اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحمـن
يعني من خلال كل ما سبق و ما قلتِه حابّة توصلي لنقطة مفادها أنّه عندما يتعلّق القلب بشخص محدّد و بعد زواجه منه سيشفع له ذلك التعلّق للتغاضي عن أي نقائص أو عيوب مستحدثة ، فبالتالي سيرفض تصديق جميع تلك التجارب الفاشلة لمن ساروا في نفس النهج قبله و باعتبار أنه سيزعم تحمّله للمسؤولية في اختياره الذي اختاره عن قناعة و هو موقن بأنه سيمنحه و يحقّق له السعادة و الأمان و الحب الأزلي !!
بودّي أن أشير لكِ أيضا لثلاث نقاط إضافية ممكن تكوني قد غفلتِ عنها :
النقطة الأولى بقولك تعلّق القلب بالشخص ، فكما نعلم جميعا القاعدة الربّانية الثابة التي تقول بأنه من تعلّق قلبه بغير الله عُذِّبَ به و لا بد ، و هذا ما يلاحظ من خلال من كان زواجهم عن حب أين يتعلّق الواحد بالآخر و يصبح همّه الأوحد فقط الظفر بذلك الشخص و إرضائه على حساب مرضاة الله متناسيا أو غافلا عن قلبه الذي أهداه على طبق من فضة لعبد مثله فيعاقب من خلال تعلّقه بذلك الشخص و يكون سببا بأن يكون مصدر لشقائه بعد الارتباط به و الزواج منه ، فالقلوب إذا تعلّقت بغير ربها عُذِّبَت بمن تعلقت بها ، و لأنه نادرا ما تجدي زواج قد سبقته قصة حب كان كلا الطرفين همّهما الأكبر من خلال الزواج أن يجعلوه بشكل يرضي الله ، إلّا من تابوا توبة صادقة و قبل الله توبتهم و قدّر لهما بأن يكون كل واحد من نصيب الآخر ، أما غير ذلك ممّن يزعم بأنه من خلال رحلة التعارف بأنه يمشي على الطريق الصحيح و أن نيته سليمه و يبرّر ذلك بأن الغاية تبرّر الوسيلة فهو واهم يسعى فقط لإرضاء أهوائه
النقطة الثانية التي قد تكون قد غابت على ذهنك أيضا و هي أن الحب بحدّ ذاته كمشاعر هو رزق من عند الله قد يقذفه الله في قلب أي شخص ، كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم عن خديجة إني رزقت حبها ، و الذي تقولين عنه بأنه سينفر من زوجته باعتبار أن زواجه منها كان تقليدي و باعتبار أنه لم يجد ما يشفع لها من قبل فيلوم من اختارها له فهنا أنتِ مخطئة لأن الله سيبارك له في هذا الزواج و سيقذف ذلك الحب و تلك المودة بينهما و يرضي كل واحد بالآخر ، و هذا قد يستثني حالات ممّن كان زواجهم تقليدي لكن لم يخلصوا النية فلا يرضى بما قسمه الله و يدخل في دائرة الزيجات الفاشلة ، و العكس بالنسبة لمن كان زواجهم عن طريق قصة حب أين قطع معهم الشيطان مسيرة طويلة في تزيين كل طرف للآخر و إظهاره بأحلى حلة و في الأخير و بعد أن يتمّ الزواج سيقلب عليهم الطاولة و يظهر كل طرف للآخر بأبشع صورة ، و لن يحدث توقّعك حينها بأن الزوج كمثال سيشفع له ذلك التعلّق السابق بأن يتغاضى عن ما سوف يجده من نقائص و ما تستحدث له من عيوب
النقطة الثالثة بقولك أننا نتكلم بمقياس أرض الواقع أي في حدود نظرة الإنسان القاصرة و ليس بمنظور الآخرة فهنا أرى بأنكِ قد أفتيتِ نفسكِ لأنه لا يمكننا أن نتكلم إلا وفق المنظور الأخروي و كون أن الزواج عبادة نتقرّب بها إلى الله و قد أمرنا بها الرسول صلى الله عليه و سلم ، فأي طريق نتّبعه في الزواج على أهوائنا أو تفسير نأخذ به على حسب رغباتنا فهذا يعني بأن الخلل يكمن في فهمنا القاصر و المحدود ، أمّا رؤية الأمر لبعده الأخروي فسيعطيك إيمانا جازما و تصديقا بأن من يسلك الطريق الذي شرعه الله له في الحلال و مهما بدا له بأنه طريق غريب سيرضيه الله و لا بدّ في النهاية و سيجعل له في بيته المودة و السكينة
المختصر أختي الكريمة لي حاب نوصلهلك أنا : كل زواج يعتمد على النية السليمة التي ينويها العبد قبل بداية الزواج و على اتباع الطريق الصحيح و المشروع الموصل للأمر سيوفّق و يكون زواجه ناجحا و سعيدا بلا شك ، غير ذلك ممّن أسقط شرطا من هذه الشروط فإنه سيواجه الفشل و لا بد عاجلا أم آجلا و حتى و لو بدا في الظاهر السعادة إلا أنه في الحقيقة سيطغى الشقاء عليه في الباطن ، و قولك بأنه توجد زيجات ناجحة كانت بالتعارف أردّ عليك بقولي : يا المزوّق من برّا واش حالك من الداخل .
|
دعونا نوضح بعض النقاط :
1/ القصد الذي عنيناه في مداخلتنا الأولى بالموضوع ليس هو ما أوردتموه في بداية ردكم؛ عندما يتعلق شخص
قبل الزواج بامرأة ويعطيها وعودا وتعطيه وعودا باسعاده؛ هنا لأن علاقتهم غير مؤسسة وهي مجرد كلام نظري بعيد عن الواقع وتعقيدات الحياة اليومية وبفعل مشاعر البعد والفراق ورؤية فقط ما هو جميل وهادئ فإن الرجل أو المرأة سيرفضان تصديق كل ما يقال لهما عن فشل الزواج مستقبلا لأنهما سيعتبران قصتهم غير كل القصص وهي فريدة من نوعها.
حتى نقرب الصورة أكثر
الزواج عن تعارف ما هو إلا تحصيل حاصل لأسباب أخرى كالاختلاط وافتتان الجنسين ببعضهما؛ الانخداع به لا يكمن في جهل الشباب بعواقبه فكم من رجل نصح آخر وكم من أخت نصحت أختها ولكن المشكلة تكمن في عدم القدرة على تغليب العقل وخروج المشاعر عن السيطرة والرغبة في خوض التجربة
على وعسى تكون شاذة عن الباقي وتنجح والدليل أن الكثيرين يواجهون تحذيرات الناس بأن المتيمين به فريد من نوعه وليس كغيره !!
2/ لم نقل يتحمل مسؤولية اختياره لأنه مقتنع بالسعادة معه ! ما قصدناه أنه سيتغاضى مستقبلا عن سلبيات الطرف الآخر ويقبل بالواقع المر رغما عنه -
على الأقل أمام الناس - لأنه اختياره وربما قد تحدى الجميع من أجله مما يجعلنا نلاحظ أن
بعض العلاقات تستمر حتى ومع الجفاف الذي يكتنفها.
3/ من جهة أن الله يعذب القلب بمن تعلق به وربما فرط في حدود الله من أجله مؤكد هو كذلك حتى وإن لم يظهر للعيان أحيانا.
4/ أما قولكم
[ رؤية الأمر لبعده الأخروي يعطيك إيمانا جازما ]
فذاك مبدأ مشبثون به؛ من خلاله يتسع الأفق حتى وإن ضاقت بنا الحياة فهو قناعة راسخة بقلوبنا ولله الحمد في أن هدانا اليه..
وعن المقتبس الثاني ربما لم نوفق في توضيح ما نرمي إليه..
جزاكم الله خيرا على المداخلة.