"اردوغان" ذئب في زي حمل...عراب السلطنة...ذئب بزي حمل.
محمد حميد الصواف.
----------------
تثير شخصية رئيس الوزراء التركي الكثير من الجدل والسجال بين المراقبين، سيما ان اغلب مواقفة اتسمت بدهاء غير مسبوق لرجل تولى حكم تلك الدولة الكبيرة، حيث استطاع القضاء على ألد خصومه ومعارضيه بهدوء لافت، زاجا برموز المعارضة والجيش التركي في غياهب السجون دون ان تثار ضجة تذكر، الى جانب تصفية الاحزاب الليبرالية وأقطاب الدولة التركية الحديثة وإبعادهم عن دائرة المنافسة الى حين.
وأبرز ما يميز اردوغان انه سعى الى الظهور امام الاعلام كحمل وديع مسالم بالرغم من أنياب الذئب التي بطش بها كل من وقف في طريقة، ففي الوقت الذي يدافع فيها عن حقوق الانسان في سوريا والصومال، كان يشدد على قواته العسكرية بقتل المعارضين الاكراد اينما ثقفوا، رافضا منحهم مطالبهم المشروعة في حق الحياة بكرامة.
فيما يرى الكثير من المحللين ان رئيس الوزراء التركي نجح في السير على حبال الازمات التي تعصف ببعض الدول العربية، مستغلا الخلافات بين تلك الدول لامتصاص مواردها وثرواتها بأسلوب بشع، مقحما نفسه بشكل خفي بإثارة الصراعات داخل تلك البلدان عبر التدخل اللامشروع في شؤونها الداخلية، كما هو الحال في العراق و سوريا.
فتؤكد العديد من التسريبات على تسلم الحكومة التركية اموالا طائلة من بعض دول الخليج لإشاعة الفوضى والاقتتال الداخلي في تلك الدولتين المجاورتين لتركيا، لينجح في احياء تراث سلطنته العثمانية مجددا، التي طالما اقتاتت على اثارة الفتن في الدول العربية ابان احتلالها لها.
كما تؤكد بعض المصادر الموثوقة ان انقرة وضعت مخططا جديدا برعاية بعض الدول الغربية اجتياح سوريا والعراق تحت ذريعة حفظ الامن بعد احداث اقتتال طائفي دام بين مكونات العراق و سوريا و لبنان.
و في سعيه المحموم لإحكام قبضته على الدولة التركية دعا نائب اردوغان الى تحول تركيا الى النظام الرئاسي في الحكم مما يعد توطئة لمقترحات متوقعة على نطاق واسع لإدخال تغييرات دستورية تتيح لاردوغان بأن يصبح اكثر نفوذا كرئيس للبلاد.
ومنذ تولي حزبه العدالة والتنمية ذي الجذور الاسلامية السلطة في 2001 هيمن اردوغان على المشهد السياسي وحقق نموا اقتصاديا سريعا وهزم المعارضة في ثلاثة انتخابات في الوقت الذي يطرح فيه اصلاحات لاخضاع الجيش.
ولكن بموجب لوائح الحزب لا يستطيع اردوغان الحصول على فترة اخرى كرئيس للوزراء وبات معروفا في وسائل الاعلام قبل الانتخابات الاخيرة انه يرغب في الانتقال الى النظام الرئاسي قبل انتهاء ولايته في عام 2015.
و يخشى المعارضون من ان يصبح اسلوب اردوغان السلطوي اكثر وضوحا اذا نال صلاحيات الرئيس دون وجود برلمان لديه القوة الكافية لكبحه.
ويقول المنتقدون ان استقلال القضاء تقلص بسبب الاصلاحات التي ادخلها قبل عامين كما عانت حرية الصحافة تحت حكم اردوغان.
و منذ انتخابات العام الماضي ظلت فكرة الانتقال المحتمل الى النظام الرئاسي مطروحة لكن خلال ندوة برلمانية من بدء البرلمان العمل في دستور جديد وضع بكير بوزداج وهو واحد من اربعة نواب لاردوغان القضية بشكل مباشر على جدول الاعمال.
وكان حزب الشعب الجمهوري اكبر احزاب المعارضة اتهم في السابق حزب العدالة والتنمية بالسعي لتقويض المباديء العلمانية المؤسسة للدولة التركية. و نفى حزب العدالة والتنمية هذا الاتهام.
و اعتمد البرلمان التركي الجمعة باغلبية واسعة اصلاحا للنظام التعليمي مقدم من الحكومة المحافظة ندد به بشدة المدافعون عن العلمانية الذين اتهموا السلطة بالرغبة في اسلمة المجتمع التركي.
و اقر النص باغلبية 295 صوتا مقابل 91 وصوت باطل في البرلمان الذي يهيمن عليه حزب العدالة والتنمية الحاكم المنبثق عن التيار الاسلامي كما ذكرت وكالة انباء الاناضول.
وينص هذا الاصلاح على اعادة تنظيم نظام التعليم الالزامي ليتحول من مرحلة واحدة من ثمانية اعوام متتالية الى ثلاث مراحل كل منها من اربع سنوات.
وهكذا سيكون على التلميذ التركي قضاء 12 عاما في المدرسة بدلا من ثمانية غير انه سيكون باستطاعته اعتبارا من نهاية المرحلة الاولى التوجه نحو التعليم التخصصي وهو ما ليس متاحا في النظام الحالي.
الا ان المعارضة و الاوساط العلمانية ترى ان الهدف الاساسي من هذا الاصلاح هو اتاحة الالتحاق منذ المرحلة الابتدائية بالمدارس الدينية وتمكين الاسر المحافظة من سحب ابنائها وخاصة الفتيات من المدارس العلمانية.
وشهدت مناقشة مشروع القانون الخاص بهذا التعديل في البرلمان شجارات تحولت احيانا الى تبادل اللكمات بين نواب حزب العدالة والتنمية ونواب حزب الشعب العلماني المعارض. واستخدمت قوات الشرطة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرة في انقرة ضمت الالاف للتنديد بهذا القانون.
--------------
اضطهاد الاقليات.
الى ذلك قرر منظمو جائزة المانيا للانسانية والتسامح التراجع عن منح الجائزة الى اردوغان نظرا لامتناعه عن السفر الى المانيا لتسلمها. وقالت وكالة الانباء الالمانية ان المنظمين تراجعوا عن قرار منح جائزة شتايغر للعام 2012 الى اردوغان لانه الغى زيارته الى المانيا حيث كان يفترض ان يتسلمها في احتفال في مدينة بوخوم (غرب).
وكان يفترض ان يتسلم اردوغان الجائزة "باسم الشعب التركي" بمناسبة الذكرى الخمسين لتوقيع اتفاقية الصداقة الالمانية التركية التي سمحت باستقبال مئات الآلاف من العمال الاتراك في المانيا. ويعيش حوالى ثلاثة ملايين تركي او الماني من اصل تركي في المانيا.
و قالت الشرطة الالمانية ان حوالى 25 الف شخص معظمهم من اصول تركية تظاهروا في بوخوم (غرب) ضد اردوغان.
واوضحت شرطة بوخوم ان المتظاهرين اتهموا اردوغان باضطهاد الاقليات في تركيا خلال التجمعات نظمت بهدوء بدعوة من ممثلين عن العلويين و الاكراد و الارمن للاحتجاج على منحه جائزة شتايغر وللتنديد بانتهاكات انقرة لحقوق الانسان.
واحتجت جمعيات للدفاع عن حقوق الانسان ايضا بشدة خلال الايام الاخيرة على منح اردوغان الجائزة. وذكرت قناة في دي ار التلفزيونية العامة ان العديد من المتظاهرين اتوا من فرنسا او بلجيكا.
وقالت لافتة رفعها المتظاهرون "اردوغان ذئب في زي حمل" و قالت اخرى "اردوغان انت معاد للديمقراطية."
و قالت المحتجة سربيل ايدوجان "نحن اجانب هنا (في المانيا) وفي بلادنا ايضا نحن اجانب. لا نعرف اين نذهب نحن الاكراد و العلويين."
و قالت رابطة جائزة شتايجر ان الهدف من الجائزة هو الاحتفال بمرور 50 عاما على الصداقة الالمانية التركية.
وقبل قرار الغاء الزيارة انتقد أحد الساسة الالمان المحافظين قرار منح اردوغان الجائزة مبررا ذلك بما وصفه بعدم اتاحة قدر كاف من حرية الصحافة و"قمع" الاقليات الدينية و العرقية في تركيا.
ولم يكن من المقرر ان يلتقي اردوغان بالمستشارة الالمانية انجيلا ميركل خلال زيارته التي كان سيقوم بها لالمانيا يوم السبت.
----------
انقلاب 1997
من جانب آخر اعتقلت السلطات خلال الشهر الماضي نحو 50 ضابطا متقاعدا وعاملا بعضهم ضباط كبار في حملة مداهمات تتصل بالإطاحة بأول حكومة تركية يقودها إسلاميون في عام 1997.
وجرت الاعتقالات بالتوازي مع محاكمة مئات الضباط و رجال الأعمال والأكاديميين المتهمين بالضلوع في مؤامرات انقلاب أخرى مزعومة.
و شجع اردوغان المحاكمات في إطار عملية لإنهاء النفوذ السياسي لكبار ضباط الجيش الذين أطاحوا بأربع حكومات في النصف الثاني من القرن العشرين.
و شرع كذلك في إصلاح القضاء المحافظ منذ انتخابه لأول مرة في عام 2002 . إلا أن منتقدين يتهمونه باستهداف القوات المسلحة و تقويض المؤسسات العلمانية في الدولة.
و احتجز كثير من المشتبه بهم لشهور أو حتى لسنوات قبل محاكمتهم.
ويكتسب التحقيق في حوادث عام 1997 أهمية خاصة بالنسبة لاردوغان حيث كان وزيرا في حكومة نجم الدين أربكان التي أطاح بها الانقلاب.
و رحب رئيس الوزراء التركي بالتحقيق الشهر الماضي قائلا "تركيا لن تكون أبدا بلدا من يصحو فيه مبكرا يمكن أن يقوم بانقلاب." و قال المعلق التركي المخضرم محمد علي بيراند إنه بالنسبة لكل من يريد طي صفحة الفترات المؤلمة في تاريخ تركيا بشكل قانوني وسريع فإن أوجه القصور في النظام القضائي تقوض تأييد الرأي العام لهذه العملية.
وقال "يعرفون أنه كلما تباطؤوا كلما كان من الصعب إرضاء الرأي العام." وأضاف "و يخسرون تأييد الرأي العام الدولي كذلك بسبب عدم كفاءة النظام القضائي."
واحتجزت الشرطة التي صدرت لها أوامر باعتقال 17 ضابطا بالجيش أمس الثلاثاء الميجر جنرال بيركاي تورجوت ضمن عشرة جنرالات عاملين ومتقاعدين استهدفتهم رابع موجة من المداهمات خلال شهر.
وهناك حوالي 40 مشتبها بهم محتجزون بالفعل انتظارا للمحاكمة. وتحسنت العلاقات مع الجيش بعد سنوات من التوتر منذ أن عين اردوغان الجنرال نجدت أوزيل قائدا للجيش العام الماضي. وجاء تعيين أوزيل في أعقاب استقالة قادة كبار لاستيائهم من التحقيق في مؤامرة انقلاب مزعومة في عام 2003 .
و يحاكم الآن نحو 365 ضابطا عاملا ومتقاعدا للاشتباه في ضلوعهم في مؤامرة تعرف باسم "عملية المطرقة".
و يقول الإدعاء إن المؤامرة كانت تتضمن تفجير مساجد ومواقع سياحية في اسطنبول واغتيال أفراد من الأقليات الدينية واستفزاز اليونان لدفعها إلى شفا حرب في إطار خطة لتقويض حكومة اردوغان.
-------------
احتجاجات امام متحف ايا صوفيا.
على صعيد متصل ادى الاف المسلمين الصلاة امام متحف ايا صوفيا التاريخي بتركيا احتجاجا على قانون يعود الى عام 1934 يحظر اقامة شعائر دينية في هذا المتحف الذي كان كنيسة ومسجدا فيما مضى.
و هتف الالاف "اكسروا السلاسل و افتحوا مسجد ايا صوفيا" و "الله اكبر" قبل ان يؤدوا الصلاة .
و تحظر قوانين تركيا العلمانية على المسلمين و المسيحيين اداء الصلاة بشكل رسمي داخل المتحف الذي يعود الى القرن السادس و الذي ظل اكبر كاتدرائية في العالم لنحو ألف عام قبل ان يحوله العثمانيون الى مسجد في القرن الخامس عشر.
و قال صالح تورهان رئيس جمعية شبان الاناضول التي نظمت هذا الحدث للحشد ان "الابقاء على مسجد ايا صوفيا مغلقا اهانة لسكاننا الذي يبلغ عددهم 75 مليون نسمة و معظمهم من المسلمين. انه يرمز لسوء معاملة الغرب لنا." و رفضت الحكومة طلبات من كل من المسيحيين و المسلمين لاقامة الصلاة بشكل رسمي في ذلك المكان المهم لكلا الديانتين من الناحيتين التاريخية و الروحية.
الأحد 3/حزيران/2012