مع هذا صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحمل واستمر في نشر دعوته بأخلاقه في تعامله مع الكفار..ومع هذا لا يمكننا ان نفسر المسائل وفق فهمنا وتصورنا وتفسيرنا هناك علماء ويجب الرجوع لهم في هذه المسائل الدقيقة .......
لا نستطيع أن نكفر شخصًا بعينه إذا وقع في مثل هذا حتى تتحقق فيه الشروط وتنتفي عنه الموانع لأنه قد يكون جاهلًا أو مكرهًا أو غير ذلك من الموانع التي سوف نذكرها.ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه -في قصة الرجل الذي أسرف على نفسه وأوصى بنيه أنه إذا مات أن يحرقوه ويسحقوه ويذروا نصفه في البر ونصفه في البحر وقال: "والله لئن قدر الله عليّ ليعذبني عذابًا ما عذب به أحد " وهذه المقولة كفر باتفاق أئمة المسلمين لأن فيها شكًا في قدرة الله ومع ذلك غفر الله له كما جاء في آخر الحديث لأنه حمله على قول ذلك الخوف من الله - عز وجل - كما ثبت في آخر الحديث، فدل هذا على أنه بمقولته جاهل فعُذر بالجهل إذ أنه لا يمكن أن يشك في قدرة الله ويخافه في نفس الوقت...قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستغاثة (1/381): " إن تكفير المعين وجواز قتله موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها، وإلا فليس من جهل شيئًا من الدين يكفر ".
وقال ابن القيم في مدارج السالكين (1/367 )بعد ذكره كفر من هجر فريضة من فرائض الإسلام أو أنكر صفة من صفات الله تعالى أو أنكر خبرًا أخبر الله به عمدًا، قال:" وأما جحد ذلك جهلًا أو تأويلًا يُعذر فيه صاحبه فلا يكفر صاحبه به ".قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى( 3/230 )بعد ذكره لهذا الحديث: " فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذُري، بل اعتقد أنه لا يُعاد، وهذا كفر باتفاق المسلمين، ولكن كان جاهلًا لا يعلم ذلك، وكان مؤمنًا يخاف الله أن يعاقبه، فغفر له بذلك ...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (5/95): " لم تكفر الصحابة الخوارج مع تكفيرهم لعثمان وعلي ومن والاهما واستحلالهم لدماء المسلمين المخالفين لهم " [انظر أيضًا مجموع الفتاوى 3/282 و7/217 ].