الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن السعادة في الدنيا والآخرة إنما تكون بطاعة الله ورسوله، ومن خرج عن طاعة الله ورسولهﷺ أصابه من الشقاوة والبأساء بقدر ابتعاده عن الشرع الإسلامي الحنيف.
وإن الله سبحانه وتعالى بعث نبيه محمداً ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، من ظلمات الشرك والخرافة، إلى نور الإسلام {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا}[الطلاق/10، 11]
فالواجب على كل مسلم أن يحرص على ما ينفعه في دينه ودنياه، وأن يعمل الصالحات التي ترضي ربَّه -عزَّ وجلَّ- ، وأن يبتعد عما يغضب الله.
فالمظاهرات والخروج في مسيرات استجابة للدعوات الموجودة اليوم من الأمور المنكرة المحرمة المخالفة للشريعة الإسلامية من عدة وجوه:
أولاً: أن في المظاهرات والمسيرات مشابهة لأهل الكفر والشرك في أفعالهم ، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ((ومن تشبه بقوم فهو منهم)).
فأهل الشرك هم أهل الفوضى والاختلاف، أما دين الإسلام فهو دين الرحمة، والاجتماع والائتلاف.
والنصيحة للسلطان تكون بالسر، وتكون كذلك عند السلطان، وليس عبر الشوارع، وخروج الناس مختلطين الرجال بالنساء مرتكبين ألواناً من المخالفات الشرعية التي من أفعال أهل الجاهلية.
والعجيب الغريب أن حاكماً المطيري وأشباهه من أدعياء تحكيم الشريعة، ومحاربة الطواغيت فيما يظهرون للناس إذا بهم يدعون إلى التحاكم إلى الطاغوت، ويدعون إلى مشابهة المشركين في أبرز فعالهم في العصر الحاضر، بل نحن نعلم أن هذه الثورات بهذه الطريقة العصرية ما هي إلا أصل من أصول بروتوكولات حكماء صهيون فهل أصبح د. حاكم المطيري والقرضاوي وأشباههما من الداعين إلى العمل بتلك البروتوكولات، ومن المنفذين لخطط اليهود؟!!
ثانياً: أن المظاهرات والمسيرات من البدع والمحدثات التي تخالف الشريعة، ومرتكبها يدعي أن الدين ناقص وأن الرسالة غير كاملة!
والله يقول: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ)).
وفي رواية: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).
وقال الإمام مالك -رحمَهُ اللهُ- : "من ابتدع في الدين بدعة فقد اتهم محمداً -صلى الله عليه وسلم- بأنه قد خان الرسالة".
ولم يرد دليل صحيح على جواز المظاهرات والمسيرات والاعتصامات التي ينادي بها النظام الديمقراطي الغربي.
بل الإسلام يحث الرعية على الصبر على الراعي، واجتماع الكلمة، وسلوك الطريقة الشرعية في النصح والإصلاح.
أما أهل البدع فهم الذين لا يراعون الطريقة الشرعية، بل يخترعون طرقاً يظنون أن الإصلاح يكون بها، ومع أن الاستدراك على الشرع أمر خطير، إلا أن هذا الاستدراك قد جاءت النصوص بمخالفته، ومناقضته، مما يؤكد بطلان هذه المظاهرات، ومخالفتها الجذرية للشريعة الإسلامية.
فمن يخرج في المظاهرات والمسيرات فقد سلك سبيل أهل البدع والضلال.
فإذا كان الذي يدعو إلى المظاهرات مصاباً بفيروس الخوارج! وقد أثر الفيروس على جيناته الإسلامية وأرجعها إلى الجينات الجاهلية أيامَ أبي جهل وأبي لهبٍ فإنه لا يستغرب منه حينئذ أن يسلك بدعة المظاهرات، ويثني على أصحابها، ويسخر بمن يحاربها!
قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رَحِمَهُ اللهُ في كتابه «مسائل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية» بعد أن ذكر المسألة الأولى وهي الشرك : «الثانية: أنهم متفرقون ، ويرون السمع والطاعة مهانة ورَذالة .
فأمرهم الله بالاجتماع ، ونهاهم عن التفرقة :
فقال عز ذكره : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }، {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [ آل عمران : 102 - 103 ] .
يقال : أراد سبحانه بما ذُكِرَ ما كان بين الأوس والخزرج من الحروب التي تطاولت مائة وعشرين سنة ، إلى أن ألف سبحانه بينهم بالإسلام ، فزالت الأحقاد ، قاله ابن إسحاق ، وكان يوم بُعاث آخر الحروب التي جرت بينهم ، وقد فصل ذلك في " الكامل " .
ومن الناس من يقول : أراد ما كان بين مشركي العرب من التنازع الطويل والقتال العريض ، ومنه حرب البسوس ، كما نقل عن الحسن رضي الله عنه .
وقال تعالى : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا } [ التغابن : 16]
إلى غير ذلك من الآيات الناصَّة على النهي عن الاستبداد والتفرق وعدم الانقياد والطاعة مما كان عليه أهل الجاهلية .
الثالثة: أن مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له-عندهم- فضيلة ، وبعضهم يجعله ديناً.[نقول: كما عليه الخوارج من جعلهم المظاهرات من وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!]
فخالفهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك ، وأمرهم بالصبر على جور الولاة والسمع والطاعة والنصيحة لهم ، وغلظ في ذلك ، وأبدى وأعاد .
وهذه الثلاث هي التي ورد فيها ما في الصحيح عنه صلى الله عليه وآله وسلم : «يرضى لكم ثلاثاً: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم » .
وروى البخاري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : « من كره من أميره شيئا فليصبر ، فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية» .
والأحاديث الصحيحة في هذا الباب كثيرة ، ولم يقع خلل في دين الناس أو دنياهم إلا من الإخلال بهذه الوصية» انتهى كلام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه اللهه وفيه أعظم عبرة للمسلمين أن يعرفوا أن دعاة المظاهرات سائرون على طريقة أهل الجاهلية في الوسيلة والمقصد، أما الوسيلة فلأنها بدعية، بل مشابهة لفعل المشركين، أما المقصد فهو ما يرددونه من شعاراتهم كالدعوة إلى الديمقراطية، ويقدمونها على تطبيق الشريعة الإسلامية!
يقول د. يوسف القرضاوي في «برامج الشريعة والحياة» بعنوان «جهاد الظلم ووسائله» في تاريخ 16 / 1 /2011 : ( أنا كثيرا ما قلت في هذا البرنامج وغيره إن الحرية عندي مقدمة علىتطبيق الشريعة ، يجب إطلاق الحريات ) .
وقال أيضاً : ( أنا أنادي بالحرية للجميع وبحق العمل السياسي للجميع ، ليس هناك إقصاء ولا استثناء ، يساريين يمانيين علمانيين إسلاميين شيوعيين كله يجب أن يتاح له ) .
فهل هذا الإسلام الذي يدعو إليه حاكم المطيري وأشباهه من دعاة الفتن والشرور؟!!
فلابد للمسلمين أن يعرفوا حقيقة هؤلاء الناس، وأنهم دعاة سوء وإفساد، وأصحاب لهثٍ وراء الكراسي والمال والسلطة باسم الإسلام الذي يقدمون الديمقراطية عليه!
ثالثاً : أن الخروج في مظاهرات ومسيرات في المملكة العربية السعودية ومصر وتونس وغيرها من بلاد المسلمين فيه فساد في الأرض، وإهلاك للحرث والنسل ، لما عرف من مفاسد هذه المظاهرات مما لا يخفى على كل ذي عينين.
قال الله تعالى عن قارون: {ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين}.
وقال تعالى: {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد * وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد}..
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمَهُ اللهُ- في تفسيره : "{والله لا يحب الفساد} وإذا كان لا يحب الفساد فهو يبغض العبد المفسد في الأرض غاية البغض، وإن قال بلسانه قولاً حسناً.
ففي هذه الآية دليل على أن الأقوال التي تصدر من الأشخاص ليست دليلاً على صدق ولا كذب، ولا بر ولا فجور، حتى يوجد العمل المصدق لها المزكي لها، وأنه ينبغي اختبار أحوال الشهود، والمحق والمبطل من الناس بسبر أعمالهم، والنظر لقرائن أحوالهم، وأن لا يغتر بتمويههم وتزكيتهم أنفسهم.
ثم ذكر أن هذا المفسد في الأرض بمعاصي الله إذا أُمر بتقوى الله تكبَّر وأنِفَ و{أخذته العزة بالإثم} فيجمع بين العمل بالمعاصي والتكبر على الناصحين " انتهى كلامه -رحمَهُ اللهُ- .
سئل الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين -رحمَهُ اللهُ- : " ما مدى شرعية ما يسمّونه بالاعتصام في المسـاجــد وهم ـ كما يزعمون ـ يعتمدون على فتوى لكم في أحوال الجزائر سابقا أنها تجوز إن لم يكن فيها شغب ولا معارضة بسلاح أو شِبهِه، فما الحكم في نظركم؟ وما توجيهكم لنا؟"
فأجاب -رحمَهُ اللهُ- :
"أما أنا، فما أكثر ما يُكْذَب عليَّ! وأسأل الله أن يهدي من كذب عليَّ وألاّ يعود لمثلها. والعجب من قوم يفعلون هذا ولم يتفطَّنوا لما حصل في البلاد الأخرى التي سار شبابها على مثل هذا المنوال! ماذا حصل؟ هل أنتجوا شيئاً؟ بالأمس تقول إذاعة لندن: إن الذين قُتلوا من الجزائريين في خلال ثلاث سنوات بلغوا أربعين ألفا! أربعون ألفا!! عدد كبير خسرهم المسلمون من أجل إحداث مثل هذه الفوضى!
والنار ـ كما تعلمون ـ أوّلها شرارة ثم تكون جحيماً؛ لأن الناس إذا كره بعضُهم بعضاً وكرهوا ولاة أمورهم حملوا السلاح ـ ما الذي يمنعهم؟ـ
فيحصل الشرّ والفوضى
وقد أمر النبيّ عليه الصلاة والسلام من رأى من أميره شيئا يكرهه أن يصبر، وقال: ((من مات على غير إمام مات ميتة جاهلية)).
الواجب علينا أن ننصح بقدر المستطاع، أما أن نظهر المبارزة والاحتجاجات عَلَناً فهذا خلاف هَدي السلف، وقد علمتم الآن أن هذه الأمور لا تَمُتّ إلى الشريعة بصلة ولا إلى الإصلاح بصلة، ما هي إلا مضرّة
الخليفة المأمون قَتل من العلماء الذين لم يقولوا بقوله في خَلْق القرآن، قتل جمعاً من العلماء وأجبر الناس على أن يقولوا بهذا القول الباطل، ما سمعنا عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أن أحدا منهم اعتصم في أي مسجد أبدا، ولا سمعنا أنهم كانوا ينشرون معايبه من أجل أن يَحمل الناسُ عليه الحقد والبغضاء والكراهية
ولا نؤيِّد المظاهرات أو الاعتصامات أو ما أشبه ذلك، لا نؤيِّدها إطلاقا، ويمكن الإصلاح بدونها، لكن لا بدّ أن هناك أصابع خفيّة داخلية أو خارجية تحاول بثّ مثل هذه الأمور" انظر: جريدة » المسلمون « عدد (540) ص (10) ـ الجمعة (11 المحرم 1416هـ).
والمشاهد لما حصل في تونس ومصر وغيرها من مظاهرات ومسيرات واعتصامات يدرك عظيم خطر هذه الأعمال، وما يترتب عليها من فساد في الأرض من إهراق لدم الأبرياء، وحصول الفوضى، وهتك الأعراض، وتلف الأموال والممتلكات، وتبدل الأمن إلى خوف، والراحة إلى تعب وقلق، والسعادة إلى شقاوة.
وأما تسمية تلك المظاهرات بأنها سلمية فهومخالف للواقع المشاهد المنظور بأعين الناس، والذي يصفها بأنها سلمية لا يعرف معنى السلم، بل لا يفرق بين السم والحرب، والإصلاح والإفساد.
وفساد التصور عند بعض الناس من أسباب تزايد الشرور والفتن، ومن أسباب تبديل الدين، ومحاربة شريعة رب العالمين والتي صارت من أبرز شعارات أصحاب المظاهرات السلمية، فمع تسميتهم لتخريبهم وإفسادهم بأنه مظاهرات سلمية، فهم في الوقت نفسه يدعون إلى الحرية المنفلتة، والديمقراطية، والسماح بالأحزاب العلمانية والشيوعية، بل قد طالب المسعري ببناء كنائس للنصارى ومعابد للمشركين في المملكة العربية السعودية، وطالب بعض دعاة الفتن بالسماح بمدارس رافضية تدرس دين الرافضة تحت إدارة التعليم بالسعودية!
فاستيقظوا أيها الناس، واعلموا أن هؤلاء الدعاة الذين يصفون أنفسهم بالإسلاميين ومع ذلك يطالبون بتلك المطالب المخزية المخالفة للإسلام أنهم أصحاب دنيا، وأصحاب منهج فاسد، ويخالفون ما عليه أهل السنة، ومضادون لما عليه العلماء، وأنهم يسيرون بالناس إلى الهلاك، وسلوك سَنَنِ الجاهلية، وقد حسدوكم على ما من الله عليكم بنعمة الأمن والإيمان، ولم يرضوا إلا بأن يعيدوكم إلى عهود الجهل والتخلف، وعهود الاحتلال التي كانت وما زالت تسمي نفسها بالاستعمار.
رابعاً: أن الله قد افترض على المسلمين طاعة ولاة أمورهم بالمعروف، وحرم مخالفتهم ومعصيتهم ، وأوجب توقيرهم واحترامهم وعدم خرم هيبتهم ومكانتهم.
وحاكم المطيري وسعد الفقيه والمسعري والقرضاوي وأشباههم ممن ينادون بالمظاهرات في بلاد المسلمين من أعظم الناس مشاقة لأمر الله وأمر رسوله فيما يتعلق بهذا الأمر.
بل من شدة مشاقته ومعاندته يدعو الناس ويهيجهم على ولي الأمر، ويدعوهم لعصيان أمره كل هذه المنكرات والمصائب باسم الإصلاح!!
يقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} الآية.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ((من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)) رواه مسلم.
وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اسمع وأطع ، في عُسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك ، وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك)) .
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ((سيكون بعدي سلطان فأعزوه ، من التمس ذُلَّهُ ثَغَرَ ثَغْرَةً في الإسلام ، ولم يقبل منه توبة حتى يعيدها كما كانت)).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ((من أكرم سلطان الله أكرمه الله ، ومن أهان سلطان الله أهانه الله)).
قال سهل بن عبد الله التستري -رحمَهُ اللهُ- : " لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء ، فإذا عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم ، وإذا استخفوا بهذين أفسدوا دنياهم وأخراهم".
وقال عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- : "عليك السواد الأعظم ، عليك بالسواد الأعظم ، إن كان السلطان يسمع منك فائته في بيته فأخبره بما تعلم ، فإن قبل منك ، وإلا فدعه فإنك لست بأعلم منه".
وقال ابن رجب -رحمَهُ اللهُ- : "وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا ، وبها تنتظم مصالح العباد في معاشهم ، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم" .
وقال الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف -رحمه الله- : "وأما ما قد يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر والخروج عن الإسلام فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق ، واتباع ما كان عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس ، واعتقاد أن ذلك من إنكار المنكر الواجب إنكاره على العباد ، وهذا غلط فاحش وجهل ظاهر لا يعلم صاحبه ما يترتب عليه من المفاسد العظام في الدين والدنيا ، كما يعرف ذلك من نوَّر الله قلبه ، وعرف طريقة السلف الصالح وأئمة الدين".
عن أنس بن مالك قال: نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((لا تسبوا أمراءكم، ولا تغشوهم، ولا تبغضوهم، واتقوا الله واصبروا، فإن الأمر قريب)).
قال أبو الدرداء -رضي الله عنه- : "إياكم ولعن الولاة ، فإنَّ لعنهم الحالقة ، وبغضهم العاقرة" قيل: يا أبا الدرداء ، فكيف نصنع إذا رأينا منهم ما لا نحب؟ قال: "اصبروا ، فإن الله إذا رأى ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت".
وقال أبو إسحاق السبيعي -رحمَهُ اللهُ- : "ما سب قوم أميرهم إلا حرموا خيره".
وقال أبو مجلز لاحق بن حميد -رحمَهُ اللهُ- : " سب الإمام الحالقة ، لا أقول حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين" .
وقال أبو إدريس الخولاني -رحمَهُ اللهُ- : "إياكم والطعن على الأئمة، فإنَّ الطعن عليهم هي الحالقة، حالقة الدين ليس حالقة الشعر، ألا إنَّ الطاعنين هم الخائبون وشرار الأشرار".
والنهي عن سب الأمراء وغيبتهم والطعن فيهم والتشهير بهم لما فيه من الفساد والإعانة على سفك الدماء .
سئل شيخ الإسلام عبد العزيز ابن باز –رحمه الله- :
بعض الإخوة هداهم الله لا يرى وجوب البيعة لولاة الأمر في هذه البلاد ما هي نصيحتكم يا سماحة الوالد ؟
فقال الشيخ –رحمه الله- :
ننصح الجميع بلزوم السمع والطاعة كما تقدم والحذر من شق العصى والخروج على ولاة الأمور بل هذا من المنكرات العظيمة بل هذا دين الخوارج، هذا دين الخوارج ، ودين المعتزلة .
الخروج على ولاة الأمور والسمع والطاعة لهم في غير المعصية هذا غلط ، خلاف ما أمر به النبي –صلى الله عليه وسلم- .
النبي –صلى الله عليه وسلم- أمر بالسمع والطاعة بالمعروف وقال: ((من رأى من أميره شيئاً من معصية الله ؛ فليكره ما يأت من معصية الله ، ولا ينْزِعن يداً من طاعة ))
وقال: ((ومن أتاكم وأمركم جميع يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاضربوا عنقه))
فلا يجوز لأحد أن يشق العصى أو أن يخرج عن بيعة ولاة الأمور أو يدعو إلى ذلك فإن هذا من أعظم المنكرات ومن أعظم أسباب الفتنة والشحناء والذي يدعو إلى ذلك هذا هذا هو دين الخوارج إذا شاقق يقتل لأنه يفرق الجماعة ويشق العصى .
فالواجب الحذر من هذا غاية الحذر ، والواجب على ولاة الأمور إن عرفوا من يدعو إلى هذا أن يأخذوا على يديه بالقوة حتى لا تقع الفتنة بين المسلمين" انتهى كلام الشيخ الإمام ابن باز -رحمَهُ اللهُ- .
ومن يخرج في هذه المظاهرات ويستجيب لداعي الشر والضلال فقد باع دينه بدنيا غيره .
وقد قيل لعبد الله بن المبارك -رحمَهُ اللهُ- : "من السفل؟" فقال -رحمَهُ اللهُ- : "من باع دينه بدنيا غيره" .
وقال سحنون -رحمَهُ اللهُ-: "أشقى الناس من باع آخرته بدنياه ، وأشقى منه من باع آخرته بدنيا غيره".
فعلى المسلم أن يحرص على ما ينفعه في دينه ودنياه، وأن يبذل الطرق الشرعية في النصيحة، وعليه بلزوم الجماعة ونبذ الفرقة، والحذر من دعاة السوء الذين يزينون الباطل ويحثون الناس على فعله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
https://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=28859