و قال ابن القيّم : ( و من المعلوم أن المَخُوفَ في زلة العالم تقليده فيها إذ لولا التقليد لم يُخَف من زلة العالم على غيره فإذا عَرَف أنها زلة لم يجز له أن يتبعه فيها باتفاق المسلمين فإنه اتباع للخطأ على عمد و من لم يعرف أنها زلة فهو أعذر منه و كلاهما مفرط فيما أمر به ) [ إعلام الموقعين : 2 / 192 ] .
و قد أحسن من قال : « زلة العالم كالسفينة تغرق ، و يغرق معها خلق كثير » [ أدب الدنيا و الدين ، ص : 46 ، و انظر : الموافقات ، للشاطبي : 3 / 318 ]و من أشنع صور المسايرة في العصر الحديث والهدف الاتباع فقط ومكانة العالم وليس النهج الذي يتبعه ان كان صحيحا خايا من زلات ، و استبدالها بزبالات الأذهان ، و شرائع الوضّاعين ، بدعوى الالتقاء مع المخالفين ( من المبتدعة و العصرانيين و الملاحدة ) على أرضيّة ( وطنيّة أو قوميّة ) جامعة ، تذيب الفوارق و الخلافات العقديّة ( و الطائفية ) ، و تقرّب بين الفِرَق و الأديان ، تحت مسمى التعايش تارةً ، و التقريب بين المذاهب ، و حوار الحضارات تارات أُخَر .
و لا ريب في أنّ من دعا إلى شيء من ذلك فهو من أئمّة الزلل ، و ينبغي أن لا يغترّ بظهوره في لبوس العلماء ، في زمنٍ تكاثر ( و ظَهرَ في بعض البلدان ) فيه علماء ، و استطار شرّهم .
و من المغالطة اعتبار هذه الدعوات من قبيل زلات العلماء ، بل هي عين الباطل و الضلال ، و إن كان دعاتها يتذرّعون إلى الوصول إليها و ترويجها بمقولات بعض العلماء ، فهي في أصلها زلّة ، و لكنها ضلالٌ مبين بالنظر إلى ما آلت إليه ، و بالله العصمة