إن عدم التفريق بين التبرك والتعبد، أو قل بين التبرك من جهة، وبين الاقتداء والذي منه شدة الإتباع للنبي -صلى الله عليه وسلم- من جهة أخرى، وكذا عدم التفريق بين آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- التي هي جزءٌ منه كشعره، أو ما لاَمَسَ جسده الشريف الطاهر كماء وضوئه، وملابسه، ورمانة منبره التي كان يمسك بها أثناء الخطبة، عدم التفريق بين هذه الآثار وبين الأماكن التي جلس عليها أو صلى فيها، أو مرَّ بها.
أمَّا آثاره -صلى الله عليه وسلم- سواءً كانت جزءاً منه ثم انفصلت عنه، أو خارجةً عنه لكنها لامست جسده الطاهر، فهذه هي التي كان الصحابة رضي الله عنهم يتبركون بها دون توسع، وربما استمر الأمر على ذلك سنوات معدودات ممن أتى بعدهم، ثم انقرضت الآثار وانقرض تبعًا لذلك هذا التبرك، أما تلك الأماكن التي جلس عليها أو صلى فيها ثم بمرور الزمن اندرس منها ما لامس جسده الشريف وبقيت البقعة المكانية كما هي، فهذه هي التي عدَّها بعضُ الخلف ممن خالف السلف أنه مما يُتبرك به.