أسباب النجاة من كرب يوم القيامة وشدة أهواله..متجدد - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أسباب النجاة من كرب يوم القيامة وشدة أهواله..متجدد

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-12-31, 08:02   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










Hourse أسباب النجاة من كرب يوم القيامة وشدة أهواله..متجدد

الحمد لله والكفى والصلاة والسلام على المصطفى أما بعد:

لقد وقفت على كتاب ماتع بعنوان(المنهج القويم في التأسي بالرسول الكريم) للشيخ العلامة زيد بن هادي المدخلي حفظه الله.
والكتاب طويل يحتوي على عدة أبواب فأردت أن أنقل أهم باب(بالنسبة لي) وجدته في ذاك الكتاب و هو بعنوان (أسباب النجاة من كرب يوم القيامة وشدة أهواله) فلا تنسونا من صالح دعائكم .



المحتويات التي سيتم نشرها إن شاء الله في هذا المنتدى المبارك :


الباب الثالث: في بيان أسباب النجاة من كرب يوم القيامة وشدة أهواله.

ويشتمل على اثني عشر سببًا، كل سبب له فصل مستقل:


فصل:السبب الأول: إقامة أركان الإسلام والإيْمان والإحسان على وجه التمام، ثم الانطلاق الجاد في أداء كل عمل صالح مبرور يُقرِّب إلى الله.
فصل:السبب الثاني:الإخلاص لله في العمل.
فصل:السبب الثالث: الصدق في المعاملة مع الله ومع عباد الله.
فصل:السبب الرابع: الصبر بجميع أنواعه.
فصل:السبب الخامس: التقوى زادًا ولباسًا.
فصل:السبب السادس:العدل في جميع الحقوق.
فصل:السبب السابع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب درجاته.
فصل:السبب الثامن: الإحسان في كل شيء كما كتبه الله عز و جل .
فصل:السبب التاسع: صلة الأرحام بكل ما تحمل من معنى.
فصل:السبب العاشر: أداء الأمانة بقسميها.
فصل:السبب الحادي عشر:خشية الله في السر والعلن.
فصل:السبب الثاني عشر: اتباع سنن الهدى والسعي في إحيائها وذكر بعض منها بالتفصيل.

يتبع إن شاء الله...








 


قديم 2011-12-31, 08:04   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفصل الأول :

السبب الأول: إقامة أركان الإسلام والإيمان والإحسان على وجه التمام

ثم الانطلاق الجاد في أداء كل عمل صالح مبرور يقرب إلى الله, ثم الإيْمان بكل ما يجب الإيْمان به من أصول هذا الدين وفروعه، وفي مقدمة هذه الأصول الإيْمان بالله المتضمن للإيْمان بوجوده وربوبيته وألوهيته وأسمائه الحسنى وصفاته العلى، والإيْمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله عز وجل ، ثم الانطلاق الجاد والسعي المتواصل في أداء كل عمل صالح مبرور وكل كلم طيب يصعد إلى الله ويكون سببًا موصلاً لنيل محبته ورضاه، وليس بخاف على ذوي العلم والعقل الصحيح والبصيرة النافذة أن جميع الأعمال الظاهرة والباطنة هن الباقيات الصالحات عند الله وقد أشار إلى هذا المعنى في قوله -تبارك وتعالى-: ﴿ المَالُ وَالبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً﴾ [الكهف:46].

وفي قوله تعالى: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ [سبأ:37].
فقد اعتبر المولى سبحانه في هاتين الآيتين الكريمتين الإيْمان الصادق والعمل الصالح سببين رئيسيين في الحصول على كل محبوب والنجاة من كل مكروه ومرهوب وبين أن ما يعطاه الإنسان من مال وبنين في هذه الحياة إنما هو متاع زائل وأن ثواب الباقيات الصالحات هو الباقي، وهو النافع للعبد يوم تحشر الخلائق إلى ربِّها، وتنصب الموازين لوزن الأعمال وعامليها، وتنشر الدواوين التي قد سجل فيها كل ما عمله الإنسان من خير وشر :
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ -7, وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة:7-8].









قديم 2011-12-31, 08:06   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السبب الثاني الإخلاص لله في العمل

والإخلاص: هو أن يقصد العبد في كل أعماله وجه الله والدار الآخرة والإخلاص هو أجل صفة يوصف بِها العبد، لذا فقد أمر الله -تبارك وتعالى- نبيه ج بإخلاص العبادة له وحده فقال عز و جل: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر:11].
كما أمر الأمة كلها أن تكون مخلصة في أعمالها لله رب العالمين فقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ﴾ [البينة:5].
وبجانب الأمر بالإخلاص، فقد حذر الله الناس الرياء لأنه مناف للإخلاص حيث جاء في الحديث القدسي الذي يرويه ج عن ربه -تبارك وتعالى- أنه قال: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه). ومما هو جدير بالذكر له والتنبيه عليه أن للإخلاص أهميته في الشرائع السماوية كلها إذ هو سمة كل رسول وصفة كل نبي، حيث قال تعالى في وصف كليمه ونجيه موسى عليه السلام : ﴿إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا﴾ [مريم:51]. وقال لمحمد -عليه الصلاة والسلام-: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ -2, أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الخَالِص﴾ [الزمر: من الآية2، 3].
ثم إن الأعمال التي كلف بِها العباد أمرًا ونَهيًا، تحليلاً وتحريمًا، أدبًا وسلوكًا، لا تقبل منهم إلا بشرطين.
أولهما الصواب: بحيث يكون العمل موافقًا لشرع الله المنَزل على أنبيائه ورسله.
وثانيهما الإخلاص: وهو أن يكون العمل الذي يقوم به العبد خالصًا لله لا رياء فيه ولا سمعة.
وحيث قد عرفنا أهمية الإخلاص، وأثره الطيب على أعمال العباد، فإنه ينبغي أن نعرف شيئًا من ثمراته النافعة، وفوائده العظيمة.
فأقول -وبالله تعالى التوفيق-:
من تلكم الثمرات والفوائد ما يلي :
العناية الربانية بالمخلصين لله في أعمالهم في كل زمان ومكان ذلك لأن الله يستجيب دعاءهم، ويقضي حاجاتِهم، ويفرج كرباتِهم ويكون معهم بنصره وحفظه وتأييده ورعايته، فقد جاء في الحديث الصحيح عن أبي
عبد الرحمن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعو الله بصالح أعمالكم.
قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً فنأى بي طلب الشجرة يومًا فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتُهما نائمين فكرهت أن أوقظهما، وأن أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً، فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر، والصبية يتضاغون عند قدمي، فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج منه.
وقال الآخر: اللهم إنه كان لي ابنة عم كانت أحب الناس إلي، كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، فأردتُها على نفسها، فامتنعت مني حتى ألمت بِها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت حتى إذا قدرت عليها، -وفي رواية: فلما قعدت بين رجليها- قالت: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنَّهم لا يستطيعون الخروج منها.
وقال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرهم، غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله أد إلي أجري. فقلت له: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والدقيق، فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي، فقلت: لا استهزئ بك فأخذه كله فاستاقه، فلم يترك منه شيئًا؛ اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، ففرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يَمشون) متفق عليه.
قلت: ما أجل هذا الحديث وما أجمل القصة التي تضمنها، وما أعظم الأهداف التي جاء لتحقيقها كيف لا ؟! وهو كلام الصادق المصدوق الذي زكاه ربه بقوله: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى -3, إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: 3-4].
نعم، لقد تضمن هذا الحديث أمورًا جليلة واشتمل على مسائل مهمة أذكر منها ما يلي:
1. الدعوة إلى الإخلاص في العمل، إذ إن الإخلاص في العمل يعتبر أقوى سبب من أسباب النجاة من مخاوف الدنيا والبرزخ والآخرة.
2. الحث على البر بالوالدين والإحسان إليهما قولاً وفعلاً، إذ هو واجب عظيم من واجبات هذا الدين، وحق أصيل من حقوق أقرب الناس إليك وهما والداك، ولا غرابة أن يكون هذا الأمر كذلك، فلقد قرن الله عز وجل طاعة الوالدين بطاعته في كتابه العزيز حيث قال سبحانه: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء: من الآية36]. كما قرن شكرهما بشكره في قوله تعالى: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ المَصِيرُ﴾ [لقمان: من الآية14].
وبجانب الأمر ببر الوالدين جاء النهي عن عقوقهما وإيذائهما حيث قال سبحانه: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيْمًا -23, وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء:24].
3. الإرشاد إلى التحلي بفضيلة العفاف، والابتعاد عن المحرمات لاسيما بعد القدرة على فعلها، وأن يقصد بذلك وجه الله والدار الآخرة والرغبة فيما عند الله من الثواب لمن ترك شيئًا لله.
4. حصول الكرامات للأولياء والصالحين الذين اتصفوا بصفة الإيْمان الصادق والتقوى الحقيقية المعنيين بقول ربِّهم سبحانه: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ -62, الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ -63, لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ﴾ [يونس:62-64].
ولذا ما حصل من الأمور الخارقة للعادة على أيدي هذا الصنف من الناس فهو كرامة من الله عز وجل ، كما حصل لهؤلاء النفر، وكما حصل لأصحاب الكهف الذين جاءت قصتهم مفصلة في سورة الكهف من قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا﴾ [الكهف:9] ... إلى نِهاية قوله: ﴿فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾ [الكهف: من الآية22].
وكما حصل لأسيد بن حضير. وعباد بن بشر رضي الله عنه حينما خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة، وإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا فافترق النور معهم.
فهذا النور الذي أضاء لهما من خوارق العادات، ثم تفرقه بتفرقهما كذلك وهو إكرام من الله لهما، ولَم يكن ذلك بأيديهما ولا بحولهما ولا بقوتِهما، ولا بطلب منهما، وكان بعض السلف إذا حصلت له كرامة يستغفر الله عز وجل وغير ذلك كثير.
أما ما وقع ويقع من الأمور الخارقة للعادة على أيدي الفساق والسحرة والكهان وإخوان الشياطين، فهو من قبيل الابتلاء والامتحان لهم، ولمن ابتلي بالغرور بِهم من سذج الخلق الذين لَم يفرقوا بين أولياء الرحمن، وأولياء الشيطان، ولَم يميزوا بين الكرامات الشرعية والأحوال الشيطانية, والله المستعان.

يتبع إن شاء الله بالسبب الذي يليه...









قديم 2011-12-31, 08:12   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
chicou
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية chicou
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










قديم 2011-12-31, 14:06   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الفقيرة الى الله
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله ماشاء الله موضوع قيم وفكرة طيبة بارك الله فيك اخي الفاضل وزادك علما ونفعا للاسلام والمسلمين..... آمين
اللهم اتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار آآآآآآآآآآمين
ننتظر مزيدا من اسباب النجاة .... نجانا الله واياك وسائر المسلمين من عذاب القبر وعذاب النار آمين










قديم 2011-12-31, 15:39   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
leroianeus
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بــارك الله فيــكم ونفع بــكم ..










قديم 2012-01-01, 05:49   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السبب الثالث :

الصدق في المعاملة مع الله ومع عباد الله



الصدق: خلق إسلامي عظيم، وسبب من أسباب النجاة من عذاب الله متين.

وهو نوعان:


صدق العبد في معاملته ومتاجرته مع ربه:
وذلك بفعل طاعته وترك معصيته، ومتابعة رسله، والوفاء بالعهد الذي عاهد عليه ربه في عالم الذر المشار إليه بقوله سبحانه: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا﴾ [الأعراف: من الآية172].

وصدق العبد مع الخلق، وذلك بصدق الحديث معهم وحسن المعاملة لهم في أي أمر من أمور الدنيا والدين امتثلالاً لأمر الله سبحانه حيث قال: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة:119].
وامتثالاً لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل يتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل يتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابً).

قلت: فلا استبعاد أن يكون الصدق من أسباب النجاة من كل سوء ومكروه في الدنيا وفي الآخرة، فلقد أرانا الله نتيجته الحسنة، وعاقبته الحميدة واضحة جلية في محكم القرآن في قصة الثلاثة الذين خلفوا حيث قال سبحانه: ﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [التوبة:118].
وهؤلاء الثلاثة هم: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع العامري، وهلال بن أمية الواقفي، وكان من خبرهم أنَّهم تخلفوا عن الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فلما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة أقبل أهل النفاق يعتذرون إليه كذبًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل اعتذارهم ويكل سرائرهم إلى الله، فأنزل الله فيهم آيات بينات أوضح فيها كذبَهم وأظهر نفاقهم وأعلن جزاءهم الدنيوي والأخروي، حيث قال سبحانه: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ -95, يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ القَوْمِ الفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 95-96].
نعم ونحن نقول كما قال قرآننا: ﴿إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [التوبة:95]. وإن كانوا يعلنون الشهادتين في كل وقت وحين ويصلون ويحجون ويجاهدون .. بيد أنَّهم لا يريدون بِهذه الأعمال وجه الله والدار الآخرة، وإنما يريدون من ورائها حقنًا لدمائهم، وسترًا ووقاية لأموالهم وذويهم، وفرارًا من بريق سيوف المخلصين في وجوههم وتسديد الرماح صوب صدورهم ونحوهم: ﴿اتَّخَذُوا أيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [المنافقون: 2] وقوله: ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [المنافقون:4].

وسيعلم هذا الصنف من الناس في كل زمان ومكان يوم تبلى سرائرهم وتنطفئ أنوارهم أي منقلب ينقلبون.
فاللهم إنا نعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأعمال والأخلاق, وأما أولئك الثلاثة الذين تخلفوا عن الاعتذار الذي اعتذر به المنافقون فقد أخبروا عن تخلفهم بالواقع الصحيح والسبب الصريح، حملهم على ذلك إيْمانُهم الحق وخوفهم من ربِّهم ورجاؤهم في توبته عليهم، إنه هو التواب الرحيم.
فهجرهم الناس قريبهم وبعيدهم فعلاهم من الهم والغم والكرب الشديد شيء عظيم، كما أخبرنا الله عنهم وصور حالهم بقوله الحق: ﴿حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ﴾ [التوبة: من الآية118].
جاء فرج الله بقبول توبتهم ومغفرة ذنبهم والرضا عنهم وتخليد ذكراهم، وما ذلك إلا بفضل الله عليهم ثم بسبب صدقهم مع الله ومع رسوله ج، وبالتالي فلا غرابة أن يكون الصدق بأنواعه وشتى صوره من أقوى أسباب المخرج من شدائد القيامة وعظيم أهوالها، والله المستعان.

يتبع بالسبب الذي يليه إن شاء الله....









قديم 2012-01-01, 13:13   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
نور اليقين29
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

سلمت يمناك على ما نزف به قلمك










قديم 2012-01-01, 14:56   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
montilize
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية montilize
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خير وجعله الله في موازين حسناتك..

آمين.










قديم 2012-01-02, 10:27   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السبب الرابع :الصبر بجميع أنواعه

والصبر معناه:
حبس النفس وكفها عن شهواتِها، وإلزامها بالإتيان بأسباب السلامة والنجاة، لتأخذ زادها في خضم هذه الحياة، ولأهميته وشدة الحاجة إليه فقد أمر الله نبيه محمدًا ج بالاعتصام به وجعله له خلقًا وطريقًا لتبليغ رسالة الله ليعمل بِها في أرض الله تعالى، فقال عز و جل: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: من الآية35].
حقًّا إنه توجيه رباني حكيم لنبي صادق كريم، اصطفاه الله لرسالته وخصه برعايته فاحتمل كل أذى في سبيل الله، وعانى من أعداء هذا الدين الشيء الذي لا يتحمله ويصبر عليه إلا من شملته رعاية الله وحظى بنصر وتوفيق وهداية من ربه خالقه ومولاه.
نعم لقد لقي رسول الله ج من عشيرته الأقربين أشد الأذى وأقسى المحن، وأسوأ المواقف، لا لشيء إلا لأنه قال لهم: قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، قولوا لا إله إلا الله كلمة تدين لكم بِها العرب وتملكون بِها العجم، فقالوا: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ [ص:5].
نعم صنعوا ما صنعوا، وقالوا ما قالوا، لا لشيء إلا لأنه قال لهم وهو الناصح لهم: (إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد).
فقالوا له: تبًّا لك، ألهذا دعوتنا؟ هذا قليل من كثير مما حصل من الأقربين من قومه، فما ظنك بالأباعد الذين لَم يعرفوا شيئًا عن خلق رسول الله ج وأمانته في جاهلية ولا إسلام .
لقد أغروا به سفهاءهم فرموه بالحجارة حتى أدموا قدميه الطاهرتين وأعجزوه عن المشي، وهو الوحيد الفريد الطريد المجرد من كل سند أو معين من أهل الأرض، ومع ذلك كله فقد كان محلقًا في قمة الصبر، وفي نفس الوقت كان منطرحًا بين يدي ربه يردد الدعاء المأثور في تذلل وخشوع -لمن يستحق التذلل والخشوع- قائلاً: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي وهواني على الناس، أنت أرحم الراحمين وأنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري، إن لَم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علي غضبك أو ينْزل بِي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك).
ولئن كان الله سبحانه أمر النبي ج بالصبر خصوصًا فقد أمر به المؤمنين عمومًا، فقال: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران:200].
لقد ناداهم في هذه الآية الكريمة بلقب الإيْمان تشريفًا وتكريْمًا وحثًّا على امتثال تلك الأوامر الأربعة التي ابتدأها بالصبر، فقال: ﴿اصْبِرُوا﴾ وما ذلك إلا لأن الصبر زاد عظيم في درب الخير كله وطريق الدعوة إلى الله، ذلك الطريق الطويل الشاق الحافل بالعقبات المتعددة والابتلاءات المتنوعة والإيذاءات المؤلمة.
﴿اصْبِرُوا﴾ على شهوات النفس ورغائبها وأطماعها ومطامحها، وضعفها ونقصها، وذلك بوضع العلاج الذي يكون مناسبًا لكل نوع من أنواع أمراضها في حالة ضعفها ونقصها، وفي حالة عتوها وطغيانِها وفي حالة غرورها والتوائها وانحرافاتِها، ثم اصبروا على صولة الباطل أيا كان نوعه ومصدره فإن للباطل طغيانًا وصولة، ولكنه لا يدوم، وليس له ولا لأهله عاقبة حميدة، إنما العاقبة الحميدة والنصر المؤزر لكل مؤمن مجاهد صابر.
﴿اصْبِرُوا﴾ بكل ما تحمل كلمة الصبر من معنى.
﴿اصْبِرُوا﴾ على طاعة الله فافعلوها وارجو ثوابَها.
و ﴿اصْبِرُوا﴾ عن معصية الله فلا تقربوها بل خافوا عقابَها.
و ﴿اصْبِرُوا﴾ على أقدار الله فلا تسخطوها بل قابلوها بالرضا والتسليم فإن أمر الله قدر مقدور.
﴿اصْبِرُوا﴾ وابشروا فإن الله مع الصابرين، ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: من الآية10].
وإن الإنسان في هذه الحياة لمبتلى، وكثيرًا ما توجه إليه سهام البلاء فهو بحاجة إلى شحنة كبيرة من مادة الصبر لاسيما في هذا الزمان الذي عمت فيه الفتن وكثرت فيه الشرور، وانتشرت فيه الملهيات والمغريات فأصبح الصابر غريبًا، ولا عجب أن يكون غريبًا، فقد روى أبو داود والترمذي وغيرهما عن أبي أمية الشعباني. قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له: كيف تصنع بِهذه الآية؟ فقال: أيَّةُ آية؟ قلت: قوله تعالى: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: من الآية105].
قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرًا، سألت عنها رسول الله ج فقال: (بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحًّا مطاعًا، وهوى متبعًا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة فإن من ورائكم أيامًا الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم).
وفي رواية: (قيل: يا رسول الله منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين منكم). قال الترمذي: حديث حسن غريب.
فما أعظم شأن الصبر وما أجمل ثمراته إذ هو أجمل صفة من صفات الكمال، حيث به تنال المطالب العالية، وتحل المشاكل المستعصية فما نجح الرسل الكرام، والأنبياء العظام في دعوة أممهم إلا بالصبر، وما نال الشهداء مرتبة الشهادة وشرفها وفضلها إلا بالصبر على منازلة الأقران في معارك القتال، وما ظفر العلماء بجمع العلوم وفهمها إلا بالصبر على سهر الليالي وشظف العيش، وما حصل ذوو الهمم العالية والمقاصد الشريفة على غاياتِهم النبيلة ومطالبهم المرضية إلا بالصبر على كل ما يواجهونه في سبيل ذلك مستشعرين معية الله الخاصة لعباده المؤمنين قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: من الآية153].
وكم من حديث صحيح أوضح لنا فيه نبينا محمد ج حقيقة الصبر في أعلى صورها، وأخطر أشكالها، فعن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: (شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: قد كان قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه .. والله ليتمن الله تعالى هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (كأني أنظر إلى رسول الله ج يحكي نبيًّا من الأنبياء -عليهم السلام- ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنَّهم لا يعلمون).
وعن يحيى بن وثاب، عن شيخ من أصحاب النبي ج، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم). وغير ذلك من النصوص كثير.

يتبع إن شاء الله بالسبب الذي يليه...









قديم 2012-01-02, 11:12   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
الوادعي
مشرف منتديات الدين الإسلامي الحنيف
 
الأوسمة
وسام التميز 
إحصائية العضو










افتراضي

وأنا في المتابعة
نسأل الله أن يعينك على المواصلة









قديم 2012-01-03, 04:11   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السبب الخامس :التقــوى زادًا ولبـاســــًا


وحقيقة التقوى في لسان الشرع الشريف هي:
أ- هي امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه.
ب- وإن شئت فقل: هي أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله.
جـ- وإن شئت فقل: هي مراقبة الله والشعور به عند الصغيرة والكبيرة والتحرج من إتيان ما يكره توقيرًا لذاته، وإجلالاً له سبحانه. وإن شئت فقل هي: مراقبة الله عند الصغيرة والكبيرة والخوف من إتيان ما يكره توقيرًا لذاته وإجلالاً له سبحانه.
د- وإن شئت فقل: هي الأعمال الصالحة أقوالها وأفعالها، باطنها وظاهرها، وقد ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل أبي بن كعب رضي الله عنه عن التقوى فقال له: (أما سلكت طريقًا ذا شوك؟ قال: بلى. قال: فما عملت؟ قال: شمرت واجتهدت. قال: فذلك التقوى).
ولعظم شأنِها وأهميتها في كل شريعة من شرائع الله المختومة بِهذه الشريعة المحمدية فقد وصى الله بِها جميع الأمم من أهل الكتاب وغيرهم وإيانا في هذا الكتاب العظيم، حيث قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: من الآية131].
واعتبرها سبحانه زادًا لنا فقال: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: من الآية197]. كما اعتبرها -تبارك وتعالى- لباسًا لنا فقال: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ [الأعراف: من الآية26].
ولقد أحسن الذي قال:

إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر تزود من التقوى فإنك لا تدري
والذي قال:

تقلب عريانًا وإن كـان كاسيـا إذا المرء لَم يلبس ثيابًا من التقى
والذي قال:

ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
وأنك لَم ترصـد كما كان رصـدا إذا أنت لَم ترحل بزاد من التقى
ندمـت على أن لا تكـون كمثله
ورتب الله على حصولها واتصاف العباد بِها كل صلاح وفلاح وطهر كما قال عز و جل: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّر عَنْكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغْفِرْ لَكُم وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال:29].
فجعل سبحانه التقوى شرطًا أساسيًّا في حصول الأمور التي يفرق بِها العبد بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وذلك بأن يقذف في قلبه النور الذي تحصل به الهداية إلى طريق الحق والثبات عليه، كما رتب في هذه الآية الكريمة على التقوى خصلتين عظيمتين، وهما تكفير السيئات وسترها حتى لا تبقى ظاهرة، ولا باطنة، ومغفرة الذنوب جميعًا صغائرها وكبائرها، أقوالها وأفعالها، سرها وعلانيتها.
وما ذلك إلا أنه سبحانه هو صاحب الفضل العظيم والإحسان المتواصل والإكرام الدائم لمن يستحق الفضل والإحسان والإكرام، ولقد جعل الله سبحانه لأهل التقوى سمات عديدة ذكرها الله في آيات محكمات من كتابه الكريم:
من هذه الآيات قوله سبحانه: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ -2, الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون -3, وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ -4, أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [البقرة:2-5]. فقد اشتملت هذه الآيات الكريمات على عدة صفات من صفات أهل التقوى منها:
الصفة الأولى: الإيمان بالغيب والمراد به ما غاب عن العباد حسًّا، غير أن الله أخبر به في كتبه الْمُنَزلة على رسله الذين لا ينطقون عن الهوى، فأما أهل الإيمان الحق فإنَّهم يصدقون بلا شك ولا ارتياب بما أخبرت به الكتب السماوية وجاء به الرسل الكرام من الأخبار عن وجود الله العلي الأعلى، خالق الكون ومالك يوم الدين، الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء الذي بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير ويصدقون كذلك بما ورد في الوحيين من الأخبار عن المغيبات مثل الحياة البرزخية والبعث والنشور والجزاء على الأعمال، والجنة والنار وغير ذلك مما سيكون مما أخبر الله ورسله عنه من أمور الغيب.
أما أهل الكفر والإلحاد وفي مقدمتهم الشيوعية والماركسية الملحدة فإنَّهم لا يؤمنون بالغيب؛ إذ لا رب عندهم ولا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار ولا جزاء على الأعمال، بل مفتاح عقيدتِهم لا إله، والحياة مادة فقط، وأن صراع بني الإنسان عندهم في هذه الحياة إنما هو من أجل العيش والبقاء
فقط للتمتع بالملذات والشهوات التي يسرتْها قوانين الإلحاد، وهيأتْها لهم حضاراته المزعومة.
الصفة الثانية من صفات أهل التقوى: إقامة الصلاة: ومعنى إقامتها، الإتيان بِها على الوجه المشروع الذي أوضحه الله على لسان رسوله المبلغ عنه، من محافظة على الطهارة أولاً، ثم إتقان هيئاتِها قيامًا وقعودًا وقراءة وركوعًا وسجودًا وجهادًا للنفس كي تشعر بشعور الواقف الخاشع بين يدي الله الذي ترجى رحمته ويخشى عذابه.
الصفة الثالثة: ومن تلك الصفات صفة القيام بالنفقات الواجبات والمستحبات تقربًا إلى الله وأداء لحقوق عباده وتطهيرًا للنفس من رذيلة الشح والبخل وتنمية المال الذي يزيد ويتكاثر بالإنفاق منه، ويتلف وتمحق بركته بالإمساك، كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي ج أنه قال:
(ينْزل كل يوم ملكان يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط مُمسكًا تلفً).
الصفة الرابعة: الإيْمان الحق بِما أنزله الله على رسله الكرام وأنبيائه العظام، وأنه كله حق وصدق وهدى ونور، قال تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ -136, فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة:136، 137].
الإيمان باليوم الآخر أي بمحبته، وما سيكون فيه مما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم كما سبق الكلام عليه مفصلاً في هذا البحث المبارك ولأهل التقوى صفات غير هذه ذكرت في آيات قرآنية أخرى أذكر منها قوله عز و جل: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ -133, الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ -134, وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ ولَم يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ -135, أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ [آل عمران:133-136]، فقد اشتملت هذه الآيات الكريمات على السمات التالية:
الأولى: الإنفاق في حالة الشدة والرخاء والمنشط والمكره والصحة والمرض بل وفي جميع الأحوال بحيث لا يشغلهم شاغل عن طاعة الله والسعي في مراضيه والإحسان إلى خلقه بما يقدرون عليه من أنواع البر والخير، وقد تقدم الكلام على هذه الصفة قريبًا.
الثانية والثالثة: كظم الغيظ والعفو عن الناس، ومعنى كظم الغيظ كتمه له متى ثار وهم في حال كظمهم للغيظ لا ينتقلون إلى حقد دفين ولا إلى ضغينة غائرة في القلوب والصدور، ولكن ينتقلون إلى صفح النفس النقي وعفو القلب الطاهر البريء فيصبحون في عداد المحسنين، وركب المتقين، ومتى كانت جماعة تحب الله ويحبها الله، وقد شاعت فيها السماحة والسهولة واليسر وتخلصت بفضل الله من داء الإحن وشر الأضغان، فهي جماعة متآخية مترابطة، مترحمة متعاطفة، مثلها كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وكم من نص صريح وحديث صحيح جاء في الترغيب في كظم الغيظ والعفو عن الناس، قال الإمام أحمد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: (من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رءوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور شاء).
ومن حديث آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله تعالى: ﴿الْكَاظِمِينَ
الْغَيْظَ
﴾ [آل عمران: من الآية134] أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: (من كظم غيظًا وهو يقدر إنفاذه ملأ الله جوفه أمنًا وإيْمَانً).
وجاء في حديث آخر أيضًا: (ثلاث أقسم عليهن: ما نقص مال من صدقة، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، ومن تواضع لله رفعه الله).
وروى الحاكم في مستدركه عن أبي بن كعب أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: (من سره أن يشرف له البنيان، وترفع له الدرجات فليعف عمن ظلمه ويعط من حرمه ويصل من قطعه) فيه ضعف بسبب أبي أمية بن يعلى.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم القيامة نادى مناد يقول: أين العافون عن الناس هلموا إلى ربكم وخذوا حوركم، وحق على كل امرئ مسلم إذا عفا أن يدخل الجنة)، وغير هذه النصوص في هذا الموضوع كثير .
الصفة الرابعة والخامسة والسادسة من صفات أهل التقوى: ذكر الله والاستغفار والتوبة النصوح وعدم الإصرار على الذنوب وهذه الصفات دل عليها قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ ولَم يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران:135].
والمعنى: أن أهل التقوى إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة والاستغفار وإذا أمعنت النظر في هذه الآية الكريمة، وجدت في طياتِها الرحمة بِهذا الإنسان البشري الضعيف الذي يعثر في حماة المعصية في كل وقت وحين ذلك لأنه كلما أغواه عدوه ألهمه الله ذكره فذكر وتذكر، وندم واستغفر فغفر الله له ذنبه، ورد كيد عدوه في نحره، قال الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِم﴾ [آل عمران: من الآية135] أي إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة والاستغفار، روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ج قال: (إن رجلاً أذنب ذنبًا فقال: رب إني أذنبت ذنبًا فاغفره لي. فقال الله عز وجل : عبدي عمل ذنبًا فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي. ثم عمل ذنبًا آخر فقال: رب إني عملت ذنبًا فاغفره لِي. فقال -تبارك وتعالى- علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي. ثم عمل ذنبًا آخر فقال: رب إني عملت ذنبًا فاغفره لي. فقال الله عز وجل : علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي. ثم عمل ذنبًا آخر فقال: رب إني عملت ذنبًا فاغفره. فقال الله عز وجل : عبدي علم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، أشهدكم أني قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء) أخرجاه في الصحيحين من حديث إسحاق بن أبي طلحة بنحوه -حديث آخر -.
وروى الإمام أحمد عن أبي المدله مولى أم المؤمنين سمع أبا هريرة: (قلنا: يا رسول الله، إذا رأيناك رقت قلوبنا وكنا من أهل الآخرة، وإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا وشممنا النساء والأولاد. فقال: لو أنتم تكونون على كل حال على الحال التي كنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة بأكفهم، ولزارتكم في بيوتكم، ولو لَم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم. قلنا: يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها؟ قال: لبنة ذهب ولبنة فضة، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابُها الزعفران، من يدخلها ينعم لا يبأس؛ ويخلد لا يموت لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه، ثلاثة لا ترد دعوتُهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين) رواه الترمذي وابن ماجه من وجه آخر من حديث سعد به.
وقوله: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ﴾ [آل عمران: من الآية135] أي لا يغفرها أحد سواه.
وقوله: ﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: من الآية135] أي تابوا من ذنوبِهم ورجعوا إلى الله عن قريب، ولَم يستمروا على المعصية ويصروا عليها غير مقلعين عنها، ولو تكرر منهم الذنب تابوا منه كما روى الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده عن مولى لأبي بكر عن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: (ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة) ورواه أبو داود والترمذي من حديث عثمان بن واقد وهو حديث حسن والله أعلم.
وقوله: ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، قال مجاهد وعبد الله بن عبيد بن عمير: ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ أن من تاب تاب الله عليه وهذا كقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِه﴾ [التوبة: من الآية104]. وكقوله: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء:110]. ونظائر هذا كثيرة جدًّا.
وقال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي في تفسيره لقول الله عز وجل : ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ ولَم يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُون﴾ [آل عمران:135]. أي إذا صدر منهم أعمال سيئة كبيرة، أو ما دون ذلك، بادروا إلى التوبة والاستغفار، وذكروا ربَّهم، وما توعد به العاصين ووعد به المتقين، فسألوه المغفرة لذنوبِهم، والستر لعيوبِهم، مع إقلاعهم عنها وندمهم عليها، فلهذا قال: ﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُون﴾.
قلت: ومثل هذا ما جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا نفعني الله بما شاء منه، وإذا حدثني عنه غيره استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وإن أبا بكر رضي الله عنه حدثني وصدق أبو بكر أنه سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: (ما من رجل يذنب ذنبًا فيتوضأ ويحسن الوضوء ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله عز وجل إلا غفر له) رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي.
وعن أبي بكر رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار، فأكثروا منها فإن إبليس قال: أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء، فهم يحسبون أنَّهم مهتدون). وغير ذلك في هذا المعنى كثير.
تلك هي صفات أهل التقوى، فما هو جزاؤهم الدنيوي والأخروي؟
والجواب: هو أن الله ذكر جزاءهم في محكم القرآن العزيز، وعلى لسان الرسول
صلى الله عليه وسلم، وسأذكر ما يحضرني من ذلك مستدلاًّ عليه من الكتاب العزيز والسنة المطهرة:
1- مغفرة الذنوب، وقد سبقت الأدلة في ذلك قريبًا.
2- دخول الجنات المشتملة على جميع أصناف النعيم
كما قال تعالى:
﴿أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِين﴾ [آل عمران:136].
تفريج ما بِهم من هم وغم وكشف ما يصيبهم من كرب وضيق، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا -2, وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: من الآية2، 3].
4- تسهيل أمورهم وتيسيرها لهم، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: من الآية4].
ويكفي أهل التقوى شرفًا وفضلاً أن الله معهم بنصره وتأييده وحفظه وتوفيقه ورعايته كما قال عز و جل: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ [النحل:128].









قديم 2012-01-03, 06:40   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
مشكاة الهدى
رحمها الله
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم

بارك الله فيك اخي
وجعله في ميزان اعمالك










قديم 2012-01-03, 06:57   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
الباديسي
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الباديسي
 

 

 
الأوسمة
مميزي الأقسام صاحب أفضل موضوع سنة 2014 الموضوع المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي

نجانا الله واياك وسائر المسلمين من عذاب القبر وعذاب النار آمين
جازاك الله خيرا










قديم 2012-01-03, 08:03   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
محمد 1392
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية محمد 1392
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم و جازاكم الله خيرا










 

الكلمات الدلالية (Tags)
أسباب, النجاة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:04

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc