الأصل الأول:
قال الشيخ رحمه الله: (إخلاص الدين لله تعالى وحده لاشريك له وبيان ضده وهو الشرك بالله):
السؤال (1):ما هو هذا الأصل؟
الجواب: هذا الأصل هو أعظم أصول الدين على الإطلاق وهو الذي من أجله خلق الله العباد وهو الذي دعا إلي الأنبياء كلهم مع اختلاف شرائعهم قال تعالى : (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)(البينة: من الآية5) .
ويطلق الإخلاص : ويراد به تصفية الشيء وتجريده من غيره كقولهم : أخلصت الذهب من النحاس أو الفضة .
السؤال (2): ما المقصود بالإخلاص هنا؟
الجواب: ويراد بالإخلاص هاهنا أنواع التوحيد الثلاثة :
الأول : توحيد الإلهية أو الألوهية:
الثاني : توحيد الربوبية :
الثالث : توحيد الأسماء والصفات :
السؤال (3): ما هو توحيد الإلهية؟
الجواب: وهو : إفراد الله عز وجل بالعبادة وهذا النوع من أنواع التوحيد هو الذي خالف فيه أكثر الناس . قال تعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56) وقال تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )(النحل: من الآية36) .
السؤال (4):وما هو توحيد الربوبية؟
الجواب: . وهو : توحيد اله عز وجل بأفعاله . بأن يعتقد المرء أنه لا ينفع ولا يضر ولا يرزق ولا يخلق ولا يحيي ولا يميت إلا الله.
وهذا النوع أقر به أكثر الناس ومن خالف منهم فيه فقد خالف مكابرة وتعنتاً . فعلى هذا يكون كل واحد من الخلق أقر به . قال تعالى : (وَجَحَدُوا بِهَا واستيقنتها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (النمل:14) ولذلك يُلزم الله عز وجل من أقر بهذا النوع بتوحيد الإلهية ، قال تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )(لقمان: من الآية25) .
السؤال (5):ما هو توحيد الأسماء والصفات؟
الجواب: وهو : أن يعتقد المسلم أن لله أسماء سمى بها نفسه ، قال تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )(لأعراف: من الآية180) ، وأن له صفات اتصف بها . والدليل قوله تعالى : ( سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ)(المؤمنون: من الآية91)
فإنه نزه نفسه عن وصف المشركين له بأن له بنات أو أن الملائكة بناته . ثم أكثر في القرآن من وصف نفسه بأوصاف كثيرة فدل على أنه أرادها وأحبها . كوصف الله عز وجل نفسه بالمحبة والرضا والسمع والبصر واليدين والعينين وغير ذلك من الصفات .
السؤال (6): ما هي طريقة أهل السنة في صفات الله؟
الجواب: وطريقة أهل السنة والجماعة في صفات الله عز وجل : أن يثبتوها على وجه يليق بجلال الله وعظمته أي أنهم يعتقدون معناها ولكنهم لا يتكلفون في معرفة كيفيتها .
ولما سُئل الإمام مالك عن الاستواء ؟ قال : الاستواء معلوم والكيف مجهول أو قال : غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة .
السؤال (7): إلى كم قسم انقسم المتكلمون في صفات الله؟
الجواب: قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وجماع الأمر في ذلك أن الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام :
قسم يقولون : تجري على ظاهرها وهم السلف الصالح الذين يقولون : إنها تثبت على وجه يليق بعظمة الله وكبريائه .
والقسم الآخر المشبهة : الذين يشبهون صفاته بصفات المخلوقين .
وأما القسمان اللذان ينفيان ظاهرهما فهم الجهمية ومن تفرع عنهم ، فقسم منهم يؤلها بمعان أخر وقسم منهم يقولون : الله أعلم بما أراد منها .
(وبيان ضده وهو الشرك بالله):
السؤال (8):لماذا يراد بيان الضد؟
الجواب: لا يتم بيان الشيء بياناً تاماً إلا بذكر ضده كما قال عمر رضي الله عنه : ( إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا ظهر في الإسلام من لا يعرف الجاهلية ) .
فلا يستطيع أحد أن يجتنب الشرك بأنواعه ويعتقد العقيدة السليمة وينهج النهج السليم إلا إذا بُين له ما يضاد كل ذلك كما قيل : والضد يظهر حسنه الضد وبضدها تتميز الأشياء .
السؤال(9): هل من قواعد يستعين بها طالب العلم ليتبين واقع الأمة الإسلامية الديني؟
الجواب: الأولى : لا يجوز إخفاء الخلاف أو كتمانه أو التستر عليه وتجاهله لأن الحقيقة لا بد أن تظهر مهما عمل على تأجيلها ولأن معرفة مواطن الزلل من حق جميع المسلمين ليكونوا على بينة من أمرهم فلا يكررون المشكلة نفسها ، ولأن إخفاء الخلاف والظهور بمظهر الوحدة والائتلاف من سنن المغضوب عليهم والضالين حيث وصفهم خالقهم فقال : ( تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ)(الحشر: من الآية14) ، فلو كانوا يعقلون عملوا على اجتثاث الخلاف من جذوره فتوحدوا ولم يقروا الخلاف ويظهروا أمام أعدائهم وخصومهم بمظهر الوحدة والائتلاف فإذا مادت الأرض من تحتهم أتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم .
ولذلك فإن إخفاء الخلاف والتستر عليه دعوة للسير على طريق المغضوب عليهم الذين أمر ربنا في كتابه بمخالفتهم وحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة من التشبه بهم واتباع آثارهم . وإخفاء الخلاف أمر نهلك للأفراد والجماعات وسبب انقراض المجتمعات وسقوط الحضارات ومورث للعن الذي لحق ببني إسرائيل بسبب عدم تناهيهم عن المنكر . قال تعالى : )لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة:79) .
إن معرفة مواطن الخلل وتصحيحها هي سلامة في البناء وصلابة في القاعدة ، وإقامة للمجتمع على تقوى الله ورضوانه ، والتستر عليها والسكوت عنها بحجة عدم التشويش في الوسط الإسلامي وعدم خلخلة الصف المؤمن من أوهام الإنسان وتلبيس الشيطان .
إنتهى الأصل الأول.