مرة أخرى أعتقد أنه لابد من قلب المعادلة و تغيير هذا التصور الذي يجعل من الفقر أمرا محتوما على من يخاف الله و يجعل الثروة كما جعل السياسة حكرا على فئة من الفاسدين ... الذي أراه هو أن على الشباب أن يتحلوا بروح المقاولة و الاستثمار و المبادرة لإقامة مشاريع و تنمية الأموال , و الزراعة و التجارة مثلا من الأنشطة التي يمكن أن توفر قاعدة انطلاق للبعض في الجزائر ... و من غير المفيد إشاعة فكرة أن كل أصحاب الأموال هم ممن لا يخاف الله ... المال هو عصب الحياة و ترك السلطة و الثروة في يد من لا يخاف الله بحجة التعفف هو أمر غير واقعي , لذا على من يملك رؤوس الأموال و الأفكار و الطموح أن يقتحم عالم الأعمال و أن يتعامل مع الواقع بحكمة بدل الهرب منه ... كما أن تكوين الثروة لا يكون بالضرورة في بلد الشخص فالكثير من الناس هاجروا و عملوا بكد لإنشاء مشاريع صغيرة سرعان ما كبرت لتجعل منهم أصحاب ثروات طائلة ... لابد من التذكير هنا أن أحد الأسباب الرئيسية وراء صعود حزب العدالة و التنمية في تركيا هو اعتماده على طبقة من الشباب من رجال الأعمال ذوو التوجه الإسلامي و ربطه شبكة علاقات قوية مع رجال الأعمال بصفة عامة . لذا قد يبدو أن اقتحام السياسة و عالم الأعمال هو اقتحاما لعالم قذر و صحيح أنه ليس عالما نظيفا لكن الإحجام عن اقتحامه من الشباب ذوي الطموح و أصحاب الكفاءات النزهاء يترك المجال مفتوحا "للحرايمية" و الجهلة ... و الأمر كذلك بالنسبة للمناصب الحكومية , فقد تجد أحيانا رجل دول ذو كفاءة يرفض منصبا بدعوى انتشار الفساد ليتركه لمن سيعيث فسادا ... هناك الكثيرون من الرجال النزهاء في مختلف مراكز الإدارة و الدولة يحاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه و وحدهم الذين لا يعملون لا يخطئون ... شخصيا أشجع و بشدة إشاعة ثقافة الأعمال و المبادرة و كل ما من شأنه أن يؤسس لاقتصاد منتج
إذا أنت لن تشرب مرارا على القذى *** ظمئت و أي الناس تصفو مشاربه