ـــ مــــــــداراة المـــــــــــــدراء ـــ

[فارس الجزائري]

السلام عليكم

قد نجد في الكثير من المؤسسات أولئك الذين يقومون بنقل الأخبار إلى المدير حرفيا فلا هم لهم سوى فلان قال فيك وفلانة ضحكت عليك وابن الفاعلة كتب فيك ... الخ
وهذا النوع مذموم احتقر نفسه قبل أن يحتقره الآخرون وهذا الفعل كما يعلم الجميع يسمى المداهنة التي تفضي إلى اللاشيء.
إلا أن هناك نوع آخر من التصرف والذي عن نفسي أجد فيه ذكاء ودهاء غير مسبوق وهو المداراة(1) التي تفضي إلى خير في الدين قبل الدنيا، ومنه تغليب مصلحة التلاميذ، فعندما يتعلق الأمر بهم، لابد لنا من انتهاج هذا الأسلوب حتى نحفظ حق التلميذ وضمانه مع تلك الفئة من المديرون الذين يغلِبون مصالحهم الشخصية على مصلحة التلميذ تحت غطاء هذه الأخيرة.
إلا أن هناك نقطة بالغة في الخطورة قد يقع فيها حتى اللبيب بفطنته، وهي السقوط في دائرة الكرامة والشرف والتنازلات التي لا معنى لها فيجد الشريف نفسه بين شقي رحى، فبسبب أسلوبه هذا يقع في خطاء عمره، ويجد نفسه قد تحول من مدار إلى مداهن ومن محترم إلى ناقل أخبار فلا يستطيع الرجوع ولا يستطيع التقدم.
لذا وجب تغليب مصلحة التلميذ ومحاولة ضمان حقه بكل الطرق المشروعة والتي من بينها المداراة ولكن بحرص شديد وبمهارات الأذكياء وبدهاء العباقرة، حتى نحقق غرض ديني قد يعود بالفائدة لغرض دنيوي. وحتى نستطيع أن نحقق ذلك لابد أن لا تتعدى مدارتنا حدود العمل إلى أمور شخصية قد تكون مفتاحا لاقتناص الخطاء والوقوع فريسة لأهواء بعض من أصحاب النفوس السلطوية أو الدنيئة، فكلاهما شر، فالأول محب للتملك يعتقد أنك أصبحت تحت جناحه، والثاني ذئب بشري يعتقد أنه اصطاد فريسة حُق له أن يلتهمها بالشكل الذي يشاء.
فبين مصلحة التلميذ وبين مبادئك وقناعاتك وشخصيتك شعرة رقيقة لابد من الحفاظ عليها حتى تعيش مرتاحا في عملك..... .

(1) - المداري: هو الذي يظهر المحبة والمودة وحسن المعاملة لصاحب الخلق السيئ أو ليدفع أذاه عنه وعن غيره، دون أن يشجعه على الباطل أو يعينه عليه بالقول أو بالفعل