هذا قتيل من سوريا و ذاك قتيل من سوريا ... لكل واحد منهما أم تبكيه و زوجة تنتظر عودته و أطفال أبرياء لا يفهمون لماذا لم يعد والدهم ... مأساة بكل ما تحمله الكلمة من ألم و معنى ... و نحن نتسلى بتناقل أخبار الموتى فرحين مهللين ... كم هو بشع منظرنا ... كم هي قاسية قلوبنا ... تعودنا في الحروب ان يتم الحديث عن المكاسب المحققة و عن أعداد الضحايا من هذا الجانب أو من ذاك و عن حجم الخسائر التي تم تكبيدها للعدو ... تعودنا أن الجندي يحسن معاملة جثة عدوه و يحرص على أن لا يظهر بمظهر المتشفي ... تعودنا أن للحرب أخلاقياتها رغم أنها في الأصل عمل غير أخلاقي ... تعودنا و تعودنا و تعودنا.
و اليوم صحونا لنجد أنفسنا في عالم دراكولا ... أين يتلذذ الجميع بالدماء ... و بدل هواية جمع الطوابع صرنا نجمع صور القتلى و ننشرها على نطاق واسع ....
كم هو مظلوم الحيوان مقارنة بالفضاعات التي نرتكبها... و كم هي وديعة و مسالمة تلك السباع التي لم نرها يوما تتباهى بصيدها.