بقر و أرانب... ! يا بؤسكن أيها النساء

[بنت الرّحّل]

تنبيه : القصّة واقعيّة مقتبسة من لطائف حياتي - والله- وليست من نسج الخيال ...إلا بعض الزيادات فهي من عندي أترككم معها ..أرجو لكم الاستمتاع ...

بقر و أرانب...!

لي قريبة أذكر منذ صغري أن لها ( حلمًا ) - والحلم يا إخوتي كما تعلمون حق للإنسان وهو دالّ على إنسانيّته ، فأنت تحلم فأنت إذًا إنسان موجود على قيد الحياة وأن لا تحلم معناه أن لا يكون لك هدف في الحياة ... والهدف في الحياة هو دليل على قيمة الإنسان عند نفسه .. وانقطاع الأحلام يعني الموت ..!
آه ...كدت أنسى أن أخبركم عن حلم قريبتي .. وأنا أتحدث عن قيمة الأحلام لأنه ليس لي حلم وأردت أن أعبر عن موتي في الحياة - يرحمني الله -...!

حلم قريبتي - ولا تنسوا الحلم إنسانية وحياة كما أخبرتكم- أن تكون لها (أرنبا) في البيت ! كانت تتوجع كلّما سمعت عن جارة لها أو قريبة قد جلبت (أرنبا) وأنجبت أرانب صغارا ...وتقـول :
آه يا رب لو تحقّق لي أمنيتي ... وأن لا أموت حتى تقرّ عيني بها ؛ تلك ( الأرنب ) البيضاء بياض الثلج ، لا ! كيف بياض الثلج ؟ حاشا أرنبتي أن تشبّه بها ، بل هي أجمل منها بشكلها الأنيق الأهيف ... وفرائها الناعم ..وبرجليها - نعم أؤكد على رجليها وأريدكم جميعا أن تؤكدوا على ذلك - رجليها التين يمكّنانها من القفز حين أناديها (أرنوبتي ) تعالي إليّ ...!
أما أذناها الطويلتان فإنهما لا تصلحان لحلق ولا يصلح حلق لهما .. وهذا ليس قدحا فيها ولا منقصة بل هو محمدة فيها ، إذ لا يعقل مع طولهما الطبيعي جدا أن أزيد فيه! ثم هذا سيؤدي حتما إلى ارتخائهما وليس في صالحي ذلك لأني لا بد ّ أن أشدها منهما وهذه تسمى خلقة أرنبية لا تغيير فيها .
ومن حسن خلقتها - سبحان من سوّاها - أنها سريعة الولادة سريعة الشفاء .. !وأنا في الحقيقة لا أريد لأرنبي إلا الصحة والعافية خاصة وأنها (إنسان) أقصد (حيوانة ) متواضعة للغاية ؛ لا تتطلب سكنا فاخرا و إنما يكفيها جحر لتهرب منه إليه !
ومن صفاتها الخلقية أيضا أنها مثال للتضحية من أجل أولادها فهي تنتف فراءها لتدفئتهم ومدهم بالحنان ...
فيالها من أرنب لكن أين هي ...!

وأن يكون هذا حلم قريبتي فهو دال -إلى جانب إنسانيتها ووجودها- على عقليتها الفريدة من نوعها ، فهي لا تريد أن يكون لها قطة أو كلبة مثلا لأنه لا فائدة ترجى منها !
يا سلام! كم هي رائعة تلك ( الأرنب ) التي تحلم بها قريبتي .. فروها الناعم وعيناها السوداوتان وصوتها الذي لا يسمع ... فالصوت الذي لا يُسمع أجمل بكثير من الذي يسمع لأنها لا تقول شيئا وحين لا تقول شيئا معناه أنها مسالمة .. والمسالمة صفة نادرة في هذا الزمان!

وكانت تغار من أمي أن رزقها الله خمس أرنبات في زعمها وأما هي فلم ترزق إلا بـ( البقر ) وفي تصورها أن البقرة مع ضخامتها إلا أن لها صوتا مرتفعا ... ولا تنسوا أهمية انقطاع الصوت بالمرة .. وهي تنطلق تشق الأرض حرثا ...وقريبتي لا تريدها كذلك خاصة وأنها تأخذ مساحة معتبرة ثم هي لا تحرث أرضها وإنما أراضي الناس ... ومع أن فوائدها كبيرة في جلب ( المال ) أقصد الحليب ومشتقاته لكنها ليست كـ(الأرنب) وبالخصوص في صفة الآذان الطويلة والجحر الذي تظل فيه صابرة مرابطة ولأنها تشتاق لشم الهواء تضطر للقفز حين مناداتها
لا مجال للمقارنة عند قريبتي بين ( الأرنب ) و ( البقرة) لأنها قررت منذ زمن بعيد من هي الأفضل لذلك لم تكن تحلم بـ (بقرة) لابنها خاصة وأنه للأسف لا يحب أخته (البقرة) التي تخرج كل يوم ويتمنى لو كانت أرنبا ويضرب الأمثال لها متمنيا أن تصير في يوم من الأيام أرنبا!

أعرف لقد ضفتم ذرعا بحديث الأرنب والبقر وتريدون نهاية لهذه القصة وهل تحقق حلم قريبتي ؟ وأنا والله كنت في اشتياق أن أعرف ما الذي حل بحلم قريبتي الإنساني
وقد عشت معها أياما حتى صرت أرى الأرانب في أحلامي !
جاءت قريبتي تدعونا لزفاف ابنها .. يا للفرحة لقد زالت الغمة ... و ستختفي نشرة الأخبار عن الأرنب التي رفضت ابنها أخيرا أخيرا ...!
مسكينة قريبتي لقد جلبت (بقرة) لأنها اكتشفت مؤخرا أن البقر أفضل من الأرانب
ومع ذلك فهي تسميها أرنبا لتدللها ...!

مع تحية بنت الأرانب أقصد الرّحّل