفت ليبيا اقتصاديا ببترولها وعرفت سياسيا بمواقف قائدها معمر القذافي ، هذا الرجل الذي خالف الجميع باقتراحات ونظريات يراها البعض من الذين يرو في أنفسهم منظرين للسياسة في العالم العربي ، بأنها مجرد خيال يراود القائد .
لقد نادى القائد معمر القذافي بضرورة الوحدة العربية على أرض الواقع منطلقا مما يجعل الوحدة العربية أقرب بكثير من العوامل التي وحدت أوربا الغربية .
وذلك لكون عناصر التقارب بين الدول العربية جاهزة ، فمن الناحية الجغرافية فكل الدول تمتد على رقعة واحدة من المحيط إلى الخليج ومن ناحية اللغة فاللغة العربية لغة الجميع ومن الناحية الدينية فجميعها تدين بالدين الإسلامي ولا تعد الديانات الأخرى عائقا في طريق الوحدة ، ومما يساعد على نمو هذه الوحدة هي الثروات الكبيرة المتواجدة في البلدان العربية .
نادى كثيرا وناضل كثيرا من أجل هذا الهدف وضحى كذلك بشعبه وبلده في سبيل القضايا العربية ، وحوصرت ليبيا اقتصاديا ومنعت مطاراتها ما يقارب 20 سنة من الحضر الدولي .
فأخذ العقيد وجهة أخرى ولعلها تجدي نفعا، فكان له مع الأفارقة مسيرة طويلة من أجل توحيد القارة واستطاع بعد جهد جهيد ، من إلغاء ما يسمى – بمنظمة الوحدة الإفريقية – وبرز إلى الوجود ما يسمى بالإتحاد الإفريقي ، ولكنه بقى هذا التصور نظريا دون الخروج إلى الواقع العملي .
وعندما يئس القائد من مواقف القادة العرب ، وتأكد من وجهتهم علم حينئذ بأنه عليه اختيار طريقه للحفاظ على بلده وشعبه الذي نال منه عناء التضحية والنضال من أجل الأمة العربية ، فكان لزاما عليه أخذ القرار المناسب في مثل هذه الحالة . رأى القائد وبحكمة المتدبر في مسيرة طويلة مع النظم العربية فخلص إلى أن جميع مساعيه مع هذه الأنظمة كان مآلها الإخفاق ، فحول وجهته إلى الغرب ليختبر قدراته وتجربته السياسية الطويلة ، فإقترح الصلح مع أمريكا فيما يخص قضية –لوكيربى-فوجد تجاوبا سياسيا عريضا وحذا نفس الخطوة مع فرنسا وكان التجاوب أكثر ، ربما يتساءل البعض ويقول لماذا تجاوب الغرب مع القذافي بينما رفض العرب كل مقترحاته .
هنا يجب الاعتراف بأن الحنكة السياسية تركت الغرب يتجاوب مع سياسة القائد معمر القذافي
من هنا يمكن أن نقول بدأ القذافي يعرف طريقه إلى الجدية في العمل السياسي ، ليس لكون القذافي قاصرا سياسيا ولكن لجهل النظم العربية لمقترحاته أو من أجل منعها في التجسد على أرض الواقع لحاجة في نفس يعقوب ؟
هكذا كان إخفاق القذافي مع العرب ونجاحه سياسيا مع الغرب ، لايمكن أن نقول أن العقل السياسي الغربي أصغر بكثير مما يفكر به العقل السياسي العربي لأن هذا ضرب من الأوهام ، وستجيب الأيام والنتائج المحصل عليها من الطرفين على مدى بعد نظرة القائد القذافي ، وسيعرف الرأي العام العربي أن سياسي الأمة أميون سياسيا ، ومن هذا الطرح ألا يمكن أن نعتبر موقف القائد معمر القذافي جاء نتيجة قرار سياسي حكيم ويفوق كل تصورات الساسة العرب ، لقد أعاب البعض على قرارات العقيد ووصفها بالانبطاح ، نقول لهؤلاء ماذا استفاد الشعب الليبي وكذا الشعب العربي من مواقف العقيد التي كانت من جانب واحد ؟ وكانت مواقف رجولية صلبة لا يشك أحد ممن لهم ضمير في صدقها ، ألم تعلم الأمة العربية بأن نظمهم لم تعرف طريقها للوقوف شامخة منذ زمن طويل ، زمن كان فيه عبد الناصر وكان فيصل وكان بومدين ، فجميع النظم منبطحة في أيامنا هذه ،
لماذا لا نقول بأن القذافي جنب بلده وشعبه مخاطر كانت تنتظره ، كل ما نتمناه للشعب الليبي الشقيق ، هو مواصلة القائد لهذه السياسة مع الغرب ، والسؤال : هل الغرب يأخذ على محمل الجد سياسة القذافي الجديدة ؟
أظن أن زيارة القائد مؤخرا إلى بروكسيل بعد خمسة عشر عاما من المقاطعة ، أحد الخطوات الإيجابية والتي تدل على جدية الطرفين للوصول إلى اتفاقات تخدم مستقبلهما معا ، والأيام كفيلة للحكم على هذا التوجه الجديد للقائد معمر القذافي .
كتب هذا المقال في : 25/04/2005
أضيف الي هذا المقال أنه يحق للقذاقي وحده أن يقول : وين العرب يا أخ عمرو؟ !