يكفى يا حسين بن محمود! اتركوا المروق من الدين والعناد والجحود
- كفى يا حسين بن محمود إهانة لشعائر الله ..
كفى تنقصاً لحرم الله ، وبيته العتيق ...
كفى عدواناً على حرمات الله ...
قال حسين بن محمود : "إمام الحرم المكي يطالب المجاهدين بحفظ دماء الكفار الحربيين المفروض على المسلمين قتلهم ، ولا يطالب حكومته بإرسال الجيوش للجهاد واستخلاص بلاد المسلمين وقد أصبح الجهاد فرض عين عليهم !! يطالب بترك الواجب ، ويعرض عن المطالبة بإتيان الواجب !! لا ندري في أي حرم يخطب هذا !! أم انه لم يعد للحرم حرمة عند هؤلاء !! ".
الــجـــــواب
الحَرَم حُرْمته محفوظة عند أهل السنة ... وهم باقون على تعظيمه وحمايته من أن يكون منبراً لتبرير أفعال الخوارج أو التهاون معهم ..
ولكن الخوارج لا يفقهون ولا يعقلون ..
## أما زعمك أنه يفترض على المسلمين قتل المعاهدين والمستأمنين في البلاد السعودية فهو أشد جرماً من استحلال ما حرم الله ..
واستحلال الحرام ردة عن الإسلام ..
وإيجاب فعل الحرام مع اعتقاد حله : ردة مغلظة ، وأشد تكذيباً لله ورسوله ..
فحذارِ حذارِ من الردة عن الإسلام ، وانتبه لتلبيسات الشيطان لا ترديك وتجعلك عدواً للرحمن ...
وقد ذكرت فيما سبق إجماع العلماء على صحة عهد الكفار في جزيرة العرب ، وأن من استحل دماءهم واعتقد انتقاض عهدهم فقد ولج باباً من الكفر والارتداد..
فمطالبة إمام الحرم المكي –وفقه الله وأعانه- بحفظ دم الكفار المعاهدين والمستأمنين : هو مما افترضه الله العزيز الجبار رب العالمين ..
ومن ينْكِرُ على إمام الحرم الدعوة إلى ما افترضه الله فهو محادٌّ لله ورسوله ..
أما الجهاد لاستخلاص بلاد المسلمين ففرض على المستطيع ..
والواجب-في مثل هذه الأمور- يسقط بالعجزِ بإجماع المسلمين ..
وقد سبق ونقلت لك كلام شيخ الإسلام –المفصَّل- في النَّجاشي ..
وكذلك فالجهاد لم يكن واجباً حال الضعف والقِلَّة في مكة ..
وفي المدينة لَمَّا فرض الجهاد جاهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ، كان يجب على المسلمين أن يقاتلوا المشركين ولا يجوز لهم أن يولوا الأدبار ولو كان المشركون عشرة أضعافهم ..
ثم خفف الله عن أمة الإسلام فلم يوجب قتالاً ، ولم يحرم فراراً إلا إذا كانوا أكثر من الضعفين ..
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ {65} الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}(1)
قال ابن كثير -رحمَهُ اللهُ- : "يحرض تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين على القتال، ومناجزة الأعداء، ومبارزة الأقران، ويخبرهم أنه حسبهم أي كافيهم وناصرهم ومؤيدهم على عدوهم، وإن كثرت أعدادهم وترادفت أمدادهم، ولو قل عدد المؤمنين...
ولهذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحرض على القتال عند صفهم ومواجهة العدو، كما قال لأصحابه يوم بدر حين أقبل المشركون في عددهم وعددهم: قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض. فقال عمير بن الحمام: عرضها السماوات والأرض؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم))
فقال: بخ بخ. فقال: ((ما يحملك على قولك: بخ بخ)) قال: رجاء أن أكون من أهلها. قال: ((فإنك من أهلها))، فتقدم الرجل فكسر جفن سيفه وأخرج تمرات فجعل يأكل منهن ثم ألقى بقيتهن من يده وقال: لئن أنا حييت حتى آكلهن إنها لحياة طويلة، ثم تقدم، فقاتل حتى قتل رضي الله عنه.(2)
قال تعالى مبشراً للمؤمنين، وآمراً: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا} كل واحد بعشرة، ثم نسخ هذا الأمر وبقيت البشارة...
عن ابن عباس قال: لما نزلت: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} شقَّ ذلك على المسلمين حتى فرض الله عليهم أن لا يفر واحد من عشرة، ثم جاء التخفيف فقال: {الآن خفف الله عنكم}-إلى قوله:- {يغلبوا مائتين} قال: خفف الله عنهم من العدة ، ونقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم. رواه البخاري بنحوه..
عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية ثقلت على المسلمين، وأعظموا أن يقاتل عشرون مائتين، ومائة ألفاً، فخفف الله عنهم ، فنسخها بالآية الأخرى فقال: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً}الآية . فكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوهم لم يسغ لهم أن يَفِرُّوا من عدوهم ، وإذا كانوا دون ذلك لم يجب عليهم قتالهم، وجازَ لهم أن يتحوزوا عنهم"(3).
###############################
وجهاد الدفع واجب ، ولكنه معلق بالاستطاعة ..
وشواهد هذا من السنة وتاريخ المسلمين كثيرة جداً أكتفي بهذا المثال:
لَمَّا فرض الله قتال المشركين ، دارت المعارك بين المسلمين والمشركين وعلى رأسهم قريش ..
استولى كفار قريش-من قبلُ- على بيوت المهاجرين وأموالهم وبقيت في أيدي المشركين ثماني سنوات لم يسترجعها النبي -صلى الله عليه وسلم- لعدم قدرته على ذلك ..
بل في تلك الفترة صالح المشركين وعاهدهم على كف القتال والضغينة في صلح الحديبية ..
انظر: صالحهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وعاهدهم ، واشترط لهم رد من جاء مسلماً من قريش وحلفائها وفي الوقت نفسه بيوت المؤمنين مغتصبة ، وأموالهم مصادرة!!
وسمى الله ذلك الصلح والعقد النبوي : فتحاً مبيناً ..
فهل يقول مؤمن بالله واليوم الآخر : إن عقد الهدنة مع قريش في تلك الفترة من المحرمات أو أن عقد الرسول -صلى الله عليه وسلم- باطل؟!!
من قال ذلك: فهو زنديق مرتد..
## فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتمكن من استرداد حقهم في مكة إلا بعد فتحها في شهر رمضان المعظم سنة ثمان من الهجرة عام فتح مكة ..
إذاً : استرداد بلاد المسلمين المغتصبة من الفروض المعلقة بالاستطاعة ..
والناظر في حال الدول الإسلامية خارج البلاد السعودية -حَرَسَها اللهُ- يجد انتشار المحرمات ، وظهور المنكرات ، والحكم بالقوانين الوضعية وغير ذلك من الأمور المنكرة..
وتختلف المنكرات في تلك البلاد قلة وكثرة ..
نعم لا تخلوا بلاد الحرمين من محرمات ومنكرات إلا أنها حصن الإسلام الحصين ، وقلعة السنة والتوحيد ..
تحكم بشريعة الله ، وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رئاسة خاصة ، وفي عساكرها شعبة باسم : المجاهدين ، والعساكر كلهم مجاهدون إذا أخلصوا عملهم لله رب العالمين..
أقول: إن الدول الإسلامية بسبب تفرقها وشتاتها ، وتربص أعدائها بالكاد أن تحافظ على وحدة أرضها ، وتماسك شعبها ...
فكيف بالله عليك –بناء على هذا الواقع- تطالب الدولة السعودية -حَرَسَها اللهُ- بأن تجيش جيشها لحرب العدو المتغلب الأقوى عدة وعتاداً في العراق أو فلسطين أو أفغانستان ؟
إن الأمر لا ينظر إليه بعواطف جياشة ، أو ظنون فاسدة ، أو أوهام خائبة كاسدة ..
بل هناك سنن كونية وسنن شرعية ..
فلو كان الدولة السعودية عندها القدرة على تحرير فلسطين لحررتها منذ زمن بعيد ، ولم تكن محتاجة لنداءات المتاجرين باسم الدين كهذا الخارجي حسين بن محمود ..
بل لو كانت مستطيعة أن تدفع الغزو العراقي الغاشم للكويت لَمَا تكلفت مليارات الدولارات لتستعين بالقوات الأجنبية ..
فلو كان حسين بن محمود يعرف أحكام الشريعة ، ويفهم الواقع الذي نعيش فيه، وخلا من الهوى والكبر والحسد –أمراض إبليس الكبرى- لَما نطق بتلك الأباطيل، ولوقف عند حدود الله ، ولم يتجاوز حكم الله إلى حكم الشيطان وخزعبلاته ..
نسأل الله العافية والسلامة ، وتمام السِّترَ والديانة...