- (الثانية: العمل به).
أي: العمل بالعلم.
والعمل هو ثمرة العلم والغاية منه، ولهذا قال العلماء: علم بلا عمل، كشجر بلا ثمر.
بل إن العلمَ شرعًا لا يُسمَّى علما حتى يعمل به صاحبُه، فكل من عصى الله -وخالف علمه- فهو جاهلٌ في حقيقة الأمر، كما ذلك بعض السلف في تفسير قوله تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب).
والناس مع العلم والعمل ثلاثة أصناف:
1- قوم لم يعلموا، فلا يُمكن أن يكون عملُهم صوابا -كما سيأتي في شرح عبارة البخاري إن شاء الله-، كالنصارى، وهؤلاء ضالون.
2- وقوم علموا، ولم يعملوا، كاليهود، وهؤلاء مغضوب عليهم.
3- وقوم علموا، وعملوا، وهم الذين أنعم الله عليهم، وهم الذين نسأل الله أن يرزقنا طريقتَهم في صلواتنا -في سورة الفاتحة-.
- استطراد:
ذكر ابن عبد البر أن كلَّ من عُرِف بالعلم فهو عدل، حتى يظهر الجرح، واستدل لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله...) الحديثَ.
- وقد خالفه جماهيرُ المحدثين، وتأولوا الحديث على أنه خبرٌ بمعنى الأمر، أي: يا أيها العدول احمِلُوا العلم.
ومما قيل في توجيه الحديث الذي استدل به ابن عبد البر: أن العلم شرعا: هو العلم مع العمل به، فلا يكون كل من أدرك المسائل: صاحبَ علمٍ حتى يعملَ بعلمه، فلا يكون في الحديث دلالة على أن كل من أدرك المسائل فهو عدل إلى ظهور الجرح، والله تعالى أعلم.