أنا و رُؤى، من حديقة الأحلام إلى مصلحة جراحة الأطفال، حادثة حقيقية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > خيمة الجلفة > الجلفة للمواضيع العامّة

الجلفة للمواضيع العامّة لجميع المواضيع التي ليس لها قسم مخصص في المنتدى

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أنا و رُؤى، من حديقة الأحلام إلى مصلحة جراحة الأطفال، حادثة حقيقية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-11-22, 19:14   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
~~ أغيلاس ~~
عضو متألق
 
الصورة الرمزية ~~ أغيلاس ~~
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خرجت من قسم جراحة الأطفال فإذا بهاتفي يرنّ، إنّها أمّ زيد، دائما متأخّرة أمَّ زيد، لم يصلها خبر الحادث في الحين بخلاف أمّ هالة الّتي لا تفوتها الأخبار صغيرة أو كبيرة مهما كانت الظّروف و مهما تناءت الدّيار، أكلّمها و بعد لحظات تشرع في الشّهيق، كيف لا تشهق بعد أن سمعت أنّ رجال الحماية هم من اصطحبونا إلى المستشفى، سقوط ..... كسر عظم بين الكوع و المرفق ..... رجال الحماية المدنية ..... مستشفى بلفور ..... توجُّب النّقل إلى مصطفى باشا ..... كلّ القرائن تشير إلى حالة حرجة، أقطع الاتّصال خشية جريان دموعي بل خشية تواصل جريانها لكنّها تعاود الاتّصال مرّة أخرى، أتمالك نفسي و أصبّرها، إنّه كسر خفيف، قد لا تكون هناك عمليّة جراحيّة و يكتفون بالجبيرة، نحن ننتظر الطّبيب،

بعد قليل سأعاود الاتّصال ليطمئنّ قلبي، السّلام عليكم،

إن شاء الله، و عليكم السّلام و رحمة الله و بركاته،

أنظر يمينا و شمالا لعلّي أجد عاملا بالمستشفى أسأله عن مكان المُصلّى فتقع عيني على لافتة عسير قراءتها بسبب البُعد و الظّلمة، ميم، عين، دال، معدية، مصلحة الأمراض المعدية، لم أرتح لهذا العنوان، أمشي خطوات فإذا بلافتة أخرى جنب قسم جراحة الأطفال؛ قسم الأمراض العقليّة، أهتزّ، أنفر، كلمات ذات وقع سيّء على النّفس، في تلك اللّحظات نسيت أنّني بمستشفى و مذا يمكنني أن أجد بالمستشفى غير هذا ؟! تلفت نظري امرأة تسير رفقة أربعة أطفال تداعبهم و بأيديهم أكياس هدايا، أكبرهم لا يتجاوز السّبع سنوات عليه أعراض الإصابة بمرض السّرطان و الله أعلم، يمسك فتاتان أصغر منه سنّا بيديه و تبدو عليه سعادة غامرة، يبدو أنها أمّه و إخوته الصّغار قدموا لزيارته، تألّمت لحاله كثيرا و أشفقت على حال الأمّ، الحمد لله الّذي عافاني ممّا ابتلاكم به و فضّلني على كثير ممّن خلق تفضيلا، هانت عليّ حينها حال رُؤى، مجرّد كسر سيبرأ بقدرة القادر، مذا لو كان مرضا يُقعد المريض الفراش أشهرا أو أكثر، مذا و مذا، ننسى أوجاعنا لمّا نرى غيرنا أكثر وجعا، و ننسى أحزاننا لِما نرى من أحزان غيرنا، فنحن في دنيا و لا يجب أن ننسى أنّنا في دنيا، لعلّ مصائبنا تهون،

سألت أحدهم فدلّني على مكان المُصلّى

......

لا يبدو مصلّى بل مسجدا بكلّ مرافقه، شرعت في الصّلاة و الحزن يخيّم عليّ، سجدت فإذا بزرابيّ المسجد الحمراء تفوح مسكا و طيبا، شتّان بينها و بين زرابيّ مسجدنا، و كأنّ تلك الزّرابيّ تناديني بلسان حال : أطِل السّجود أطِل السّجود، أقرَب ما يكون العبد من ربّه و هو ساجد، تضرّع في الدّعاء لعلّ مجيب الدّعاء يجيب فهو القائل : " أمّن يجيب المضطرّ إذا دعاء و يكشف السّوء و يجعلكم خلفاء الأرض، أإله مع الله ... "، أجبت نداء الزّرابيّ و شرعت أدعو، حمدٌ لله و ثناء عليه، إقرار بالذّنب، تذلّّل، دعاء ذي النّون، سؤال الله الشّفاء و فكّ الكرب، إخلاص في الدّعاء ..... حالي في الدّعاء حينها لم أكن عليه منذ زمن، حالي حال غيري من بني آدم،

كم نطلب الله في ضرّ يحلّ بنا ... فإن تولّت بلايانا نسيناهُ
ندعوه في البحر أن يُنْجي سفينتنا ... فإن رجعنا إلى الشّاطي عصيناهُ
و نركب الجوّ في أمن و في دعة ... فما سقطنا لأنّ الحافظ اللهُ

أكملت الصّلاة و أسرعت إلى قسم جراحة الأطفال، أدخل الباب فإذا برُؤََى غير رُؤَى الّتي تركت، وجهها مشرق كما كان قبل السّقوط بحديقة الأحلام، سألت أمّي فذكرت أنّ الطّبيبة جبرت ذراعها و طلبت تصويرها بعد أن تجفّ هذه الجبيرة،

" كيف تمّ هذا ؟

تدخل الْمَامَا و رُؤَى الغرفة فتطلب الطّبيبة من الْمَامَا الانصراف،

لا، مَامَا تبقى معي، تصرخ رُؤَى،

تمعن الطّبيبة النّظر في الشّعاع،

أين سقطتِ ؟

في حديقة الأحلام،

ساعة يدك جميلة كساعات الفتيات الشّابّات،

أين تسكنين ؟

مدرستك قريبة أم بعيدة من المنزل ؟

تسأل الطّبيبة رُؤَى،

و تضيف :

في أيّ ساعة أكلت آخر مرّة،

السّاعة الثّانية أو الثّالثة، تجيب رُؤَى،

[ سألت الطّبيبة هذا السّؤال لأن من يجري عمليّة جراحية يتوجّب عليه أن لا يأكل الزّمن الذي يسبق العمليّة ]،

تُمسك الطّبيبة ذراع رُؤَى بين الكوع و المرفق و تساعدها تلك المرأة التي سلّمتها الرّسالة في الرّواق بينما تنشغل امرأتان في تحضير الجبيرة في الجهة الأخرى من الغرفة،

تجذب الطّبيبة الذّراع بقوّة ليعود العظم إلى مكانه و رُؤَى تبكي و تصرخ،

عليك أن تسكتي و إلّا سنأخذك إلى غرفة العمليّات حيث نخدّرك كي لا تشعري بألم، تقول الطّبيبة،

[ طبيبة في غاية الأدب و اللّطف ]،

تطلب الطّبيبة من زميلتها تحسّس موضع الكسر،

رجع العظم إلى مكانه، انظري،

نعم رجع،

تُمسك الطّبيبة بيدِ رُؤَى، أصابعِها، بينما تمسك مساعدتها بموضع الكسر كي لا ينزلق العظم المكسور عن مكانه،

بكل حيطة و حذر تجبر الطّبيبة و مساعدتها الذّراع بالجبيرة الّتي حضّرتها الممرّضتان،

الذّراع مكسور فلم تجبرِين الأصابع، تسأل أمّي،

سيّدتي، إن تحرّكت الأصابع فسيتحرّك العظم بين بين الكوع و المرفق و ينزلق عن مكانه، لا بُدّ من وضع الجبيرة على الأصابع لمنعها من الحركة، تجيب الطّبيبة،

الطّبيب في مستشفى بلفور قال أنّه لا بُدّ من عمليّة جراحية مباشرة، تسأل أمّي،

سيّدتي، آخر العلاج الكَيّ، لقد أرجعنا العظم إلى مكانه و جبرنا الذّراع، انتظري إلى أن تجفّ الجبيرة هنا و بعدها سيقوم موظّف مصلحة الأشعّة بتصوير الذّراع و حينها نقرّر أندخل الصّغيرة غرفة العمليّات لإجراء العمليّة التي حدّثكم عنها طبيب مستشفى بلفور أو نكتفي بالجبيرة هذه، "

لمّا أرجعت العظم المكسور إلى مكانه زال عنها الألم الشّديد الذي عانت منه مذ سقطت، تخاطبني أمّي،

أتتألّمين يا رُؤَى ؟

نعم، لكن ليس كالسّابق، تجيب رُؤى بوجه مشرق،

أرفع رأسي إلى التّلفاز فإذا بشريط عن منطقة سياحيّة بمناظر تدخل البهجة على النّفس، سبحان باريها،

توجّهت لأداة صلاة العشاء و عند روجوعي إلى مصلحة جراحة الأطفال لم أجد الْمَامَا و رُؤَى بغرفة الجلوس فظننتهما في قاعة التّمريض عند الطّبيبة، توجّهت مباشرة إلى السّيّارة لأتأكّد فإذا بالجميع ينتظرني داخل السّيّارة،

أتساءل فتخبرني أمّي أنّ العظم رجع إلى مكانه و الجبيرة ثبّتته، و طلبت الطّبيبة مراجعتها في الغدّ لترى إن كان الألم الشّديد عاود الرّجوع أم لا، طلبت أيضا تصوير الذّراع بعد الغد في مصلحة الأشعّة للتّأكّد من استقرار العظم و حينها يُرَى أالجبيرة تكفي لبرء الذّراع أم لا،

توجّهنا إلى المنزل و أنا أحمد الله أنّ مستشفى بلفور لا توجد به المعدّات اللّازمة لإجراء العمليّات الجراحيّة و إلّا لكانت رُؤَى و ذلك الفتى قد خُدّروا و قُطّعت جلود أذرعهم و وُضعت بها قطع الحديد،

وصلت المنزل و دخلت غرفتي فتلحقني أمّي،

أترى تلك المرأة الّتي كانت مع ذلك الفتى، إنّها أمّه، أخبرتني أنّه خرج للعب الكرة فرجع بذراع مكسورة، لقد بكت كثيرا حتّى تورّمت عيناها، لم أبكِ لكنّ قلبي كان يتمزّق، خائفة جدّا، خائفة جدّا على صغيرتي، و تنفجر عينا أمّي دمعا،

لا تخافي أمّاه، لقد أخبرتك الطّبيبة أنّهم قد يكتفون بالجبيرة، سيحفظها الله إن شاء و لن تكون هناك عمليّة جراحيّة،

تتوالى الاتّصالات للاطمئنان على حال رُؤَى تلك اللّيلة،

غدا أوّل يوم دراسيّ و ستتغيّب رُؤَى و لن تلبس ثوبها الجديد كما كانت تريد،

نزور المستشفى في الغد فإذا بالمعالج طبيب لا طبيبة ليلةِ البارحة،

في اليوم الّذي يليه،

و الحمد لله،

يقرّر الطّبيب بقاء رُؤَى بالجبيرة لأنّ العظم قد أخذ مكانه الطّبيعي،

موعد آخر الأسبوع المقبل،

بضعة أيّام و رُؤَى محاطة باهتمام الجميع، عانت من آلام ارتداديّة خاصّة اللّيلة الثّالثة حيث لم تنم جرّاء الآلام و الْمَامَا إلى جانبها، لكن بعدها خفّت الآلام، سعِدت كثيرة بعيادة بعض الأقارب لها و سعِدت أكثر بعيادة بعض صديقاتها و زميلاتها في المدرسة،

تغيّبت عن المدرسة أسبوعا و يوما و نصف اليوم و ذرفت خلالها الدّمعات مرارا و تكرارا كلّما عاودتها تلك الآلام الارتداديّة أو تذكّرت أنّ زملاءها في المدرسة يدرسون و هي طريحة الفراش،

عند عودتها إلى المدرسة أعفتها المعلّمة من الفروض لمُصابها، فالأسبوع الأوّل لم تكن تقوى حتى على الجلوس بانتظام فلا يمكنها المذاكرة، ناهيك أنّها لا تقوى على الكتابة، و بما أنّها لا تقوى على الكتابة استأذنت المعلّمة في أن أقوم - الرّاوي - بكتابة الدّروس بدلا عنها فرضيت المعلّمة، و عليه كل مساء تدخل عليّ رُؤَى و بيدها اليسرى عدّة كراريس لأكتب ما فاتها من دروس، فأنا يدها كما تقول : أنتَ يدِي ! حتّى عند المراجعة يتعيّن عليّ حمل القلم بدلها،

و الجبيرة قد تنزع بعد شهر من الآن أو أكثر حسبما يقرّر الطّبيب، و سأقضي تلك الأيّام بعض ليلي حاملا القلم الأزرق و الأخضر و المسطرة أكتب الدّروس كأنّي تلميذ في الابتدائيّ،

و توتة توتة، خلصت الحتّوتة .





























رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
قصة، حادثة، تسلية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:42

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc