السلام عليكم
أولا جزيل الشكر للأخ الفاضل عوماري على طرحه الطيب و بعد :
كنت أود تناول جانب كبير من مذكرات قائد الأركان السابق "الزبيري" في موضوع مستقل و أستطلع رأي الأخوة في هذه المذكرات و ما فيها , لأن فيها ما فيها من المغالطات التي ربما لا توثق لا زمنيا و لا مكانيا بما ورد فيها من أحداث , أولا أرى من وجهة نظري المتواضعة أن هذه عبارة عن هجمة واضحة تجاه شخص الرئيس الراحل "هواري بومدين" , يراد بها تقزيمه و تقزيم إنجازاته داخليا و خارجيا و ضرب المكانة التي تبوأتها الجزائر خلال فترة حكمه و إنقاص قيمة و حكمة الرجل السياسية الثاقبة , و هذا طبعا في نظر الناس له على انه "الزعيم" أو "الموسطاش" الذي يفخرون به , ثم دعونا لا ننسى أنه خريج جامع الزيتونة و ما يمثله خريجو هذا الصرح الشاهق علما و دينا و دنيا , و هو كذلك حافظ لكتاب الله عز و جل , و إن كان قد عيّره البعض بذلك التوجه الاشتراكي , فهو أدرى بذلك التوجه و السير فيه في ذلك الوقت بالذات و له أسبابه و دوافعه ولو كان حيا لأوردها و أوردهم لها , إذن للننظر بكلتا العينين و ليس بعين واحدة فقط لإنجازات الرجل و مواقفه الشجاعة في وقت الذل و الهوان , و لنتذكر تلك المشاريع التي تبناها و أنجزها و هي شاهدة على كل ذلك حتى الساعة , و لكم أن تراجعوا من إنجازاته في لمحة سريعة بناء الجيش الجزائري الحديث بكل صنوفه و عتاده و هياكله , و لكم أن تسألوا عن تلك "القرى الفلاحية" التي تعد من أنجح المشاريع الاقتصادية لولا تلك الضربة القاصمة التي ردتها أدراج الرياح و أقبرتها التراب يوم مولدها , و رغم ذلك بقيت منها باقية لتخبرنا حكمة الرجل الاقتصادية للنهوض بالاقتصاد الوطني من الأساس , و تلك الضربة التي قفزت بنا إلى النظام الرأسمالي المنحط دون سابق عهد و دون أرضية صلبة للانطلاق و دخول اقتصاد السوق أو السوق الحر الذي أركسنا و اقتصادنا في تبعية و تحكم غربي لكل زمام رقابنا و مقدراتنا ليس الاقتصادية فحسب و إنما تمادت لكل الميادين السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الدينية و غيرها , و دعونا لا ننسى مواقف الرجل البطولية في الأمم المتحدة و دفاعه عن فلسطين و كذا الاهتمام بالشأن العربي كله من شرقه إلى غربه و البذل و السخاء دون حساب و لا مراجعة و ليس مقصودي هنا التوجه القومي بل التوجه الديني في نجدة الإخوان , و دعونا لا ننسى دعوته إلى تشبيب ميادين صناعة القرار في البلاد و ذلك لنظرة ثاقبة من الرجل للمستقبل و أحواله للقيام بالبلاد على أساس متين , إذن لست بصدد الدفاع عن الرجل فهو الآن ميت و انقطع عمله في الدنيا و سيحاسبه و يحاسبنا الله على ما قلنا و نقول و ما فعلنا و نفعل , و لكن كلمة الحق قد وجبت , و إنجازات الرجل تحدّث عنه و ليس لنا سوى أن نبرزها للعلن و نرددها على مسامعهم علهم يعودون رشدهم و لا يتخيرون زلات الرجل فلكل رجل زلة و زلات , و يثخنوا فيها الطعن و لعل السيد "الزبيري" في مذكراته تناول جانبا صحيحا من تلك الفترة لا ننكره و لا ننكر قيمة الرجل (أقصد الزبيري) التاريخية و الثورية و الرمزية في جزائرنا الحبيبة , و لكنه أمعن النظر كثيرا في جانب أخر دون جانب التأريخ لتلك الفترة , مع إدراك منه لذلك أو دون إدراك منه , على العموم ليس مرادي الاستخفاف و لا تسفيه أو إنقاص من قيمة تلك المذكرات لأنه حر في ما يكتب و ما يقول و نحن في بلد ديمقراطي بامتياز , و لكن واجب الرد موجود إن كان المتهم حيا , أما أن يكون الرجل قد طواه التراب , فهذا طعن في رمز من رموز الجزائر و الواجب يقتضي على كل جزائري أن ينظر لهذه الأقوال في مذكراته على عدّة أوجه و بعدّة أعين ليتمحص ما بين السطور جيدا و لا ينقاد إلى ما يريده الكاتب منه أن يفهمه هكذا مباشرة دون تحكيم عقل , في الحقيقة لم أطلع على كل المذكرات و لكن كثير منها نشر في الجريدة و قد اطلعت على ما جاء فيها و اندهشت من تلك الضربات الموجهة تجاه الرجل و قد تم جحد كل إنجازاته و ضربها في الصفر و ما يعنيه الصفر بين الأعداد , ثم إن كان الرجل قد أخطأ فكثيرون هم من أخطأوا و لا نكاية لأحد تجاه الآخر و دعوني أسأل هذا السؤال هنا ... منذ أن استقلت الجزائر في عام 1962 و إلى يومنا هذا هل مر على الجزائر فترة عز و رخاء و استقرار مثل تلك التي كانت في عهد الرجل ثم أخبروني هل يوجد أو قد وجد رئيس قام بمثل ما قام به الرجل أقصد تجاه البلاد ثم تجاه العباد؟ ... أعتذر على الإطالة و لنا إن شاء الله عودة أخرى هنا و السلام عليكم .