السلام عليكم وبعد :
عذرا لتطفلي هنا !! لكنها كلمات أردت أن أرم بها هنا راجيا أن أوفق فيما أقول - فما تتداولونه من كلام فيما يسمى - الحب - أبعد الزواج هو أم قبله ؟ - أرى أن الحب الذي يفهمه كل واحد بحسبه ووفق ما أوصلته اليه معارفه وخواطره لا يخلو أن يكون - مودة ورحمة - فسبحان - من جعلهما بين الرجل والمرأة - فالمودة والرحمة تبدأ بارتباط الزوجين - وقد جعلها الله بين الزوجين فهي الباقية - وعندما نقول الزوجين فإننا نعني بذلك أصالة الزوج والزوجة - الذان دلنا عليهما رسول الله - عليه السلام - فزوج رضينا خلقه ودينه وزوجة - ذات دين - ضفرنا بها - فهذين الزوجين هما الأحق - بالمودة والرحمة - التي أخبرنا بها الله في كتابه - فمن أحب في زوجه - الخلق والدين - والقرب من الله - و صفاء الخاطر وسلامة الرأي وحسن العشرة - فذاك الحب المنشود الدائم - أما من أحب في زوجه غير ما ذكرنا !! - فحبه الى زوال !!
- فالحب شيء فطري فطرنا عليه ربنا - وهو يراوح بين العقل والقلب - غير أن للغريزة - التي جعلت فينا نصيبا في توجيهه - دخولا - أول ما يدخل - أعلى القلب يدخل - أم على العقل يلج ؟!! فمن غلبت عليه شهواته وغرائزه وأحكمت قبضتها فيه فسيفتح أول ما يفتح - للحب - عند وصوله - القلب !! - ومن غلب على نفسه التقى والهدى والخلق والدين - فسيترك أمر استقبال الحب وضيافته - للعقل !!
- فحب الواحد منا منقسم بين عقله وقلبه فمن غلبته - شهوات نفسه وغرائزه - كان حبه للطرف الأخر - من هذا الباب - فكان أول من التقم ذاك الحب هو القلب !! ولم يترك للعقل رأيا فيه !! - فكان حاله كمن استولى على شيئ لا يريد فراقه !! أو عرضه على أحد أخر!! - وهو لصاحبه ناظر بعين الرضا !! مغمضا العين الأخرى !! وهو في بعض أحواله يخاف ويخشى رأي العقل فيه !! - كمن يرقد مستمتعا بحلم لا يريد الإستفاقة منه - كيلا يقطع حلمه الجميل !! - لكنه سيفعل في الأخير !! - فمتى زالت شهوته وغريزته وإعجابه - بزوال مسبباتها !! - أو بحصول مسببات أقوى مما يملك !! - عند من لا يملك - واقعا !! - إلتفت القلب للعقل قائلا : ما رأيك ياصاح في هذا الحب !! ؟ - أظنني كنت مخطئا به أول الأمر !!؟!! - أظن أن صاحبي تغير حاله - ومقاله !! - وفتحت منه - عين السخط - بعد طول إغماض لها !! - لتبدي له المساوئ !! وأغمض عين الرضا عن صاحبه للأبد !! - وحبه بات ضعيفا !! - فهكذا يزول ذاك الحب ويضعف !! - اما من أحب الحب المنشود - مودة ورحمة - فقد أحب بعقله أولا !! - أحب الخلق والدين والعقل - أحب مفتوح العينين يرى بعين الرضا محاسن صاحبه - وباالأخرى يرى بعض مساوئه - ويدرك أنه لا يخلو واحد من بني ادم من المعايب !! - وأمر استبعادها وتقليلها - نسبي فهو يغمرها في بحر المحاسن !! - فيمر الحب على العقل أول ما يلج!! - ثم يمرره العقل - إن أرتضاه !! - للقلب - ليكون مثواه الأخير - موصيا به خيرا !! - فيستمسك القلب به - غير مفرط فيه - راجيا به الأجر عند ربه !!- فهو لا ينوي إرجاعه للعقل مرة أخرى !! - فقد فرغ من تمحيصه وأرتضاه له - وإن لم يرضه العقل - إبتداء - أعرض عنه ورماه - !! موصيا ومواسيا - في ذلك - القلب - الذي يتمنى ويحلم - بقوله : من ترك شيئا لله عوضه الله خير منه !! .
- والله تعالى أعلم .